منح الفقراء تذهب بأولاد المسؤولين الى منتجعات أمريكا وأوروبا
* أنيس الجهلاني
براءة الطفولة هنا تحترق في ورش الحديد والمقاهي وأماكن العذابات.. حتى أنتم أيها الشباب الفقراء لم تحاولوا أن تسألوا أنفسكم ولو مرة واحدة حول جدية البقاء وسط كائنات بشرية مفترسة! ثم هل كنتم تعلمون أن 10% من هذا القطيع سيسرقون اللقمة من أفواهكم وسينهبون ثرواتكم ثم سيكون أبناؤهم من بعدهم أمراءكم ووزراء حكوماتكم؟
أداء القسم الوطني من أكبرهم حتى أصغرهم لا يقصد به عندهم سوى خدمة أنفسهم وتأمين مستقبل أولادهم لمئات السنين، أما أنتم فكل الأوباش تقف أمامكم. الرئيس بنفسه لم يتوان في إصدار قرارٍ يقضي فيه على ما تبقى من أمل لدى جيل من الشباب لا لشيء بقدر محاولته إرضاء أحد كبار رجال قصره الرئاسي بعد أن خسر ابنه في اختبار قبول الابتعاث المحدد للتنافس من قبل شركة كنديان نكسن النفطية وعلى أساسه يوفد الناجحون للدراسة خارج البلد.
الرجل فشل في فرض أحد أبنائه على الشركة بإدراجه ضمن المبتعثين كما فشل قبله مسؤولون حاولوا فعل ذلك، وكون الرئيس
طموحكم يحتضنه السراب وآمالكم تتبخر في الهواء ووطنكم يغرق في وحل الفساد
يشجع أبناء المسؤولين على التعليم وتأهيل أنفسهم حتى يستطيعوا تولي مناصب كآبائهم فقد أثار حفيظته إجراءات «نكسن» في اعتمادها معياراً علمياً دقيقاً يخضع المبتعثين للتنافس وهو ما يفشل فيه دائماً أبناء المسؤولين ويحضى بها غيرهم من عامة الناس وتحديداً فقراء تعز، هذا ما لم يرضَ عنه الرئيس وكأن هؤلاء الآخرين ليسوا من رعاياه.
التعليم سابقاً كان مقتصراً على أبناء الأئمة وأعوانهم دون غيرهم الذين كان عليهم أن يعيشوا حياتهم في ظل نظام ملكي عليه سور من القداسة لا يجرؤ أحدٌ منهم مخالفة «العكفة» لكن الذين خلفوهم الآن لا يبدون أفضل منهم وإن أصبح شعار «التعليم للجميع» مشاعاً بين العامة بيد أن التمييز واضح فكثير من القرى مازالت بدون مدارس أبناؤها يفترشون الأرض ويستظلون الأشجار بينما أبناء المسئولين يتلقون تعليماً خاصاً في أرقى المدارس الأهلية داخل البلد وخارجها، وفي ظل هذا الوضع أصبح الجد والاجتهاد لا قيمة لهما ومعيار النسب العالية والمعدلات المرتفعة في التحصيل العلمي وأوائل الجمهورية تفترش الإسفلت لتدوس عليها وعليهم جزمات الساسة وعلية القوم.
