روبو زعيم الذئاب
كلنا شاهدنا مسلسل روبو زعيم الذئاب في حكاية مخلص صديق الحيوان واللي حكاء عن ذكاء الذئاب وقدم القصة بطريقة فيها نوع من الحميمية العاطفية
ولكن يبقى السؤال هل بالفعل هذا المسلسل نسج تخيلات قصصية أو حكى عن واقع صفات بأسلوب قصصي ؟!
الواقع أن المسلسل الكرتوني حكى عن صفات الذئاب بأسلوب قصصي بحث
فإن من صفات الذئاب التي تقطن الصحاري الثلجية صفات الذكاء الخارق الذي قد يعجز على تصوره عقل البشر
أيضا من صفات الذئاب أنها تعيش في قطعان ومناطق تسمى باسمها كأن يقال قطيع لاسكا أو قطيع اَمار وهكذا
أيضاً كل قطيع من الذئاب يختص بصفات تختلف عن القطعان الأخرى وتتصرف بتعامل مع حيونات البرية الأخرى حسب تفاهمها
أيضاً تعيش في جماعات متناحرة يعني القطيع القوي يغزوا الضعيف شرط أن يقتل زعيم القطيع
أيضاً من صفات الذئاب أن الصفة الحميمة عالية جداً فإن الزعيم إذا قتلت زوجتها في معركة حرب لازم يموت بعدها على الأقل بشهر إما قهراً أو إنتحاراً
الفتاة الذهبية
زعيم الذئاب
زعيم الذئاب ( الجزء الأول )
تدور أحداث هذه القصة في أمريكا. حيث كان صيد الجاموس أمراً شائعاً لمدة خمسين سنة منذ عام 1730 م، ونتيجةً لذلك فقدت أمريكا جواميسها ، وشكّل هذا الأمر مشكلةً خطيرة للذئاب لأنها تتغذى على الجواميس، ونتيجة لانعدام هذا المصدر من الطعام، لجأت الذئاب للإغارة على الماشية رغم خطورة هذا الفعل، وأجَّجَ هذا الأمر حرباً ضارية بين الأمريكيين الروّاد وبين الذئاب. كان هناك ذئبٌ يدعى ( روبو ) وهو بطل هذه القصة، وهو قائد جماعة من الذئاب مكوّنة من خمسة ذئاب و ( روبو ) زعيمهم . كان ( روبو ) حادّ الذكاء وكان يعلم بأنه لا يستطيع التغلب على البندقية، حرّم ( روبو ) على أتباعه عدم افتراس أي شيء لم يقم هو باصطياده، هذه القاعدة قد أنقذت الكثيرين من رفاقه الذئاب .
وبفضل خبرة ( روبو ) فقد ميّز رائحة الإنسان ورائحة السموم، وكان يعلم بأماكن الفخاخ الحديدية ويتفاداها . كان هناك الكثير من الخراف والقطيع الممتاز ذهب ضحيةً ( روبو ) وأتباعه، كان الضرر جسيماً لذا، تم وضع مكافأة مالية مقدارها ألف دولار لمن يأتي بجثة ( روبو ) . جاء شخص يُدعى ( تَنَالي ) من حرس الحدود والغابات لقتل ( روبو )، لكنّ ( روبو ) عرف كيف يوقع الفوضى بين كلاب الصيد ، وفشل الصياد في قتل ( روبو ). واستجاب صيادون كُثُر للإعلان، لكن لم ينجح أحدٌ منهم في اصطياد ( روبو ).
بعد ذلك تمّ الاستعانة بـ ( مخلص ) للمساعدة في حل هذه المشكلة وكان وقتها شاباً، وكان ذلك في خريف عام 1893 م . ( تجدر الإشارة بأن مخلص شارك في كثير من القصص وكان محوراً هاماً في الأحداث ) .
