Results 1 to 8 of 8

Thread: سعيد بن عامر - العظمة تحت الاسمال

  1. #1

    أمــل's Avatar
    Join Date
    Jul 2008
    Location
    أقدس بقاع العالم ( مكه )
    Posts
    9,422
    Rep Power
    474

    سعيد بن عامر - العظمة تحت الاسمال

    أيّنا سمع هذا الاسم، وأيّنا سمع به من قبل..؟

    أغلب الظن أن أكثرنا، ان لم نكن جميعا، لم نسمع به قط.. وكأني بكم اذ تطالعونه الآن تتساءلون: ومن يكون عامر هذا..؟؟

    أجل سنعلم من هذا السعيد..!!
    انه واحد من كبار الصحابة رضي الله عنهم، وان لم يكن لاسمه ذلك الرنين المألوف لأسماء كبار الصحابة.

    انه واحد من كبار الأتقياء الأخفياء..!!

    ولعل من نافلة القول وتكراره، أن ننوه بملازمته رسول الله في جميع مشاهده وغزواته.. فذلك كان نهج المسلمين جميعا. وما كان لمؤمن أن يتخلف عن رسول الله في سلم أو جهاد.

    أسلم سعيد قبيل فتح خيبر، ومنذ عانق الاسلام وبايع الرسول، أعطاهما كل حياته، ووجوده ومصيره.

    كل الفضائل العظيمة وجدت في هذا الانسان الطيب الطاهر أخا وصديقا كبيرا..

    فحين تقع العين على سعيد في الزحام، لن ترى شيئا يدعوها للتلبث والتأمل..

    ستجد العين واحدا من أفراد الكتيبة الانمية.. أشعث أغبر. . ليس في ملبسه، ولا في شكله الاخارجي، ما يميزه عن فقراء المسلمين بشيء.!!

    فاذا جعلنا من ملبسه ومن شكله الخارجي دليلا على حقيقته، فلن نبصر شيئا، فان عظمة هذا الرجل أكثر أصالة من أن تتبدى في أيّ من مظاهر البذخ والزخرف.

    انها هناك كامنة مخبوءة وراء بساطته وأسماله.


    **

    عندما عزل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب معاوية عن ولاية الشام، تلفت حواليه يبحث عن بديل يوليه مكانه.

    وأسلوب عمر في اختيار ولاته ومعاونيه، أسلوب يجمع أقصى غايات الحذر، والدقة، والأناة.. ذلك أنه كان يؤمن أن أي خطأ يرتكبه وال في أقصى الأرض سيسأل عنه الله اثنين: عمر أولا.. وصاحب الخطأ ثانيا..


    والشام يومئذ حاضرة كبيرة، والحياة فيها قبل دخول الاسلام بقرون، تتقلب بين حضارات متساوقة.. وهي مركز هام لتجارة. ومرتع رحيب للنعمة.. وهي بهذا، ولهذا درء اغراء. ولا يصلح لها في رأي عمر الا قديس تفر كل شياطين الاغراء أمام عزوفه.. والا زاهد، عابد، قانت، أواب..

    وصاح عمر: قد وجدته، اليّ بسعيد بن عامر..!!

    وفيما بعد يجيء سعيد الى أمير المؤمنين ويعرض عليه ولاية حمص..

    ولكن سعيجا يعتذر ويقول: " لا تفتنّي يا أمير المؤمنين"..

    فيصيح به عمر:

    " والله لا أدعك.. أتضعون أمانتكم وخلافتكم في عنقي.. ثم تتركوني"..؟؟!!

    واقتنع سعيد في لحظة، فقد كانت كلمات عمر حريّة بهذا الاقناع.


    خرج سعيد الى حمص ومعه زوجته، وكانا عروسين جديدين، وكانت عروسه منذ طفولتها فائقة الجمال والنضرة.. وزوّده عمر بقدر طيّب من المال.

    ولما استقرّا في حمص أرادت زوجته أن تستعمل حقها كزوجة في استثمار المال الذي زوده به عمر.. وأشارت عليه بأن يشتري ما يلزمهما من لباس لائق، ومتاع وأثاث.. ثم يدخر الباقي..

    وقال لها سعيد: ألا أدلك على خير من هذا..؟؟ نحن في بلاد تجارتها رابحة، وسوقها رائجة، فلنعط المال من يتجر لنا فيه وينمّيه..

    قالت: وان خسرت تجارته..؟

    قال سعيد: سأجعل ضمانا عليه..!!

    قالت: فنعم اذن..

