بحلول عام 2009 سيبلغ عدد سكان الأرض 6.88 مليار نسمة، يعيشون في بلاد مختلفة ويتحدثوا بلغات ولهجات مختلفة وطرق حياة متنوعة، وإنتاجهم ومشاركتهم في العالم متباينة، وكما نعرف فإنه لا يوجد شخصين متماثلين في العالم مهما تطابقا، لكنها من الحكمة الإلهية بأن جميع أهل الأرض متساوون في شيء واحد هو الوقت، لا فرق بين عربي وأجنبي، رئيس ومرؤوس، فقير أو غني، مدير أو موظف، صغير أم كبير، جميع الأفراد في هذا العالم متساوون في أن لديهم نفس كمية الوقت 24 ساعة في اليوم الواحد – كل يوم وأن أسابيعهم وأشهرهم وسنواتهم متساوية من حيث الوقت فيها.
لكن من الواضح أن ليس كل الأشخاص سواسية في تعاملهم مع الوقت، أو حتى إدراكهم لهذه المسألة.
وقد أثبت بحث جديد قامت بنشره عيادة مايو كلينيك الأمريكية – أن تعقيد الحياة اليومية، وزيادة المتطلبات الحياتية يضع ضغطاً شديداً على الأفراد ويسبب لهم توتراً دائم.
كما أفادت الدراسة التي قامت بها عيادة مايو كلينيك بأن أحد أهم الوسائل لتخفيف التوتر والضغوط التي يتعرض لها الإنسان في حياته اليومية هي إدارة الوقت الذي لديه.
إن عملية إدارة الوقت أو تنظيم الوقت لها دور فعال في تخفيف حدة التوترات والضغوط التي يتعرض لها الإنسان في الوقت الحالي، وكلما كان الفرد أكثر فاعلية في تنظيم وقته وإدارته له كلما كانت النتائج التي يحققها الفرد في حياته أفضل على جميع المستويات، ومن الفوائد العديدة لعملية تنظيم الوقت الفعالة:
تخفيف التوتر النفسي – وتقليل الضغوط التي يتعرض لها الفرد – نتيجة لعملية التخطيط المسبق.
زيادة الإنتاجية وتحقيق الشعور بالإنجاز.
تحقيق توازن بين الحياة الشخصية والعملية.
النجاح والوصول إلى مستويات أعلى في الحياة من خلال تحقيق إنجازات أكبر.
أهم فائدة لتنظيم الوقت هي الشعور بقيمة الحياة – والاستمتاع بجميع لحظاتها.
وتفيد الدراسات والبحوث المتعددة في مجال إدارة وتنظيم الوقت بأن هناك أسباب كثيرة لضياع الوقت في الحياة الشخصية والعملية، لكن أهم سببين لضياع الوقت بشكل عام هما:
التأجيل:
وتكون عملية تأجيل عمل بعض الأمور المطلوبة إلى وقت آخر غير محدد، وعدم الاهتمام بالأمور الصغيرة حال حدوثها، اعتقادا بعدم أهميتها في تلك اللحظة في معظم الأحيان، وكذلك الشعور بالكسل تجاه الأمور غير الملحة – وبالتالي لا ينجز الفرد سوى الأمور الملحة دائماً. وعملية التأجيل تفرض على الإنسان البقاء تحت الضغط للتعامل مع الأمور الملحة فقط – وكلما زادت الأمور الأمور التي تجب على الشخص أن يتعامل معها بطريقة ملحة زادت الضغوط عليه.
التشتت:
وهي الأمور التي تظهر دون تخطيط مسبق لها، وانجرافنا للتعامل معها، بالمكالمات الهاتفية، والزيارات المفاجئة، والأحاديث الجانبية، والالتزامات الاجتماعية المفاجئة كلزوم قبول دعوة الأصدقاء – الزملاء العفوية.
إن الوقت يمضي ولا يمكن لأي فرد أن يدير الوقت أو يسيطر عليه فهو خارج إرادتنا، لكن يمكن للإنسان أن يقوم بتنظيم وإدارة نفسه وتنظيم وإدارة النشاطات والأعمال التي يقوم بها خلال فترة زمنية أو خلال وقت معين، وهذا هو حقيقة تنظيم الوقت وإدارته. أما الكفاءة فهي إنجاز أكبر قدر من الأعمال خلال فترة زمنية محددة وكلما زاد الإنجاز خلال الفترة نفسها كلما زادت الكفاءة.
وتعد عملية تنظيم وإدارة الوقت سواء الشخصي أو العملي مهارة يمكن تعلمها واكتسابها من خلال تمارين وخطوات مختلفة يتبعها الفرد والتي من شأنها أن تساعده على تحسين إدارة وتنظيم وقته وبالإضافة إلى هذه التمارين على الشخص أن يعرف نفسه من حيث القدرات الشخصية، الرغبات، المزاج، والعادات السيئة المتعلقة بالوقت، كالانصياع لرغبات الأصدقاء العفوية (المفاجئة)، وسهولة التشتت أمام التلفزيون، ......... إلخ.
وبعد أخذ القدرات الشخصية والعادات السيئة، والرغبات الفردية، والمزاج الشخصي في الحسبان يمكن للفرد أن يبدأ في تنظيم وإدارة وقته من خلال تمارين الوقت والتي من أهمها :
كتابة الأهداف المراد تحقيقها على ورقة أو في منظم إلكتروني وتحديد المدة الزمنية التقديرية لتحقيقها.
تقسيم الأهداف إلى نشاطات ومهام يجب إنجازها من أجل تحقيق الأهداف حسب المدة التقديرية.
تقسيم النشاطات والمهمات إلى خطوات عملية بسيطة وصغيرة ووضعها ضمن جدول زمني منطقي لتحقيقها.
البدء بتنظيم الخطوات الصغيرة لتحقيق النشاطات، وتثبيت الوقت المحدد لكل خطوة مع التأكد من سلامة التقدير الزمني.
التركيز على المسار، والامتناع عن التعامل مع أي أمور مفاجئة إلى ما بعد إنجاز الخطوات المحددة المطلوبة في المدة الزمنية المحددة.
زيادة الوقت المحدد لكل خطوة من أجل السماح للتعامل مع الأمور الملحة والصعوبات دون التأثير على الجدول الزمني للخطة المحددة.
توقع مالا يمكن توقعه، وعدم بناء توقعات بناءاً على افتراضات وبناء التوقعات بالاعتماد على حقائق ثابتة.
مراجعة المسار الزمني بعد كل خطوة وفي نهاية كل يوم ومطابقتها للجدول الزمني الموضوع.
تعديل الخطة الزمنية إذا تكررت الاختلافات بين الوقت الحقيقي والوقت المقدر لإنجاز الخطوات المطلوبة.
تحفيز النفس ومكافأتها أو معاقبتها حسب أدائها ضمن الجدول الزمني.
عدم الندم ومتابعة المسيرة إلى الإمام، إذا كانت هناك إخفاقات خلال إنجاز الخطوات فهذا ليس سبباً للندم وإنما سبباً للنظر للأمام والتصميم على عدم تكرار الخطأ – والمضي نحو تحقيق الهدف.
وضع أوقات محددة ضمن الجدول الزمني للأمور الشخصية والعائلية، ووضع وقت محدد خاص من أجل التفكر والتأمل في الحياة والإنجازات الشخصية. ومشاركتها مع الآخرين.
زيد عايش، مدير عام شركة فلاغ شيب للاستشارات.
المفضلات