الرئيس اليمني علي عبد الله صالح* يقول أن اليمن يعيش في ظل وحدة وديمقراطية ودستور وقوانين وتعددية حزبية سبق الآخرين.. ويقول أيضاً لدى اليمن السعيد* باسم الله ما شاء الله* مجلس نواب* ومجلس شورى* ومجلس وزراء.. وهذا القول صحيح* كهياكل شكلية* البعض ميت* والبعض يحمل أختام الرئيس* والبعض لا حول ولا قوة له* كحال رئيس مجلس الوزراء* الذي يديره من وراء الستار الدكتور عبد الكريم الارياني..
والحقيقة الوحيدة على الأرض والتي لا يختلف عليها اثنان* هي أن الدستور* والقوانين* والتشريعات في أجازة مفتوحة على غرار قانون (خليك بالبيت). وعلى الرغم من (الهرج والمرج) في قاعة مجلس النواب* وما ينحت فيه من خطابات رنانة* ونقاشات حنانة* ومداخلات طنانة إلى درجة أن بعض النواب* تتنفخ أوداجه* ويوشك على النهيق.. الا أن ذلك مجرد فقه لتسويق* وتسليع تلك الأنظمة والقوانين* وبها تمكنوا من استثمار التخلف كمادة خام* يستخرجون من مناجم التخلف القبلي* والافراط في العزف بدون أوتار.. لانها البضاعة التي تتكون منها سلعتهم* لاستعراضها في كل الاجتماعات الدورية* كانجازات على مستوى الاعلام* وليس على الأرض* بينما الصحيح هو أن ثمة قانوناً واحداً* من سطراً واحداً* يحكم الحياة العامة في اليمن* يعكس نصاً واحداً* بعد الديباجة الغير مكتوبة* ولكنها محفوظة عن ظهر قلب* تقضي بأن الرئيس* القائد* الملهم* والمنقذ* تتجمع في شخصه الكريم كل الخصائص الوطنية والقومية والدينية والقبلية* عندئذ فهو الوحدة والديمقراطية* والعدالة* والدستور* والقانون* والقمع* والتسامح* باعتباره يمثل خليفة الله على الأرض* وبالتالي يعمل على تطبيق أوامر الله* ومن يخالفه فقد كفر* ومن كفر لا وطن له* ومن ليس لديه وطن ليس لديه كرامة.
لذلك* فهو الحاكم الوحيد بين الحكام العرب* الذي لا يعرف تاريخ الشعب الذي يحكمه* أو يتجاهله عن عمد.. في حين يعرف بعمق وذكاء فطري فن المؤامرات* والمناورات* والانقلابات* والدسائس أكثر من أي حاكم عربي آخر.. وهو أيضاً الحاكم العربي الوحيد بين العربان* الذي لا تعدو اهتماماته خارج حدود قبيلته* وجيشه* وأجهزته الأمنية* تلك الأجهزة التي تعتبر الحاكم الفعلي للبلد* وصمام أمان وأمن وسلامة الرئيس* وليس لحماية أمن البلد* وفي نفس الوقت* فأنه لا يحس بمعاناة شعبه* وللأسف يكذب على الشعب* ولا يزال قطاع عريض يصدقه.. وطوال (28) عاماً مضت من حكمه* والآن دخل سبع سنوات جديدة باسم انتخابات* وصفها فيصل بن شملان* بأنها عبارة عن مأتم.. فلم يحقق صيغة الحياة الوطنية على مستوى الشمال في عهد التشطير* فكيف يمكنه أن يحقق صيغة الحياة الوحدوية.
وخلال حكمه* كان ولازال يعد الشعب بالإصلاحات السياسية* والاقتصادية* والاجتماعية. والنتيجة بيع كلام دون جدوى* ولعل ما حدث في مؤتمر المانحين للجمهورية اليمنية المنعقد في لندن من 15-16 نوفمبر 2006* خير دليل على إفلاس الرئيس ونظامه* فقد أعلن أمام العالم بقوله:" في المؤتمر تعالوا وأعملوا بأي شروط تريدونها".. وراح فخامته يتسول المساعدات* ويخاطب الدول المانحة من خلال المؤتمر بلغة (شحات)* من أجل توفير قوت الشعب اليمني البائس* الجائع. بدلاً من العمل في الداخل* لتعريف الشعب عن عائدات النفط أين هي؟ وكيف تبديد الثروة الوطنية للوطن؟* (المهم) نسي أو تناسى فخامته انه قال في الماضي* أن هناك دول عمرها لا يتجاوز ستين سنة* تحاول أن تتطاول على يمن الحضارة والتاريخ.. ولكن (الخبير) لحس كلامه كعادته* وراح يطلب من تلك الدول تأهيل اليمن الحضارة والتاريخ* لكي يصبح قادر للدخول في مجلس التعاون الخليجي.. على أي حال* تمكن (الخبير)* بعون الله وفضله* من المحافظة على نظامه القبلي* العنصري* المتخلف بكل رموزه وظلمه* والذي يتساوى فيه الجميع ببقاء الرئيس.. ثابت في موقعه بخلاف قوانين الطبيعة الى حين انطفاء جذوة الحياة فيه* لان جني تعرفه خير من أنسي لا تعرفه* كما قال الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر.
