منقول :المخطط الإسرائيلي ... والوحدة اليمنية
--------------------------------------------------------------------------------
المخطط الإسرائيلي ... والوحدة اليمنية
ناصر مُحسن باعوم
الأحد - 24 - مايو - 2009
{ اطَّلعتُ على مقالٍ بعنوان «الطريق إلى البحر المفتوح»، للكاتب اليهودي «هـ . ح»، والذي تمَّ نشره في إحدى الصُّحف الاسترالية عام 3991م، يقول فيه : «مُنذُ فترةٍ طويلةٍ ترجع إلى ما قبل قيام إسرائيل في قلب العالم العربي، بدأنا نُخطِّط لصياغة أمننا الاستراتيجي ضمن إطارٍ لا يحدو دُول الطوق، إنَّما يمتدّ جنوباً إلى البحر المفتوح، (البحر العربي).
كان الانتصار العربي في حرب يوم الغُفران 3791م، بوَّابةً دخلنا من خلالها لتدبير وصياغة اتِّفاقيات (كامب ديفيد).
وكانت أيضا أزمة الخليج سانحةً، طرحنا في أوجِّها مشروعاً تكتيكياً للسلام مع أطراف النزاع العربي مع إسرائيل، لنجمد جيوشها واسلحتها الهجومية ولا يُخالجنا شكٌّ في تداعي كُلّ دُول المنطقة الواحدة بعد الأُخرى، والمسألة - فقط - مسألة زمن.
حيث أنَّنا نتحكَّم في توقيت السُّقوط بما يُلبِّي المُتطلَّبات الإعلامية لكسب الرأي العام العالمي، إنَّنا نسعى، عبر الشخصيات اليهودية المُتنفِّذة في دوائر الحُكومات في أمريكا وأُوروبَّا وآسيا، إلى تسويق مبيعات السلاح إلى دُول المنطقة بصُورةٍ تضمن لنا التفوُّق الاستراتيجي، لأنَّه الضمان الأقوى لبقاء إسرائيل قويَّةً تستطيع أن تحقق أهدافها التوسعية، وساعتها سنُدير رُؤوسنا لكُلِّ اتِّفاقٍ يُحجِّم من طُموحاتنا الإقليمية.
وأضاف الكاتب اليهودي: إنَّ الكيان السياسي الجديد، الذي ظهر يوم 22 مايو 0991م، يقصد الإعلان عن الجمهورية اليمنية بما يتوفَّر عليه من عناصر القُوَّة الاستراتيجية، يُشكِّل مصدر قلقٍ كبير، إنَّ حزامنا الأمني يمتدّ جنوباً إلى البحر المفتوح، (البحر العربي)، إنَّ مُؤشِّرات الخطر لا تتمثَّل في ثروته النفطية الكامنة، بقدر ما تتمثَّل في دولةٍ ضربت الرقم القياسي عالمياً في نسبة زيادة سُكَّانها وتطلُّ على أكثر من ألفي كيلو مترٍ من السواحل البحرية في الجنوب والغرب والشرق على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، مُشكِّلةً بذلك الاحتمال الأكبر أمام طُموحاتنا البحرية.
إذ أنه وبعد تحريك عملية السلام في الشرق الأوسط لم تَعُدْ نظرية تباين النُّظم السياسية في الدُّول العربية الأساس الوحيد لضمان أمننا الاستراتيجي حتَّى البحر المفتوح، ونجد الآن أنَّ الخيار الأمثل هُو خيار التفتُّت والتجزئة، وواقعياً يُمثِّل اليمن، بما يحتمله من تناقضاتٍ داخلية، سياسيةٍ وثقافيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ ومذهبية، مجالاً خصباً لإثارة الأزمات دُونما جُهد.
وقال الكاتب اليهودي: إنَّنا نعمل مع أصدقائنا لنزيد من حدَّة التناقضات التي ستشلّه وستُحيله كسيحاً لعامٍ أو عامين وستُوزِّع أشلاءه بين بُطون القبائل والمناطق، لقد كُنَّا مُنذُ العام الماضي نرصد وندعم بقُوَّةٍ نحو المناطقية في اليمن، كشأننا في كُلِّ الدُّول والمناطق التي تُمثِّل بُؤرةً لخطرٍ ماثل، إنَّ الوصول إلى البحر المفتوح (أُمنيةٌ) لنا سَنَعْبُر إليها عبر الأزمات والحُروب وعبر تقسيم اليمن ثلاث دُويلات».
