السلام عليكم ...
أنا سالم طراريح ، أذكي عقل في حافتنا المعفنة واللي المجرمين فيها أشكال والوان ، في كل يوم بأروي لكم قصة من قصصي التي تحدث معي في الحافة كل يوم والتي دااائما أعرف فيها من هو الجاني ... العمراوي قال أنه بايكتشفنا وبايودينا لعالم الإنترنت وعشان هكذا بس وافقت أن ينشر قصصي ... لازم تعرفوا أن الجريمة لا تفيد أبدا وأنا سالم طراريح من سيكتشفها ...
تخزينة مع الشيطان
(( رجع صالح من السفر )) قالها أحمد جار سالم طراريح أمام مجموعة من الناس من الحارة المعفنة وكان سالم يجلس معهم في مقهاية تلك الحارة على أمل أن يحظى بكوب من الشاهي الأحمر _ السكبة _ من الصباح قبل ما يروح لما عمله . وعندما سمع سالم هذا الخبر قال وقد رفع صوته :
سالم : بالله عليك يا أحمد ، صالح رجع .... ياااااح ... كم قدله مسافر هذا الوليد ؟
أحمد : أكثر من سبع سنين يا سالم أيش قد نسيت أعز أصحابك ؟
سالم : لا والله هو دائما على البال ، بس ما تكلم ولا قال أنه راجع .... ثم دخلت فيه روح المحقق فجأة وسأل أحمد بشكل بوليسي بحث ..
سالم : وأنت أيش عرفك أنه أجى رغم أننا أنا سالم طراريح مش عارف ؟
أحمد _ مرتبكا _ : ولا حاجة شفت اليوم الفجر وهو داخل لما بيته وساعدته بتنقيل العفش حقه اللي جابه معاه ؟
سالم _ مستمرا بنفس الطريقة _ : وكم جاب معاه عفش كثير أو قليل ؟
أحمد : أبب ، مليان بس كله حاجات صغار ، يعني خمس شنط صغار بس ثقال .
سالم _ يغمغم _ : عشان هكذا يا وسخ ما تكلمت ، عشان ما أشل منك حاجات من اللي جبتها معاك ...
في تلك اللحظة يخرج صالح من البيت ، الجميع يسلموا عليه ، وسالم جالس ولا تحرك من مكانه ولا حتى عبّر صالح . صالح يقول بعد أن أنتهى من السلام على الناس ...
صالح : يا سالم عيب عليك ما تقوم تسلم على صديق عمرك ؟
سالم : صاحبي لما يجي لازم يكلمنا قبلها مش يجي على غفلة ، أيش بايقولوا علينا هذولا الناس لما أكون محقق وما أعرف متى باتجي ؟
صالح : يا رجال حبيت أعملها لك مفاجأة ... وأخذ سالم بالحضن ...
سالم : يسأله ، وفين كنت هذه المرة يا عزيزي .
صالح : بعدين بأقول لك يا عزيزي ونحنا مخزنين ... القات اليوم على حسابي .
سالم : أيوه هكذا بان على حقيقتك ، من أين لك هذا كله و أنت أكبر جوعي عرفته الممالك القديمة والحديثة .
صالح : قلنا بعدين يا سالم قلنا بعدين . الآن معيا شغلات وبانجلس بعد الغداء ... أوكيك .
سالم : أوكيك .
رجع سالم للبيت وزبط الدوام كعب ، اليوم بايخزن مع صديق عمره وسلوته والوحيد اللي يفهم داخل هذه الحارة غير سالم نفسه ... وجلس لما وقت الظهر وبعد الغداء دقدق صالح باب بيت سالم وصيح له وخرج سالم معاه وراحوا لما السوق واشتروا القات ورجعوا لما عند صالح وبدءوا بالتخزين ...
سالم : أيش هذا يا وليد ، عملت لهم زحمة في السوق ، أيش في رفعت سعر القات بالسوق لما رجعت ، الرجال يقول لك ألف تجدل له ألفين . أيش أنت من الحراسة حق الرئيس أو ايش ... أيش أجيت عدن عشان ترفع سعر القات ...؟
صالح : هههههه حتى أنت تحسدنا يا سالم .؟
سالم : أنا ما أحسدك ولكن الحقد يأكل قلبي بس ...
صالح _ يضحك بقوة_ : هههههههههههه طول عمرك هكذا يا سالم تلفت للي بيدي .
سالم : بس بالله عليك من فين جبت كل هذه الفلوس .
صالح : بيني وبينك أنا قده قلبي محروق من فترة أشتي أكلم أحد . وقام يتفقد الأبواب لعاد حد يكون جالس يتسمع ورجع وجلس بجنب سالم وقال ...
صالح : يا عزيزي الفلوس هذه كلها أنا جبتها بالفشفشة ، أيش تحسبنا جبتها من التعب والشغل والكلام الفاضي ، أنا بس شغلت عقلي وربحت الجائزة الكبرى .
