حدى التركيز على تغلغل تنظيم القاعدة في اليمن بحكومات دول عدة إلى التضييق على المواطنين اليمنيين المقيمين بها فهناك دولة في المحيط الإقليمي أوصدت أبوابها تماما في وجه إستقدام عمالة جديدة من اليمن تحت ذات الذريعة وذرائع أخرى واهية ، وأخرى وثالثة تمارسان أشد أساليب الإنتقاص من الكرامة الإنسانية للمسافرين بالحافلات من المواطنين اليمنيين المقيمين بها أو القادمين عبرها لا تمارسها حتى سلطات الدولة الصهيونية ضد الفلسطينيين ، نحن كمواطنين يمنيين لا ننكر الإجراءات الإحترازية الأمنية من جانب الدول لحماية نفسها من تهريب الأسلحة أو الدخول بجوازات مزوّرة ونرفض التعسف ضد المواطن اليمني وما يتم بحقه من إجراء تفتيشي دقيق وإهانات لفظية جارحة وتعجيز في المعابر المؤدية لدول الجوار توحي لمن يعايشها تجاوزها لما يمكن أن نطلق عليه تفتيشا روتينيا عاديا إلى ما هو أبعد من ذلك وليس أمامنا سوى إطلاق صفة الإرهاب عليه ضد المواطن اليمني ( إن جاز التعبير ) لإشعاره دائما وأبدا بالإذلال وتحطيمه نفسيا وبصورة متعمدة ومدروسة لابقائه في وضع المستجدي الذي يفترض فيه العيش بين ظهراني مضيفيه بأدب ووداعة علما بأن اليمنيين اشتهروا ومنذ الأزل كشعب عربي عريق بالإلتزام بالعادات والتقاليد العربية الأصيلة التي فرطت فيها كل الدول العربية اليوم إن لم تكن غالبيتها ولا زلنا متمسكين بأهدابها .



عندما يتساءل سائل عن سر التفتيش المكثف في المعابر وأسباب المنع يواجه بجواب فريد وحيد لا ثاني له مفاده أن اليمن تشكل أرضا خصبة للإرهاب ويمكن لقادة تنظيم القاعدة التغلغل في أوساط المواطنين اليمنيين لجنيدهم لصالح التنظيم الإرهابي إما بإستغلال حاجة بعضهم المادية بسبب الفقر أو لتضامنهم مع بن لادن كونه ينحدر من أصول يمنية وينادي بما يسمى بالجهاد ضد الكفر مستغلا قصور الفهم في الأوساط ليوحي لمن يجندون لصالحه أنهم يخوضون معركة ضد الكفر والكافرين سيكون ثمنها الجنّة .



ما يجري من تعسف ضد اليمنيين يستلزم منا إلقاء نظرة سريعة على تغلغل التنظيمات الإرهابية في دول المنطقة وعلى راسها تنظيم القاعدة ومنها يتضح لنا بشكل جلي لا يقبل التأويل أن السعوديين يشكلون الغالبية العظمى من أتباع ذلك التنظيم والمعارك المحتدمة اليوم بين السلطات السعودية والخارجين عليها تشير بكل وضوح وقوع مواطني دولة آل سعود في المرتبة الأولى من الإنتماء لتنظيم القاعدة وغيره من التوجهات السلفية التي أصبحت تعج بها الساحة اليوم تليها دول أخرى ومنها اليمن التي لا تشكل مقارنة بحجمها البشري الكبير بغيرها من دول المنطقة رقما ذو أهمية في التشكيل الهرمي للمنظمّين للتنظيمات الجهادية الإرهابية وإن حوت كل قاعدة شواذ يمكننا تصنيف شواذ القاعدة في اليمن بكبار المتنفذين السسياسيين والدينيين والقبلييين من أمثال الشيخ عبد المجيد الزنداني والشيخ المؤيد وعلي سنيان الحارثي وبعض المهاجرين إلى أمريكا من ذوي الأصول اليمنية الذين حاربوا في صفوف تنظيم القاعدة وحركة طالبان وغيرها من الحركات الدينية الجهادية المتأسلمة أو مدوها بدعم مادي ومعنوي لم يصل في مجمله إلى إرسال الموجات البشرية واحدة تلو الأخرى في فترة من فترات عمر الزمان مستغلين الحاجة المادية والنعرة الدينية معا لبعض ضعاف النفوس وليس لكل الشعب اليمني في وضع شبيه أو مماثل للسعودية عندما فتحت الباب على مصراعيه أثناء الحرب الباردة بين قطبي العالم وشجعت مواطنيها دون مواربة على الإنخراط في صفوفهم معتبرة ذلك العمل عملا جهاديا كونه حظي بمباركة أمريكية قبل أن ينقلب السحر على الساحر ، أما ما حصل في اليمن التي لا ننكر قيام تنظيمات جهادية محلية بها مقارنة بالسعودية فيختلف كثيرا عن فكر تنظيم القاعدة وفكر مموليها من رجال السياسية والمال والأعمال الذين قدمت بهم أمريكا كشوفات للدولة السعودية ولسان حالها يقول كما قال المسيح عليه السلام وأنبئكم بما تدخرون في بيوتكم ، فقد حوت بلادنا تنظيمات جهادية مثل تنظيم الجهاد الذي تزعمه طارق الفضلي وغيره من الدائرين في فلكه وجيش عدن أبين الإسلامي الذي ادعى قائده المعتوه أبو الحسن المحضار قيام جيشه تنفيذا لوصية نبوية تفيد بخروج جيوش التحرير من عدن وغيرهم من الناشطين الفرديين التابعيين لشيوخ في اليمن يؤمنون بالفكر الوهابي المتزمت ويستمدون فكرهم العفن من شيوخ القلعة الوهابية القابعين في الرياض وما حولها ولا تتجاوز أنشطتهم ما تمارسه هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المبتكرة سعوديا من معاداة بقية الفرق الإسلامية تحت ذريعة أنها على باطل ، واستطاعت الدولة اليمنية في حرب 1994 التي دارت رحاها بين الاخوة الأعداء تجنيد تلك الجموع للقتال إلى جانبها ضد من أسمتهم بالماركسيين الملحدين وقضت على تطلعاتهم بضم قياداتهم إلى حزب المؤتمر الشعبي العام ومنح رواتب دون وظائف للعوام من أعضاء تنظيم الجهاد مع إلتزام منهم بالتخلي عن النهج المتشدد وبذلك أزالت خطرهم وتركت لجماعات أبو الحسن الحبل على الغارب لممارسة أنشطتهم العسكرية في معسكراتهم في أبين وقضت عليهم قضاء مبرما عندما استشعرت الخطر من جانبهم بعد تعرضهم للسواح الأجانب وحجز بعضهم كرهائن لمساومة الدولة على مطالب خاصة للتنظيم ستليها مطالب أخرى أعمق وأكبر ومن ثم عاودت الكرة مؤخرا بالقضاء على الإمتداد الطبيعي لتنظيم جيش عدن أبين الإسلامي بقيادة خالد عبد النبي في جبال حطاط وحيّدت قائد التنظيم بالاغراءات المالية وذوبت المنتيمن له من جديد .