كان هناك شخص يُدعى ( جون ) ، متزوج ولديه ابن صغير يدعى ( بوب ) وكان يملك مزرعة لتربية الماشية، وهو من استدعى ( مخلص ) لكي يوقع بـ ( روبو ) . بدأ ( مخلص ) و ( جون ) بالتجوّل في المنطقة معاً . أخبر ( جون ) ( مخلص ) بأن الناسَ في المنطقة أطلقوا على ( روبو ) لقب ( الذئب البشري ) لشدة رعبهم فقد قتل ألفي بقرة خلال الخمس سنوات الماضية ، وقابل ( مخلص ) بعض الأشخاص المتضررين من أفعال (روبو ) ووعدهم بأن يبذل قصارى جهده حتى يتخلص منه .
بدأ ( مخلص ) بالعمل على الإيقاع بـ ( روبو ) فقام بصنع سم من نوع خاص بطريقة ذكية، واستخدم سكيناً من العظم ليزيل رائحة الحديد من السم، وتم وضع السم في الأماكن التي يمر منها ( روبو ) وتلهّف الجميع للإيقاع به . وفي اليوم التالي ذهب ( مخلص ) ورفاقه للمكان ووجدوا السم قد اختفى وحوله آثار أقدام ( روبو ) وأيقنوا بأنه أكل السم، لكن ( مخلص ) بدأت الشكوك تساوره وأخذ يسأل :
هل يأكل فقط البقرات التي يقتلها ؟ هل ( روبو ) ذئبٌ بشري ؟
إنه مجردُ ذئبٍ أذكى من الذئاب الأخرى ...
إذا كانت الحيلة متقنة، فسوف تنطلي عليه ...
وتقدموا بعدها، لكنهم تفاجأوا بأن أكياس السم قد قام ( روبو ) بتجميعها ولم يأكل منها وبال عليها، تغلب ( روبو ) على البشر بذكائه ونجى .
فيما بعد طَلَبَ ( مخلص ) مصائد وأفخاخ جديدة بعدما أدرك أنه لا فائدة من قتل ( روبو ) بالسموم. الزنبرك في هذه المصائد مضاعف ومصنوع من الفولاذ. قام ( مخلص ) بنصب مئة فخ حول أرجاء المكان، خصيصاً في الأماكن التي يأتيها ( روبو ) لشرب الماء وقد فعلوا ذلك بحذر شديد . ومع حلول الليل واقتراب ( روبو ) وأتباعه من المكان، لاحظ ( روبو ) شيئاً غريباً ورائحة غير عادية، واكتشف الفخاخ . ونجح في العبور إلى حظيرة الخراف، ورغم أن الراعي وضع ماعزاً قوياً لقيادة الخراف، فقد تمكن ( روبو ) من قتله، واستكمل بقية الذئاب عملهم وقتلوا الكثير من الخراف . ولاحظ الراعي بأن ( روبو ) قتل الماعز فوراً وقبل أي شيء آخر، وتساءل الصغير ( بوب ) عن هذا الأمر، فأجابه ( مخلص ) بأن الخراف كانت لتحتذي بالماعز وتقاوم الذئاب لو كان الماعز قوياً وشجاعاً ، فتخلص ( روبو ) من هذا الأمر منذ البداية ليسهل المهمة عليه .
ازدادت الشكاوى حيال ( روبو )، ولا يزال الناس يفقدون المزيد من ماشيتهم . وغضب ( مخلص ) وازداد إصراره على الإيقاع بـ ( روبو ) . لاحظ ( مخلص ) من خلال دراسته لآثار أقدام الذئاب، أن ( روبو ) من عادته أن يتفادى الفخ بأن يروغ جانباً لذا، قرر بنصب فخاخ على شكل حرف H في طريقها المعتاد ، أُعجب رفاقه بالخطة وقرروا تنفيذها صباح اليوم التالي .
وكانت الصدمة والدهشة الكبيرة في اليوم التالي، فقد تمكن ( روبو ) من حلّ جميع الفخاخ، ولم يتحرك ( روبو ) بشكل جانبي كالعادة بل سار للإمام مباشرة وفكّ جميع الفخاخ، لم ينطق ( مخلص ) بشيء فقد ظل مندهشاً لذكاء هذا الذئب وأخذ يفكر :
( روبو ) ... يا قائد الذئاب في كورانبو ... هل من ملاكٍ يحرسك ؟!
