في شتاء قارس .. أسعار ساخنة وحكومة نائمة وتجار في ظلام دامس
(كلما قلنا عساها تنجلي قالت الأيام هذا مبتداها) بهذا المثل المشهور استقبل اليمنيون عيد الأضحى المبارك والعام الميلادي الجديد بارتفاع كبير في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية.
(تجار الجملة يرفضون البيع لنا) قال مأمون وهو بقال يمتلك بقالة في شارع متفرع من شارع 16 ثم أخرج لي ثمان بيضات صغيرة بـ200 ريال داخل أحد الأدراج المخيفة في بقالته وقال (الكرتون البيض بـ7000 ريال) والطبق بـ700 ريال، ولا نجده إلا بوساطة، كل شيء ارتفع سعره، لأن التجار يرفضون البيع لنا.
انتهت انتخابات 20 سبتمبر بوعود كانت بعضها تشير إلى تخفيض الأسعار وتحسين الوضع المعيشي للمواطن وبعد أسابيع قليلة شن الرئيس علي عبدالله صالح هجوماً على وزارة الصناعة ووزيرها واعتبرها وزارة فاشلة لأنها لم تستطع ضبط الأسعار، بل أكثر من ذلك هدد الرئيس أنه لن يستاهل مع أحد بهذا الخصوص إلا أن ذلك كله لم يلق تجاوباً، فارتفعت الأسعار حينها بشكل جنوني.
وفي تاريخ 22أكتوبر أعلنت وزارة الصناعة أنها ضبطت (1631) مخالفة للأسعار خلال يومين فقط أما في 30نوفمبر فقد أعلن وزير الصناعة عن إحالة 720 مخالفة سعرية للنيابة، وقال إنه سيعلن عن المدانين عبر الإعلام، حينها تردد بين الناس أن الحكومة تقوم بعمل عشوائي بين التجار الصغار، وتترك أسماك القرش الكبيرة تعبث كما تشاء!
وجاء إعلان وزير الصناعة ذلك في نفس اليوم الذي وجه فيه الرئيس حكومته بمراقبة الأسعار وتحديد السلع المرتفعة أسعارها عالمياً.
وفي تاريخ 21 ديسمبر الماضي حمل التجار الحكومة مسؤولية ارتفاع الأسعار في حال طبقت ضريبة المبيعات.
وربما اتضح الأمر هنا حيث يعتقد بعض المحللين أن المواطن أصبح ضحية لصراع قائم -كان مؤجلاً من قبل الانتخابات الأخيرة- بين الحكومة والتجار بسبب ضريبة المبيعات.
في 29/12/2006م قبل انتهاء العام الماضي بأيام ثلاثة، قال الرئيس في خطابه بمناسبة العيد بأن العام القادم سيكون حافلاً بالإنتاج والإنجاز، بعدها مباشرة ارتفعت بشكل جنوني أكبر أسعار السلع الأساسية واختفت معظمها من السوق حتى أصبح الشارع يخاف من خطابات الرئيس التي تتحدث عن تخفض الأسعار والتبشير بالمستقبل.
وبالعودة إلى المشكلة القائمة بين الحكومة والتجار يرفض محفوظ شماخ -رئيس الغرفة التجارية- في تصريحات للصحوة اتهام التجار بأنهم سبب هذا الارتفاع، وقال إن التاجر ليس له يد في هذا الأمر وأن العملية برمتها تعود إلى أن الحكومة لم تستطع أن تستقر على آلية قابلة للتنفيذ بخصوص قانون ضريبة المبيعات، مشيراً إلى أن القانون الذي تسعى الحكومة لتنفيذه هو قانون مطعون به أمام الدائرة الدستورية في المحكمة العليا وأن الحكومة تطالب بتأجيل جلسات المحكمة من جلسة إلى أخرى، واعتبر أن بنود القانون غير قابلة للتنفيذ بصيغتها الحالية.
وقال شماخ إن المفاوضات بين الحكومة والغرفة التجارية قد طالت من أجل الوصول إلى آلية جيدة وسهلة التنفيذ تمنع الفساد والإفساد -حد تعبيره- وذكر بتدخل الرئيس قبل سنة ونصف حين وافق على الآلية القائلة بأن تحصيل الضريبة من المنافد وأبواب المصانع كاشفة بأن تلك الآلية أوصلت إلى نتيجة تضاعف فيها الدخل إلى ثلاثة أضعاف مما توقعته الحكومة.
والآن - يواصل شماخ - تريد الحكومة تطبيق الآلية التي في القانون، غير القابلة للتطبيق وهو ما أحدث قلقاً وبلبلة ولغطاً بين التجار أدى إلى ارتفاع الأسعار.
مضيفاً: وعلى أية حال إذا طبقت تلك الآلية الحكومية فسترتفع الضريبة من 5% إلى 14-15% وهذا بالتالي جعل التجار في الظلام الدامس والمثل يقول (إذا أظلمت فقف) ولهذا فقد توقف التجار وامتنعوا عن بيع سلعهم حتى تخرجهم الحكومة من الظلام وترحم الشعب وتعود إلى الآلية القابلة للتطبيق.
Bookmarks