عـائـدون إلى شبوة
بقلم: - نزار العبادي .. في الثلاثاء 27 مارس - آذار 2007 0757 ص
قلما يرد ذكر محافظة شبوة في صحافتنا.. ورغم هذه المرات النادرة ظل الانطباع السلبي والحدث الجنائي هو السياق الذي يجري فيه الحديث كما لو أن شبوة عالم خارج حدود اليمن!
أمس تخابرت مع صديقي المحامي فيصل الخليفي في عتق ،وبدا مستاءً جداً من الإعلام لأنه يشوه صورة شبوة ،وأبنائها.. ولأن الاقلام التي تكتب عن أهالي شبوة لاترى فيهم غير أناس تشغلهم قضايا الثأر،والحروب ،والخلافات.. وتغض طرفها عن أي شيء آخر.. كان صاحبي منزعجاً لأن وسائل الإعلام لاتتحدث عن تاريخ شبوة التي احتضنت ثلاث دول صنعت جزءاً عظيماً من حضارة اليمن.. ومنزعجاً لأن الصحف لاتتحدث عن المعالم الأثرية في شبوه والموروث العظيم الذي خلفته حضارة الاجداد لتبهر به العالم في الوقت الذي تتجاهله الأقلام اليوم ولاتكترث للترويج له لتجذب السياح إليه ،فيعم الخير البلاد والعباد.
لقد تحدث المحامي الخليفي بمرارة لأن إعلامنا ينسى دائماً كم هم كرماء وأهل نخوة وشهامة أبناء شبوة.. وكم هم مخلصون لوطنهم ،ولوحدتهم اليمنية ،بينما يثبت البعض في الحديث عن بضع ممارسات سيئة ارتكبها أفراد بتأثير الجهل والتخلف الذي ورثوه عن عهود سابقة حرمتهم من نعمة التعليم والوعي بأمور دنياهم.
ولأن صاحبي رجل قانون ويدرك جيداً دور الاعلام في التنمية لذلك انتهز الفرصة ليناقش الأمر معي فأدركت أن الرجل يريد ايصال رسالة أبناء محافظة شبوة إلى الوسط الاعلامي لعيدوا حساباتهم ،وليلتفتوا إلى هذه المحافظة الرائعة ومافيها من خير ،ومفاتن حضارية ،وتقاليد أصيلة وشعب واعٍ فيه آلاف الكوادر الجامعية المبدعة من مختلف التخصصات العلمية والانسانية.
لم يكن المحامي الخليفي يبالغ بشيء مما ذكر.. ففي الشهر الماضي كانت الفنانة الفوتوغرافية السعودية سوزان باعقيل في زيارة إلى شبوة بعد أن زارت حضرموت ،والتقطت آلاف الصور ضمن مشروعها بعمل موسوعة مصورة عن تلك الجهات.. وحين التقيتها في نهاية جولتها سألتها عن شبوة ،فيما إذا توفقت برحلتها إليها.. فقالت: «عندما تتجول فيها وتشاهد معالمها وطبيعتها تتجلى أمامك عظمة الخالق سبحانه وتعالى وسحر جماله».وشرعت تسرد لي قصصاً عن كرم الأهالي وحفاوتهم بالضيوف وأخلاقهم الرفيعة في التعامل مع الوافدين على مناطقهم سواء كانوا عرباً أم أجانب.
بالنسبة لي رغم تجوالي في محافظات الجمهورية فإن شبوة كانت المدينة الوحيدة التي مررت بها مرور الكرام قبل حوالي ثمان سنوات ،ولم تسعفني الفرصة مرة أخرى لزيارتها.. ولكن عندما اتصفح مذكرات بعض الاجانب الذين كتبوا عن شبوة ينتابني الإحساس بالألم والحسرة لأنني رغم قربي منها لم أشاهد معالمها وطبيعتها التي يسرد عنها الاجانب قصصاً مشوقة للغاية.
الشيء الجميل الذي يستحق لفت الانتباه إليه هو هذا الموقف الطيب الذي ترجمه الأخ الخليفي في دفاعه عن مدينته ،واستيائه من الأقلام التي تشوهها وتسيء إلى سمعة أبنائها.. فهذا هو الإحساس الحقيقي بالانتماء الوطني الذي ينبغي أن نتحلى به جميعاً.. فلانسمح لأحد بتجاهل قيمنا الثقافية والاخلاقية ،ولا عاداتنا النبيلة ،ولا انجازاتنا الحضارية.. ولانسمح لأي كان بتجاهل أهمية أدوارنا في التنمية ،أوحقنا في الترويج لمعالمنا السياحية ،وجمالية مدننا ،وأعرافنا الطيبة في الترحاب بالوافدين على مناطقنا سواء كانوا سياحاً أم مستثمرين لأن هؤلاء سيعودون علينا جميعاً بالخير ،وسيحركون سوق العمل والنشاط الاقتصادي.
نحن لانتجاهل أن شبوة والجوف ومأرب وغيرها من مدن اليمن لديها احتياجات كثيرة ،وتنقصها الكثير من البنى التحتية وتعاني من مشاكل أسوة بغيرها لكن هذا لايعني أن نطلب من الحياة التوقف حتى يتم تلبية احتياجاتنا ،بل على العكس علينا منع عجلة الحياة من التوقف بمبادرات الشرفاء والمخلصين وبالتعاون في دفع عجلتها سريعاً إلى الأمام.
وختاماً أقف بإكبار وتقدير لأبناء شبوة ولكل اليمنيين الغيورين على سمعة مدنهم والفخورين بها.. والمرحبين بضيوف العالم لزيارتهم.. فليس ماهو أجمل من أن نفتخر بأوطاننا.
تجد هذا المقال في الجمهورية نت - تصدر عن مؤسسة الجمهورية للصحافة والطباعة والنشر
http://www.algomhoriah.net
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
http://www.algomhoriah.net/articles.php?id=3250
Bookmarks