    وخرج سعيد فاشترى بعض ضروريات عيشه المتقشف، ثم فرق جميع المال في الفقراء والمحتاجين..

    ومرّت الأيام.. وبين الحين والحين تسأله زوجه عن تجارتهما وأيّان بلغت من الأرباح..

    ويجيبها سعيد: انها تجارة موفقة.. وان الرباح تنمو وتزيد.

    وذات يوم سألته نفس السؤال أمام قريب له كان يعرف حقيقة الأمر فابتسم. ثم ضحك ضحكة أوحت الى روع الزوجة بالشك والريب، فألحت عليه أن يصارحها الحديث، فقا لها: لقد تصدق بماله جكيعه من ذلك اليوم البعيد.

    فبكت زوجة سعيد، وآسفها أنها لم تذهب من هذا المال بطائل فلا هي ابتاعت لنفسها ما تريد، والا المال بقي..
    ونظر اليها سعيد وقد زادتها دموعها الوديعة الآسية جمالا وروعة.
    وقبل أن ينال المشهد الفاتن من نفسه ضعفا، ألقى بصيرته نحو الجنة فرأى فيها أصحابه السابقين الراحلين فقال:

    " لقد كان لي أصحاب سبقوني الى الله... وما أحب أن أنحرف عن طريقهم ولو كانت لي الدنيا بما فيها"..!!


    واذ خشي أن تدل عليه بجمالها، وكأنه يوجه الحديث الى نفسه معها:
    " تعلمين أن في الجنة من الحور العين والخيرات الحسان، ما لو أطلت واحدة منهن على الأرض لأضاءتها جميعا، ولقهر نورها نور الشمس والقمر معا.. فلأن أضحي بك من أجلهن، أحرى أولى من أن أضحي بهن من أجلك"..!!

    وأنهى حديثه كما بدأه، هادئا مبتسما راضيا..
    وسكنت زوجته، وأدركت أنه لا شيء أفضل لهما من السير في طريق سعيد، وحمل النفس على محاكاته في زهده وتقواه..!!

    **

    كانت حمص أيامئذ، توصف بأنها الكوفة الثانية وسبب هذا الوصف، كثرة تمرّد أهلها واختلافهم على ولاتهم.

    ولما كانت الكوفة في العراق صاحبة السبق في هذا التمرد فقد أخذت حمص اسمها لما شابهتها...

    وعلى الرغم من ولع الحمصيين بالتمرّد كما ذكرنا، فقد هدى الله قلوبهم لعبده الصالح سعيد، فأحبوه وأطاعوه.

    ولقد سأله عمر يوما فقال: " ان أهل الشام يحبونك".؟

    فأجابه سعيد قائلا:" لأني أعاونهم وأواسيهم"..!

    بيد أن مهما يكن أهل حمص حب لسعيد، فلا مفر من أن يكون هناك بعض التذمر والشكوى.. على الأقل لتثبت حمص أنها لا تزال المانفس القوي لكوفة العراق...

    وتقدم البعض يشكون منه، وكانت شكوى مباركة، فقد كشفت عن جانب من عظمة الرجل، عجيب عجيب جدا..

    طلب عمر من الزمرة الشاكية أن تعدد نقاط شكواها، واحدة واحدة..

    فنهض المتحدث بلسان هذه المجموعة وقال: نشكو منه أربعا:

    " لا يخرج الينا حت يتعالى النهار..

    وا يجيب أحدا بليل..

    وله في الشهر يومان لا يخرج فيهما الينا ولا نراه،

    وأخرى لا حيلة له فيها ولكنها تضايقنا، وهي أنه تأخذه الغشية بين الحين والحين"..

    وجلس الرجل:

    وأطرق عمر مليا، وابتهل الى الله همسا قال:

    " اللهم اني أعرفه من خير عبادك..

    اللهم لا تخيّب فيه فراستي"..

    ودعاه للدفاع عن نفسه، فقال سعيد:

    أما قولهم اني لا أخرج اليهم حتى يتعالى النهار..

    " فوالله لقد كنت أكره ذكر السبب.. انه ليس لأهلي خادم، فأنا أعجن عجيني، ثم أدعه يختمر، ثم اخبز خبزي، ثم أتوضأ للضحى، ثم أخرج اليهم"..

    وتهلل وجه عمر وقال: الحمد للله.. والثانية..؟!

    وتابع سعيد حديثه:

    وأما قولهم: لا أجيب أحدا بليل..

    فوالله، لقد كنت أكره ذكر السبب.. اني جعلت النهار لهم،والليل لربي"..

    أما قولهم: ان لي يومين في الشهر لا أخرج فيهما...

