شرعت قوات الاحتلال الأمريكية في عمليات دهم وتفتيش واسعة لأحياء مدينة الموصل في أعقاب الهجوم الكبير على معسكر تابع لها بالمدينة الثلاثاء 21-12-2004 (قتل فيه 19 أمريكيا). وتسببت عمليات التفتيش الجديدة في زيادة المعاناة التي يواجهها السكان منذ قرابة شهرين من حظر للتجول ليلا ونقص حاد في الوقود والخدمات الأساسية.
وانتشرت القوات الأمريكية عند مفارق الطرق وقرب المساجد وأغلقت شارع بغداد الدولي واحتلت أسطح البنايات العالية ونشرت فوقها القناصة.
وقتل 24 شخصا على الأقل، من بينهم 19 عسكريا أمريكيا، وأصيب أكثر من 60 آخرين في هجوم أصاب مطعما بقاعدة أمريكية بالموصل ظهر الثلاثاء، إلا أن أهالي المدينة يتناقلون في أحاديثهم أرقاما كبيرة لأعداد القتلى الأمريكان في الانفجار.
وقال شهود عيان لـ إسلام أون لاين.نت: إن انفجارات كبيرة وقعت بقاعدة مطار الموصل جنوب المدينة فجر الأربعاء لم تعلن القوات الأمريكية عنها.
مداهمات واسعة
كما شرعت قوات الاحتلال منذ صباح الأربعاء 22-12-2004 في حملة مداهمات واسعة لعدد من أحياء الموصل من بينها حي الوحدة والميثاق -شرق المدينة- وحي الإصلاح الزراعي -غرب المدينة- وقامت بتفتيش منازل المواطنين بحثا عن أسلحة.
إغلاق الجسور
وأعلن دريد محمد كشمولة محافظ نينوى صباح الأربعاء عن إغلاق الجسور الخمسة التي تربط الموصل بباقي العراق حتى إشعار آخر. وحذر المحافظ في بيان له المواطنين من أن الاقتراب من الجسور سيعرض حياتهم للخطر.
وأدى هذا الإغلاق إلى انقطاع الموظفين عن الذهاب إلى دوائر عملهم وتوقف شبه كامل للدوام بالمدارس وبجامعة الموصل.
وزادت هذه الإجراءات من معاناة الأهالي الشديدة بسبب تدهور أوضاع الخدمات وقلة الوقود التي يحتاج إليها السكان في التنقل بالسيارات، فضلا عن التدفئة حيث إن درجة الحرارة تهبط أحيانا إلى ما دون الصفر في الشتاء.
وارتفعت أسعار الوقود ليقترب سعر لتر البنزين من 1500 دينار (ما يعادل دولارا واحدا) وهو ما يساوي 30 ضعفا للسعر الرسمي، مما أثر على كل الأنشطة والخدمات بالمدينة، ولا تزال السيارات منذ أيام تقف في طوابير طويلة أمام المحطات على أمل التزود بالوقود.
وأغلقت المتاجر والأسواق أبوابها منذ الهجوم على القاعدة الأمريكية خوفا من تدهور الأوضاع الذي يتوقعه أهالي المدينة في أية لحظة.
ولا يزال حظر التجول المفروض على المدينة منذ عدة أسابيع ساريا من الثامنة مساء وحتى السادسة صباحا.
تردي الأوضاع
وكانت القوات الأمريكية تعتبر مدينة الموصل التي يعيش فيها عرب وأكراد من المناطق الهادئة نسبيا بالعراق، إلا أن ذلك الوضع انقلب، وأصبحت على مدى الأسابيع السبعة الماضية من إحدى أكثر مناطق العراق توترا، وهي التي تشهد على مدار الساعة مواجهات وهجمات دامية ضد القوات الأمريكية وقوات الحرس الوطني التي تساندها.
ففي التاسع من نوفمبر 2004 (اليوم التالي لبدء الهجوم الأمريكي على الفلوجة) تمكن مسلحون من السيطرة على عدد كبير من مراكز الشرطة بالمدينة ولمدة أسبوع ثم تخلوا عنها بعدما قاموا بإحراقها بعد تدخل القوات الأمريكية. وشرع المسلحون منذ ذلك الوقت في شن هجمات شبه يومية فيما يشبه حرب العصابات.
ويخشى أهالي المدينة من أن تؤدي تلك التصعيدات الأخيرة في حدة المواجهات إلى قيام قوات الاحتلال بشن حملة واسعة ضد المدينة مثل تلك التي تعرضت لها الفلوجة وأسفرت عن مقتل المئات، وتشريد نحو 300 ألف من سكانها البالغ عددهم 350 ألفا، والذين لم يتمكنوا حتى الآن من العودة إلى بيوتهم بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة بها.
جاء ذلك على خلفية تصريحات لقادة عسكريين أمريكيين بأن "أبو مصعب الزرقاوي" يحتمل أنه فر من الفلوجة قبيل الهجوم عليها وجعل من الموصل (ثالثة كبرى المدن العراقية) قاعدة له.
أكبر الخسائر
ويعد الهجوم الأخير بالموصل هو الأكثر إيلاما للقوات الأمريكية لأنه تسبب في إيقاع أكبر الخسائر بصفوفها في عملية واحدة منذ إعلان نهاية الحرب رسميا في مايو 2003.
ورجح فيل لودفيجسون الناطق العسكري الأمريكي بالموصل صباح الأربعاء في تصريحات للصحفيين أنه يحتمل أن يكون الاعتداء ناجما عن إطلاق صواريخ على القاعدة، إلا أن جماعة "أنصار السنة" العراقية -المعروفة وسط المقاومة العراقية- أعلنت في بيان لها على شبكة الإنترنت مسئوليتها عن الهجوم.
وقال البيان: "من الله على المجاهدين الذين يقاتلون أعداء الله من المحتلين والمرتدين بإحداث مقتلة كبيرة في صفوف الأمريكان الصليبيين بعملية استشهادية قام بها أحد مجاهدي جيش أنصار السنة في الساعة الثانية عشرة ظهرا من اليوم الثلاثاء (21-12-2004) في مطعم لقوات الاحتلال الكفرة في معسكر الغزلاني في الموصل".
ويوجد بالموصل قواعد عسكرية أمريكية أخرى إلا أنها صغيرة تقع اثنان منها وسط المدينة على جانبي نهر دجلة فضلا عن القنصلية الأمريكية والتي كانت في السابق قصرا رئاسيا ويقع في حي العربي شمال المدينة.
وتتعرض جميع هذه القوات إلى هجمات يومية بالصواريخ وقذائف الهاون وازدادت حدتها مؤخرا.
ويرى مراقبون أن تسلل شخص إلى المعسكر وتفجير نفسه بداخله له دلالات خطيرة بشأن أمن القواعد التي تعمل فيها القوات الأمريكية.
وتعليقا على ذلك قال المتحدث العسكري الأمريكي: "سيكون من المزعج للغاية إذا كان الأمر كذلك".
Bookmarks