ورقة شجرة المشمش

[لميس]

ورقة شجرة المشمش
كانت الريح تداعب ورقة شجرة المشمش لشهور عديدة جداً ، وبالسعادة الورقة وتلك الرياح الباردة التي تحمل معها عبير الزهور تميلها يميناً ويساراً ... كانت تلك الورقة خضراء جميلة نضرة تشع الأمل في نفس كل من نظر إليها وكانت العصافير الجميلة تتسابق للوقوف عليها ... فسبحان الله العظيم الذي خلق هذه الورقة وخلق كل ما هو جميل في هذه الأرض .. لكن الورقة الخضراء كانت تشعر بالوحدة والضجر .. فلم يكن أحداً يقترب من هذه الشجرة أو من الحديقة فهي معزولة عن العالم تقريباً حياتها ومعرفتها محصورة في تلك الحديقة الصغيرة فقط مرت شهور وشهور ... وحل فصل الخريف ففقدت الورقة الخضراء نضارتها وبهائها وبدأت بالتيبس .. أتت رياح عاصفة قوية وسرعان ما انتزعتها من الشجرة .. شعرت الورقة شعور جميل جداً .. أخيراً .. ستنطلق وتعيش في هذه الحياة حرة طليقة .. كانت الرياح الباردة تدفع بها بعيداً ... بعيداً .. إلى أماكن غريبة لم تراها قط ولا في أحلامها ... وما أن استقرت الرياح توقعت الورقة عن الطيران وامتدت بقرب نافذة كوخ قديم في قرية صغيرة .
تضايقت الورقة من استقرار الرياح حيث كانت تأمل أن تدفعها إلى مكان أفضل من هذا .. شدها أصوات صراخ ونحيب من داخل الكوخ .. فرأت العجب !! كان هناك قرابة الخمس أطفال وهم يبكون .. يريدون طعاماً ... ويرتجفون من شدة البرد حيث لا يملكون سوى ملابس خفيفة مقطعة تبرز من خلالها أجسامهم النحيلة في كوخ تعلاءه الرطوبة والعفن !! أخرجت الأم فجأة قطعة متيبسة من الخبز كانت قد ادخرتها لوقت الحاجة .. تقافز الأطفال لالتقاطها .. فأخذ كل طفل قسمة من الخبز ما لا يكفي معدة عصور .. كانت الأم هزيلة جداً جداً التي ظهرت عليها كل أنواع العاهات والأمراض ... ولم تبق لنفسها ولا حثرة من ذلك الخبز ، أخذ الطفل الصغير ينظر إلى تلك الكسرة بامتنان وإعجاب بالغ فقدمها من فمه .. ولكنه للتو تذكر أن أمه أيضاً لم تذق الطعام لمدة يومين أو أكثر .. فقسم تلك الكسرة بينه وبينها .. فدمعت عينا الأم تأثراً .. فأخذ الأطفال كلهم يبكون ، استعادت الرياح قوتها من جديد .. فطارت الورقة بعيداً مرة أخرى .. كانت تتمنى لو تأخرت الرياح بضع ثواني لتعرف ما مصير أولئك المساكين .. ولكن القدر قد حسم الأمر ظلت الورقة تطير وتطير حتى ظنت بأن الرياح لن تستقر هذه المرة حيث صاحبها تساق حبيبات من المطر والبرد .. وبدأت عاصفة هو جاء بالظهور .
لاقت الورقة بعض الدكمات التي أثرت في أناقتها وشكلها الجميل مما جعلها تستاء فعلاً .. ولكن فجأة ظهر نور الشمس الذي عم بريقة الأفق .. واستقرت الرياح بدورها وحملت الورقة إلى داخل غرفة فخمة من خلال شرفة جميلة خيالية محاطة بأمص الزهيرات الجميلة والنباتات المشلقة ظنت سحر ورقة شجرة المشمش بأنها تحلم في بادئ الأمر ثم استوعبت الأمر تدريجياً كان ذكل القصر الفخم أعظم وأروع قصر قد يمر في مخيلتها الصغيرة .. أخذت تفكر كيف تعود وتتفاخر أمام الوريقات الأخرى برحلاتها المدهشة .. قطع حبل أفكارها أصوات رجل وأمرأة دخلا للتو إلى الشرفة وهما يتمتعان بصوت خافت جد
كما اتفقتا سأذهب إلى المزرعة وأنت ادخلي غرفتك وعندما يموت الجد في السم الذي وضعته في الحساء لن يشك بنا أحداً مطلقاً ...
أو مات تلك المرأة باطاعة أخاها في تنفيذ تلك المؤامرة الدنيئة حفيدان يضعا السم في طعام الجد.. حتى يعجلا الحصول على الميراث حاولت الورقة اختلاس النظر إلى الصالة الكبيرة حيث كان ذلك الجد جالساً فوق الكرسي الذي أطربت هزاته مسامع الورقة .. حياة مرفهة ومنعمة بكل السائل .. ولكن لا أحد يعلم كم من ضحايا اجتازها للجلوس على هذا الكرسي ، كانت تلك الأفكار تتراود في خاطر الوقت .
طرت الورقة بفعل الرياح التي تذكرتها ... ظلت تطير وتحلق فوق أماكن غريبة وأحداث أغرب .. ومأسى تفطر القلب حزناً .
ذاك هو العالم الذي أرادت معرفته !! تنهدت فيها الورقة نهده ارتياح .. لقد استكفت !! ولم تعد تريد معرفة أي شيء .
أدركت الجنة التي كانت تسكن فيها .. وأخذت تردد بصوت خافت في شجون لا مثيل له وصلت إلى الحقيقة ، في تلك اللحظة قذفت بها الرياح إلى مزرعة كبيرة فيها مرعى ... استلقت الورقة في مكان غريب رائحة المكان كانت كريهة جداً .
وفجأة كان هناك فم كبير انقض عليها وهشمها بأسنانه حتى أغشى عليها .
وعندما أفاقت وهي تلتقط أنفاسها الأخيرة رأت نفسها أسيرة ظلام حالك .
معدة خروف ..
Lamees

[دبـ حووريه ـي]

قصف رائعه تسلم اخوي ع المجهود الطيب ..