سجن وإختطاف صحفيين ، وإغلاق صحف ، وأحكام وغرمات بحق عشرات الكتاب والصحفيين .. في تقرير خاص : (الصحوة نت) ترصد أوضاع الصحافة في اليمن بين عاميين مضت وآخر قادم
الصحوة نت - خاص - عبدالحكيم هلال
لم تنتظر الحكومة اليمنية للعام 2004م – الذي يتعبر من أسواء الأعوام على الصحافة اليمنية - أن تنتهي أيامه الأخيرة، بدون مواصلة انتهاكاتها لحرية الصحافة..
اذ شهد هذا الأسبوع موجة كبيرة من الأحكام الصحافية ضد صحف وصحفيين، بعد أن كانت الأسابيع والشهور الماضية شهدت هي الأخرى أشد المواجهات بين الحكومة ممثلة بوزارة الأعلام، وبين الصحافة اليمنية ممثلة بنقابة الصحفيين اليمنيين الى جانب إعلاميين وصحفهم ..
وهو الأمرالذي يعتقد أنه ادى الى استدعاء وزير الأعلام – الأحد الماضي - الى مجلس النواب ومسائلته عن تلك الموجة الشرسة ضد الصحافة، والتي ادت الى ايقاف صحف ونشرات،وحبس صحفيين بطريقة غير قانونية، لينفي الوزير ذلك مؤكدا أن مايتم هو بموجب القانون لا بخلافه، مضيفا: أن أي متضرر عليه اللجوء الى القضاء.
* لتواصل نقابة الصحفيين معركتها مع الوزارة امام تلك التصريحات، اذا أعتبر حافظ البكاري – امين عام النقابة – تلك التصريحات الوزارية، بأنها تشيرالى استقواء الحكومة والوزارة بالقضاء، معتبرا أن ذلك بدا وكأنه يتضمن إساءة مبطنة للقضاء وإشارة إلى عدم استقلاليته، حيث يبدو الوزير وكأنه واثقا أن القضاء لن ينصف المتظلمين إليه , ولن يقف إلا مع التوجه الذي تتبناه وزارته في فرض قيود أمام الحريات الصحفية ووضع قيود غير دستورية على إصدار الصحف.
* على ضوء تلك الاجابات الوزارية، كلف مجلس النواب في نفس اليوم، لجنة الإعلام والثقافة البرلمانية بالتحقيق في مدى قانونية إيقاف تلك الصحف والنشرات من قبل وزارة الإعلام وكذا بشأن السماح لصحف أخرى بالصدور دون قانون الصحافة، الذي تتحجج الوزارة بتطبيقه.
وكانت منظمة "مراسلون بلا حدود " العالمية طلبت في هذا الصدد ، من وزير الأعلام ردا توضيحيا عن مدى صحة الأتهامات الموجهة للوزارة بهذا الخصوص.
* الأعلام والقضاء:
منذ زمن والصحفييون يطالبون الحكومة انشاء محاكم إعلامية متخصصة ومستقلة، الا أن طلبا كهذا تعتبره الحكومة أمرا مستحيلا، ولذلك تحولت مطالبة الصحفيين الى العمل بالدستور والقانون والفصل بين السلطات، وهو ماتطالب به منظمات المجتمع اليمني على حد سواء، جراء الاستغلال السيء من السلطة للقضاء، اذ كيف يحكم قاضي بالعدل وهو تحت رحمة الحكومة بوظيفته، وسلطته!!
كما أن الحكومة لاتأبه لكون الصحافة هي السلطة الرابعة، بحكم أن القضاء - وهو السلطة الحقيقية في كل بلدان العالم الديمقراطية – يعتبر جزء من السلطة التنفيذية للحكومة، ولذلك الأمر تحدث المجازر الصحفية من حين الى أخر ، فالى جانب الأحكام القضائية المتفرقة خلال العام، والقاضية بإيقاف صحف وحبس صحفيين وفرض غرامات مالية كبيرة .
أقدم القضاء الحكومي بداية هذا الأسبوع على أرتكاب مجازر صحفية جديدة، حين أصدرت محكمة جنوب غرب أمانة العاصمة صنعاء حكما بسجن عدد من الكتاب والصحفيين، الى جانب رؤساء تحرير صحيفتي التجمع والإحياء العربي ( من أربعة الى ستة أشهر) بتهم الإساءة للعلاقات اليمنية السعودية، ورئيس تحرير صحيفة الناس لمدة ثلاثة اشهر بتهمةالأساءة لصادق أمين أبو راس وزير الإدارة المحلية، وتغريم الصحيفة خمسون الف ريال.
جآءت تلك الأحكام بطريقة غريبة، كما وصفها عضو هيئة الدفاع المحامي جمال الجعبي، الذي أوضح غرابتها من كونها جآءت في الوقت الذي كانو ينتظرون فيه رد النيابة على الدفوع التي تقدمت بها هيئة الدفاع في القضية منذ أربعة اشهر، مؤكدا أن هذه الفترة كانت لآخر جلسة خصصت لرد النيابة، ولكن وعلى حين غرة – يقول الجعبي - نفاجأ بموعد الجلسات وتقديم النيابة ردودها ومنعنا من تقديم تعقيبنا عليها ومن ثم حجزت القضية للحكم قبل استكمال المرافعات، وتم النطق بالحكم في نفس الجلسة.
هذا فيما أصدر قاضي محكمة جنوب غرب امانة صنعاء – هذا الاسبوع أمرا بإلقاء القبض القهري على محمد عبد الوهاب اليوسفي رئيس تحرير صحيفة (العاصمة) المحلية بحجة تغيبه عن حضور الجلسة، وأنتقد محامي الصحيفة أمين النجدي هذا الأجراء الفوري والسريع قائلا: كان من الأولى على رئيس المحكمة أن يتدرج في القبض، من خلال الشرطة القضائية أولاً وليس بإلقاء القبض القهري مباشرة. وبررعدم حضور موكله إلى ستمرار التأجيل الإداري لقضيته من قبل المحكمة.
