طبعا أخوكم من ذمار
هذا رصد ذماري للنكتة الذمارية في مواجهة الوضع القائم، الذي يشير إلى اختلال واضح و إخفاق بيّن، يصر بعض المتذاكين تغطيته بغربال غبائهم ودجلهم و تضليلهم، و إن عجزوا عن تغطيته كما يحلوا لهم، يصرخون: البديل أسوأ
بشعار ذماري: "علي وبسْ.. لاما نِيْبَسْ"!! فصل جديد من محرقة الرغيف الرسمية
10/3/2008
كتب/عبدالله قطران
في مثل هذه الأيام من العام الماضي نشرت "الناس" تقريرا حول آثار الغلاء وارتفاع الأسعار في اليمن، واستهلّ ذلك التقرير الصحفي بخبر طريف يتحدث حينها عن آخر النكت الطازجة كانت قد وصلت للتوّ من عاصمة النكتة اليمنية (ذمار)، نعيد التذكير بها اليوم كونها ما تزال سارية المفعول حتى الآن..
فقد قالت القصة أو النكتة بأن أهالي ذمار صاروا يضعون الرغيف أو الروتي داخل البيضة بدلاً من العكس المتعارف عليه في صناعة (سندويتش الروتي بالبيض)، وأصبحت وجبة السندويتش الذمارية يطلق عليها (سندويتش بالروتي).. كما روي عنهم أيضاً–أي أهل ذمار- بأنهم قاموا برسم صورة دعائية كبيرة لبيضة مشطورة وبداخلها شرائح الروتي الصغيرة ثم كتبوا تحتها عبارة((يمن جديد.. سندويتش أفضل))، وذلك تيمّناً من أصحاب ذمار بشعار الحملة الانتخابية للرئيس علي عبدالله صالح الذي كان قد بشّر فيه ووعد جماهير الناخبين بيمن جديد.. وبمستقبل أفضل!!..
تشكيل حزب"الخبز" في ذمار!
أما اليوم وفي ظل ما وصلت إليه أسعار كل شيء وفي المقدمة منها الأكل والشرب في هذه البلاد والتي توّجتها الحكومة خلال الأسبوع الماضي برفع أسعار رغيف الخبز ومشتقاته بنسبة100% وإلزام أصحاب المخابز -بقوة الدولة- على بيع حبة الرغيف بعشرين ريالاً مع معاقبة من يبيعون منهم بالسعر القديم "10ريالات"، وتغريمهم غرامات باهظة!، في هذه الأيام تقول آخر الأخبار"الحقيقية" القادمة من ذمار أن أكثر العبارات الشائعة التي بات يرددها كثيرون من أهالي ذمار في أسواقهم ومحلات بيعهم هذه الأيام من قبيل النقد والتهكم اللاذع على الأوضاع المعيشية هي عبارة "علي وبس.. لاما نيبسّ!"- نيبسّ من اليابس والناشف-..!
ونبقى في ذمار أيضاً حيث أفادت بعض الأنباء الواردة من هناك أن عددا من المثقفين والحقوقيين والشباب بصدد التحضير لإعلان ميلاد كيان حقوقي أو سياسي أو اجتماعي يسمى "حزب الخبز"، سوف يتركز جلّ نشاطه في مقاومة الجوع والتصدي للفقر واستعادة كسرات الخبز التي تجري اليوم مصادرتها وانتزاعها من أفواه الفقراء والجائعين في أرض اليمن السعيد، بحسب تعبير الإعلامي والناشط الحقوقي الذماري محمد ناصر أبو عاطف المتحدث الرسمي باسم"حزب الخبز" –تحت التأسيس في ذمار-، والذي أوضح في تصريح أدلى به لـ"الناس" بأن فكرة إنشاء مثل هذا الكيان أو"الحزب" قد تشكلت لديهم بعد أن وصل الغالبية العظمى من اليمنيين كما قال إلى مرحلة خطيرة انحصرت فيها كل همومهم في كيفية الحصول على رغيف الخبز، مضيفاً بأن كثيرا من أبناء اليمن لم يعودوا يهتمون بالقضايا السياسية وغيرها من القضايا الأخرى بقدر ما أصبح كيس القمح هو الهمّ الأكبر الذي يقلق المواطن اليمني في كل بيت وفي كل أسرة..
