منقول
مقتطفات من الأدب العربي الكلاسيكي
إعداد : بشير أسعد شرف
1-دخل شريك بن الاعور على معاوية وكان ذميماً فقال له معاوية إنك لذميم والجميل خير من الذميم وإنك لشريك وما لله من شريك وإن أباك الاعور والصحيح خير من الاعور فكيف سدت قومك قال إنك لمعاوية وما معاوية الا كلبة عوت فاستعوت الكلاب وإنك ابن صخر والسهل خير من الصخر وإنك لابن حرب والسلم خير من الحرب وإنك لابن امية وما أميه الا أمة صغرت فكيف صرت أمير المؤمنين فخجل معاوية وقال إن البلاء موكل بالمنطق.
2-ومن دقيق الاشارات ان المتنبى الشاعر المشهور مدح بعض أعداء اميره فغضب وهم أن يفتك به فهرب فأمر الأمير بعد مدة كاتبة ان يلطف له القول ليأتي فيخدعه ويقتله وكان الكاتب يحب المتنبي ولم تسعه المخالفة فكتب في آخر الكتاب قد عفونا إن شاء الله وشدد النون فلما وقف المتنبي عليه رحل وأرسل الى الكاتب الكتاب وقد زاد الفاً بعد النون المشددة وهذه من ألطف الاشارات فإن الكاتب أراد بإن قوله تعالى إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فأخرج إنى لك من الناصحين وأراد المتنبي بزيادة الالف قوله تعالى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها.
3-حكي ان أمرأة تخاصمت مع زوجها في ولد عند بعض الحكام فقالت المرأة أيدك الله تعالى هذا ولدى كان بطنى له وعاءً وحجرى له فنآء وثديي له سقآء ألاحظه اذا قام وأحفظه اذا نام فلم أزل كذا مدة أعوام فلما كمل فصاله واشتدت أوصاله وحسنت خصاله أراد أبوه أخذه منى وإبعاده عنى فقال الحاكم للرجل قد سمعت مقال زوجتك فما عندك من الجواب قال صدقت ولكني حملته قبل ان تحمله ووضعته قبل ان تضعه وأريد ان أعلمه العلم وأفهمه الحكم فقال الحاكم ما تقولين في جواب كلامه أيتها المرأة فقالت صدق في مقاله ولكنه حمله خفيفاً وحملته ثقيلاً ووضعه شهوة ووضعته كرهاً فتعجب الحاكم من كلامها وقال للرجل ادفع لها ولدها فهي أحق به منك.
4-تزوج شيخ من الأعراب جارية من رهطة ، وطمع أن تلد له غلاماً فولدت له جارية، فهجرها وهجر منزلها، وصار ياوي الى غير بيتها، فمر بخبائها بعد حول واذا هي ترقص ابنتها منه وهي تقول:
ما لابي حمزه لا يأتينا
يظل في البيت الذي يلينا
غضبان ان لا نلد البنينا
تالله ما ذاك في ايدينا
وانما نأخذ ما أعطينا
فلما سمع الابيات مر الشيخ نحوها حتى ولج عليهما الخباء وقبل ابنته وقال: ظلمتكما ورب الكعبة! وهذا يشير أن العرب في جاهليتهم كانوا يدركون أن الرجل هو الذي يحدد نوع الجنين وليس المرأة .
5-وقال العالم الشاعر أبو البقاء الرندي في رثاء الأندلس لدى سقوط غرناطة بيد الإسبان :
لكل شيء اذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش انسان
هي الامور كما شاهدتها دول
من سره زمن ساءته ازمان
وعالم الكون لا تبقى محاسنه
ولا يدوم على حال له شان
اين الملوك ذوي التيجان من يمن
واين منهم اكاليل وتيجان
واين ما حازه قارون من ذهب
واين عاد وشداد وقحطان
اتى على الكل امر لا مرد له
حتى فنوا فكان الكل ما كانوا.
6-حج هشام بن عبد الملك في خلافه اخيه الوليد الخليفة الأموي ومعه رؤساء أهل الشام فجهد ان يستلم الحجر الاسود ليقبله فلم يقدر من ازدحام الناس، فنصب له منبر فجلس عليه ينظر الى الناس، وأقبل علي بن الحسين وهو أحسن الناس وجهاً وأنظفهم ثوباً وأطيبهم رائحة فطاف بالبيت فلما بلغ الحجر الاسود تنحى الناس كلهم وأخلوا له الحجر ليستلمه هيبة وأجلالاً له، فغاظ ذلك هشاماً وبلغ منه، فقال رجل لهشام : من هذا أصلح الله الامير؟ قال : لا اعرفه وكان به عارفاً ولكنه خاف ان يرغب فيه أهل الشام ويسمعوا منه. فقال الفرزدق وكان لذلك كله حاضراً: أنا أعرفه فسلني يا شامي . قال : ومن هو ؟ قال الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته
والبيت يعرفه والحل والحرم
هذا ابن خير عباد الله كلهم
هذا التقي النقي الطاهر العلم
إذا رأته قريش قال قائلها
الى مكارم هذا ينتهي الكرم
فليس قولك من هذا بضائره
العُرب تعرف من أنكرت والعجم
فحبسه هشام: فقال الفرزدق:
أيحبسني بين المدينة والتي
اليها قلوب الناس يهوى منيبها
يقلب رأساً لم يكن رأس سيد
وعيناً له حولاء باد عيوبها
فلما أطلقه هشام بعث اليه علي بن الحسين عشرة الاف درهم وقال: أعذر يا أبا فراس فلو كان عندنا في هذا الوقت اكثر من هذا لوصلناك به. فردها الفرزدق وقال: ما قلت ما كان الا لله وما كنت لأرزأ عليه شيئاً : فقال له علي: قد رأى الله مكانك فشكرك ولكنا أهل بيت اذا أنفذنا شيئاً ما نرجع فيه . فأقسم عليه فقبلها.
7-وقال البوصيري المولود 1213هجرية في قصيدة البردة وهي من أشهر ما عرف من المدائح النبوية:
أمن تذكر جيران بذي سلم
مزجت دمعاً جرى من مقلة بدم
أم هبت الريح من تلقاء كاظمة
وأومض البرق في الظلماء من اضم
والنفس كالطفل ان تهمله شب على
حب الرضاع وأن تفطمه ينفطم
واخش الدسائس من جوع ومن شبع
فرب مخمصة شر من التخم
وحاذر النفس والشيطان واعصهما
وان هما محضاك النصح فاتهم
تحياتي
Bookmarks