بالنظر إلى أحداث كول والناقلة الفرنسية لمبرجر نجد أن اليمن ليست نشازا وما جرى من تجنيد للمنفذين في نيروبي والدار البيضاء لمحاربة النفوذ الأمريكي بإسم الإسلام أو الجهاد ضد الكفّار لعناصر يوكل لها تنفيذ المهمة جرى أيضا في اليمن وبحنكة ودراية تنم عن دهاء سياسي مارست الدولة أسلوب الإستتابة والوعظ والارشاد مع المجندين من غير القيادات التنظيمية وأطلقت سراح غالبيهم بعد التيقن من تخليهم عن إتباع نهج التكفير أو تشجيع القتل والإرهاب دون ضوابط وتحت ذريعة الجهاد ، ومن ينظر لبلادنا نظرة الخبير المدرك لتركيبتها السكانية يلحظ فورا أن الولاء فيها للقبيلة والمنطقة مترسخ ترسخا يصعب استئصاله ولا مكان فيها للولاء أو الإستقطاب الديني في أوساط المتعلمين أو العوام على حد سواء حيث يفضلون الإنتماء القبلي والمناطقي على ما سواه من إنتماءت دينية لم تكن تعرفها بلادنا قبل تسلل المد الحنبلي الوهابي المدعوم بالبترودولار إما لمقارعة الصوفية أو لتوسيع النفوذ السعودي على الأرض والإنسان اليمني بإسم الدين .. كل تلك المعطيات تفيد بضعف الإستقطاب لتنظيم القاعدة في أوساط اليمنيين ولو حدث تفجير في اليمن كالتفجيرات السابقة فرضا كرد فعل على السياسة الأمريكة والغربية عموما في المنطقة فسيكون بطبيعة الحال بتخطيط من عناصر تنظيم القاعدة التي تنفذ عملياتها وفق أولويات تنتهي بالتنفيذ في الدولة الأوهن من حيث التشديد الأمني ومنها اليمن إن تعذر التنفيذ في الهدف الأولى المنتقى .



بقى علينا تنبيه الأشقاء في دول الجوار بأننا شعب وصف بالإيمان والحكمة وتوارثها منذ العصور التليدة ولا تزال مترسخة في أوساطنا ، وبلادنا لم ولن تكن أبدا مكانا أو منبعا لتفريخ الإرهاب مقارنة بما يوجد من خلايا ناشطة وأخرى نائمة في بلدانهم ، وبن لادن وإن كان من أصول يمنية فقد ولد ونشأ في نجد والحجاز وشرب من كأس التكفير الوهابية حتى الثمالة وخرج على أولياء نعمته فور تضارب مصالحه مع مصالحهم فلماذا يحمل شعب بأكمله وهو شعب اليمن وزر نشاط وتخريب وإرهاب تنظيم القاعدة تحت حجة قابليته للإغواء وهو منه براء .. لقد قال فينا الرسول الكريم عندما أعلنا إسلامنا أفواجا جاءكم أهل اليمن هم أرق قلوبا وألين أفئدة الإيمان يمان والحكمة يمانية فلماذا تضيق علينا سبل العيش الكريم وتمتهن كرامتنا في نقاط التفتيش الحدودية تحت ذريعة إمكانية أن نكون مرتعا خصبا للإرهاب ( مع أننا براء منه براءة الذئب من دم إبن يعقوب ) أو أن تشترى ضمائرنا بدراهم معدودة ولماذا لا يوضع أدنى إعتبار لأن نكون من الزاهدين في إغراءات تنظيم القاعدة مقارنة بما سيعقبها من تلطيخ للسمعة لنا كمغتربين تهمهم سمعتهم كثيرا في أرض المهجر .


هل هي ذريعة الإرهاب إذا أم أن وراء الأكمة ماوراءها .


الا يعد المواطنون في دول الجوار أكثر منا إرهابا ؟


افتوني أفادكم الله .