لرفع مستوى التنمية تقوم الدولة بابتعاث أوائل الخريجين في الثانوية العامة والكليات الجامعية إلى دول أجنبية لتأهيلهم حتى تستطيع النهوض سريعاً في كافة جوانب الحياة، لكن النظر في أسماء المبتعثين إلى تلك الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وكندا لا يجد بينها مبتعثاً واحداً تتوافق أولويات دراسته مع نظم ومعايير الابتعاث فنسب معدلاتهم لا تصل إلى تقدير جيد في حين نجد أنه لا شيء يساعدهم على ذلك سوى أن وراء أسمائهم آباءٌ يشغلون مناصب عليا في الدولة (وزراء وسفراء وأعضاء في مجلسي الشورى والنواب وقادة في الجيش والأمن) هؤلاء جميعاً فرضوا نفوذهم من أجل إعاشة أسرهم في مستوى الرفاهية ووفروا لهم تعليماً أفضل ووظائف في أماكن هامة تدر عليهم أموالاً طائلة كان يفترض أن يذهب بها لتحسين مستوى الصحة الغائبة في بلدنا، إلا أن هؤلاء لم يكتفوا بتحقيق ذلك لأبنائهم مما ينهبونه من خزينة الدولة إذ جندوا أنفسهم لمطاردة أحلام عامة الناس وتحويل مخصصات التأهيل والابتعاث لصالحهم في حين كانت مخصصة للمبرزين علمياً والقادرين فعلاً على الإبداع ومقدمات تحصيلهم العلمي دالة على ذلك إضافة إلى كون ذلك محدداً وفقاً لمعايير معينة تخضع للتنافس بين الأغنياء والفقراء وهو ما لم يكن مقنعاً لشلة السلطة والحكومة نظراً لخلو أبنائهم من شروط تلك المعايير، فعملوا على أخذ ذلك بقوة نفوذهم وتلاعب الجهات المختصة دون إعارة القوانين المنظمة للابتعاث ومعاييره أدنى اهتمام مع إلغاء الحقوق الأساسية للآلاف من شباب هذا الوطن، ينثر مأساتهم «محمد» في قصة اغتيال طموحه، حيث ولد في
قرية آنس بمحافظة ذمار حينها يكون في استقباله زلزال مدمر فيظل فترة ما قبل التعليم يداعب أحجار منزله الذي هدمه الزلزال كما فعل بمنازل جيرانه، ومع حادثةٍ كتلك بدأ أطفال ذمار يحاربون في مواجهة غير متكافئة قواها يمثل طرفها الآخر قساوة الطبيعة المؤلمة وأعداء البشر من جنسهم الذين تولوا مهام استقبال التبرعات من الدول المجاورة لإعادة إعمار ما أحدثه الزلزال. وفي حين ظل أبناء آنس بدون مأوى وأولئك يشيدون قصوراً لهم في المدن الراقية ولتعتيم موضوع تلك المساعدات والهبات قاموا ببناء مساكن صغيرة غرفها أشبه «بأكشاك» الحراسة. بالطبع هذا لا يهمنا الآن، ما يهمنا هو موضوع «محمد الآنسي» وأمثاله الآلاف من فتية جيل اليوم الذي ظل فترة تعليمه الأساسي يقطع مسافات طويلة إلى مدرسته التي تبعد كثيراً عن منزله يساوره طموح عالٍ بمستقبل أفضل يقول: «تذكرت طموح طفولتي في تحقيق مراكز متفوقة في اختباراتي حتى أصبح طبيباً أو طياراً لكن ما واجهته مختلف عن ذلك تماماً» يضحك بحسرة.. يبدو من ملامحه اليأس ونفور في النفس من كل شيء فبعد كل معاناته وآلامه أكمل تعليمه الثانوي بتقدير امتياز 93%. ظل الأمل يحدوه في أروقة وزارة التعليم العالي في ابتعاثه للدراسة خارج الوطن كون معدله يمنحه ذلك لم يكن يعلم أن قروية أبيه وشغره وظيفة سائق سيحرمه من الحصول على حقوقه كاملة دون انتقاص. مرور الأيام ودخول محمد معترك الحياة جعلاه يعرف أشياء كثيرة ويؤمن بأنه إذا كان يريد الدراسة حسب الشروط المعمول بها في الابتعاث لم يعد ضرورياً الانطباق عليه إذ أن من الضرورة أن يولد في أسرة يحتضنها المال والجاه والسلطة أو أن يكون أبيه وزيراً أو سفيراً أو قائداً عسكرياً، مالم يكن غير ذلك فلن يحصل على شيء حتى وإن كانت مهاراته وقدراته تفوق الخيال.
