بسم الله الرحمن الرحيم
لم يتسنى لي سابقا زيارة ولايات المانيا الشرقية عن قرب والاطلاع على احوالها عن كثب
وكانت زياراتي تقتصر على زيارة أحد الاقارب في احدى المدن قرب الحدود التشيكية
او زيارة العاصمة برلين
ولكني هذه المرة حاولت أن أرى المانيا الشرقية عن قرب وذلك لهدف في نفسي
خاصة بعد الأحداث والمشاكل اللتي تحدث وتحدق باليمن نتيجة الوحدة اليمنية المباركة
وصحيح أنه لا يوجد مقارنة بين امكانيات الدولتين (اليمن - المانيا)
إلا أن تاريخ توحدهما ونتاج هذه الوحدة .. واحد
فكلاهما توحدا في العام 1990
وفي كلاهما قامت دولة تشابه كثيرا الطرف اللذي كان يقف في صف المعسكر الغربي
بينما تم اقصاء (في اليمن) أو حتى محكامة الشطر الآخر (في المانيا)
واسباب المقارنة والتساؤلات اللتي تدور في ذهني سأطرحها في نهاية المقارنة للأخوة الأعزاء
سأبتدء أولا بنبذة عن المانيا الشرقية قبل الوحدة
المانيا الشرقية .. او جمهورية المانيا الديمقراطية .. او كما يسميها الألمان DDR
كانت قائمة على النظام الاشتراكي الشيوعي المنحاز للمعسكر الشرقي السوفيتي
ونتيجة لاشتراكية هذا النظام .. فلم يكن هنالك بطالة فيها وكان مستوى التعليم فيها قوي جدا
سقطت هذه الجمهورية الاشتراكية بسقوط جدار برلين عام 1990 وتوحدت مع شقيقتها الغربية ليكونا معا جمهورية المانيا الاتحادية ذات النظام الفيدرالي الرأسمالي
ونتيجة لأفول نجم الاشتراكية ونظامها الاقتصادي المنهار فقد أثر ذلك سلبيا على الشرق
فلأن النظام سابقا كان اشتراكيا شيوعيا .. كان غالب المواطنين عبارة عن موظفين لدى الدولة وهيئاتها ومصانعها وووو... (كل شيء ملك الدولة)
وبعد الوحدة .. لم تكن الدولة الاتحادية على استعداد لتحمل كل هؤلاء الموظفين
ولم تكن كذلك قادرة على تسيير امور كل هذه المصانع والمعامل والاعمال اللتي لم تكن تعمل على مبدأ اقتصادي حر .. بل تعتمد في الاساس على الدعم الحكومي لايجاد فرص عمل للمواطنين
فقامت بتسريح عدد كبير من الموظفين وصل إلى 40% من المواطنين الشرقيين وأغلقت الكثير من المعامل اللتي كانت قائمة على على الدعم الحكومي وليس على ايراداتها الخاصة
وتذكر احدى الصحف الألمانية الموقف في وقتها بالقول:
المصدر: ايسلينقر تسايتونغ 2 يوليو .. الصفحة 2
"كل ثاني مواطن شرقي يتوقع البطالة"
وعن تسريح الموظفين الشرقيين اللذي قامت به الحكومة الجديدة . يقول تقرير لشركة دراسات المانية التالي:
المصدر: Gesellschaft fuer Deutschlandforschung e.V
"بصورة عامة انخفض عدد الوظائف في القطاع الصناعي من 1.2 مليون فرصة عمل إلى 200.000 "
أي أنه تم تسريح أكثر من 80% من الموظفين نتيجة عدم مقدرة الحكومة على تحمل هذا العدد الكبير من الموظفين
وبعد مرور أكثر من 10 سنين على الوحدة كان مايزال الفرق كبير بين الشرق والغرب ويمكن ملاحظة ذلك في دراسة لنسبة البطالة للعام 2002 بالنسبة للولايات
(المصدر: Gender Institut Sachsen-Anhalt GbR 2002)
فالولايات الست الأولى هي ما كانت تسمى بالمانيا الشرقية ولذا نلاحظ أن نسبة البطالة فيها ما تزال كبيرة