ويقول أبو عاطف: نستطيع أن نعيش بدون مشاريع كهرباء وبدون مشاريع مياه وبدون تعليم وخدمات، لكننا لا نستطيع العيش يوماً واحداً بدون خبز، داعيا المواطنين إلى رفض هذا الغلاء الذي وصفه بالمخيف في أسعار القمح ورغيف الخبز بكل الوسائل المشروعة والخروج السلمي إلى الشوارع لبدء ما أسماها "ثورة الخبز"، كما حثّ أبو عاطف أولئك المواطنين الذين يتزاحمون ويقفون طوابير بالآلاف هذه الأيام أمام أبواب المؤسسات للحصول على كيس قمح بأن يخرجوا بدلاً من ذلك إلى الشوارع للضغط على الحكومة من أجل التخفيف من هذه الأسعار-على حد تعبيره-..
قديمة جداً يا حكومة!
بموجب القرار الذي اتخذته الحكومة فقد حددت وزارة الصناعة والتجارة التسعيرة الجديدة للرغيف بـ20ريالا بدلاً من 10 ريالات على أساس البيع بالكيلو وسعره (180) ريالا وليس بالرغيف، حتى يتم ضبط وزن الرغيف لصالح المواطن ويضمن المستهلك حصوله على الكمية المقابلة للسعر الجديد الذي قال مدير مكتب أمانة العاصمة عبدالرقيب السماوي بأنه يخصّ العاصمة صنعاء فقط بينما يحدد كل محافظ محافظة بالتعاون مع المجلس المحلي التسعيرة الخاصة التي تتناسب مع الظروف المعيشية للمحافظة، مرجعاً في تصريح نقلته وكالة الأنباء اليمنية(سبأ) السبب في عدم تعميم التسعيرة لجميع المحافظات إلى " بعد المسافة واختلاف التكاليف من محافظة إلى أخرى ".
ودعا مدير مكتب الصناعة والتجارة بأمانة العاصمة المواطنين الى التعاون مع الأمانة لتنفيذ هذا القرار ليتم ضبط مسألة وزن الرغيف وأن عليهم الإبلاغ عن أية مخالفة للقانون ليتم ضبط المتلاعبين بالأوزان- حد قوله-.
لقد اعتاد الكثير من المواطنين مثل تلك التبريرات والتحذيرات وعبارات الوعيد التي عادة ما تطلقها الحكومة عقب كل جرعة سعرية تنفذها وتستهدف أقوات ومعيشة المواطنين، والتي ما إن يتم تثبيت السعر الجديد حتى تبدأ رحلة التلاعب بالأسعار التي تتماهى معها كل التحذيرات والتهديدات وعبارات الوعيد وسط اللامبالاة الحكومية المزمنة.. وهذا ما خبره المواطنون على سبيل المثال مع رغيف الخبز ومشتقاته وكذا(الروتي الفرنسي)، هذه السلعة المهمة والضرورية التي قضى معها المواطن اليمني حكاية عجيبة في بلاد اليمن السعيد قد لا تجد لها نظيراً في شتى بلاد الله الواسعة..
فمما لا زلنا نتذكره قبل عدة سنوات عندما وصل سعر حبة الرغيف إلى خمسة ريالات كيف ضجت نفوس المواطنين حينها وبلغت قلوب البعض حناجرهم جزعاً بسبب ذلك العبء المعيشي الذي أضيف إلى كاهلهم -المنهك أصلاً-مع السعر الجديد الذي ارتفع يومها بنسبة(250%)أي من ريال واحد للرغيف إلى خمسة ريالات دفعة واحدة، وذلك غداة قيام الحكومة بتحرير مادتي القمح والدقيق وإلغاء الدعم الحكومي نهائياً للسلع الغذائية الأساسية.. لكن الأيام أجبرت الكثير من المواطنين المعتمِدين اعتماداً رئيسياً على شراء الخبز وجعلتهم يتعايشون مع الهمّ الجديد خصوصاً عندما استعاد رغيف الخبز بعضاً من عافيته وازداد حجمه ووزنه بعض الشئ خلال الأسابيع الأولى التي أعقبت بيعه بخمسة ريالات، ثم لم يلبث المواطنون أن شاهدوا رحلة الانهيار المخيف وهي تجرّ خلفها رغيف الخمسة ريالات وقد أخذ شيئاً فشيئاً يصغر وينحُف ويرِقّ ويخف وزنه وتضيق دائرة القرص المخبوز .. أسبوع بعد أسبوع وشهر تلو آخر والخبازون ومالكو الأفران يتمادون في تضييق قوالبهم وتصغير مخابزهم بحجة ارتفاع أسعار الدقيق من عند التجار الكبار والمستوردين، وهكذا تكررت القصة ذاتها خلال المرحلة الثانية التي جرى فيها رفع سعر الرغيف إلى 10ريالات، فيما تجمع التوقعات هذه الأيام بعد وصول قيمة رغيف الخبز إلى الـ20ريالاً بأن مصير حجمه ووزنه وقيمته الغذائية سيحلّ به مثل ما حلّ به في المرحلتين السابقتين،مؤكدة بأن الأمر لن يستغرق أكثر من بضعة أسابيع حتى يعود الرغيف والروتي إلى قواعدهما اليمنية السابقة من الهزال والرقة وخفة الوزن!..
