صمت مهيب خيّم على أرجاء مدينة عدن بعد منتصف الليل في إحدى ليالي شهر أغسطس من العام الماضي, أو هكذا ظننته.. ! بينما كنتُ جالسًا على أريكتي المفضلة, أقوم برصد تحركات النجوم والكواكب من أعلى سطح منزلــي, وبينما كنتُ أستمتع بعملي المُحَـبَّـب الهادئ وهو عُّـد النجوم التي أتمكن من رؤيتها بعينيَّ,, فجــــأة ......
رن هاتفي الجوّال معلنـًا عن مكالمة واردة.. وقد كانت من أحد أصدقائي..
ـ آلو,, السلام عليكم
ـ وينك يا فارس؟؟
ـ يا ولدي رُدِّ السلام بعدين إسأل.. فين با كون الآن .. أكيد راقد
ـ وعليكم السلام,, أنا محتاج لك ضروري
ـ مالك يا نذير,, مال صوتك متغيِّر؟
ـ أشتيك تجي لي الآن للبيت
ـ طيب ,, بــس أيش اللي حصل ؟؟ !!
ـ تعال الآن وبتعرف كل شئ, بالله عليك لا تتأخر
ـ تـــمام ,, ولا يهمَّـك أنا واجي الآن .. مع السلامة ..
قمــتُ بتبديل ملابسي في زمن قياسي بالنسبة لي لم أعهده قبل ذلك اليوم, نظرًا لأن صديقي يحتاجني في أمر هام, فلم يكن نذير متعودًا أن يتَّصل بي في مثل هذه الأوقات, بل إنَّه من النادر أن يتصل بي, فهو معروفٌ ببُخلهِ الشديد, وبينما كنتُ منهمكـًا في إعداد نفسي للخروج من البيت, كان القلقٌ يُسيطِرُ على تفكيري, فهي المرة الأولى التي يتصل فيها نذير في مثل ذلك الوقت, كما أن نبرات صوته تؤكد لي أن الأمر خطير.
ذهبت إلى المنزل الذي يقطُن فيه نذير وحيدًا في تلك الفترة, فقد كان باقي أفراد أسرته يقضون إجازتهم في إحدى القُرى التي ينتمون إليها .. وحينما ولجتُ المنزل, فقد كان بابه مفتوحًا,لذلك لم أتكبّد عناء دقِّ الجرس, وظننتُ أن نذير تركه مفتوحًا من أجلي ..
دخلتُ إلى الشقة, وناديتُ نذير, ولكنّه لم يُجبني, فتجوّلتُ في جميع غُرَف الشُقّة لعلِّي أجده هُنا أوهناك, ولكنني لم أجده, فاتصلت عليه, ولكن هاتفه الجوّال كان مُغلقـًا ..
تعجبّتُ من ذلك الأحمق الذي يتّصلُ بي في مثل تلك الساعة !, ونبرات صوته تدلُّ على أن الأمر خطير!, وعندما أصل إليه أراه قد غادر منزله, وأقفل هاتفه الجوّال..!!
استيقظتُ من النـوم, وأنا على هذا التعجُّب والحيـــرة ,,, وحينها أدركتُ أنَّ ما حصل معي كان مُجرّد أضغاثُ أحلام ..لكنني ما زلتُ قَلِقـًا حيال ذلك الحلم ولا أعرف السبــب ؟؟ !!
نهضتُ من على سريــري لأتفقد هاتفي الجوّال, فقد كنتُ أضعه دومــًا على الوضع الصامت حينما أتأهب للنوم, ولكنّـني ذُهلتُ حينما رأيت عــدد المكــالمات التي لمْ يُــرَد عليــها, وكانــت جميعـهــا من نــذيــــر .....
Bookmarks