Results 1 to 8 of 8

Thread: مبشرات في زمن الاستضعاف

  1. #1

    فتى الإسلام's Avatar
    Join Date
    Nov 2008
    Location
    الرياض
    العمر
    43
    Posts
    522
    Rep Power
    207

    Lightbulb مبشرات في زمن الاستضعاف


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد: لقد من الله تعالى علينا بهذا الدين العظيم، وجعلنا من أهله، فله الحمد على هذه النعمة العظيمة {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُل لَّا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [(17) سورة الحجرات]. وقد رضي الله لنا الإسلام ديناً، وكتب له البقاء في هذه الأرض، ووعد أتباعه بالتمكين والاستخلاف إن هم استقاموا على الطريق وحققوا أسباب النصر والتمكين فإن لم يفعلوا فلا يعني زوال هذا الدين بل يستبدل الله غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم، يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، يدفع الله بهم الفساد وينـزل عليهم نصره المبين، ويعذب بهم الكافرين {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} [(11) سورة الرعد]. إنه ليتملكنا العجب من بقاء هذا الدين منذ ظهوره وإلى يومنا، بل وإلى الغد وبعد غد حتى يأتي أمر الله، على الرغم من فترات الضعف التي يمر به وبأتباعه فما الذي يبقيه رغم زوال المقومات المادية؟ وما الذي يبقيه وهو محارب في كل مكان؟ مضيق عليه في أماكن وجوده؟ ما الذي يبقيه وليس لديه قوة بشرية تحميه، ولا وسائل إعلام تحمل مبادئه وتغرس مفاهيمه في عقول الناس، بل أصبحت الغربة من نصيب أتباعه؟!!. إن الذي يبقيه والحالة هذه أنه من عند الله، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، فها نحن نرى ونسمع مع شدة الوطأة عليه، ودعاوى الإرهاب التي تلصق بأتباعه، ومع انتشار موجات التغريب والفساد في ديار الإسلام، ورغم جهود التنصير التي نصبت خيامها في أراضي الإسلام والتي هي في ازدياد تعمل جاهدة للحد من انتشار الإسلام ورغم محاربة الجمعيات الخيرية وسياسة تجفيف المنابع التي تغذيه.. بل لا يفتأ العدو يشن عليه حملات القمع والإبادة والتشويه والخداع والتضليل. بل مع تميز العدو في العدة والعتاد وتسلطه على ديار الإسلام إلا أنه مع هذا كله لا يزال يمتلئ خوفاً ورعباً من الإسلام، لا يزال موقناً بأن القوة التي تهدده هو الإسلام، فنسبة المسلمين في العالم لا يستهان بها، ففي أوروبا يوجد خمسون مليون مسلم 20% منهم دخلوا حديثاً، وفي أسبانيا أصبح المسلمون اليوم أكبر الأقليات، والإسلام ثاني أديان البلد حيث يعيش فيه الآن ما يقارب ستمائة ألف مسلم. كما يوجد في إسبانيا نحو ثلاثمائة مسجد وفي أمريكا يقدر عدد المسلمين 6-7 ملايين نسمة تقريباً مليون منهم يرتاد المساجد، ويقدر عدد المساجد هناك 1500-2000 مسجد. وفي فرنسا يبلغ عدد المسلمين ستة ملايين نسمة لديهم 3500 مسجد، وفي إيطاليا 300 ألف مسلم وفيها أربعمائة مسجد، وفي تايوان أكثر من ستين ألف مسلم، وفي الصين خمسة وثلاثون ألف مسلم، وتشير الإحصائيات إلى وجود ثلاث وعشرون ألف مسجد في الصين، منها 55 مسجد في العاصمة. والمسلمون في هذا العالم يمثلون رقماً صعباً لا يمكن تهميشه والتغافل عنه، بل وأعظم من ذلك مما يغيظ الأعداء ما نسمعه من إقبال على الدخول في هذا الدين الحنيف من مختلف البيئات