يوم، اول خميس في ربيع، اول عام 1430هـ،،
كعادتي ذهبت للتسوق، مصروف الاسبوع، بارك الله بالثلاجة،،
الحالة مستورة، والحمد لله،،
شغلت السيارة، احميتها،،
تأملت في حال الاولين، كيف انهم كانوا يتسوقون راجلين،،
او على ظهور الحمير، او الجمال والخيول في احسن حال،،
كيف ان حالنا احسن من حالهم، رحمهم الله،،
انطلقت راشدا،،
وفي الطريق، انقطع البترول، حيث نسيت ان املئه، يوم الامس،،
بل ان الحقيقة، اني لاادري بمقدار البترول بالسيارة، فالمؤشر معطل،،
اقول، دائما احس به اذا قارب النهاية، ولكن احيانا يخونني احساسي،،
وتتبلد مشاعري، اقصد تجاه سيارتي طبعا،،
حاولت جاهدا ان اعيد تشغيلها،،
يعني، للحفاظ على ماء وجهي من المارة، لألا يضحكوا من حالي،،
انا اعلم جيدا ان سبب توقفها البترول، ولكني سويت حالي، لاادري،،
جاء الاول، والثاني، ثم الثالث،،
حيث، رأوني من بعد، تجمعوا حولي،،
حقيقة لم يكن تجمعهم لله، بل تجمعوا طمعا في ايصالهم، مجانا بطبيعة الحال،،
فنحن في دولة الصالح، دولة المال الكثير، الذي لاندري اين نذهب به من كثرته، ولا اين نصرفه،،
اقلها اتكلم، عن نفسي اني احار بل واحتار به،،
اين اضعه، اقصد اخبئه،،
فالبنوك لدينا آمنة، ولاتوجد لدينا بنوك اغلقت ابوابها، وهرب مالكوها باموال الناس،،
تجمعوا، عودا على ماذكرت، وكثروا حولي،،
فهذا سائل، عن الامر، وهذا يسوي نفسه خبرة، بالسيارات، وحالها،،
وهذا متفرج هكذا،،
( وهذا عجل معه ربطة قات نصها جفر غالطه بكم قفلة،،
والثاني بعده ربطته بايته، كحال صاحبه غالطها بقفال ) مابين القوسين خاص فهمه للعرب اليمانية وصعب شرحه لغيرهم،،
الصدق ماعندي وقت اشرح، مستعجل قبل لايفصل النت،،
على اي حال، هنا ضجرت من كل الموقف - فانا رجل لااحب هذه الامور، حقيقة كنت استحق نشأة في رياض السعود، او دوحة الثاني، او اقلها كويت الصباح، ولكن،،
اغلقت السيارة، ومشيت طريق السوق، لا للتسوق طبعا، ولكن لشراء بترول،،
طبعا طول الطريق وانا اهمّ، دبة احصلها مرمية في اي مكان لاملأها بالبترول،،
بلغ الامر اني قمت اتلصص على براميل الزبالة، كأني مشرد،،
لاجل دبة، رعاك الله يا الصالح، هذا حال فرد من رعاياك،،
مررت بعجوز، والتي ما إن رأتني، الا واخذت تصرخ على حفيدها، تستعجله الذهاب للسوق،،
من قوة صراخها، غيرت رأيي فقد كنت عازما ان اسألها دبة،،
ذكرتني بالمثل، اذا ضقت من ضيفك صِح على ولدك وانهره،،
اذا صح المثل طبعا، فانا مشهور بالتعديل، هذا غير التأليف في الامثال،،
الشاهد،،
مشيت، ثم،،
لقيت شابة جالسة جانب بيتها، والتي كانت تراقب الموقف من اوله، وهي مبتسمة لما تراه،،
طبعا كانت ملثمة، ولكن منظر عينيها يقول انه تبتسم ملء وجهها علي،،
اقتربت منها، وسألتها دبة، ماء او زيت، سلف،،
ضحكت ثم دخلت بيتها واغلقت الباب دون ان تكلف نفسها الرد علي،،
وقفت متعجبا، واذا بحمارهم، ينظر الي ساخرا،،
الصدق ضقت فوق ماانا عليه ضيقا آخر،،
احسست اني مبغوض من الناس،،
مررت بجانب بيت ثالث واذا بكلب قام ينبح علي، اشد النباح،،
وانا الذي اعرفه جيدا، لما جاء مرشح المؤتمر الى هذا البيت نفسه، كيف ان الكلب كأنه اخذ يلهث فرحا لرؤيته،،
هنا، توقفت على قارعة الطريق،،
والتفت انظر في البيوتات الثلاث، والتي اعرف اصحابها،،
رأيت سيارتي، وقمت اتذكر غدراتها،،
تقدمت قليلا، الى حافة الجبل، فانا لم اكن الا في جبل مبين من بلاد حجور،،
اخذت انظر الى المنظر الساحر، اخذتني العزة،،
فانا يماني،،
نحن عرق الرجال، على سامقات الجبال،،
وان ساء بنا الحال،،
فلابد لدولة الظلم، وان طال وقتها الى زوال،،
اخذتني النشوة، على نسيم ريح بارد داعب اطراف ثوبي،،
ضحكت من تأملي الاول، فالاولين، احسن حالا،،
فلم يكونوا يهموا البترول او قيمته، بل كان همهم من يرعى دابته،،
رعاهم الله،،
هنا، جاءني طفل صغير، يحمل دبة، وقد بلغ منه الجهد،،
فقد كانت مملوءة بالبترول،،
جاء اليّ، واخذ يهز طرف ثوبي، ينبهني الى وجوده، فهو قصير بجانبي، ويظهر انه يعي هذا الفكرة جيدا،،
طبعا وسخ ثوبي، بأثر البترول، من الدبة، الراخية غطاءها،،
لم التفت للامر، فـ كله في ذمة السيارة،،
فرحت به،،
اعطاني الدبة وهو يقول، هذه من اختي - يقصد الشابة،،
تقول لك، املأ سيارتك وخلي الدبة لك، للضرورة،،
اخذتها،،
وقفلت راجعا الى سيارتي العتيقة،،
مررت ببيتها، وهي واقفة بجانبه، نظرت اليها والى حمارها وانا ابتسم،،
،،
لم يكن تبسمي لها، وانما،،
تذكرت مقالة الشاعر،،
يمشي الفقير وكل شيء ضده، والناس تغلق دونه ابوابها،،
وتراه مبغوضا وليس بمذنب، ويرى العداوة لايرى اسبابها،،
حتى الكلاب اذا رأت ذا ثروة، خضعت لديه وحركت اذنابها،،
وإذا رات يوما فقيرا عابرا، نبحت عليه وكشرت انيابها،،
اكمل من عندي، فاقول،،
وكذا الحمير اذا رأته ماشيا، ضحكت عليه واظهرت اسنانها،،