سالم _متلهفا_ : ما فهمت أيش تقصد بالفشفشة ، أرجوك وضح لي الله يرضى عليك ؟
صالح : شغل الجمجمة وحرك يدك وفي ضربة واحدة باتلاقي نفسك مليونير .
سالم _ وقد لعبت الفلوس و التخزينة برأسه_ : كيف يا عزيزي ، والله قدنا بدأت أفكر بمقاسات الباب حق محل التحري اللي ناوي أفتحه لو ربحت الجائزة الكبرى زيمك .
صالح _ يضحك _ : ههههههههههههه ، هذا شيء مختلف قليلا عن ما تفكر فيه .
واستطرد قائلا : أنا يا سيد الناس أول ما سافرت رحت لما السعودية كما كنت تعرف وعلى أساس أنه أبن عمي هناك دبر لي عمل ، وصلت لاقيت أبن عمي وبالفعل دبر لي عمل هناك ، ولكن بعد سنتين أبن عمي مات فجأة ، وصاحب العمل اللي هناك شل عليا فلوسي وطردنا ، وبعد فترة قصيرة مسكونا وطردونا خارج البلاد ورجعت اليمن قبل أكثر من أربع سنوات ، وطبعا لو رجعت لما البيت هنا أمي باتموت من القهر لو عرفت اللي حصل معي ، رجعت جلست في صنعاء بعد ما تقفلت الطرق أمامي لاقيت طريقة رهيبة أخرج منها من الضياع اللي أنا فيه ...
سالم _ بحذر وقد بدأ الشك يعتمل في صدره_ : أيوه أيش عملت ؟
صالح : سرقت محل صرافة في التحرير ، بس طبعا مش لوحدي أتفقت مع جماعة شباب رجال من اللي عجبوك ، أنا عملت الخطة وهم نفذوا وكل واحد أخذ نصيبة ، وبعدها خلاص استوى عندي فلوس عملت لي محل ملابس كبير في صنعاء ورجعت الآن وكأننا رجعت من السعودية قبل شهرين وأشتريت هذا المحل ورجعت الآن لما عدن .
سالم _ مذهولا_ : قدنا أقول ليش أمك كانت تقول لي أنك رجعت اليمن قبل شهرين بس أنك في صنعاء ، أنا ما صدقتها لأننا كنت متأكد أنك لو رجعت اليمن باتتواصل معيا وأنت قدلك اربع سنين في البلاد وأنا مش داري .
صالح : كيف تشتينا أتواصل معاك وأنا مطرود وفاشل ، أقول لك أيش ، لله يا سالم ، لله يا محسنين .
سالم : أصبر أصبر أصبر ، يعني ذلحين أنا مخزن من بياسك الحرام ...
صالح : بس بالله يا سالم لا توجع لي قلبي بالكلام الأهبل هذا ، أيش من حرام وايش من حلال ، الفلوس طلما أنها في جيبك معانها حلال لك حرام على غيرك .
سالم : هذا عمرها ما كانت طريقة تفكيرنا ، هذه طريقة تفكير الحرامية واللصوص .
صالح : يا أخي هذا أنا لو ما عجبتك دق رأسك بالجدار .
سالم _ وهو ينجع _ : إيزي يا صالح إيزي ، أنا خارج الآن ... بس لا تستغرب لو لاقيتنا بلغت عليك يا صديق عمري .
صالح _ وقد تحول شكله لشكل أقرب للشيطان_ : أنت مجنون ، أنا أفتح لك قلبي وأكلمك بصراحة وأنت هكذا تعمل بي ،،، تخوننا يا صاحبي ، ولكن لا يا سالم أعملها وشوف أيش بأعمل بك .
سالم : هذه ما هيش خيانة ، أنا أحميك من الفلوس الحرام اللي ما تدري أيش ممكن تعمل بك . ويا صاحبي الجريمة لا تفيد أبدا وأنا من سيكشفها ... وخرج ...
خرج سالم من عند صالح وهو لا يكاد يرى أمامه ، فهذا صديق عمره ذهب في طريق الشيطان فكيف العمل ، إن هو بلغ عنه السلطات فسيذهب إلى الأبد وإن هو سكت عنه سيخون شعاره الذي أقسم على أن يلتزم به ، وبينما هو ساير في طريق مظلم أحس بوجود شخص خلفه ألتفت فوجده أمامه .
الشاب : السلام عليكم يا سالم .
سالم : وعليكم السلام ، يا أخي روح من قدامي الآن أنا مش ناقصك .
الشاب : أيش فيك يا سالم ، ليش هكذا اليوم متكنتر .
سالم : ولا فيبي حاجة ، روح في حال سبيلك .
الشاب : هذا كله لأن صالح طلع سارق ، ما السرق كثير في البلاد .
سالم _ يفتح فاه_ : أيش عرفك ؟؟؟ !!!!
