تعيش معضم النساء في مجتمعنا اليمني حالة عبثية لا يحسدها
عليها حتى الحيوان .. فرغم ما حققته بلادنا من مظاهر التحضر
والتمدن والديمقراطية .. ورغم ان الدستور ساوى بين حقوقها و
حقوق الرجل ,وان الفرص المتاحة للجنسين متساوية-لا بل شبه
متساوية- فاِن الثقافه الذكورية تأبى المساوة, وتسعى جاهدة لابعاد
الميزان عن التوازن, اِنزال الكفة التي تحمل اسم المرأة الي
اسقل مثقلة بالمسؤوليات والهموم والاهانات.
لايزال الرجل الخاضع لثقافته الذكورية الاستقلالية يحتفض بتلك
الافكار وتلك العقلية المترسبة عن عصر الحريم والجواري و
عهود النخاسة والرقيق, اِذ كان ينظر الي المرأة علي انها سلعة
يقاس ثمنها في سوق الرجال بجاذبيتها الجنسية وما الي ذلك من
مقاييس لاتتصل بالصفات البشرية السليمة, ولا القيم الانسانية
الصحيحة من قريب او بعيد.. اما المرأة في بلادنا فهي ما برحت
تطالب بكافة حقوقها , لكنها نسيت حقا واحدا مهما جدا, وهذا
الحق هو ان يحترمها الرجل احتراما(حقيقيا).. وان يبحث
فيها عن الانسان لاالحيوان.. العقل والقلب والضمير, لا
الجسد ومتعة الفراش!!!
لقد تعلمت المرأة ونالت حقوقها في ظل مجتمعنا الجديد..
لكنها رغم ذلك ما زالت تحصر نفسها في دائرة ضيقه
وترى ان الرجل هو محور حياتها الرئيسي فهي تحاول
ان تؤكد وجودها من خلاله وهو امر يصعب تحقيقه,
وان تحقق فترة لا يدوم , لان المرأة تعيش في ظل رجل
يحقرها ويقلل من قيمتها عقلا وانسانا, ويحاول حبسها و
حجبها داخل خيمة سوداء يسحق داخلها اوبين جدران
المنزل ذاتها وكيانها, من خلال تعريفها عنده الذي هو:
مكان المرأة السوية والمهذبة في بيتها, لاتخرج منه مطلقا
الا الي قبرها يوم وفاتها.. فالمرأة في مجتمعنا لم تتخلص
بعد من تلك الرواسب النفسية التي عاشها جيل الامهات
والجدات وجعلت منها انسانا مسيرا.. لا تثورلنفسها..
ترضخ لسيدها وولي نعمتها المزعوم, الذي لايرى في
الوجود الانفسه.. وهذا المرض الذي في نفسية الرجل-
والمرأة في الوقع للاسف- راجع الي التربية في معضم
الاسراليمنية, التي تقوم علي اساس التفرقة بين الذكور
والاناث واعتبار المرأة اقل وادني منزلة من الرجل, و
التعامل معها علي انها مجرد أداة لمتعة الرجل,او وعاء
لانجاب الاطفال! والامر من ذلك كله: ان هذه الافكار
راسخة في مجتمعنا ويجري تبنيها وترويجها من قبل
النساء أنفسهن باسم الدين والعرف والتقاليد.. فنجد
الام تردد هذه الافكار, تغرسها في ادمغة بناتها,والمعلمة
تزرعها في ادمغة طالباتها.. وهكذا تتم التربية ..وعلي
اسلوب التربية تتوقف قدرتنا علي الاحتفاض بحقنا
الانساني, حقنا في ان نقول ((لا)) لما نعتقد انه خطا
فالتربية الخاطئة تسلب الانسان بالتدريج ارادته الحرة
وتفكيره المستقل, واحساسه بادميته, وتقتل علي شفتيه
كلمة(لا) وهي تحول الطفلة الي نسخة مكررة من
الاف النسخ المشوهة, لاتملك سوى ان تطيع الاوامر
الصادرة اليها.
وعندما يرى الرجل هذا الوضع يغتر بنفسه ويتباهي بقوله
: انه عندما يقدم علي الزواج, فهو يتفضل علي الفتاة
التي يقع عليها اختياره, وفي اثناء اختياره لشريكة
حياته فانه يفضل الفتاة المثالية, والفتاة المثالية في نظره
هي الفتاة(الغشيمة الخام) التي لاتعرف شيئا عن حقائق
الحياة حتي لا تكاد تفرق بين ساقها وذراعها..
ان الزواج معادله صعبة, طرفاها رجل وامرأة وحصيلتها
أجيال تتحمل مسؤوليات البناء والعطاء , والطريق
الي ذلك لايكون الا بالتفاهم والتفاعل الايجابي بين
الطرفين.. ولكي يتم ذلك التفاهم والتفاعل لابد من حسن
الاختيار, وعلي مدى حسن الاختيار يكون نجاح الحياة
الزوجية.. وديننا الاسلامي يعطي الفتاة الحق في
اختيار شريك حياتها,لكن رواسب الجاهلية ما زالت
ملتبسة بالعادات والتقاليد و الموروث الثقافي العقيم
ضاربة عرض الحائط بتعاليم الاسلام وقيمه النبيلة.
Bookmarks