لكن يجب أن أوقع بك بأي وسيلة لأحميَ المزارعين من شرّك
ظل ( مخلص ) فترة من الوقت لا يعرف ماذا يفعل، في يوم من الأيام، اصطحب ( جون ) وعائلته ( مخلص ) في نزهة ترفيهية عند نهاية الخريف . رأوا بالصدفة ( روبو ) وأتباعه يمشون فوق أحد التلال، ولاحظ ( مخلص ) شيئاً مهماً، لاحظ أن زوجة ( روبو ) المسمّاه بـ ( برانكا ) تسبقه في المشي وتتعداه بينما الآخرين يسيرون خلفهما، هنا عَرَف ( مخلص ) أنه إذا تقدم ذئبٌ على ( روبو ) فسيقوم ( روبو ) بقتله فهذه هي القوانين و ( روبو ) هو الزعيم لكنّ ( برانكا ) زوجته تسبقه دائماً ولا ضيرَ في هذا. هنا لمعت فكرة عند مخلص وقال : ( برانكا ) هي الحل .
بالنسبة للذئب، فحيثما شمّ رائحة جيفة، فإنه يقترب منها ليتفحصّها، و ( مخلص ) استغلّ هذه العادة . وكانت الخطة أن يتم وضع فخاخ حول جثة بقرة بشكلٍ عشوائي، وسيمنع ( روبو ) أتباعه بالاقتراب منها، لأنه يعلم أن الفخاخ موجودة، ثم يتم وضع رأس البقرة على مسافةٍ أبعد، و ( برانكا ) قد تقترب من الرأس لأنها تتجول بحرية عكس باقي الذئاب، ويتم وضع مجموعة من الفخاخ حول الرأس وعليها دم البقرة مع وضع آثار أقدام حيوان القيوط حول المكان، كانت هذه هي الخطة. وفي نفس الليلة، توجه الذئاب إلى جثة البقرة، وكالعادة بدأ ( روبو ) بتفحص المكان وفك بعض الفخاخ، ورأت ( برانكا ) رأس البقرة فذهبت لتتفحصه، وبينما هي قادمةٌ إليه، أطبقَ الفخ الفولاذي على قدمها بكل قوة وسقطت جريحة، فوجئ ( روبو ) بما حصل وأخذ يحاول المساعدة عابثاً، فأخذ بالعواء الحزين، ووقع الإثنان، ( روبو ) و ( برانكا ) في هاوية الألــم .
***********************************
زعيم الذئاب ( الجزء الثاني )
بعد وقوع ( برانكا ) زوجة ( روبو ) في الفخ، جاء ( مخلص ) ورفاقه ، ووجدوا أن الرأس قد اختفى، وأيقنوا أن ( برانكا ) قد وقعت في الفخ، فقاموا بالبحث حول المنطقة، ووجدوها هي و ( روبو ) الذي لا يزال يحاول مساعدتها، فلم يستطيعا التقدم أكثر من ذلك، صوّب ( مخلص ) بندقيته نحو ( روبو ) وأطلق النار فأخطأه وانسحب ( روبو ) بكل حزنٍ ويأس . وأخيراً تم اصطياد ( برانكا )، وتم التخلص منها. كانت ( برانكا ) أجمل ذئبة رآها ( مخلص) في حياته . وطوال طريق عودتهم إلى البيت ومعهم جثة ( برانكا )، كان ( روبو ) يعوي بكل حزن ، وكانوا يسمعون عوائه المستمر لكنهم لم يروه . وجاء الليل ولم يزل ( روبو ) مستمراً في عوائه لدرجة أن الجميع قد تعاطف معه وكأنه يبكي أو ينادي على زوجته الراحلة ( برانكا ) وبكى الصغير ( بوب ) لأنه استشعر نبرة الحزن في عواء ( روبو ) ، وقال أحد الصيادين، بأنه طوال حياته الماضية لم يسمع ذئباً يعوي بهذا الشكل المحزن أبداً، ( روبو ) أحبَّ ( برانكا ) حباً حقيقياً إنه مخلصٌ لها .
