جمر الهواجسِ تحت الرماد .. بين خيام التخلف والجهل ..

وأنا افتتحت العصور بحلمٍ لن يتحقق !!

آهٍ يا سراب ..

عذابكَ بِدْءٌ لا ينتهي .. يضيق الخناق ولا ينتهي ..

جدران بيتي تحفظ عن ظهر قلبٍ حزني العازف ..

وأنا ببابِ المشيئة واقف ..

مَهْدِي هو لَحْدِي .. وصوتي نازيٌّ .. وصمتي نازف !!

ــــــــــــــــ

في يومٍ عشتُ فيهِ ذكريات العمر ..

بين قصاصات الأوراق .. وتحديات النظر ..

مررت على السنين وهي مفترشةً أرض النسيان ..

ناثرةً أمامها وقائع الأزمان ..

شيئاً بثمن .. وشيئاً دون ثمن !!

يصرخون لعرض أمتعتهم ..

ما بين جرحٍ وألم .. وصناديقَ مثقلةً بالهموم ..

تتراءى ملامح الضياع على وجوههم ..

وتتراقص النيران في أحداقهم نظراً إلى قطراتِ ماءٍ تحملها قنينتي ..

يعتصرون الثرى ليرتوون بِكَدَرِهْ !!

ويحفرون بين الصخور بحثاً عن الراحة !!

يرسمون أوراق الشجر بدمائهم على الحيطان ..

ليلعبَ أطفالهم بوهمٍ من دماء ..

يتخيلون ثماراً بين تلك الأغصان التي خَطَّتْها أيادي الشقاء ..

ويقطفون حروفاً من خيال ..

وظلالٍ من شدة الحرِّ تحسبها تلال ..

يُشْعِلون ناراً في لفح الهجير .. تعبيراً عن كرمهم الأرعن ..

ثم لا يجدون ما يطعموا بهِ أطفالهم سوى بكاءٍ في صمت !!

يبيعون الفراق بثمن الكذب ..

ويشترون اللقاء بدموع الضحايا ..

يتوارى بعضهم خلف ظِلِّه ..

ثم يظهرون فجأةً بين قصاصات أوراقي !!

بعضهم أخفاه وقع الآه من قلبي ..

وبعضهم يبقيه جمرٌ قد كوى جنبي ..

أَخَذْتُ أُقَلِّبُهُمْ بين حنايا الروح ..

وأعضُّ على البنان بنواجذٍ كأشواكِ السَّلَمْ !!

تقتلني العزلة بثواني الانتظار ..

وتخنقني أضواءُ أملٍ طَوَّقَتْ عنقي كالسوار ..

أُحدِّثُهُمْ ولا يجيبون .. وأسمعُ منهم ويا ليتهم كانوا يسمعون !!

تلك السنين التي انقضت كومضِ الشهاب في السماء ..

كثلاثٍ وعشرين رفةً بجناح عصفور ..

ينظرون إِلَيَّ عبر أوراقي .. ويختفون خجلاً مني كالنساء ..

فكم من عبرةٍ خنقوها بين الجفون ..

وكم من آهٍ حكموا عليها بالإعدامِ سجناً بين ضلوعي قبل خروجها ..

كنت بينهم كوردةٍ في آخر بستان .. تناسوا سُقْياها .. وماتت من حر الصيف ..

أو كطفلٍ لا يستطيع إشعال النار .. فيقتله برد الشتاء ..

يا سنيناً أشبه بظلم الليل .. ويا سنيناً اشبهُ بذرات ترابٍ جرفها السيل ..

آلآن تأتين لِتُحْيي ذكرى جرحٍ تكويه نيرانُكـِ ؟؟

أم أتيتي لتضعي آخر الأبيات في مرثية أفراحي ؟؟

أنا يا سنيني حرفٌ تناسته السطور .. ونبذته اللغات ..

وأعْيَتْ جميع المخلوقات أن تجد ترتيبه بين حروف العذاب ..

أنا يا سنيني رجلُ خُلِقَ من طين .. ولكنني حملت هَمَّاً رفضت الجبال أن تساعدني في حمله لا أن تحمله بمفردها ..

أنا يا سنيني أسطورةٌ أسميتها " عاصمة الأحزان "

طرقاتها جماجمٌ تصرخُ في صمت !!

ومعالمها هياكلٌ مصلوبة على أعمدة المداخن ..

أنا مَلِكٌ فيها دون شعبٍ أحكمه سوى الدموع ..

وسلطانٌ لها دون جيشٍ يتبعني سوى عواطفي ..

عواطفي التي تلعب بها الأنسام الرقيقة .. لتثور جياشةً كبركانٍ يعقبه زلزال ..

أنا يا سنيني أُجازى قبل أن أرتكب الذنوب .. فأي شرعٍ قد حكم عليَّ بذلك !؟

نصبت عرشي على فوهة الجحيم ليدفئني .. وأراني أحترق به ويأبى حظي حتى أن يندبني ..

أنا يا سنيني روحٌ تسكن الطيور لتهاجر صيفاً ثم ترجع قبل الشتاء بموتٍ جديد ..

وجرحٍ جديد .. وألمٍ جديدٍ أقوى من الخاتمة ..

قبل انفجار ندائي أيتها السنين .. أنا المنادي .. وأنا المنادى ..

وأنا اشتعلتُ .. انطفأت .. ابتدأت .. انكفأت ..

وسنيني اكتشفت البلاد .. وآثرتِ الابتعاد !!

يؤجلني الموت .. لتمسح جسمي بالزيتِ كاهنة كرَّسَتْها سنيني لأجلي ..

وتولد في البحر والبر عاصفةٌ لا تسمى .. وتزحف في جسدِ الأرضِ حمى ..

لأنهض فيها كسيح .. وأُبْصِرُ فيها كأعمى !!

وحولي سنينٌ غرائب .. يفعلون بمستقبلي العجائب ..

كانوا عقارب سامةً بالقيظ ..

وأنا على ملتقى الليل بالفجر .. والبحر بالبر .. والجهر بالسر ..

أفتح باب السؤال الكبير ..

وأُغْلِقُ باب الجواب الأخير ..

لأكون في سنيني مجرد " طيفٍ من خيال " !!

][§¤°~^™ المأمون™^~°¤§][