لم نفاجأ باعتقال صدام حسين، فالمفاجأة هي انه لم يعتقل خلال تسعة اشهر من الاحتلال كان خلالها يستطيع لو شاء ان يغادر العراق متنكرا.
يوم اعتقال صدام مثل يوم سقوط بغداد يوم اسود في التاريخ العربي الحديث، واذا كان عدد من العراقيين قد ابتهج بالحدث، فلو كان صدام قد عاد الى السلطة لكانت مظاهر البهجة الشعبية اكبر بكثير!
كمواطن عربي لا اخفي حزني وغضبي لما حدث، وأشعر بأن الأمة العربية تلقت ضربة مهينة في كرامتها القومية سيكون لها اصداء وردود فعل في اعماق الشخصية والذاكرة العربية.
اعرف تماما ان لصدام اعداء كثرا، وانه كان دكتاتورا قاسيا، وان نظام حكمه كان شموليا، وما كنت لأحزن لسقوطه لو تم اسقاطه في انقلاب او ثورة من قبل حزب البعث او الجيش العراقي او الشعب العراقي، أما ان يتم اعتقاله بأيدي جنود جيش الاحتلال الاميركي، وان يوظف الحدث لرفع شعبية الرئيس الاميركي فأمر غير مقبول.
لم يتم احتلال العراق وضرب صدام لأنه لم يكن ديمقراطيا، فأميركا متخصصة بمحالفة ودعم الحكام الدكتاتوريين، وقد وقفت اميركا في صف صدام قبل ان يمد يده الى البترول العربي في عام 1990.
لا بد ان نذكر لصدام انه كان رئيس دولة عربية كبرى، وان له تاريخا مشرفا، فقد ارسل دباباته الى الجبهة السورية لصد الجيش الاسرائيلي المتقدم نحو دمشق كما ارسل طائراته الى الجبهة المصرية في حرب 1973، وحاول دخول ثورة العصر التكنولوجية المحرمة على امثاله فاستهدفت اسرائيل مفاعله الذري «1980» وسلطت اميركا المفتشين على صناعة السلاح العراقية حرصا منها على أمن اسرائيل، وحمى العالم العربي من تصدير الثورة الخمينية «1980 ـ 1988» وضرب عمق اسرائيل بالصواريخ »1991» وأعلن ان بترول العرب للعرب، ودعم الاردن رغم ظروفه الصعبة، وهو ـ مثل عبدالناصر ـ احد رموز المشروع العربي القومي العربي المطوب رأسه.
لكل هذه الاسباب والظروف من حقنا ان نغضب لكرامة العرب وكرامة العراق التي اهانها المحتل الأجنبي، واذا كان صدام قد انتهى فان صمود شعب العراق لن ينتهي حتى يسترد استقلاله وسيادته ويتخلص من ذل الاحتلال ويستأنف دوره طليعة للأمة العربية.