نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

الحكمة يمانية .... لكن الأزرار وراء البحار
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله أكرم مسئول، وأعظم مأمول، سميع لراجيه، قريب ممن يناجيه، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن اليمن يُمن وبركة وخير، وشعبه من خير الشعوب دينا وخلقا، فهم أهل سكينة ووقار كما وصفهم المصطفى صلى الله عليه وسلم في جملة من الأحاديث، في الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: [أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا، الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ، وَالْفَخْرُ وَالْخُيَلاَءُ في أَصْحَابِ الإِبِلِ، وَالسَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ في أَهْلِ الْغَنَمِ]
وكان من أهم أولوياتهم تعلم الدين والتفقه في الشرع الحكيم، في البخاري عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه قَالَ إِنِّي عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَهُ قَوْمٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فَقَالَ: [اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا بَنِي تَمِيمٍ]، قَالُوا بَشَّرْتَنَا فَأَعْطِنَا، فَدَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ فَقَالَ: [اقْبَلُوا الْبُشْرَى يَا أَهْلَ الْيَمَنِ إِذْ لَمْ يَقْبَلْهَا بَنُو تَمِيمٍ]، قَالُوا قَبِلْنَا، جِئْنَاكَ لِنَتَفَقَّهَ فِي الدِّينِ وَلِنَسْأَلَكَ عَنْ أَوَّلِ هَذَا الأَمْرِ مَا كَانَ، قَالَ: [كَانَ اللَّهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلَهُ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، وَكَتَبَ فِى الذِّكْرِ كُلَّ شَيْءٍ].
وفي مقابل الإيمان والحكمة والرقة يأتي رأس الكفر من المشرق في مسلم عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: [أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَلْيَنُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَةٌ رَأْسُ الْكُفْرِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ].
وكأن واقعنا اليوم تأويل وتجسيد لهذا الحديث، فاليَمن المسالم بشعبه المسكين لم يتركه شيطان المشرق فجاء بكفره ونفاقه وظلمة ليصب جام حقده على الشعب اليمني سعياً منه لتكرار فاجعةَ العراق بتسليط أراذل الناس على أهله وتخريب دينه وطمس هويته وتمزيق شعبه والسعي لتقسيمه.
ورغم الصحارى والقفار والجبال والبحار فإنه لم يكن اليمنُ بعيدا عن أطماع إيران ولم يغِب عنها أهميته الجيوسياسية والتاريخية والإنسانية والاقتصادية، فحركت أياديَها من الحوثيين ودعمتهم بالمال والسلاح وأمدتهم بأعدادٍ كبيرة من المقاتلين الشيعة من الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين من أبناء حزب الله وبجوازات سفر عراقية، -لأن اليمن جعل منزلة خاصة للعراقيين بُنِيَِت على حب العراق شعبا وتاريخا ومواقف-.
جرى ذلك بالتزامن مع التداعي الكبير لدول الشرق والغرب لاحتلال بحر العرب والقرن الإفريقي والسيطرة على طرق إمداد الطاقة والاقتصاد، وهذا يؤكد التعاون الصفوي – الصهيوصليبي وقد قالها الكثير من الإيرانيين صراحة منهم محمد علي أبطحي مستشار الرئيس السابق خاتمي (في ختام أعمال مؤتمر الخليج وتحديات المستقبل في أبو ظبي يوم 15/1/2004): لولا إيران لما سقطت كابل وبغداد. وفي بيان لحوزة النجـف نشرته الشرق الأوسط (سنة 2005) انتقدت بشدة الرئيس اليمني في طريقة تعامله مع الحوثيين واتهـمته بالطائفية ضد اليمنيين الشيعة.
ثم ما لبثت الاتصالات بين مرجعيات النجف وزعماء الحوثيين المخربين أن تكون فقرة هامة وعملا متواصلا، ولم يعلن عنها حتى تسربت رسالة من الحوثي إلى الشهرستاني جاء فيها: " سماحة السيد جواد الشهرستاني: بحكم أنكم ستتحملون مسئولية الإشراف على عملية تنسيب مدراء مكاتب المرجعية في العالم وبما أنّك صهر وابن شقيق سماحة المرجعية -علي السيستاني- نحب أن تكونوا على معرفة بالأوضاع والأحوال الحاليّة والمستقبلية القريبة في اليمن!! لمعرفتنا بجهودكم التي تبذلونها لتقوية آل البيت الشيعي وإعادة حكم آل البيت سلام الله عليهم إلى حكم اليمن!! وذلك بالشكل الآتي: لقد أوصلنا الأمور إلى مرحلة النضوج، فالظروف الداخليّة والدوليّة مهيـّأة، ونرجو منكم تحريك عناصر الحركة المتواجدين في أوروبا وبالذات في هولندا، فنحن بحاجة إلى اتصالاتهم بالداخل لإثارة المناطق القبلية بالإضافة إلى شخصيات وقيادات بارزة بالتحرّك وبذل الغالي والنفيس لتحقّق الحركة هدفها النهائي، وما علينا سوى استغلال الوقت وما عليكم سوى تقديم الدعم المعنوي والمادي والسياسي الذي سيمكننا من تحديد زمان المعركة وبدايتها ونهايتها لمصلحة آل البيت عليهــم السلام وفقكم الله"
وكشف المجلس الأعلى للثورة (الإيرانية) عن بيان قيل أنه (سرّي) فيه توصيات المؤتمر التأسيسي لشيعة العالم في مدينة قم بتأسيس منطقة عالمية أطلقوا عليها: "منطقة المؤتمر الشيعي العالمي" مقرّها في إيران وفروعها في أنحاء العالم كافـّة، وضرورة تعميم التجربة الشيعية الناجحة في العراق!! إلى باقي الدول العربية والإسلامية الأخرى كالسعودية ومصر واليمن والكويت والإمارات والبحرين والمغرب وذلك بإدخال أكبر عدد من الأفراد في المؤسسّات العسكرية والأجهزة الأمنيّة، وبناء قوات عسكرية كقوات حزب الله وخلاياه والحوثـيين للأحزاب والمنظمات الشيعيّة في الدول المذكورة وغيرها ودعمها بكل وسائل الدعم المادي والمعنوي والسياسي والإعلامي.
