مميزات النظام الشيوعي –الإنتاج في ظل الشيوعية –التوزيع في النظام الشيوعي –الإدارة في النظام الشيوعي –تطور قوى الإنتاج في النظام الشيوعي (فوائد الشيوعية) –ديكتاتورية البروليتاريا –الاستيلاء على السلطة السياسية –الحزب الشيوعي وطبقات المجتمع الرأسمالي.

مميزات النظام الشيوعي. الإنتاج في ظل الشيوعية.

رأينا كيف أن انهيار النظام الرأسمالي أمر حتمي. وها هو يتفكك أمام أعيننا. إنه يتفكك لأنه يعاني من تناقضين أساسين: فوضى الإنتاج وما تؤدي إليه من منافسة وأزمات وحروب، من جهة، والطابع الطبقي للمجتمع الذي يدفع حتما بقسم من المجتمع إلى العداء المميت للقسم الآخر (الحرب الطبقية) من جهة ثانية. إن المجتمع الرأسمالي أشبه ما يكون بآلة لم يحسن صنعها، يتدخل جزء منها باستمرار بحركة الأجزاء الأخرى. (انظر المادة بعنوان «تناقضان أساسيان في النظام الرأسمالي»). لذا كان حتميا أن تخرب هذه الآلة وتتفكك عاجلا أم آجلا.

وبديهي أن يكون المجتمع الجديد مبنيا على أسس أرسخ من الأسس التي قامت عليها الرأسمالية. وما أن يؤدي هذان التناقضان الأساسيان إلى تدمير النظام الرأسمالي، حتى يتوجب قيام مجتمع جديد على أنقاض هذا النظام يكون متحررا من تناقضاته. هذا يعني أن نمط الإنتاج الشيوعي يجب أن يتميز أولا بأول بأنه مجتمع منظم، أي مجتمع متحرر من فوضى الإنتاج والمنافسة بين الرأسماليين الأفراد، كما هو متحرر من الأزمات. ثانيا. يجب على المجتمع الشيوعي أن يكون مجتمعا بدون طبقات، أي أنه مجتمع ليس منقسما إلى شقين متناحرين حيث تقوم طبقة باستغلال الطبقة الأخرى. وأن مجتمعا تزول فيه الطبقات ويسوده تنظيم الإنتاج هو مجتمع رفاقي، مجتمع شيوعي يرتكز إلى العمل.

لننظر بمزيد من الدقة إلى هذا المجتمع.

إن أساس المجتمع الشيوعي هو الملكية الاجتماعية لأدوات الإنتاج والتوزيع. الآلات، قاطرات سكة الحديد، السفن التجارية، أبنية المصانع، المستودعات، أهراءات الحبوب، المناجم، البرق والهاتف، الأرض، الماشية، الأحصنة يجب أن تكون كلها بتصرف المجتمع. المجتمع ككل يجب أن يسيطر على كل وسائل الإنتاج هذه، بدلا من أن تكون تحت سيطرة رأسماليين أفراد أو «تروستات» رأسمالية. ما الذي نعنيه ب«المجتمع ككل»؟ نعني أن الملكية والسيطرة لن تعودا امتيازا لطبقة واحدة، وإنما تصبحا بتصرف جميع أفراد المجتمع. وفي ظروف كهذه، يتحول المجتمع إلى ورشة عمل كبيرة للإنتاج المشترك. ولا يجوز للإنتاج أن يصاب بالتفكك أو بالفوضى. ففي نظام اجتماعي كهذا، يكون الإنتاج منظما. فالمشروع الاقتصادي لن ينافس المشروع الاقتصادي، وإنما تتحول المصانع والمشاغل والمناجم ومؤسسات الإنتاج الأخرى إلى فروع في ورشة شعبية واسعة تشمل اقتصاد الإنتاج الوطني بمجمله. ومن البديهي أن مثل هذا التنظيم الشامل يفترض وجود خطة عامة للإنتاج. فإذا ما تجمعت كل المصانع والمشاغل بالإضافة للإنتاج الزراعي برمته لتكوين مشروع تعاوني جبار، فبديهي أن يكون كل شيء محسوب له الحسبان في مثل هذا المشروع. يجب أن نعلم سلفا كمية العمل المطلوب تعيينها لمختلف فروع الصناعة، وما هي المنتجات المطلوبة وما هي الكمية الواجب إنتاجها من كل منها، ومن أين وكيف نحصل على الآلات. إن هذه التفاصيل، وسواها، يجب التفكير بها سلفا بأكبر قدر ممكن من الدقة على أقل تقدير. ويجب توجيه العمل بمقتضى حساباتنا هذه. هكذا يتم تنظيم الإنتاج الشيوعي. فبدون خطة شاملة، وبدون نظام توجيه عام، وبدون محاسبة ورصد دقيقين، لا يكون هناك تنظيم. هذا هو نوع الخطة الذي يحتاجها النظام الشيوعي.