ولعل هذا ما حذر ولا زال يحذر منه العديد من المواطنين والجهات المهتمة ومنها جمعية حماية المستهلك التي طالبت وزارة الصناعة والتجارة ومكاتب الوزارة في المحافظات القيام بمسئولياتها تجاه المواطنين المستهلكين وذلك بضبط أسعار وأحجام وأوزان الخبز بما يكفل التزام أصحاب الأفران بالمواصفات القياسية اليمنية للخبز ويحقق الفوائد الغذائية للمستهلكين الذين يعتمدون بصورة أساسية عليها.
واستنكرت الجمعية ما وصفته بفوضى الأسعار والأوزان التي طالت الخبز والروتي الذي يعتبر القوت الأساسي والضروري للمستهلك خصوصاً بعد ارتفاعه بنسبة 100%، معتبرة في بلاغ صحفي بأن الزيادة الجديدة كبيرة وغير مبررة، وثقيلة على ميزانية المستهلك، *وأشار بيان الجمعية إلى أن الزيادة في أسعار الخبز يقابلها التدني في جودة الخبز المقدم للمستهلك ويعكس ما وصفته بالابتزاز المستمر وغير المقبول بحق المستهلك من قبل أصحاب الأفران ولامبالاة من قبل الجهات الرسمية المعلنة، مؤكدة في الوقت ذاته على ضرورة أن يتاح للمستهلك الحق في الحصول على خبز يساوي في قيمته الغذائية المبلغ الذي يدفعه مقابل حصوله على هذا القوت الذي لا غنى له عنه.
بحاجة لنصيحة "قحطان"!
أما البيضة التي عاودت رحلة ارتفاعها الثانية إلى الـ(25)ريالاً لحبة البيض الواحدة في المدن و(30) ريالاً في الريف اليمني في أقل من عام، فلا زال أبناء جيلنا الحالي يتذكرون أن طبق البيض المكون من (30)بيضة كان إلى أواخر عقد الثمانينيات يباع بـ(25)ريالاً فقط بسعر الجملة حتى يتسنى لبائع التجزئة أن يبيع حبة البيض الواحدة بريال واحد فقط ليربح حينها (5ريالات) كاملة بعد الطبق، أي بنسبة ربح قدرها(16.6%).. أما اليوم حيث سعر الطبق يتراوح مابين 680و700ريال لكي تباع البيضة الواحدة بخمسة وعشرين ريالاً ويربح بائع التجزئة خمسين ريالاً فقط بعد الطبق أي بنسبة ربح تقل عن (4%) فقط..
ولعلنا نتذكر أزمة البيضة القحطانية في العام الماضي عندما نشبت بسببها حملة مهاترات إعلامية متبادلة بين المعارضة والحزب الحاكم، إثر ذلك التصريح المقتضب الذي أدلى به القيادي البارز في المعارضة محمد قحطان، ونصح فيه رئيس الجمهورية بإعادة سعر البيضة إلى ما كانت عليه قبل انتخابات سبتمبر.. وقد أدى تدخل بسيط من قبل الحكومة في تلك الفترة إلى تراجع سعر البيض من (25)ريالاً إلى(20) ريالاً لحبة البيض الواحدة حالياً، وما زالت الحكومة اليوم قادرة على تكرار ذلك التدخل وإعادة سعر البيضة إلى (15) ريالاً، بل و(10) ريالات لو كانت ثمة جدية أكبر لديها خصوصاً وأن ارتفاع أسعار البيض وهو منتج محلي يعد ارتفاعاً غير مبرر البتة كما يؤكد العديد من المختصين.. ولكن الطريف الملفت في هذا الأمر هو أن حكومتنا تبدو كما لو أنها بحاجة إلى قيام أزمة سياسية جديدة لكل سلعة حتى تعلم بوجود غلاء في السوق ويشعر المسئولون بالحرج ويتدخلوا لإعادة سعرها إلى ما كان عليه قبل الارتفاع..