أسماءٌ كثيرةٌ أخذت أماكن الكثير من الفقراء وعامة الناس، هذه الأسماء لم يكن لها ما يؤهلها سوى قربهم من أناس يديرون وزارات ومؤسسات حكومية ويتمتعون بأقوات قطاع واسع من البسطاء.. تجاوزوا مسؤولياتهم وخرقوا القوانين المنظمة لتسيير شؤون البلاد.. يمارسون الفساد يومياً ويصرخون منه دون أن يجدوا أحداً يحاسبهم.
عامان كاملان كان على (وضاح) الاقتناع بأن محاولته للحصول على منحة دراسية غير مجدية رغم انطباق كامل شروط الابتعاث العلمية عليه فأخوه ليس إلا موظفاً بسيطاً في وزارة الابتعاث أما زميله الذي بدأ دراسته معه في عام واحد وتخرج بعده بتقدير مقبول بعد وساطة أبيه، هذا الطالب ساعدته دبلوماسية والده الذي يعمل في وزارة الخارجية اليمنية أن يحصل على أمر استثنائي في الابتعاث إلى أي دولة يختارها هو، هذا الأمر لم يأتي من سائق أو بائع متجول بل من رئيس الحكومة اليمنية «باجمال».
«محمد الآنسي» - لا علاقة للقبه مع مدير مكتب رئاسة الجمهورية علي الآنسي الذي أرسل أبناءه للدراسة في أمريكا ومن حصة الفقراء - إذ لم يعد لدى محمد كما أخبرني متسع لسماع خطابات الرئيس وتصريحات باجمال في خصوص الابتعاث وكذا التوظيف لأن ما يقولونه غير ذي جدوى، فأفعالهم لا تطابق أقوالهم ويعتبره هراء منهم ومحاولة لدغدغة مشاعر المواطنين لا غير، ويضيف: «أولئك حقاً أعداؤنا يأخذون حقوقنا ويمنحوها لأبنائهم ويصبحون فيما بعد مدراء ووزراء في ظروف قليلة وسهلة، حينها يغيب الوطن وتسود سلطة المعتوهين".
تجاوزات الابتعاث والتوظيف لأبناء المسئولين واضحة لدى الفقراء فجميعهم يستطيع النظر إلى قيادة القوات الخاصة والحرس الجمهوري وقيادة الأمن المركزي والأمن السياسي وكذا الأمن القومي - ويعرفون أن من يتربع عليها من حاشية أسرة الرئيس وأعوانه المقربين الذين يصر دائماً في خطاباته على تذكيرنا بأن محاربة الفساد قولاً أكثر من كونه فعلاً ويؤكد لأفراد الشعب ضرورة تطعيم سلطة الحكم من الأقارب والأسرة رغم حداثة تجاربهم في جوانب القيادة وتولي زمام الإدارة ناهيك عما يمارسه المسؤولون في مواقعهم واستغلالها لصالح الفكرة نفسها التي كرسها الرئيس.