هكذا* نرى ذات القيادات العسكرية* العنصرية* العدوانية* الظالمة في مواقعها* وبذات العقلية الانتقامية* المدمرة للقيم الإنسانية* والأخلاقية* لم تتغير أو تتبدل* يزرعون الفتن والأحقاد بين الجنوبيين* ثم يستنزفون قطرات دورة الحياة في الجنوب الى جانب نبش قبور الشهداء* و مصادرة ونهب أراضي الجنوب بأوامر مباشرة من فخامة الرئيس* دون حسيب أو رقيب* وفي ذات الوقت يقومون بأعمال تعسفية مروعة* مهينة ليس للإنسان الجنوبي فحسب* بل مهينة لنظام الرئيس نفسه* لا لأنه راض عن كل ما تفعله وتمارسه أجهزته العسكرية* ويرى فيها أعمال مشروعة لتثبيت احتلاله* وإنما تلك الأعمال لا تتفق والقيم الإنسانية* والأخلاقية.. ورغم طاعون القهر* وطاعون القوة العسكرية الشمالية* فالجنوبيين اليوم يختلفوا عن الجنوبيين عام 1994م* وقد وضعوا أنفسهم على بداية الطريق من خلال العمل* وإصرارهم على تحقيق الوحدة الوطنية* من أجل استعادة الحقوق الوطنية* والتاريخ للجنوب والجنوبيين* لاسيما بعدما حولوا الجنوب الى مزرعة خاصة للرئيس وقيادته العسكرية* كما حولوا كل شئ على أرض الجنوب* الى باب رزق* وكل مبدأ وكل قيمة إنسانية الى سلطة وتجارة* حتى على مستوى (الدعارة)* جعلوا من عدن (شكلة)* وبقدرة قادر أصبح الوطن وما فيه* والإنسان وحياته وعمله* كغنيمة حرب* وذلك كهبة من الله للرئيس وجيشه* وبالتالي فأن الحرية و الكرامة صدقة منه* وكل شيء جميل لا يجسد الا عبر صورة الرئيس* ولا توجد حرية أو كرامة خارج صورة الرئيس* حتى ولو كان مجرد قبيلي بدرجة (زعيم) الذي هو على حسناته (أن وجدت) وعيوبه* التي لا تحصى كائن لحظي يموت* حتى وأن طال به العمر.
لقد أصبح النظام في صنعاء* مريضاً بالتدمير* ومحو تاريخنا وثقافتنا* ويدوس رجالنا بالجزمات في المعسكرات* ونبش قبور شهدائنا.. فهل نقبل بعد اليوم صمت أن تلقي اتهامات النظام لنا* وكأنه المبعوث المفوض من الله* الذي يمنح البركات* ويقذف اللعنات.. وما كان ذلك يحدث لنا لولا شراء ذمم القيادات الجنوبية* وتغليب المصالح والامتيازات على المبادئ* الأمر الذي أدى إلى تركيع القيادات الجنوبية* وتبخر كراماتهم ورجولتهم* وبالذات (التوالي) الذين دخلوا بيت الطاعة بعد 7/7/1994م أمام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح.
ولما عرف (الخبير) أن هذه القيادات* لا تفقه قدر الوطن* وأهمية حريته وسيادته واستقلاله* أكثر من مصالحها* بخاصة وأن كل واحد منهم يسوق نفسه* ويعتبر نفسه هو (أحمر العين)* فقد (حلجهم) وسكتهم بالأموال* وطوقهم وأغدق عليهم* وسخر بعضهم على بعض* مما جعل الكل أضحوكة* مسلوبي الإرادة والكرامة* مجرد كراتين.
من أقوال الرئيس القائد علي عبد الله صالح:
1- قال الرئيس* والعهدة على الراوي* والراوي هو نفسه الرئيس.. عندما تسلمت السلطة* أنا فصلت وخيطت كفني بيدي مع الجيوب* بينما الرئيس حسني مبارك يقول:" الكفن مالوش جيوب".