وبعدها بسنتين لم يكن الحال بأفضل مما قبل كما هو موضح في الشكل التالي:
المصدر: Bundesagentur fuer Arbeit 2004
***************
وبصورة عامه فإن مستوى الفقر في الشرق تأثر كثيرا بسبب الوحدة والبطالة الناتجه هنالك
كما بدأ بالارتفاع في الغرب نتيجة دخول الشرق ذو الاقتصاد الركيك .. والعقلية المعتمدة على الدعم الحكومي ووظائفه في كل شيء
وهذا الشكل يوضح نسبة الفقر في الشرقية بالمقارنة بالغربية من الوحدة وحتى الآن
المصدر: Bundeszentrale fuer politische Bildung
فالخط الاخضر اللذي في الاعلى يمثل الفقر في الشرق بعد الوحدة
وتلاحظون كيف أنه يبدأ بـ 22% بعد الوحدة نتيجة التسريح من الوظائف وإلخ
اما الخط اللذي في الاسفل فيمثل الفقر في الغرب قبل وبعد الوحدة
وتلاحظون تأثر الغرب سلبيا بالوحدة ولكن هبوطه الملحوض مقارنة بالشرق
هذا بالطبع أثر كليا على مستوى التقاعد في الشرق والغرب ..
فالمتقاعد الغربي أصبح يستلم أكثر من المتقاعد الشرقي بسبب أن الشرقي عمل أكثر حياته في نظام اشتراكي شمولي .. بينما الآخر عمل في نظام رأسمالي حر
ففي عام 2006 خرجت دراسة المانية محايدة بالتالي
المصدر: Buero gegen Altersdiskriminierung e.V.
وتوضح أن المتقاعد الغربي يستلم أكثر من الشرقي بفارق 126.30 يورو في الشهر
كما توضح آخر دراسة للعام المنصرم 2007 قدمها عدد من النواب في البرلمان للحكومة ..
أن الفرق بين المتقاعد الشرقي والغربي يصل إلى 12%
المصدر:
Angleichung des aktuellen Rentenwerts (Ost) an den aktuellen Rentenwert
Anrtag der Abgeordneten Dr. Gesine Lötzsch* Karin Binder* Dr. Lothar Bisky* Dr. Martina Bunge* Roland Claus* Diana Golze* Katja Kipping* Katrin Kunert* Dr. Ilja Seifert* Frank Spieth* Dr. Kirsten Tackmann und der Fraktion DIE LINKE.
***********************
إلى هنا أكون قد أنتهيت من بعض ما جمعته في خلال بحثي ..
ويمكنكم الآن أن تلمسوا الشبه بين قضية المتقاعدين في اليمن والمانيا بسبب النظام الاشتراكي.. اللذي حكم لأكثر من ثلاثين سنة
ويمكنكم كذلك أن تقارنوا الحالة بين البلدين في التعامل مع المشكلة مع النظر إلى فارق الامكانيات بينهما
يتوضح لكم يا أخوة أن أي اقصائات لجنوبيين من الجيش او الوظائف هو ناتج عن الكمية الهائلة لموظفي الجنوب الاشتراكي سابقا مقارنة بالشمال .. اللذي اعتاد البحث عن قوته بعيدا عن الحكومة
ولم يكن في يد أي من حكومات البلدين إلى هذا السبيل
وكذلك الفرق في التقاعد .. فموظف دفع جزء من مرتبة لأكثر من 30 سنة لصالح صندوق التقاعد غير موظف دفع فقط 5 سنوات
المشكلة هي .. لماذا يتم تسييس هذه القضية (قضية المتقاعدين) في اليمن بينما لم يتم تسييسها في المانيا .. رغم تشابه تذمر كل من الشرقيين الالمان والجنوبيين اليمنيين وتباكيهم على نظامهم السابق اللذي خلى من البطالة ؟؟؟
أود أرى رأي الاخوة هنا في هذا الكلام مقارنة باليمن وحالها .. وبالذات رأي الاخوة المدعين بوجود أقصاء للجنوب ..
Bookmarks