على أن مجرد التنظيم لا يكفي بحد ذاته. فجوهر المسألة هو في أن يكون التنظيم تنظيما تعاونيا لجميع أفراد المجتمع. وبالإضافة لمسألة التنظيم هذه، يتميز النظام الشيوعي بكونه يقضي على الاستغلال ويلغي قسمة المجتمع إلى طبقات. يمكن تصور تنظيم الإنتاج على النحو التالي: مجموعة من الرأسماليين تسيطر على كل شيء، وهكذا يكون الإنتاج منظما بحيث الرأسمالي لا ينافس الرأسمالي، وإنما يتعاونان على استخراج فضل القيمة من العمال بعد تحويلهم عمليا إلى عبيد أرقاء. هذا التنظيم متوافر، لكنه مترافق مع استغلال طبقة لأخرى.وهنا نجد أن وسائل الإنتاج مملوكة جماعيا، لكنها ملكية جماعية لطبقة واحدة فقط هي الطبقة المستغِلة. وهذا أمر مختلف كل الاختلاف عن الشيوعية، مع أنه يتسم بتنظيم الإنتاج. إن مثل هذا التنظيم للمجتمع يزيل واحدا من التناقضين الأساسين: فوضى الإنتاج. لكنه يعزز، في المقابل، التناقض الأساسي الآخر في المجتمع الرأسمالي –قسمة المجتمع إلى معسكرين متناحرين. أي أنه يزيد من حدة الحرب الطبقية. ينجح مثل هذا المجتمع في تنظيم جانب واحد من جانبيه الاثنين. أما جانبه الآخر، جانب بنيته الطبقية، فإنه مهدد دوما بالانفجار. إن المجتمع الشيوعي لا يكتفي بتنظيم الإنتاج.

إنه يحرر الإنسان من اضطهاد الإنسان أيضا. أي أنه مجتمع يسود التنظيم كل مرافقه.

كذلك فإن الطابع التعاوني للإنتاج الشيوعي يظهر في أدق تفاصيل التنظيم. في المجتمع الشيوعي، مثلا، لن نلقى مديرين يتولون إدارة المصانع باستمرار، ولن نلقى أناسا يؤدون العمل ذاته طوال حياتهم. في ظل الرأسمالية، إذا كان المرء صانع أحذية، فإنه يقضي حياته كلها في صنع الأحذية. وإذا كان طباخا، يقضي كل حياته في مصنع قوالب الحلوى. وإذا كان مديرا لمصنع، يصرف أيامه في إصدار الأوامر وفي العمل الإداري. أما إذا كان عاملا، فإنه يقضي العمر كله يطيع الأوامر. المجتمع الشيوعي لا يعرف أيا من هذه الأمور. ففي ظل الشيوعية، يتلقى البشر ثقافة شاملة ومتعددة الجوانب، بحيث يسهل عليهم العمل في مختلف فروع الإنتاج: اليوم أعمل كمدير، وأحسب كم يجب إنتاجه من الأحذية وقوالب الحلوى خلال الشهر القادم، وغدا سأعمل في مصنع للصابون، وربما عملت الشهر القادم في تنظيف الثياب، والشهر الذي يليه في محطة توليد الكهرباء. هذا ما يمكن تحقيقه عندما يتوافر لأفراد المجتمع التعليم اللائق.