2- قال الرئيس* أنه سوف يعلم الألمان الوحدة.. لكن الله ستر* ولم يأخذ المستشار الألماني السابق (هلمت كول) بنصيحة (الخبير)* وحقق الوحدة الألمانية* وبالتالي ترك السلطة وبقية الوحدة.. والآن يعيش معزز مكرم مطمئن البال* كمواطن شريف دون (رتل) من السيارات خلفه أو أمامه.. في حين جلس الرئيس اليمني يحكم مع رجاله.. وخططوا وابتلعوا الجنوب لحسابهم* ليصبح الوطن والسلطة والثرة ملك له* لا شريك له. وقد حقق فخامته خلال (16) سنة* انتصارات عظيمة* ما كانت تخطر له على بال أو يحلم بها* ولو حتى في أحلام اليقظة* تركزت على النحو التالي:
أ- تمكن الرئيس اليمني بالحرب عام 1994م* من العمل على ضم وإلحاق الجنوب بالشمال* وإلغاء الوحدة* أحرز ذلك بفضل القيادات الجنوبية* الذين تحالفوا معه شخصياً* بقيادة الفريق عبدربه منصور هادي* واللواء عبد الله علي عليوة* وأحمد مساعد حسين* ومحمد عبد الله البطاني* وأحمد عبد الله الحسني وغيرهم من القيادات العسكرية* والكوادر المدنية* ولولا هم لما (فات) جيشه العرمرم نقيل يسلح* واليوم تنكر لهم* قرر (زحلقتهم) من السلطة واحد بعد الأخر* تحت قانون التقاعد. بينما الرئيس محافظ على أخوانه وأبناء أخوانه* وأبنه قادة الأسلحة الأساسية في الجيش والأمن مثل: المدرعات والقوى الجوية والحرس الجمهوري والأمن المركزي* حيث لا يسري عليهم قانون التقاعد* ولم يجود الزمان بأمثالهم* ناهيك عن قادة الألوية* كلهم من (خبرة) سنحان.. باعتبار هيبة النظام ورئيسه مرهونة ببقاء هذه القيادات في مواقعها* لأنها قادرة على قتل ومحو تاريخ وثقافة الجنوب* حتى لا يعود هناك جنوبي واحد خارج قانون الرئيس علي عبد الله صالح* وهو أن يجعل من الجنوبيين متفرجين دائماً (جلوس لا يهشوا ولا ينشوا) تحت قانون (خليك في البيت).
ب- مصادرة ونهب أراضي الجنوب كاملة بقوة الأطقم العسكرية* وبالذات في عدن وحضرموت* ومن ثم تقسيمها وتوزيعها على القيادات العسكرية الشمالية* والمستوطنين الجدد* وأصحاب الحسب والنسب* كغنائم حرب* وقد أعطاه لمن لا يملك لمن لا يستحق* بينما القيادات الجنوبية المشاركة في السلطة (صورياً) *والتوالي الذين التحقوا بقطار السلطة بعد 7/7/1994م* من أجل الحصول على بقايا (الفتات)* يتفرجون على ما يجري.
ج- بعد دخول الجيش الشمالي عدن* وتوقف هدير المدافع* شرعت القيادات العسكرية الشمالية* وأعطت الضوء الأخضر للقوى الوصولية* لهدم قبور الأولياء في عدن* وتحديداً مقبرة العيدروس* ومن ثم انتقلت بعد ذلك الى نبش مقبرة شهداء الصولبان لمعرفة ردود الفعل* ثم المقبرة الجماعية لشهداء 13 يناير في معسكر طارق* وأذا كانت الفلسفة المادية تقول: أن الصدفة تتحول أحياناً الى ضرورة* فأن أوامر فخامة الرئيس لنسيبه محافظ عدن أحمد الكحلاني* الذي جاء وكحّلها* كانت واضحة* وهي العمل على ضرورة تطبيق نظرية جبران خليل جبران* ومفادها: البناء عن طريق الهدم.. لكن صاحبنا جعل من وسيلة هدم ونبش القبور* مهمة وطنية* تعلو على أي مهمة أخرى* لأنه كان يريد أن يبني الجنوب من خلال نبش جثث الشهداء* عملاً بالقول المأثور (الحي أبقى من الميت).
3- قال الرئيس* أنه أعاد بناء سد مأرب* ولكن بأموال دولة الشيخ زايد بن سلطان* طيب الله ثراه* كما قال أنه أستخرج النفط.. لكن فيصل بن شملان قدم استقالته من وزارة النفط* بسبب عدم معرفته بالكميات الإنتاجية للنفط* وأين تذهب عوائد النفط؟ والرجل حياً يرزق بالإمكان الرجوع اليه.
4- قال الرئيس* أنه سوف يترك السلطة من أجل بقاء الوحدة* وحينها كان هذا الإعلان عبارة عن فزوره.
5- قال الرئيس* أنه سوف يحارب إسرائيل* ولكن لا تربطه حدود جغرافية مع إسرائيل للقيام بهذه المهمة القومية التي فشل في تحقيقها جيش مصر* وجيش سوريا.. وقد رد عليه الرئيس المصري حسني مبارك بالقول:" تعال وسوف نعطيك قطعة من سيناء لترينا شطارتك".
6- قال الرئيس* أنه لن يرشح نفسه للانتخابات الرئاسية في 20 سبتمبر 2006م* ولكن فخامته تراجع تحت ضغط الجماهير* وهو بالطبع يحترم الجماهير* وقال يوم ذاك في مدينة عدن في مؤتمر المؤتمر الشعبي العام:" نحن لها في حرها وبردها* في الشدة والنعمة".. في النهب والمصادرة والاحتيال.
طالب جامعي/ محافظة أبين
11-03-2007
Bookmarks