الشطح الصوفي ومراحلة الاربع

بدأ الشطح الصوفي عند الصوفية نتيجة مرور الصوفي بأربع مراحل.
1--- الوجد
**********
هو ما صادف القلب من فزع أو غم أو رؤية معني من أحوال الاخره * أو كشف حاله بين العبد وبين الله. قالوا : وهو سمع القلوب وأبصارها * فمن ضعف وجده تواجد * والتواجد ظهور ما يجد في باطنه علي ظاهره * ومن قوي تمكن – قال النو ري : الوجد لهيب ينشأ في الأسرار * ويسنح عن الشوق فتضطرب الجوارح طربا * أو حزنا * عند ذلك الوارد * وقال بعضهم : الوجد بشارات الحق بالترقي إلي مقامات مشاهداته .
(التعرف بمذهب أهل التصوف لأبي بكر محمد الكلاباذي –السراج 134)
ويقول أبو النصر السراج الطوسي –( وهذا الطوسي يصفه الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الأزهر السابق بأنه أعظم مؤرخ في تاريخنا قديمة وحديثه في كتابه (اللمع ) إن الوجد مكاشفات من الحق * ألا تري أن احدهم يكون ساكنا فيتحرك * ويظهر منه الزفير والشهيق ؟؟ ويكون من هو اقوي منه ساكنا في وجده لا يظهر منه شئ من ذلك . قال الله تعالي ( الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) وأول الوجد رفع الحجاب ومشاهده الرقيب وحضور الفهم * وملاحظه الغيب ومحادثه السر * وإيناس المفقود * وهو فناؤك أنت من حيث أنت . وقال أبو سعيد الخراز : الوجد أول درجات الخصوص وهو ميراث التصديق بالغيب * فلما ذاقوها وسطع في قلوبهم نورها * زال عنهم كل شك وريب .
( اللمع لأبي سراج الطوسي 376).
ويقال إن أبا سعيد الخراز كان كثير التواجد عند ذكر الموت * وفرق بعض المشايخ بين الجد والتواجد بقولهم : التواجد من الوجد بمنزله التباكي من البكاء . ويروي عن الجنيد قوله لا يضر نقصان الوجد مع فضل العلم * وفضل العلم أتم من فضل الوجد .
( اللمع لأبي النصر السراج الطوسي 381)
(ويقول القشيري : ( الوجد يصادف قلبك ويرد عليك بلا تعمد وتكلف ولهذا قال المشايخ : الوجد ألمصادفه *والمواجيد ثمرات الأوراد *فكل من ازدادت وظائفه (أي نوافله )ازدادت من الله تعالي لطائفه * ومن أهميه الوجد في الفكر الصوفي أُلف فيه – (أبو سعيد احمد بن بشر بن زياد الأعرابي) كتابا سماه ( الوجد ) وقد لخصه الطوسي في كتابه اللمع .
2--- الغلبة
**********
وهي حال يمر بها الصوفي إذا ذاد عليه الوجد حتى يغلبه * ويعرفونه بقولهم والغلبة حال تبدوا للعبد لا يمكنه معها ملاحظه السبب ولا مراعاة الأدب ويكون مأخوذا عن تمييز * فربما خرج إلي بعض ما ينكر عليه من لم يعرف حاله ويرجع علي نفسه صاحبه (أي صاحب الغلبة ) * إذا سكنت غلبات ما يجده ويكون الذي غلب عليه خوف أو هيبة أو إجلال أو حياء أو بعض هذه الأحوال .
(التعريف بمذهب أهل التصوف لأبي بكر محمد الكلاباذي 137)
3---السكر
**********
فإذا ازدادت غلبه الوجد علي الصوفي وصل إلي حاله السكر * والسكر هو أن يغيب الصوفي عن تمييز الأشياء وقد أطلق القشيري علي السكر غيبه * حيث يقول : فالغيبة غيبه القلب عن علم ما يجري من أحوال الخلق لاشتغال الحس بما ورد عليه * ثم قد يغيب عن إحساسه بنفسه وغيره .
(الرسالة القيشريه لأبي القاسم عبد الكريم –القشيري 63)
وكتب يحي بن معاذ إلي أبي اليزيد يقول : سكرت من كثره ما شربت من كأس محبته * فكتب أبو اليذيد في جوابه : سكرت وما شربت من الدرر * وغيري قد شرب بحور السماوات والأرض وما روي بعد * ولسانه مطروح من العطش * ويقول هل من مزيد ؟؟!!
(حليه الأولياء لأبي نعيم الاصبهاني –10 – 40 – أبو اليذيد البسطامي –458)
4---الشطح
**********
أن يتحدث الصوفي في حال سكره وغلبه الوجد عليه ويعرف الصوفية الشطح بقولهم : هو عبارة مستغربه في وصف وجد فاض بقوته * وهاج بشده غليانه وغلبته . وقالوا : الشطح عبارة عن كلمه عليها رائحة رعونة ودعوى * تصدر من أهل ألمعرفه باضطرار واضطراب وهي من زلات المحققين . فأنه دعوى حق يفصح بها العارف لكن من غير إذن الهي ( معجم مصطلحات الصوفية . د/ عبد المنعم حفني –140 الجرجاني في التعريفات بند شطح ) بينما يعرف صوفي معاصر الشطح بقوله : هو محاوله لوصف ما لا يوصف . والكلام في الشطح علي السكر فلا يؤاخذ صاحبه * والشطح تعبير عن حاله اختلاط لا يميز فيها صاحب ألطريقه الحق من الخلق ولا الباطن من الظاهر ولا المسمي الحقيقي من حقيقة الأسماء * فالحق قريب إلي درجه انه لم يعد ثمة ما يفصله عنه * وهو حقيقة كل مسار ومتحرك . ( النصوص في مصطلحات الصوفية /لمحمد غازي عرابي )
ولاحظ أخي التدرج في تعريف الصوفية لمراحل الشطح .. فهو يبدأ بالوجد * ثم الغلبة * فالسكر * وينتهي بالشطح * الذي يصدر عن اهل ألمعرفه وان قولهم حق في ذاته والخطأ فقط في الحديث عنه ونقله للناس * وفي نفس الوقت يعتبر من زلات المحققين * حيث أظهروه بدون إذن الهي * وان الشطح حاله اختلاط لا يميز فيها الصوفي بين الحق والخلق. * ولا ننسي فرسانه الأوائل ومن بينهم البسطامي الصوفي الشهير .....
هذا هو شطحهم * فدائما ما يدعوا إنهم أهل صلاح وهم اصل الدين * فهل سمع أو قرأ أحدا منكم عن هذا الشطح في عهد رسولنا الكريم او عهد ألصحابه الكرام .وعجبا لهؤلاء الكذابين البلهاء الضلال المضلين لأتباعهم من أصدقائنا الممحوة عقولهم .


( نسأل الله لنا ولهم الهداية
من ثمرات وقطوف الكتب