التوزيع في المجتمع الشيوعي

إن نمط الإنتاج الشيوعي يفترض تسخير الإنتاج لسد الحاجات المباشرة لا تسخيره لمتطلبات السوق. في ظل الشيوعية، لا يتم الإنتاج على يد صانع واحد أو فلاح واحد، وإنما يتولى الإنتاج تعاونية ضخمة. وبنتيجة هذا التغير، ينتج المجتمع منتجات لا سلعا. هنا تزول مبادلة المنتجات بعضها ببعض، كما تزول عملية البيع والشراء. بكل بساطة، تخزن هذه المنتجات في المستودعات الجماعية يجري تسليمها للذين يحتاجونها. وفي ظروف كهذه، تزول الحاجة إلى النقود. وقد يسأل البعض: كيف يمكن أن يتم ذلك؟ وماذا لو أدى ذلك إلى حصول البعض على ما هو دون حاجته والبعض الآخر على ما هو فائض عنها؟ وماذا تكون الجدوى من اعتماد هذه الطريق في التوزيع؟»

الجواب هو كالآتي: في البدء، سوف تضطر لوضع تشريعات خاصة لن تلغي قبل عشرين أو ثلاثين سنة.

وبعض المنتجات لن تعطي إلا للذين يملكون إشارات خاصة على بطاقات عملهم. ثم نتخلى عن كل هذه التشريعات عندما يترسخ المجتمع الشيوعي ويكتمل نموه. فتصبح كل المنتجات متوافرة بكميات إضافية، ونكون قد شفينا من جراحنا الحالية، فيمسي بامكان كل منا أن يحصل على ما يريد حسب حاجته إليه. «ولكن، ألن يسعى الناس إلى الحصول على ما يفيض عن حاجاتهم؟» لا، بالتأكيد. في الوقت الحاضر، لا يفكر أي منا، إذا أراد احتلال مقعد في القطار، أن يشتري ثلاث بطاقات سفر، ويبقى مقعدين خاليين إلى جانب. هكذا سيكون الحال بالنسبة لجميع المنتجات. فالمرء يستحصل من المستودع الجماعي على حاجته، لا أكثر ولا أقل. ولن يكون هنالك مصلحة لأحد بأن يأخذ ما يزيد عن حاجته لبيع الفائض لآخر، لأن المجتمع يكون قد سد حاجات هذا الآخر على كل حال. إذ ذاك تفقد العملة قيمتها.

نعني بذلك كله أن المنتجات سوف توزع، في المراحل الأولى من المجتمع الشيوعي، حسب كمية العمل المبذولة. ثم توزع، في المراحل اللاحقة، حسب حاجة الرفاق إليها.

الإدارة في النظام الشيوعي

المجتمع الشيوعي مجتمع بلا طبقات. وهذا يعني أن المجتمع الشيوعي هو أيضا مجتمع بلا دولة. لقد بينا سابقا أن الدولة أن الدولة هي التنظيم الطبقي للحكام. والدولة دائما موجهة من قبل طبقة ضد طبقة أخرى. الدولة البرجوازية موجهة ضد البروليتاريا، بينما الدولة البروليتارية موجهة ضد البرجوازية. في المجتمع الشيوعي لا يوجد ملاك أرض ورأسماليون ولا عمال مأجورون –يوجد بشر فقط، يوجد رفاق. وإذا زالت الطبقات، يزول معها الصراع الطبقي، كما تزول التنظيمات الطبقية. وبالتالي، فهذا يعني أن الدولة قد زالت هي أيضا. فلم يعد ثمة من حاجة لقمع أحد، كما لم يعد يوجد من يحتاج إلى ممارسة القمع.