* قضية الخيواني والشورى:
تأتي هذه الأحكام في الوقت الذي مازالت فيه نيابة الصحافة والمطبوعات تحقق مع سبعة صحفيين وكتاب كتبوا مقالات وتقارير في صحيفة الشورى قبل الحكم بأغلاقها ستة أشهر وحبس رئيس تحريرها الصحفي عبد الكريم الخيواني مدة سنة كاملة، وكانت مجاميع من الصحفيين والصحفيات وقيادات من منظمات المجتمع المدني، أعتصمت صباح الأثنين الماضي في نقابة الصحفيين مطالبين الحكومة والقضاء بسرعة البدء في إجراءات المحاكمة وعقد جلسة الأستئناف الأولى في القضية، والتي لم تعقد منذ 5 سبتمر الماضي، بعد أن تقدمت هيئة الدفاع في القضية بعريضة الأ ستئناف منذ صدور الحكم.
قضية الخيواني شكلت رايا عاما دوليا ضد الحكومة اليمنية وصلت – بحسب بعض الكتابات -الى تهديد بعض الدوائر المهمة في الأمم المتحدة بإعادة النظر في الدعم المقدم لليمن ، يأتي هذا التصعيد بعد تلك الاشادات الدولية لتوجيهات الرئيس بعدم حبس الصحفيين في قضايا الرأي، الا أن طابع القضية السياسيى منع الحكومة من تنفيذ توجيهات الرئيس، بل جعلها تستخدم القضاء لمخالفة الدستور والقانون، دون الألتفات لتلك التهديدات الدولية، وبيانات المنظمات والأتحادات الدولية، الصادرة من مختلف انحاء العالم.
* نقابة الصحفيين اليمنيين، هي الأخرى حاولت أستخدام عدة طرق لتفعيل القضية، الا ان أصرار الحكومة حينا، ووعودها أحيانا أخرى، جعلت فعاليات النقابة اشبه بالعاجزة عن تقديم شيء لحل القضية، وهو مادعى الخيواني الى الشعور بالوحدة من دون قبيلته الصحفية، وأستخدمت الحكومة هذه الطريقة بتعاملها مع القضية، لتقدم وعودها للصحفيين بأن الأنفراج قد حان، كلما شعرت أو أبلغت عن عزم الطرف الأخر، أستخدام وسائل ضغط تؤثر على السجل اليمني في قضايا حقوق الأنسان، هذا الى جانب استخدام الأسلوب الدبلوماسي، لقتل الحقائق في المحافل الخارجية،إذ علمت "الصحوة نت" أن الأتحاد الدولي – الذي تواصلت معه النقابة بخصوص تفعيل القضية - كان يعتزم أرسال رسائله الى السفارات الدولية والمنظمات المانحة لوضعهم أمام الأختراقات اليمنية المتكررة لحرية الراي والتعبير، وبالخصوص قضية الخيواني، كانت اطراف اخرى قد ابلغت الأتحاد بعزم اليمن حل القضية خلال أيام، وهو ما أستغرب له مندوب الأتحاد الدولي الذي حضر الى اليمن بداية هذا الشهر ليكتشف أن الخيواني مازال في غيابات السجن.
ومثل ذلك تفعل الحكومة مع النقابة، وكان آخر لقاء لها بوزير العدل يوم الأحد الماضي، أصدرت بعده النقابة بيانا أشارت فيه الى وعود الوزير بالبدء الفوري بأول جلسة استئنافية، حالما تتم الحركة القضائية( أمس الأربعاء). وهو مادعى الصحفيين - الذين كانو عازمين على مواصلة أعتصامهم التاجيل الى حين الأعلان عن المحاكمة- الى رفع أعتصامهم ايام أخرى أمام وعد الوزير.
* العام 2005م:
يرى بعض المراقبين أن الأسراع بوتيرة الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الصحافة، نابع من ارادة قد تكون حسنة لجعل العام القادم 2005م عام الحريات الصحفية، تنفيذا لوعود قطعتها بلادنا أمام المانحيين، والمنظمات الدولية، بالبدء الحقيقي باتاحة الحريات الصحفية كشرط مهم لاستمرار الدعم. ولذلك فانها تضطر الأن الى أغلاق هذا الملف الأسود بتسويده، على أعتبار أنه لايدخل ضمن الأتفاق الجديد.
ولذلك يرى المراقبون أن قضية الخيواني الشائكة ستكون ضمن أجندة الأتفاق بهذا الشأن وانها ستحظى بانفراجا متوقعا عما قريب، الا أن هذا الأحتمال لا يجب الأخذ به على أنه حقيقة، حتى لا يقضي على فعاليات الصحفيين للضغط المستمر من أجل اطلاق سراحه.
ومع ذلك يرى البعض أن الدولة لن تستطيع الأيفاء بالتزاماتها امام المجتمع الدولي، بهذا الشأن، الا اذا بدأت اولا بأصلاح حقيقي لقانون الصحافة والمطبوعات، والغاء المواد السالبة للحريات الصحافية، الى جانب أحترام القضاء وفصله عن السلطة التنفيذية، والعمل على تقويته واستقلاليته، من جهة, ومن جهة آخرى ضرورة تقوية نقابة الصحفيين اليمنيين، وأبعادها عن التبعية والسيطرة الحكومية.
لا تعليق
الجنوب دولة حرة من عدن الى المهرة
Bookmarks