خوفا من عائلاتهن ونظرة المجتمع
فنانات يمنيات يختفين خلف البراقع والأسماء الوهمية
أحد الألبومات المنتشرة في الأسواق اليمنية
المصدر:جريدة الوطن السعوديةالأحد 9 محرم 1428هـ الموافق 28 يناير 2007م العدد (2312) السنة السابعة
صنعاء: نسيبة غشيم
خلف أسمائهن المستعارة وبراقعهن تختفي مجموعة من الفنانات اليمنيات اللواتي يرغبن في عدم الشهرة والظهور في وسائل الإعلام* يتهربن إمعانا في التخفي من كل ما من شأنه أن يدل عليهن، ويظهرهن عيونهن للناس* ومن هؤلاء الفنانات سهام وسارة ومرام وشذى وندى وغيرهن.
المبرر لدى هؤلاء الفنانات والذي يقف وراء تخفيهن خلف الأسماء المستعارة والبراقع عدم الرغبة في الشهرة* وذلك على الرغم من أن أشرطتهن تملأ أسواق الكاسيت في المدن اليمنية.
وقد استغرقت محاولة اللقاء مع إحدى هؤلاء الفنانات المعروفات بـ"المبرقعات" فترة طويلة، وذلك بسبب اعتذارها المتكرر عن اللقاءات قبل الموعد المحدد لها بقليل* وأخيرا التقينا صدفة في أحد محلات التسجيلات الصوتية بإحداهن أثناء قيامها بتسجيل كاسيت جديد.
قالت الفنانة سارة إنها ليست مهتمة بنجاح الشريط الذي يحمل اسمها المستعار وصورتها وهي ترتدي البرقع، وقالت إنها طلبت من مصمم غلاف ألبومها الجديد أن يحاول قدر الإمكان إخفاء ملامح عينيها التي قد تدل عليها لدى أقاربها، وذلك لأن سارة وهذا هو اسمها الفني تنحدر حسب كلامها من أسرة لا صلة لها بالفن* بل تكره الفن والفنانين* وهو ما جعلها تخشى أن يعلموا أن ابنتهم تحترف الغناء، مما يؤدي في النهاية إلى التخلي عنها وربما عقابها.
وعن السبب الذي جعلها تدخل إلى عالم الفن تقول سارة إنها تعرفت على مطربة أعراس أخبرتها أنها جنت مبالغ كبيرة من شريط أصدرته* وعندما علمت أنها تتمتع بصوت جميل اقترحت عليها أن تغني، باستخدام اسم مستعار، وأخبرتها أنها لن تكون معروفة إلا لصاحب شركة الكاسيت الذي سوف يقوم بطباعة أغانيها.
وذكرت سارة أنها رفضت في البداية، لكن أحوال أسرتها المادية الصعبة أجبرتها على التراجع عن الرفض* وبدأت تتبع ما نصحتها به زميلتها من أجل عدم انفضاح أمرها لدى عائلتها، مشيرة إلى أنها لا تقف كثيرا أمام ما يقدم لها من كلمات وألحان، وليس لديها شروط في ذلك، فهي تغني ما يقدم لها، ولا تعرف من كتب أو لحن* وقالت إن المهم أن يكون الكلام مناسبا.
وقالت فنانة أخري اكتفت بالحديث عبر الهاتف إنها لا تريد أي شهرة، ولا ترغب في الظهور أمام شاشات التلفزيون أو على صفحات الصحف والمجلات، بسبب رفض أهلها فكرة أن تكون ابنتهم فنانة، وقالت إنها لن تستمر في إصدار الألبومات الغنائية، لأن أصحاب التسجيلات يستغلون خوفها، ويدفعون لها مبالغ تافهة* وتذكر أنها لم تحصل في المرة الأولى إلا على 20 ألف ريال يمني (400ريال سعودي) مقابل تسجيل 10 أغان، وقد قال لها صاحب شركة الكاسيت إنه في حالة نجاح الكاسيت سوف يعطيها المبلغ الذي تطلبه، وعاد وأخبرها بعدما أصدر الكاسيت بفترة بسيطة أن الشريط حقق خسائر، رغم أن الشريط كان ناجحا في السوق ومتداولا بكثرة* وحين طالبته بحقها تحداها أن تذهب إلى المحكمة لترفع عليه دعوى قضائية، وهذا التحدي من وجهة نظرها بسبب علم صاحب الشركة أنها لن تستطيع الذهاب إلى المحكمة، لأنها في حال قيامها بذلك سوف تحطم حياتها بعدما تعلم أسرتها والناس أنها تعمل فنانة.