وقد يسأل سائل: ولكن كيف يمكن تسيير هذا التنظيم الاجتماعي الضخم بدون إدارة؟ من هو الذي سيضع خطط الإنتاج الاجتماعي؟ من هو الذي سيوزع قوة العمل؟ من سيمسك حسابات الدخل والإنفاق الاجتماعيين؟ بكلمة: من الذي سيشرف على الوضع كله؟

الجواب على كل هذه الأسئلة ليس صعبا. المهام الإدارية المباشرة ستوكل طبعا لمكاتب المحاسبة والإحصاء، التي سوف تتولى يوميا حساب الإنتاج بكامل متطلباته، وتقرر أين يرسل العمال، ومن يؤتي بهم، كما تقرر كمية العمل المطلوبة. وسوف يعمل الجميع وفق إرشادات هذه المكاتب الإحصائية بالقدر الذي تعلموا فيه العمل الجماعي منذ نعومة أظافرهم، وطالما أنهم جميعا يدركون أن هذا العمل ضروري وأن الحياة تصبح أيسر عندما يتم كل شيء وفق خطة موضوعة سلفا وعندما يكون النظام المجتمعي مثل آلة أحسن تزييت أجزائها. ولا حاجة هنا لوزراء دولة وللشرطة والسجون، للقوانين والمراسيم، وما شابه. وكما في الفرقة الموسيقية يراقب العازفون عصا القائد ويعملون حسب حركاتها، كذلك هنا، فالجميع يطّلع على التقارير الإحصائية ويوجه جهده بناء عليها.

هذا يعني أن الدولة قد تلاشت. لا انقسام إلى مجموعات ولا طبقة تهيمن على باقي الطبقات. ثم أن الناس يتناوبون على العمل في مكاتب الإحصاء. وهكذا تزول البيرقراطية، أي تزول فئة الموظفين المحترفين الدائمين، فتتلاشى الدولة.

على أنها لن يتم إلا في ظل نظام شيوعي راسخ البنيان ومكتمل النمو، ولن يتحقق فورا بعد إحراز النصر. إن الطبقة العاملة مضطرة للنضال ضد أعدائها لفترة طويلة، وخاصة ضد ترسبات الماضي كالكسل والجريمة والعجرفة. هذه أمراض يجب القضاء عليها. ولا بد من تعاقب جيلين أو ثلاثة من البشر في ظل الظروف الجديدة قبل زوال الحاجة إلى القوانين والعقوبات وإلى استخدام الأساليب القمعية من قبل الدولة العمالية. لا بد من انقضاء جيلين أو ثلاثة قبل أن تزول كل مخلفات الماضي الرأسمالي. ومع أن الدولة العمالية تبقى ضرورية طوال هذه المرحلة الانتقالية فلا بد أن تتلاشى سلطة الدولة البروليتارية في النظام الشيوعي المكتمل النمو عند زوال مخلفات المجتمع الرأسمالي. وتندمج البروليتاريا بفئات الشعب الأخرى، لأن الجميع سوف يساهم تدريجيا في العمل المشترك. وفي غضون عقود من الزمن يولد عالم جديد وشعوب جديدة لها عادات جديدة.

تطور قوى الإنتاج في النظام الشيوعي (فوائد الشيوعية)

ما أن يحرز النصر وتلتئم الجراح، حتى يبدأ النظام الشيوعي بالتنمية السريعة لقوى الإنتاج. وتعود هذه التنمية السريعة للأسباب التالية:

أولا، إن قيام الشيوعية يحرر كمية ضخمة من الطاقة البشرية كانت سابقا مهدورة في الصراع الطبقي. لنفكر بعض الشيء بضخامة الهدر للطاقة العصبية والجهد والعمل الناتج عن الصراعات السياسية، والاضرابات والتمردات وقمعها والمحاكمات ونشاط البوليس وسلطة الدولة والجهود اليومية التي تبذلها الطبقات المتناحرة. إن الصراع الطبقي يبتلع الآن كميات من النشاط والامكانات المادية. في النظام الجديد، سوف تتحرر كل هذه الطاقات، لأن النزاع بين البشر سوف يزول. ويجري تكريس هذه الطاقات المحررة لتنمية الإنتاج.

ثانيا، ينقذ النظام الشيوعي الطاقات والامكانات المادية التي تفني أو تهدر حاليا في المنافسة والأزمات والحروب. يكفي أن نفكر بما يهدر أيام الحروب، لندرك مدى ضخامة هذه الطاقات والامكانات. كم يخسر المجتمع من صراع البائعين فيما بينهم وصراعهم مع المشترين. وكم من الخراب السخيف ينجم عن الأزمات التجارية. وكم من الهدر تؤدي إليه الفوضى المسيطرة على الإنتاج. إن المجتمع الشيوعي سوف يوفر كل هذه الطاقات التي تهدر حاليا.

