أظهرت دراسات عدة أن القلق المرتفع يعمل على خفض حس الفكاهة*ومن ثم عملية التذوق لها لدى الناس.كذلك تؤدي الأمراض النفسية والعصبية الى خلل ما في حس الفكاهة لدى المصابين بهذه الامراض*بل لقد وصل المر ببعض العلماء الى القول إن انهيار حس الفكاهة هو مكون جوهري في حدوث المرض العقلي وفي تكوينه ايضاً*وحيث يفقد المريض الاحساس بالبهجة حتى في المواقف المضحكة.كذلك اظهرت دراسات أخرى أن المرضى المصابون بالوسواس القهري فيحكون النكات البذيئة ذات الطبيعة الشرجية*ويفضل السيكوباثيون (المندفعون المضادون للمجتمع*المتبلدون انفعاليا الذين لايفيدون من خبراتهم الماضية) النكات التي تشتمل على الاستغلال والتحايل على الآخرين*ويفضل المصابون بحالات البارانويا (حالات الشعور بالعظمة والاضطهاد الفصامية) النكات التي تظهرهم كأبرياء وضحايا للشر*وأما داخل مجموعة الفصاميين فكانت النكات تحكى بشكل غير منظم*ومحرف بشكل مسخي واضح.
يقول بعض الأطباء النفسيين إن الاشخاص الذين يعانون الفصام لايشعرون بادنى بهجة أو سرور*إن مخاوفهم وقلقهم المرتفع قد يمنعهم من النكات*ذلك لأنهم لابيتسمون ولايضحكون ولايفهمون النكات*ولايرونها.بينما لايوافق أطباء آخرون على ذلك*ويقولون إنهم شاهدوا كثيرا من البسمات والضحكات على وجوه المرضى الفصاميين *وقد حكى لهم هؤلاء المرضى بعض النكات*لكن بسماتهم وضحكاتهم ونكاتهم كانت ذات طبيعة مختلفة عن ضحك الأسوياء*إنها تفتقر الى الشعور الخاص بالبهجة والتفاؤل والأمل.
لعل أبرز فئات المرض العقلي صلة بالضحك هم المصابون بحالات الهوس وهو القطب الاخر من المرض الدوري الذي تنتقل صاحبه من حالة الى الحالة النقيض لها*والمسمى ذهان – الهوس الاكتئاب ففي اثناء الهوس تكون هناك درجة من البهجة الانفعالية الوجدانية الواضحة مع حدوث ضحك وقهقهات متكررة*ولايكون هناك سبب موضوع محدد يجعل الشخص المريض هذا يضحك أو يقهقه هكذا ثم ينتقل بعد ذلك *من دون مبرر كاف*الى الحزن والاكتئاب.
كذلك يحدث الضحك الذي لايخضع للتحكم من جانب الفرد خلال ما يسمى بالضحك الهستيري*وهو قد يحدث على نحو جمعي لدى الجماعات*وفيما يشبه العدوى*وقد يحدث أيضاً في الظروف المحزنة كما في تلك القصة التي حكاها أحد الباحثين عن بعض تلامذته الذين سمعوا بموت احد أصدقائهم فنظروا الى بعضهم البعض ثم استغرقوا في ضحك هستيري غير متحكم فيه.
يرتبط الاكتئاب بانخفاض في القدرة والإمكانية الخاصة بتذوق الفكاهة أو التعبير عنها أو إبداعها*وينخفض حس الفكاهة على نحو واضح أيضاً لدى المصابين بمرض الوسواس القهري*ويرجع ذلك- خاصة – الى حاجتهم كما يقال الى ممارسة نوع من التحكم الصارم الجامد على كل شيء.
تعد الفكاهة لدى مرضى الفصام من الأمور التي استأثرت باهتمام كبير من جانب الباحثين*فمنذ بداية القرن العشرين لاحظ كريبلين أن الضحك السخيف وغير المبرر هو من الأعراض البارزة المميزة للفصاميين*وأن هذا الضحك هو أيضاً غير منضبط*وليس له دلالة انفعالية أو تناسب وجداني.
وقال بلوير إن هؤلاء المرضى عادة لايعرفون لماذا يضحكون*فقد قالوا له – وهو الرائد في دراسات الفصام – إنهم يشعرون بأنهم كما لو كانوا مجبرين على الضحك.
كذلك درس العلماء الأنماط الفرعية للفصام في علاقتها بأنماط مختلفة من السلوكيات المرتبطة بالفكاهة*فلدى المريض*المصاب بفصام البارانويا يعاق الشعور بالفكاهة من خلال الصورة السلبية للعالم المسيطرة على المريض*والتي تتسم بغلبة الشك والخوف من أصوات تهدده وأعداء يترصدون له ويخططون لإيقاع الأذى به*اما لدى المريض المصاب بالفصام الكاتاتوني (أو التخشبي) فإننا نجد الغياب الواضح للانفعالات والأفكار الداخلية*إضافة الى حركات الجسم التي بلا هدف*والتي تكون معوقة.ولدى المصاب بفصام الهيبيفرينيا والذي يكون سلوك المريض فيه شبيهاً بسلوك الأطفال *يظهر الضحك*ولكن بطريقة غير مناسبة*في شكل سخيف وغير مناسب للزمان أو المكان*مما يشير الى الغياب الواضح لوجود شعور سوي لديه بالفكاهة أو الضحك.إن مايظهره هؤلاء المرضى الفصاميون*بشكل عام*هو وجود خلل في التفكير*واضطراب في تماسك اللغة وترابطها*وهما خلل واضطراب ينعكسان – من دون شك- في شكل الفكاهة ومضمونها وتذوقها وإنتاجها*في حين يغيب هذا الخلل وتظهر بدلا منه القوة والجدة والمرونة والإبداعية لدى الأسوياء*كما تكون لغة هؤلاء الأسوياء أيضاً أكثر تماسكا ودلالة*وإن ظهرت من الناحية الظاهرية في شكل متفكك ومتناقض مما دفع بعض الباحثين الى القيام بلغة الفصاميين*ومن ثم بتفكيرهم.
Reply With Quote
Bookmarks