    " فليس لي خادم يغسل ثوبي، وليس بي ثياب أبدّلها، فأنا أغسل ثوبي ثم أنتظر أن يجف بعد حين.. وفي آخر النهار أخرج اليهم ".

    وأما قولهم: ان الغشية تأخذني بين الحين والحين..

    " فقد شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة، وقد بضعت قريش لحمه، وحملوه على جذعه، وهم يقولون له: أحب أن محمدا مكانك، وأنت سليم معافى..؟ فيجيبهم قائلا: والله ما أحب أني في أهلي وولدي، معي عافية الدنيا ونعيمها، ويصاب رسول الله بشوكة..

    فكلما ذكرت ذلك المشهد الذي رأيتهو أنا يومئذ من المشركين، ثم تذكرت تركي نصرة خبيب يومها، أرتجف خوفا من عذاب الله، ويغشاني الذي يغشاني"..

    وانتهت كلمات سعيد التي كانت تغادر شفتيه مبللة بدموعه الورعة الطاهرة..

    ولم يمالك عمر نفسه ونشوه، فصاح من فرط حبوره.

    " الحمد للله الذي لم يخيّب فراستي".!

    وعانق سعيدا، وقبّل جبهته المضيئة العالية...

    **

    أي حظ من الهدى ناله هذا الطراز من الخلق..؟

    أي معلم كان رسول الله..؟

    اي نور نافذ، كان كتاب الله..؟؟

    وأي مدرسة ملهمة ومعلمة، كان الاسلام..؟؟

    ولكن، هل تستطيع الأرض أن تحمل فوق ظهرها عددا كثيرا من هذا الطراز..؟؟

    انه لو حدث هذا، لما بقيت أرضا، انها تصير فردوسا..


    ولما كان الفردوس لم يأت زمانه بعد فان الذين يمرون بالحياة ويعبرون الأرض من هذا الطراز المجيد الجليل.. قللون دائما ونادرون..

    وسعيد بن عامر واحد منهم..

    كان عطاؤه وراتبه بحكم عمله ووظيفته، ولكنه كان يأخذ منه ما يكفيه وزوجه.. ثم يوزع باقيه على بيوت أخرى فقيرة...

    ولقد قيل له يوما:

    " توسّع بهذا الفائض على أهلك وأصهارك"..

    فأجاب قائلا:

    " ولماذا أهلي وأصهاري..؟

    لا والله ما أنا ببائع رضا الله بقرابة"..

    وطالما كان يقال له:

    " توسّع وأهل بيتك في النفقة وخذ من طيّبات الحياة"..

    ولكنه كان يجيب دائما، ويردد أبدا كلماته العظيمة هذه:

    " ما أنا بالنتخلف عن الرعيل الأول، بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يجمع الله عز وجل الناس للحساب، فيحيء فقراء المؤمنين يزفون كما تزف الحامام، فيقال لهم: قفوا للحساب، فيقولون: ما كان لنا شيء نحاسب عليه.. فيقول الله: صدق عبادي.. فيدخلون الجنة قبل الناس"..

    **

    وفي العام العشرين من الهجرة، لقي سعيد ربه أنقى ما يكون صفحة، وأتقى ما يكون قلبا، وأنضر ما يكون سيرة..

    لقد طال شوقه الى الرعيل الأول الذي نذر حياته لحفظه وعهده، وتتبع خطاه..

    أجل لقد طال شوقه الى رسوله ومعلمه.. والى رفاقه الأوّابين المتطهرين..

    واليوم يلاقيهم قرير العين، مطمئن النفس، خفيف الظهر..

    ليس معه ولا وراءه من أحمال الدنيا ومتاعها ما يثقل ظهره وكاهله،،

    ليس معه الا ورعه، وزهده، وتقاه، وعظمة نفسه وسلوكه..

    وفضائل تثقل الميزان، ولكنها لا تثقل الظهور..!!

    ومزايا هز بها صاحبها الدنيا، ولم يهزها غرور..!!

    **

    سلام على سعيد بن عامر..

    سلام عليه في محياه، وأخراه..

    وسلام.. ثم سلام على سيرته وذكراه..

    وسلام على الكرام البررة.. أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.