الشاب : أنا مافيش حاجة تحصل معاك وما أعرفها ، بس ياترى ، الآن ايش بايكون موقفك .
سالم : أيش أيش بايكون موقفي ، أنا ماليش دعوة .
الشاب : كيف وأنت شعارك (الجريمة لا تفيد أبدا وأنا سالم طراريح من سيكتشفها ) ولما تجيلك الجريمة لما قدامك ما تكشفها .
سالم : صحيح أنا لازم أبلغ عنه ، أنا اللي طول عمري أكشف الجرائم وأتعب ، تقوم لما تجينا لما عندي الجريمة أسيبها .
الشاب : وباتفرك بصاحبك ، هذا برضه مش من أخلاقك يا سالم .
سالم _ مزمجرا_ : جررررررررررررر أخرج من حياتي وإلا بأجري بعدك من هنا لما باب اليمن .
الشاب _ يضحك _ : هههههههه يا سالم هذه معظلة قوية ولازم تحلها لوحدك .وفجأه سمع سالم صوت قطة تمؤء من خلف ظهره بشكل غريب ألتفت أليها لم يجد شيء عاد
بنظره إلى مكان تواجد الشاب فوجده قد اختفى ...
عاد سالم للبيت في تلك الليلة لم يستطع النوم ، تقلب وتقلب وتقلب قام وصلى ركعتين وتوصل لحل واستقرت نفسه عليه فأغمض عينه لعل النوم الذي جافاه يعود وبعد وقت ليس بطويل ناااام .
صحى سالم على صوت قوي جدا صياح قوي هز الحارة بأكملها ، وسمع الصوت القوي يقووول "حرييييييييييييييق" ميز سالم الصوت بصوت الشيخ عبد الرحمن فز سالم من فراشه وخرج مسرعا للخارج فإذا به يشاهد منظر النار المهولة تحرق بيت صالح صديقة بالكامل . وسمع صوت عبد الرحمن قول " كلهم خرجوا من البيت إلا صالح ، لا حول ولا قوة إلا بالله " .
وألتفت فشاهد سالم فصاح " سالم ، صديقك بالبيت ما خرج يا سالم قدرنا نلحق أهله ولكنه مكانه في الداخل".
وقف سالم مذهولا أمام مشهد البيت وهو يحترق وفي عقله يدور حديث الرسول صلى الله عليك وسلم ( كل جسد نبت من سحت _ بمعنى الحرام _ فالنار أولى به ) ...
طبعا وصلت المطافي بعد أن أنتهى الحريق من البيت _ كالعادة_ ورجع الجميع إلى بيوتهم يضربون ايديهم ويقولون ( إنا لله وإنا إليه راجعون ) ....
بينما سالم راجع للبيت وجد الشاب أمامه ...
سالم _ والدمع يملى عينيه_ : خلاص أنحلت لوحدها ، صالح مات وحتى جثته لم يستطيعوا إيجادها لحد الآن .
الشاب : بايلاقوها ، ولكن المهم عندي شيء آخر ، ما هو القرار الذي توصلت إليه ... هذا هو الشيء الذي كان يهم عندي ، أما صالح _ رحمه الله _ له رب يرحمه .
سالم _ حازما وقد مسح الدموع عن وجهه_ : وليش تشتي تعرف قراري ؟
الشاب : هذا القرار هو الذي سيحدد حياتك فيما بعد ، القرار الذي كنت ستتخذه لو كان كل شخص واجهه في حياته وجاوب عليه بشكل صحيح لكانت اليمن من أرقى الدول ، الصراع بين المصلحة الشخصية والمصلحة العامة هو صراع أزلي لأن أحدهما يمثل الخير والآخر الشر .
سالم : قراري الذي تشتي تعرفه مات بموت صالح ، ولن ينفع إظهاره الآن ...
الشاب : سأحترم قرارك هذا ... وكان الله في عونك للقرار السليم دااائما .
سالم : ولكن إن كنت أنت في مكاني ايش اللي كنت باتعمل ، هل ستختار مصلحتك الشخصية بإخفاء جرم صديقك أم ستقدمه إلى العدالة وتقدم المصلحة العامة .
الشاب : وهل سأظهر ما آثرت أنت إخفاءه ...!!! .
سالم : صحيح ، أنت السيد غامض ، تطلع لي زيما الجني وتختفي زي الجني ...
وألتفت سالم بوجهه عن مكان وجود الشاب وواصل مسيره للبيت وأرتفع صوت أذان الفجر ليعلن بداية يوم جديد ...
أنتهى ...
_________________________
*) ما الذي تعتقد أن كان في شنط صالح ، وهل لهذا علاقة بالحريق ؟
*) ما نوع القات الذي خزنه صالح مع سالم ؟
*) ما هو القرار الذي توصل إليه سالم ؟
*) هل سنعرف من هو الشاب الغامض أم سيضل هذا سر للأبد ؟
إلى اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله ...
Bookmarks