غلاء الأسعار.. هذا الكابوس الجاثم على حياة المواطنين اليمنيين منذ سنوات، وقد بات اليوم هو الثابت الوحيد الذي يتحكم في اقتصاد البلاد ويحاصر معيشة العباد، ويفرض على أفراد الأسرة اليمنية كأمر واقع لا ملْجأ ولا مَنْجى لهم ولحاجاتهم الملحّة منه إلاّ إليه مجبرين دائماً غير قادرين ولا راضين سواء منا الغني أو الفقير، المعسرون أو الميسورون..
هل يشعر مسئولو الدولة بهذا؟!
لا شك في أن التدهور المستمر لاقتصادنا وإدارتنا، لا شك قد انسحبت آثاره بشكل مباشر على مجمل تفاصيل حياتنا المعيشية اليومية،وساهمت مخرجاته الكئيبة في تقزيم طموحات الكثيرين منا ومحاصرة أحلامهم وآمالهم،لتجعل همومهم وتفكيراتهم تنصبّ في كيفية توفير ما يسدّ الرمق من الأكل والشرب والسعي لإشباع أطفالهم ونسائهم وضمان بقائهم على قيد الحياة (شابعين) رغم ما قد يقال أن لا أحداً يموت هذه الأيام من الجوع، وبئس الضجيع..!
لكن حينما تُمعِن تلك الظروف الاقتصادية القاسية في محاصرة كل شئ في حياتنا إلى الحد الذي يتم فيه العبث بمقادير الأكل والشرب وتقليص كمية وحجم الطعام التي نتناولها ولا يمكن الاستغناء عنها بأي حال،كما يُفعَل هذه الأيام مع (رغيف الخبز)ومشتقاته من الروتي البلدي وما يسمى بـ(الروتي الفرنسي)، فذلك ما لا يستطيع أي مجتمع مدني بأن يتعايش معه أو يقوى فقراؤه ومحدودو الدخل فيه بالذات تحمله ومواجهة استمرار تصاعد الأعباء الإضافية الناتجة عن مثل هذا الانهيار الرهيب في حجم ووزن الرغيف المصنع في المخابز التجارية داخل العاصمة وبقية مدن البلاد، مهما كانت مبررات الغلاء وتجار الغلاء وحكومة الغلاء.. وذلك لأن الغلاء وحده لا يكفي مطلقاً لتبرير هذا الوضع المهين لاحتياجات الناس الغذائية والتلاعب المفتوح بأقوات الناس والتلويح برغيف الجوع هذا الذي استحال إلى تهديد مخيف للفقراء وغير الفقراء في طعامهم الرئيسي!!
في الأشهر الأولى من العام الماضي كان بإمكان الأسرة اليمنية المكونة من سبعة أفراد أن تنفق حوالي(500ريال) يومياً أي مبلغ(15000ريال)شهرياً لشراء حاجتها من رغيف الخبز فقط، وهي كانت تمثل مرحلة صعبة وعسيرة لكثير من أرباب الأسر اليمنية في ظل الموجات المتلاحقة لغلاء الأسعار..
وخلال أقل من عام واحد فقط بعد أن بلغت الارتفاعات المتواصلة في أسعار رغيف الخبز ومشتقاته أكثر من100%، فإن هذه الأسرة المعتمدة على شراء الخبز من المخابز قد باتت اليوم بحاجة إلى إنفاق أكثر من(1000ريال)على الأقل في اليوم الواحد و(30.000ريال)في الشهر الواحد على الأقل من أجل تغطية حاجة أفرادها من الخبز، في حين يعرف الجميع -وفي المقدمة رئيس الجمهورية وطاقم حكومته- بأن غالبية موظفي اليمن في أجهزة الدولة المدنية والعسكرية لا يزيد متوسط مرتباتهم عن الـ( 25000ريال)..
نقلاً عن: ناس برس
Bookmarks