إلى هُنا انتهى المقال، وللقارئ الكريم التفحُّص والتمعُّن في كُلِّ ما ورد فيه.
نحنُ معشر اليمانيين يحقُّ لنا أن نعتزَّ ونفتخر بوحدتنا، كونها بحقّ تُعتبر الصفحة الوحيدة «ناصعة البياض» في تاريخ أُمَّتنا العربية والإسلامية المُعاصرة، وعلينا أن ندرك جيِّداً أنَّ هُناك أطرافاً إقليميةً ودوليةً تتربَّص بهذا المُنجز الحضاري العملاق، وأبسط مثالٍ على ذلك ما ورد في المقال آنف الذكر، وعلينا - أيضاً - أن نعي وندرك أنَّ مُنجزاً عملاقاً بهذا الحجم لا بُدَّ أن تُصاحبه الكثير من الأخطاء والاختلالات في مُختلف الجوانب الإدارية والمالية والاقتصادية والأمنية... إلخ، لأنَّ بناء دولة المُؤسَّسات الحديثة العصرية ليس بالسُّهولة التي يتصوَّرها البعض، خاصَّةً في مُجتمعٍ مثل مُجتمعنا بتعقيداته الاجتماعية والاقتصادية والعلمية، ولا بأس من الانتقاد البنَّاء لكُلّ المظاهر السلبية أينما وُجِدَت، وطرح البدائل الإيجابية ومُحاربة الفساد والمُفسدين والمُتنفِّذين وبكُلّ الوسائل التي كفلها الدُّستور، لأنَّ تلك المظاهر السلبية لا تمسّ مُحافظةً أو منطقةً أو مذهباً بعينه، وإنَّما تمسّ البلد بشكلٍ عام، وبالمُقابل تتحمَّل الدولة مسؤولية المُعالجات التي تُلبِّي احتياجات وطُموحات الشارع اليمني دُون مُماطلةٍ أو تسويف، وفي إطار الثوابت لا بُدَّ من الحوار الدائم والمُستمرّ بين مُختلف القوى والفعاليات السياسية، لأنَّه المخرج الوحيد لأيَّة مُشكلةٍ تبرز.
إنَّ مَنْ يعتقد أنَّ تغذية رُوح المناطقية أو المذهبية هي الحُلُّ لمشاكلنا، هو، بكُلِّ تأكيد، مُخطئٌ ويخدم مُخطَّطات الأعداء، إنَّ الحلَّ هُو استمرار كُلّ اليمنيين في مُطالبة الدولة بإصلاح الاعوجاج أينما وُجِد، واستمرار الحوار الهادف إلى الرُّقيّ بمُجتمعنا ومُعالجة كُلّ الاختلالات، وعلينا - أيضاً - أن نتَّعظ ونستفيد ممَّا يحصل حولنا في العراق والصُّومال، نتيجة «الفوضى الخلاَّقة» التي يُروِّج لها الأعداء ويُصدِّقها البعض في بلادنا وعالمنا العربي الإسلامي، ومهما كانت المظالم وأحقِّيَّتها، فإنَّها لا ترتقي إلى التفريط بالوحدة اليمنية التي تُعتبر قَدَرنا ومصيرنا ومُنجزنا الحضاري العملاق.
لقد بات جليَّاً وواضحاً الآن للكُلّ أنَّ هُناك مشروعاً سياسياً خطيراً له ارتباطٌ مُباشرٌ بما ورد في المقال أعلاه، يتوجَّب على كُلّ وطنيٍّ شريفٍ التصدِّي له، ولا بُدَّ من تعميق وتجذير رُوح الإخاء والمحبَّة والانتماء إلى هذا الوطن المعطاء.
> وكيل وزارة الصحَّة العامَّة والسُّكَّان
Reply With Quote
Bookmarks