    أمل = أسيل
    [/CENTER][/CENTER][/CENTER][/CENTER][/CENTER]

  2. #2

    نور المستقبل's Avatar
    Join Date
    Mar 2008
    Location
    في قلب امي وابي
    Posts
    388
    Rep Power
    210

    رد: سعيد بن عامر - العظمة تحت الاسمال

    بارك الله فيك اختي اسيل

    فعلا شخصية اول مرة اسمع عنها والحمدالله لاني عرفت عنها ولو القليل

    في عصرنا صارت الناس تأمن مستقبلها ومستقبل اولادها واحفادها من مال المسلمين وليس من مالهم

    لنا في سعيد بن عامر قدوة نقتدي بها اذ تاجر بماله تجارة رابحة


    اللهم ارزقنا الاخلاص واجعلنا ممن يسمعون القول فيتبعون احسنه



    كــــــــ جميلا ن وابـتســـــــــم



  3. #3

    أمــل's Avatar
    Join Date
    Jul 2008
    Location
    أقدس بقاع العالم ( مكه )
    Posts
    9,422
    Rep Power
    474

    رد: سعيد بن عامر - العظمة تحت الاسمال

    آآآآآآمين
    جزاك الله خير أختي نور المستقبل

    خالص الود

    أمل = أسيل
    [/CENTER][/CENTER][/CENTER][/CENTER][/CENTER]

  4. #4

    نبع الوفاء's Avatar
    Join Date
    Sep 2008
    Location
    بيضاني | غير !
    العمر
    34
    Posts
    2,795
    Rep Power
    341

    رد: سعيد بن عامر - العظمة تحت الاسمال

    {.. رحمـهـــم الله جميعــاً ..الـآ لمثل هذآ فليعـــٍْمل العاملون ..

    جزآك الله الجنة أخت اسيل ووفقكـ دنيآ وأخرة

  5. #5

    أمــل's Avatar
    Join Date
    Jul 2008
    Location
    أقدس بقاع العالم ( مكه )
    Posts
    9,422
    Rep Power
    474

    رد: سعيد بن عامر - العظمة تحت الاسمال

    وياكم أخي نبع الوفاء


    تحياتي لك

    أمل = أسيل
    [/CENTER][/CENTER][/CENTER][/CENTER][/CENTER]

  6. #6
    عضو في الفريق الإسلامي
    سفير's Avatar
    Join Date
    Nov 2008
    Posts
    1,972
    Rep Power
    235

    رد: سعيد بن عامر - العظمة تحت الاسمال

    بــارك الله فيك اختي ا لمهاجره
    وجزاك الله خيرا طرح راائع وقيم وسعيد بن عامر
    وسعيد بن عامر واحد منهم..

    كان عطاؤه وراتبه بحكم عمله ووظيفته، ولكنه كان يأخذ منه ما يكفيه وزوجه.. ثم يوزع باقيه على بيوت أخرى فقيرة...

    ولقد قيل له يوما:

    " توسّع بهذا الفائض على أهلك وأصهارك"..

    فأجاب قائلا:

    " ولماذا أهلي وأصهاري..؟

    لا والله ما أنا ببائع رضا الله بقرابة"..

    شخصيه راائعه
    بورك فيك دمتي برعاية لله

  7. #7


    Join Date
    Oct 2009
    Location
    أحضـآن أمي ~
    العمر
    29
    Posts
    42
    Rep Power
    178

    رد: سعيد بن عامر - العظمة تحت الاسمال

    جزاش الله خير
    جـآآري العمل
    :$

  8. #8

    أمــل's Avatar
    Join Date
    Jul 2008
    Location
    أقدس بقاع العالم ( مكه )
    Posts
    9,422
    Rep Power
    474

    رد: سعيد بن عامر - العظمة تحت الاسمال

    سفير شوق اليمن
    وياكم إخواني

    أمل = أسيل
    [/CENTER][/CENTER][/CENTER][/CENTER][/CENTER]

Thread Information

Users Browsing this Thread

There are currently 1 users browsing this thread. (0 members and 1 guests)

Similar Threads

  1. سيف الاسلام القذافي: ما يحدث في ليبيا هو نفسه ما حدث في لبنان مع تنظيم فتح الاسلام
    By أخبار موقع روسيا اليوم in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 27-02-2011, 04:21 AM
  2. Replies: 0
    Last Post: 03-07-2010, 12:30 PM
  3. الغرور وداء العظمة
    By الهمس الحزين in forum ملتقى المواضيع العـامـة
    Replies: 14
    Last Post: 24-08-2009, 10:32 PM
  4. اليمن.. بين شطحات الجنون ومرض داء العظمة
    By الجنوب العربي in forum ملتقى السيـاسـة
    Replies: 5
    Last Post: 08-11-2006, 08:56 AM

Bookmarks

Posting Permissions

  • You may not post new threads
  • You may not post replies
  • You may not post attachments
  • You may not edit your posts
  •