أما اتجاه نوال إلى الفن فقد جاء كما تقول بسبب حبها للفن* وهي تقوم بإصدار الأشرطة دون النظر إلى الكسب المادي، وهي أيضا خلافا لغيرها من المبرقعات تحظى بتشجيع أهلها على الغناء، فهم لا يمانعون في ممارسة هوايتها في الفن* ولكنهم رغم ذلك فرضوا عليهاَ البرقع، حتى لا يعرفها الناس وينظروا إليها وإلى أسرتها بعدم تقدير.
وعن المكاسب المادية قالت نوال إن بعض أصحاب التسجيلات يشترطون على كل من تريد تسجيل شريط أن يدفعوا لها المبلغ المتفق عليه بعد أن ينزل الشريط إلى الأسواق* ويكون الاتفاق أن تحصل على ما تريد في حال نجاح الشريط* أما إذا فشل فالخسارة يتحملها صاحب محل التسجيلات.
قال أحد العاملين في مجال سوق الكاسيت إن بعض المطربات يقمن بتسجيل الأغنيات باسم مستعار، وإذا فشلن يغيرن أسماءهن، ويقمن بتسجيل شريط آخر طمعا في النجاح، رغم أن العيب كما يقول لا يكون في الاسم، وإنما في الصوت الذي لا تستطيع أن تغيره.
ويؤْكد حمود حزام (صاحب محل تسجيلات) أنه يشجع كل صوت جميل، سواء كانت صاحبته ظاهرة أو مخفية* وقد خسر أكثر من مرة لأنه طبع شريطا لم يجد أي قبول عند الناس.
عدد من أصحاب محلات بيع الكاسيت يرون أن هناك جمهورا متذوقا يختار الكلمات الجميلة والألحان والصوت، ويشتري الكاسيت، بغض النظر عن الفنانة واسمها، حسب ما قال عبدالملك ناجي (صاحب محل بيع أشرطة)، والذي أشار إلى أن الشريط الجيد يقبل الناس على شرائه، بغض النظر عن معرفة الفنانة* وأن ما يقف وراء نجاح الشريط كلماته التي يجب أن تكون بلغة عامية بسيطة ومتداولة، وذات لحن تراثي أيضا، مشيرا إلى أن هناك من الناس من يعجبون بالفنانة وهي على هذه الصورة المحتشمة.
وبخصوص تصاريح الغناء وتسجيل الأشرطة أفاد مدير إدارة المصنفات الفنية بوزارة الثقافة اليمنية عبدالملك القطاع أن الإدارة تمنح التصريح لشركات الإنتاج الفنية التي قامت بإنتاج العمل، أو ما يسمى بمحلات التسجيل الصوتية، وذلك بعد إخضاع العمل للجنة متخصصة بالألحان والكلمات، مشيرا إلى أن أكثر ما تركز عليه اللجنة في عملها مراعاة الذوق العام وآدابه، بالإضافة إلى مسألة السرقات الفنية.
وعن وجود أسماء وهمية وأعمال لا ترقى إلى مستوى الذوق العام أكد القطاع أن الوزارة تتعامل مع الشركات التي بدورها تتعاقد مع الفنانين سواء بأسماء وهمية أو غيرها لفترة معينة أو حتى لإنتاج كاسيت واحد ، وأشار إلى أن الوزارة تقوم بين وقت وآخر بتنفيذ حملات ميدانية على الأستديوهات من أجل ضبط الأعمال المخالفة وإحالتها إلى نيابة الصحافة والمطبوعات .
Reply With Quote
Bookmarks