وقد وصل الأمر إلى تبني الحوثيين علناً من قبل أعضاء في (البرلمان العراقي!!!) ودعا جلالُ الصغير إلى دعمهم وفتح مقرات لهم في العراق، بل لهم مكتب مفتوح في النجف بحسب النائبةِ العبيدي.
إن إيران تقوم بهذه الأعمال التخريبية الإجرامية وتدعم المفسدين من حركات الفوضى ودعاة الانفصال ومثيري الفتن لأهداف متعددة:
الأول: وهو أهمها: تنفيذ خطوة جديدة من خطوات المخطط الفارسي الصفوي لتصدير الثورة الإيرانية.
الثاني: تقسيم اليمن، وإقامة حكم تابع لإيران كما حصل في العراق أو تأثير كبير كما في لبنان.
الثالث: تهديد السعودية بشحذ خِنجرِ خاصرةٍ ينكأ جراحَها متى شاء حكام قم وطهران فالحوثيون لم يكتفوا بالأعمال التخريبية في اليمن بل هم يطالبون بضم جازان ونجران وعسير وغيرها بدعوى تخلي الإمام يحيى عنها تحت الإكراه.
الرابع: إشغال الأمة الإسلامية بعضها ببعض كي تعمل إيران ما تريد.
الخامس: التعتيم عن ما يجري في إيران من جرائم بشعة بحق السنة والتكتيم على الخلافات الكبيرة بين حكام إيران وقد ظهر بعضُ ذلك في الانتخابات الأخيرة.
وبهذه المناسبة:
1- فإننا ندعو علماء اليمن لتجلية الموقف وعدم السكوت عن المخططات الرهيبة التي تحاك لليمن وأهله بكل خبث ومكر ونذالة.
2- وندعو دول الخليج إلى التنبه للخطر الداهم والتصدي له وعدم إعادة سيناريو التجربة العراقية بترك الساحة لإيران بدعوى عدم التدخل لصالح (السنة) حتى لا يقال إنه تحرك طائفي لهذه الدولة أو تلك، وقد أقصروا لمّا أبصروا فأداروا ظهورهم لطائفية إيران الفاقعة، ولئن تركتم إيران فلن تترككم، وقضية الجزر الإماراتية خير شاهد، فهي تريد أن تجعل من دول الخليج حقل تجارب للمفسدين من أتباعها على اختلاف أشكالهم وتتخذ بلادنا بيئة للعبث وزرع الفتن وتصدير المشاريع التآمرية الهدامة التي تستهدف الأمة جمعاء.
3- وندعو الأمة إلى دعم كافة الجهود لمواجهة المخطط التخريبي في اليمن، وأن تقف وقفة شجاعة لإحباط أي محاولة لتقسيمه، وفضح الانفصاليين شماليين وجنوبيين وإنهاء مشروعهم الخياني كي لا يتحول اليمن إلى عراق جديد!!! من الحصار والإفقار والإذلال إلى التآمر والاحتلال الذي قام بدوره بتحويل إمكانات العراق العظيمة إلى وقود للفتن ومعول لتهديم دين الأمة وتدمير أخلاقها وتاريخها بل أصبح نقطة انطلاق متقدمة لإيران نحو أهدافها الجديدة في دول المنطقة.
4- وعلى أهل اليمن خاصة والأمةِ عامة عدمُ الانسياق وراء الدعايات المغرضة وعدمُ الاصطفاف مع المخربين أيا كان عنوانهم، وعدمُ الاغترار بمن يدعي عداء أمريكا وإسرائيل حتى يُثبِتَ مصداقيتَه، فإن من كان يعاديهم فليجتنب تخريب البلاد الإسلامية وقتل عباد الله ولا يكون معول هدم بيد الاحتلال وعميلا لأعداء الأمة.

اللهم ارفع عن أمتنا البلاء ورد عنها كيد الأعداء وهيئ لنا من أمرنا رشدا وافتح لنا فتحا مبينا واهدنا صراطا مستقيما وانصرنا نصرا عزيزا وصلِّ وسلِّم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.