ثالثاً‏:‏ غلبة أهل الكفر على أهل الإسلام



المشكلة الثالثة التي تعترض سبيل أمتنا وتحول بين عودة

مجتمعاتنا إلى الدين القويم، هي وقوع أوطان المسلمين

تحت سيطرة دول الكفر زماناً طويلاً‏.‏‏.‏ هذه الدول التي

مزقت أوطان المسلمين، وجعلتهم دولاً، وغرست في كل

وطن مشكلات تستعصي على الحل، فقد أقامت تشريع

الكفر مكان تشريع الله، ووضعت منهاج للتعليم والتربية لا

تخرج إلا اتباعاً وأذناباً لكفر الكافر المستعمر، وربت

مجموعات من العملاء والموالين‏.‏‏.‏ لا يزالون يتولون أفضل

المناصب في توجيه الأمة، وأقامت بذلك واقعاً جدياً من

الحكومات السياسية، والأحزاب، والحدود السياسية،

والقوانين الاقتصادية، والاجتماعية، وغرست أنماطاً من

السلوك والتقاليد والعادات والميول تتفق مع أخلاق الكفار‏.‏‏.‏

واستطاعت أيضاً تحويل طائفة عظيمة من المسلمين عن

عقائدهم الراسخة في الإيمان بالله، ووجوب حمل رسالة

الإسلام إلى الإيمان بالحياة الدنيا وحدها هدفاً وغاية

وسعياً‏.‏

والخلاصة‏.‏‏.‏ أنه قد نشأ في أرض الإسلام واقع جديد يناهض

الإسلام ويعاديه ويناقضه، وهذا الواقع يتمثل في القوانين

الوضعية، والمناهج التربوية، والفكر الثقافي الموالي لدول

الكفر، وكذلك يتمثل هذا الواقع في كثير من آداب السلوك

والعادات والتقاليد‏.‏

ولا شك أن الجهاد لتغيير هذا الواقع يحتاج إلى جهود كبيرة

في كل تلك الميادين حتى ينشأ واقع جديد ينبع من

الإسلام‏.‏‏.‏ فتعديل القوانين الوضعية في المجال السياسي

والاقتصادي والاجتماعي يحتاج إلى جهود علماء

ومتخصصين ودعاة بعد أن ركدت حركة الاجتهاد الفقهي

زماناً طويلاً‏.‏‏.‏


وكذلك فالجهاد لتحويل آداب السلوك والعادات والتقاليد،

والأخلاق بوجه عام لتتفق مع الشريعة الإسلامية‏.‏‏.‏ يحتاج

أيضاً إلى جهود هائلة، من التوعية والتوجيه، وضرب المثال،

وإبراز أخلاق الإسلام وآدابه‏.‏‏.‏ في الطعام والشراب واللباس

والزينة، والأفراح، والأحزان، والمناسبات الخاصة والعامة،

وذلك حتى ينشأ جيل جديد يعتز بتراثه الإسلامي‏.‏‏.‏ وبذلك

تمحي الآثار العقائدية والفكرية والثقافية والاجتماعية، التي

خلفها الاستعمار‏.