لم يتخلّ ( روبو ) عن ( برانكا ) أبداً، جاء مراراً إلى مزرعة ( جون ) وهو يعوي عواءاً يحزن القلب . مع موت زوجته الحبيبة، فقد ( روبو ) حذره الشديد، وكان يقع في بعض المصائد الفولاذية، لكنه كان يخلص نفسه بأنيابه . عرف ( مخلص ) ورفاقه بأن ( روبو ) كان يتردد يومياً على المزرعة بحثاً عن زوجته، فطلب ( مخلص ) بجمع ما تبقى من الفخاخ الفولاذية، وقد تم جمع مئة وثلاثون فخاً، واستبشر الجميع باصطياده فلم يعد ( روبو ) الذئب الذكي الحذر الذي عهدوه والسبب وفاة زوجته ( برانكا ) . بعد ذلك قام ( مخلص ) ورفاقه بسحب جثة ( برانكا ) ليتركوا رائحتها وآثار أقدامها حول الشراك . مع مرور الأيام ازداد بحث ( روبو ) عن ( برانكا ) كما أصبح مضطرباً وهائجاً. وأخيراً وقع زعيم الذئاب في الأفخاخ الحديدية التي طالما نجا منها، وهذه المرة كانت أربع مصائد فولاذية أطبقت على يديه ورجليه، ولم يستطع الحراك أبداً، وأطلق صرخةً نادى بها زوجته .
وبعد يومين مر ( مخلص ) ورأى ( روبو ) قابعاً في المكان يحاول الهرب، ونظر ( روبو ) إلى ( مخلص ) وكانت عيناه مليئتان بالحقد والغضب الكبيرين، كان يحاول أن يقفز على ( مخلص ) وهو يرتعش بشده ويعض الهواء، لكن بسبب شدة الجوع والنزيف، فقد هوى ( روبو ) على الأرض، وقام ( مخلص ) وبمساعدة صديقه من تكبيل وربط ( روبو ) بالحبال وأطبقوا على فمه بجذع خشبي وربطوا فمه بالحبل بإحكام شديد، وتوقف ( روبو ) عن المقاومة، نظر ( روبو ) إلى ( مخلص ) وكأنه يقول :
لقد هزمتني أخيراً ... فافعل بي ما تشاء
ومنذ تلك اللحظة لم يعرهم ( روبو ) أي انتباه
تم وضع ( روبو ) في فناء البيت أمام المزرعة وهو مربوط بإحكام، وشاهده الجميع ونظروا إليه بكل ذهول فلم يعتدوا مشاهدته من هذا القرب، سأل ( بوب ) الصغير ( مخلص ) ما الذي ينوي فعله بـ ( روبو )، ولم يكن لدى ( مخلص ) إجابةً محددة، فطلب ( بوب ) من (مخلص ) وتوسل إليه بألا يقتل ( روبو ) . كان ( مخلص ) يقدم الماء والطعام إلى ( روبو ) لكنه لم يأكل ولم يشرب أبداً .
(روبو ) لم يعوِ ثانيةً منادياً أعوانه، يُقال بأن الأسد المنزوع القوة، والنسر المحروم من حريته، أو الحمامة بلا رفيقها، يحزنون جميعاً ويتألمون حتى الموت، ( روبو ) قد عانى ما عانته هذه الحيوانات مجتمعة، لقد كان حقاً ذئباً فريداً، لكنّ ( مخلص ) تساءل : هل بمقدوره احتمال هذا الكرب الشديد ؟ حدّق ( روبو ) في الجبال البعيدة التي تمتدّ ورائها أرضه، وهي عبارةٌ عن أرض حشائش واسعة، تتموّج كموجةٍ لانهائية . أخيراً بينما كان ( روبو ) ينظر إلى الجبال متذكراً جميع لحظاته السعيدة مع زوجته العزيزة ( برانكا )، مات ( روبو ) في الأول من كانون الثاني من عام 1894 م ليلحقَ بزوجته الحبيبة . قال( مخلص ) :
لن أنساكَ أبداً يا ( روبو )، كانت عاطفتك أعمقَ وأشدّ إخلاصاً من عاطفة البشر
كما أن كبريائك لم يفارقك أبداً، إنكَ فعلاً سيدُ وقائدُ الذئاب بلا منازع
مهما كان السبب، فقد قتلتُ حيواناً وأنا حزين .. قتلته بيديّ
***********************************
Bookmarks