القاهرة: محمد خليل
أكد علماء أزهريون أن لجوء بعض الشباب والفتيات إلى التعارف وابرام عقود الزواج عن طريق الانترنت باطل، وأن هذه الطريقة لا تعتمد شرعاً في الزواج المشروع ولا تترتب عليها آثار شرعية. وقد أثار ارتباط شاب مصري بفتاة استرالية بعد تعارفهما واتفاقهما على الزواج وقيامهما باحضار شهود وابرام عقد الزواج من خلال الانترنت تساؤلاً مهماً عن مدى مشروعية ابرام عقود الزواج عن طريق الانترنت وهل يقع الطلاق بهذه الوسيلة. في البداية يؤكد الدكتور عبد العظيم المطعني استاذ الدراسات العليا في جامعة الأزهر وعضو المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية بالقاهرة أن الصورة التي تحدث هذه الأيام بين الشباب والفتيات بواسطة الانترنت بأن يتحدث بعضهم لبعض ويتعارفوا ويتفق بعضهم على الزواج ويقوموا باحضار شهود على عقد الزواج في غيبة ولي الأمر وكل واحد في دولة لا يجوز شرعاً لأن عقد الزواج لا بد أن يتم في مجلس العقد. ويضيف الدكتور المطعني أن هذه الطريقة في ابرام عقود الزواج لا تعتمد شرعاً في الزواج المشروع ولا يترتب عليها حقوق شرعية لأي طرف من أطراف العقد، فإذا تم الزواج بهذه الطريقة فهو زنا.. ذلك لأن الزواج ليس ككل العقود وانما خصه الله سبحانه وتعالى بأنه ميثاق غليظ.
ويوضح الدكتور المطعني أن الزواج بواسطة الانترنت الذي يتم بين الشاب والفتاة في غيبة ولي الأمر زواج باطل لقول النبي «صلى الله عليه وسلم»: «أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل.. ثلاث مرات» بالاضافة إلى أن الزواج بواسطة الانترنت تحيطه الشبهة والتزوير وبالتالي فإن الطريقة التي يتم فيها اتمام عقد الزواج بواسطة الانترنت لا توصل الى المقصود من الزواج المشروع.
أما بالنسبة لايقاع الطلاق بواسطة الانترنت فيقول الدكتور المطعني ان الطلاق يقع إذا تأكدت الزوجة من هذا الطلاق وان الذي قام بتطليقها هو الزوج نفسه كأن تسمع صوته أو ترى صورته حتى لا يكون طلاقها مكيدة. ويجب على الرجل الذي يطلق زوجته بواسطة الانترنت أن يكتب لها ويقول لها صراحة يا فلانة أنت طالق. أما الداعية الاسلامي الدكتور عبد الصبور شاهين الأستاذ في كلية دار العلوم في جامعة القاهرة فيؤكد أن شريعة الاسلام أولت عقود الزواج وأحكامها عناية فائقة ولم تتركها للناس يضعون نظمها وأحكامها لذا فإنه لا بد من أركان لعقد الزواج هي الزوجان الخاليان من الموانع الشرعية، والايجاب والقبول، والولي والشاهدان، ويشترط أن يكون الايجاب والقبول في مجلس واحد فلا يصح أن يكون الشاهدان بعيدين عن المجلس وبناء عليه فإن ابرام عقد الزواج عن طريق الانترنت لا يجوز شرعاً. ويتابع الدكتور شاهين فشرط أساسي في عقد الزواج موافقة ولي الأمر وحضور الشاهدان فولي الأمر لا يعرف الشاب الذي يريد الزواج من موكلته عن طريق الانترنت ولكنه يوافق أو يرفض عندما يراه في مجلس ويتعرف عليه ويدرس مواصفاته وخلقه ودينه ثم يكون الاشهار عن طريق الشهود وحضور الأهل والأصحاب. ويضيف أن التعارف قد يحدث بين الشاب والفتاة عن بعد عن طريق الانترنت فقد يتحدثون ويتعارفون ولكن هذا لا يغني عن التعارف المباشر خصوصاً لولي الأمر لأن النبي «صلى الله عليه وسلم» يقول «اذا جاءكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه» فكيف يعرف دينه وأمانته عن طريق الانترنت؟
ويقول الدكتور شاهين ان الانترنت يكون فقط بمثابة الوسيلة التي يمكن عن طريقها ابلاغ الرغبة من الشاب في زواج الفتاة. ويؤكد الدكتور شاهين أن العبث الذي يتم حالياً عن طريق الانترنت هو طريق للزنا دون شك.
وبالنسبة للطلاق عن طريق الانترنت يؤكد الدكتور شاهين أنه لم يشترط في الطلاق إلا النطق بالجملة المعروفة «أنت طالق» ولم يشترط في الطلاق وجود شهود ولا حضور ولي الأمر أو موافقته، وذلك فبأي وسيلة من الوسائل المؤكدة نطق الزوج بكلمة الطلاق وبلغت زوجته فقد طلقت رسمياً لأن المسألة ليست عبثاً ولعبة وانما هي مصير أسرة وأولاد والبنية الاجتماعية لا ينبغي أن تكون موضوعاً للعبث والضياع. ويضيف الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية بالقاهرة أن شرط الزواج الوفاق بين الزوجين لقول النبي «صلى الله عليه وسلم»: «انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» وشرط الزواج أيضاً العلم النافي للجهالة، وشرط الزواج الاشهار لقول النبي «صلى الله عليه وسلم»: «اعلنوا هذا النكاح واجلعوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف» ويؤكد أن زواج الانترنت لا يستوفي هذه الشروط فالمعلومات التي قد تقدم يحتمل فيها الكذب إلى حد كبير كما أن المواجهة والرؤية والمباشرة معدومة كما أن الأمر خفي مكتوم لا يعلم به أحد إلا المتراسلون عبر الانترنت وكان النبي «صلى الله عليه وسلم» إذا أراد أن يخطب واحدة أرسل احدى نسائه وقال لها «انظريها وشمي فمها انظري عرقوبيها» ويقول الشيخ البدري أظن أن الفم لا يشم عبر الانترنت فالواقع أيضاً أن الشهود يمكن أن نطلق عليهم «شاهد لم ير شيئا» ومن هنا فإن شروط عقد الزواج الخمسة منعدمة وهي شروط الصحة والانعقاد واللزوم والنفاذ والسلطانية، فزواج الانترنت باطل. ويضيف الشيخ البدري قياساً عليه لما يتضمنه الانترنت من الجهالة النافية للعلم فكل أنواع العقود غير صحيحة بدليل أنهم لا يبحثون عن صيغة توفيقية لتوثيق عقود البيع والشراء عن طريق الانترنت وهما عقدان لا يرتقيان إلى عقد الزواج الذي سماه الله ميثاقاً غليظاً.
المفضلات