كل تلك الممارسات السابقة لقيت قبولاً - على مضض - لدى المواطنين لكن أن يصل بهم ذلك إلى الاستيلاء على حصص فقرائهم في قطاع التعليم ونظام الابتعاث فهو مالا يعقل بالمطلق. وهل يعقل أن يصدر الرئيس توجيهات بإيقاف الابتعاث إلى الخارج إلا في مجال التخصصات النادرة ولذوي الكفاءة وضرورة إخضاع ذلك لمعايير التفوق وفي نفس الوقت يصدر أوامر رئاسية لأبناء مسئولين في تخصصات لم تعد البلد بحاجة إليها ونسبهم التأهيلية لا تزيد عن المقبول؛ ومع هذا يصدر قراراً آخر يوقف فيه المنح المعتمدة من كنديان نكسن التي تتكفل هي بنفقات الابتعاث والدراسة، يفعل ذلك الرئيس لا لشيء سوى لعدم استفادة أبناء المسؤولين منها فالشركة لا تعتمد معيار النفوذ لدى آباء المبتعثين، إنما تعتمد على اختبار قدرات الطلاب دون تمييز وهو مالم يرض عنه الرئيس غير أنه لم
لا حلم لكم سوى الفقر والبطالة، والقهر والألم واليأس، دون أن يندب حظكم هذا عدا الموت وأنتم والشقاء
يلتفت إلى الدارسين في أمريكا وكندا وبريطانيا على نفقة الدولة وتجاوزت إقامتهم هناك مدة الابتعاث المحددة إلى الضعف، ومع ذلك ماتزال وزارة التعليم العالي تدفع ثمن فشلهم وإقامتهم هناك مع أن هذه المنح كانت أصلاً من حقوق الطلاب المتفوقين، إذ تشير المعلومات إلى أن ما نسبته 98% من المبتعثين إلى أمريكا وكندا وبريطانيا مخالفة لقوانين ومعايير الابتعاث وجميعهم حصلوا عليها بأوامر عليا كونهم ذوي سلطة ومراكز نفوذ خولت لهم ذلك. إضافة إلى ذلك معلومات تؤكد أن أغلب المبتعثين إلى تلك الدول يستلمون مبالغ الابتعاث ورسوم الدراسة من أكثر من جهة مثل وزارة التعليم العالي ووزارة الدفاع ووزارة الداخلية ورئاسة الوزراء وشركة النفط اليمنية وهذه الأخيرة تقوم بابتعاث طلاب إلى دول أجنبية دون الإعلان عن تلك المنح إذ يحرم منها الكثير من أوائل الثانوية العامة ويتم توزيعها على أبناء النافذين والمسؤولين وهو ما يؤكد خرافية الإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد الذي تدعيه الحكومة لأن من يدعون القيام بالإصلاح هم من يفسد أسسه ويعطل آلياته.
«الوسط» تنشر بعض أسماء المبتعثين للدراسة في أمريكا وكندا وبريطانيا كإشارة كافية ودليل قاطع على مدى استغلال المسئولين لمناصبهم.
الاســــم
ياسر عبدربه منصور
نشوان علي الآنسي
أحمد علي الآنسي
ربيع علي الآنسي
إيناس علي الآنسي
علي عبدالله الآنسي
طارق عبدالهادي الهمداني
محمد عبدالهادي الهمداني
زهير عبدالله البشيري
فتح علي علي مقصع
نصر علي علي مقصع
مقصع محمد علي مقصع
محمد أحمد صلاح مقصع
بشرى أحمد مقصع
علي محمد ناجي الغادر
يزن عبدالكريم الإرياني
رويدا عبدالكريم الإرياني
ذودان عبدالكريم الإرياني
يحصب الإرياني
تهاني الإرياني
شيرين عبدالملك الإرياني
لارا عبدالغني الإرياني
الحسن عبدالملك منصور
علي عبدالرحمن الأكوع
كمال حسين محمد عرب
أحمد حسين ضيف الله العواضي
أيمن قاسم بريه
محمد علي أحمد الكحلاني
وليد يحيى أحمد الكحلاني
أمل أحمد محمد لقمان
أشرف أحمد لقمان
محمد عبدالواحد البخيتي
محمد عبدالواحد الربيعي
منير ناجي علي الظليمي
صدام ناجي علي الظليمي
جمال عبدالناصر القوسي
هشام عبدالملك المعلمي
مجدي علي أحمد السياغي
عمار منصور أحمد سيف
غمدان درهم نعمان
علي عبدالله الدفعي
أيمن عبدالله السنفي
محمد عبدالله الضبي
خديجة عبدالله الضبي
أحمد رياض القرشي
عبدالله عبدالملك العرشي
وليد عبدالملك العرشي
غيمان مطهر السعيدي
لؤي خالد إسماعيل الأكوع
يزن عبدالله السعيدي
خالد محمد عبدالواسع الطيب
يحيى عبدالله الزين
نسرين عبدالله الزين
عمار عبده علي أبوشوارب
أحمد ضيف الله شميله
علي ضيف الله شميله
منقول من جريدة الوسط اليمنية
Bookmarks