قلبي لاتشكي لي فأنا من اشكي لك
لاتحكي لي قصص الالم
فأنا من احكيها لك
يا لها من مناجاة رقيقة بين الشاعر وقلبه , عتاب على الشكوى والهم الذي مابرح من كليهما , كلاهما مكلومان لم يجدا إلا المناجاة تسرية عما بهما من الوجد والهم , فالقلب أثقلته المواجع , والشاعر لم يعد يطيق أحزاناً تغترفه أو قلباً مشبوباً بين جوانحه ..
هل هي حرب بين نفسي وقلبي
سهام قتلتني
معها دقات قلب تُسمع
دقات قلب اه تؤلمني
ينتقل الشاعر إلى تصوير قوي للمعاناة التي يعانيها , فيدخل قلبه كطرف في الحرب التي تدور , حرب داخلية يدير رحاها القلب بوجيبه ودقاته التي يسمعها الشاعر فتؤلمه لما بقلبه من ألم , وحرب خارجية عبر عنها بسهام قاتلة , تقتل الشعر وقلبه معاً , فتراه بين همين , جرح السهام وألم القلب العليل ...
ألسنة الناس قتلتها مافيها من بحر الصفاء والحب
عصرته انهكته
امواج من الالم تتلاطم داخلي
هل هي تنشحب وتنتحب
ام انها تبكي
ام انها في حالة احتضار
طرف جديد في هذه الحرب الضروس التي لا تفتأ فتاً في عضد الشاعر , بل وتفتك بأغلى ما فيه .. قلبه , هذا الطرف الجديد تمثل بألسنة الناس التي لا ترحم , فهذه الألسنة التي صبت ما فيها على بحر الصفاء والحب بداخله فأسن هذا البحر , وتحول الحب إلى آلام تخنقه وتأخذ بشآبيب قلبه ليل نهار ..
هذه الألسن عصرت الألم في قلبه فأنهكتهما معاً , بل تحولت لتكاثرها إلى أمواج متلاطمة ليم لا متناهٍ من الألم , وكل هذا في معركة داخلية لا يشعر بها إلا قلب الشاعر , وهذه الأمواج تقتل ما بداخله من أحلام ورؤى , فتراها تبكي , وتتشحب ولشدة بكائها تنتحب بل يصل الأمر إلى الاحتضار ..
سهام تقلتني ببطء ام انها قتلتني
اضحيت اشلاء متناثره واشلائي متصله بي
اضحت عيوني صحراء قاحله بعد دموع
دموع جفت من كثرة الانهمار
هل هي شلالات دموع
ام شلالات الم
هذه السهام تقتل , ولكن القتلة تتم ببطئ شديد مما يزيد من حجم الألم , ومن مظاهر هذه القتلة وشدتها أن تحول الشاعر إلى أشلاء متناثرة في كل مكان , ويبقى جامع هذه الأشلاء ورابطها بالقلب هو الألم الذي يمتد من أعماق النفس إلى تلك الأشلاء.
تحولت المآقي إلى أرض يباب بعد أن أقحلت الدموع وجفت لكثرة ما انهمر منها , فأجدبت الأعين وما زالت الآلام تترع .
اه ياقلبي لقد انهكتني السهام
لم اك اعلم انني سوف اضعف امامها
انهار بناء المشاعر
انهار طوفان الشعائر
انتهت لها المراتع
مكانه لها سرقتها سهام
سهام السن
سهام ابكتني دمعاً
وابكت قلبي دماً
ولست الا مؤمناً
اترجى وادعي
ادعي من جفونه لاتنام
من اجل حب ووئام
من اجل بياض وسلام
يختتم الشاعر هذه المرثاة العظيمة بسجال من الحديث بينه وبين قلبه , فيسأله ويناجيه ويطلب منه الصبر , واللهج بالدعاء لأن كليهما تألما كثيراً من تلك الألسن اللاتي ولغن في الشاعر فأدمين قلبه , ويالها من صورة بديعة رائعة تلك التي ختم بها نزيفه بالقول "من أجل حب ووئام , من أجل بياض وسلام" , فلا أحقاد ولا دعاء بالانتقام والويل والثبور , بل هو حب ووئام , بياض وسلام ..
والسلام ...
Bookmarks