دعونا نرحل!!

بقلم/
د.سعاد سالم السبع

نحن اليمنيين؛ لم تعد نحتمل ما يحدث في بلادنا، معذرة في بلاد من اشتروا الأرض والشجر والحجر، وختموها بالمقامرة بأرواح البشر، لم يعد لدينا قدرة على الاحتمال حتى نظل في ممر أقدامهم، وهدفاً لنيرانهم، لم نعد نحتمل الموت على الرغم من أننا أصبحنا معتادين على أصوات النيران بمختلف الأسلحة إلا أننا نريد أن نبقى على قيد الحياة حتى يطمئن المتصارعون أن هناك رصيداً من البشر يساومون عليه ويستخدمون أشلاءه للعبور إلى أهدافهم..
لم نعد نحتمل أن يتصارع أفراد العائلة الواحدة في البيت الواحد من أجل مناصرة طرف لحساب طرف آخر ثم تشاهد كل عائلة أن ابنها وبنتها وأخاها وأختها يسقط مضرجاً بدمائه بأيدٍ غير ذات ملامح واضحة.. الدماء تسيل والضحايا يسقطون طوال ساعات اليوم وكل طرف يعلن براءته من جرائم قتل اليمنيين.. فيا ترى من الذي يطلق النار؟!! من الذي يقتل الأطفال؟!! من الذي يستهدف منازل الآمنين ؟!! من الذي يقصف الأسواق والمستشفيات والساحات؟!
لم نعد نحتمل هذا الألم، ولا هذا الهروب من المسئولية من قبل من يطلق النار.. لذلك خذوا كل ما تريدون ودعونا نعيش بسلام.. اتفقوا وانهبوا واسرقوا واهبروا واحتالوا وأفسدوا وارتكبوا كل الحماقات فقط دعوا لنا حق البقاء في هذه الحياة.. دعوا لنا هدوءنا ثم افعلوا ما شئتم.. استخدموا كل المفاهيم التي تشرع لفسادكم فقط دعونا نعيش بعيداً عن نيرانكم..
لم نعد قادرين على الاحتمال.. فإذا كنتم لا تطيقون بقاءنا في جزء من هذه الأرض نقتات فتات خيرات بلادنا التي تعافها أطماعكم.. فابحثوا لنا عن أرض أخرى تستوعبنا بعيداً عنكم.. جهزوا بطاقات هويات لجوء لخمسة وعشرين مليوناً يتوقون إلى مكان ينجيهم من نيرانكم..
لم نعد نحتمل البقاء في انتظار الموت؛ فعليكم أن تجهزوا الخيام والأدوية ومتطلبات اللجوء ولترحِّلونا إلى أي جهة يمكن أن تساعدكم في التخلص منا وتُخلي لكم جميع المساحات وكل البحار والجبال والوديان لتمارسوا فيها غواياتكم الحزبية، وهواياتكم القتالية بعيداً عن رؤوسنا وقلوبنا..
لا تقلقوا.. فقنَّاصوكم يستطيعون أن يجدوا أهدافاً أخرى غير البشر يتدربون عليها في بيوتنا ومدارسنا ومستشفياتنا.. سنترك لكم كل شيء حتى لعب أطفالنا وملابسنا وكتبنا وأدويتنا وأسرتنا وكل شيء يشبع لديكم غريزة حب الدماء.. لا تكتئبوا ففي كل بيت سنتركه لكم من الذكريات وبقايا الحياة ما يجذب عنفكم ويشعركم بنشوة الانتصار على الحياة..
دعونا نرحل ؛ فقد يئسنا منكم ، وصرنا مقتنعين بأنكم لن ترحلوا حتى وإن توسدتم رؤوس وقلوب خمسة وعشرين مليون مواطن ..لم تعد لدينا القدرة على مطالبتكم بالرحيل فدعونا نرحل فقط تفاوضوا مع من يدعمون جنونكم وحربكم ليفتحوا لنا المجال للخروج من فوهات مدافعكم ورشاشاتكم...دعونا نرحل ولتبتلعكم الأرض ولتنطبق عليكم السماء جزاء ما تفعلون..