ثالثا، إن تنظيم الصناعة وفق خطة هادفة سوف يوفر علينا الهدر غير المبرر، لأن الإنتاج الكبير هو دائما أكثر توفيرا من الإنتاج الصغير. وليس هذا وحسب، بل أن تنظيم الصناعة على هذا النحو يسمح أيضا بتحسين الإنتاج من الناحية التقنية، فيتم العمل في مصانع كبيرة تستخدم أكثر الآلات تطورا. هناك قيود على استخدام الآلات الجديدة في ظل الرأسمالية. قرب العمل الرأسمالي لا يلجأ إلى الآلات الجديدة إلا عندما يعجز عن الحصول على قدر كاف من الأيدي العاملة الرخيصة. وعندما ينجح في الحصول على ما يحتاجه من أيد عاملة رخيصة، يمتنع عن إدخال الآلات الجديدة، لأنه يستطيع تحقيق الأرباح الطائلة بدونها. فالرأسمالي يلجأ إلى الآلات فقط عندما تؤدي الآلات إلى تخفيض نفقاته بالنسبة للعمل المرتفع الأجور. على أن العمل رخيص عادة في ظل الرأسمالية. ومن هنا فإن الظروف السيئة التي تسود أوساط الطبقة العاملة تشكل عائقا أمام تحسين التقنية الإنتاجية. وتبرز هذه الصلة السببية بأوضح ما تبرز في الزراعة. هنا كانت قوة العمل دائما رخيصة، ولهذا السبب كان إدخال الآلات في الزراعة بطيئا جدا. المجتمع الشيوعي ليس معنيا بالربح، وإنما هو معني بالعمال. لذا فهو يتبنى فورا كل تقدم تقني. ويكسر القيود التي فرضتها الرأسمالية عليه. وبالطبع يستمر التقدم التقني في المجتمع الشيوعي، لأن الجميع سوف يتلقون أفضل تعليم ممكن، والعمال الأكفاء –الذين كانوا يتلقون أفضل تعليم ممكن، والعمال الأكفاء- الذين كانوا يقضون كضحايا للعوز في ظل الرأسمالية- سوف يتمكنون من توظيف كفاءاتهم إلى أقصى حد.

وسوف يقضي المجتمع الشيوعي على الطفيلية أيضا. فلا مجال فيه للذين لا يبذلون أي جهد ويعيشون على حساب الآخرين. والذي كان المجتمع الرأسمالي يهدره على الشراهة والعربدة والحياة الصاخبة سوف يكرس لمقتضيات الإنتاج. وسوف يختفي الرأسماليون مع بطانتهم والمتعيشين عليهم (من رجال دين ومومسات وغيرهم)، ويوظف جميع أفراد المجتمع جهودهم في العمل المنتج.

ثم أن نمط الإنتاج الشيوعي سوف يؤدي إلى تنمية القوى الإنتاجية. وكنتيجة لذلك، لن يضطر العمل إلى بذل كمية العمل التي كان يبذلها في السابق. وهكذا تتقلص ساعات العمل اليومية باستمرار ويتحرر البشر باطراد من القيود التي تفرضها عليهم الطبيعة. وعندما يصرف الإنسان عددا متناقضا من الساعات على غذائه وكسائه، يستطيع تخصيص المزيد من الوقت لتنمية ملكاته الذهنية. بذلك تصل الثقافة الإنسانية إلى قمم لم تعرفها من قبل. وتنتفي عنها صيغة الثقافة الطبقية، لتتحول إلى ثقافة إنسانية أصيلة. ومع زوال اضطهاد الإنسان للإنسان، تزول هيمنة الطبيعة على البشر، ويصبح بمقدور النساء والرجال أن يعيشوا حياة جديرة ببشر يملكون القدرة على التفكير بدلا من حياة البهائم التي كانوا يعيشونها في السابق.

دكتاتورية البروليتاريا