الأوربية وغيرها، وما نراه من مقاومة ضد المحتل في الأرض التي يجثم الاحتلال بثقله عليها واستمرار هذه المقاومة لأنها ترفع شعار الجهاد والدفاع عن الدين. كل ذلك وغيره يدفعنا إلى التفاؤل وعدم الإصابة بالعجز واليأس وضيق الصدر؛ لأجل ما حل بأمتنا الإسلامية من المصائب من سلب لثرواتها، وإهانة لمقدساتها، ومسخ لأخلاقها، وتفرق فيما بينها، وفشو الفقر والجهل في أوساط شعوبها؛ وضعف زعاماتها، والخنوع والخضوع لإرادة الغرب ومطالبه. إنه مهما يكن من ذلك فلا بد من التفاؤل والأمل بل واليقين الجازم الذي لا يداخله شك ولا ارتياب بوعد الله تعالى ونصره وتمكينه أن المستقبل للإسلام لا بد وأن ترتفع المعنويات لدى أهل الإسلام؛ لأن لديهم نصوصاً هي جزء من عقيدتهم تبشر بأن المستقبل لهذا الدين، ولأنه سيبلغ كل مكان بلغه الليل والنهار كما في حديث تميم الداري - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "ليبلغن هذا الدين ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا حجر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزاً يعز الله به الإسلام وذلاً يذل الله به الكفر" [رواه أحمد في مسنده]. هذه هي العاقبة المحتومة التي لا ينبغي أن ينقصنا اليقين بها، ولا أن يساورنا أدنى شك في تحققها. ويأتي هذا الكلام لأنه ربما تسلل إلى نفوس بعض المسلمين الانهزام واليأس، وضعف المعنويات تجاه ما يرون من تسلط الكفر وأهله على بلاد الإسلام. مع أن الواجب ألا تزيدنا هذه الخطوب والشدائد إلا إيماناً وتسليماً وصدقاً ويقيناً فإنها حال أهل الإيمان التي أخبر الله عنهم مثنياً عليهم بها فقال: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [(22) سورة الأحزاب]. وقال: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (173) [سورة آل عمران]. إن ما يحيط بالأمة الإسلامية من شدائد وكروب ومضايق وخطوب لا ينبغي أن يقابل بالاستكانة والعجز والاستسلام بل لا بد من رفع هذا الذل والصغار بالإقبال على الله تعالى وتحقيق التقوى وهجر المعاصي، ودعاء الله تعالى لكشف الكرب، ومحاربة الظلم والغش والفساد والأخذ بالأسباب المعنوية والمادية مع التحلي بالصبر والمصابرة والثبات والدعوة إلى اجتماع الكلمة، وعدم الركون إلى الكفار بحال، وإحياء شعيرة الجهاد في سبيل الله تعالى، فالله الله في العودة الصادقة إلى هذا الدين أفراداً وجماعات شعوباً وحكومات، فوالله ما تخلى الله عنا إلا أننا ابتعدنا عن ديننا وتخلينا عنه، ولم نعد نحكِّمه في أنفسا وأهلينا وذوينا بل هجرنا كتاب ربنا، وحكَّمنا أعرافنا وتقاليدنا واستبدلنا الذي هو أدنى بالذي هو خير، وغلَّبنا شهواتنا على عقولنا واستهوتنا الشبهات وغمرتنا الملذات، ولم نشكر نعمة الله التي أنعم بها علينا، فسلط علينا العدو وأذاقنا منه الاستخفاف والذلة والصغار لكي يستخرج منا عبودية التوبة والإنابة إليه والتضرع له كما قال تعالى: {فَلَوْلا إِذْ جَاءهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [(43) سورة الأنعام]. فما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة وإن لم نفعل ذلك جاء الله بقوم يحملون هذا الدين، يبلغونه للناس ويصبرون عليه حتى يأتي نصر الله ألا إن نصر الله قريب. إن من طبيعة هذا الدين أنه عندما ما يصل في بعض الأحيان إلى أقصى حالات الضعف لكنه في هذه الحالة، وفي أحرج لحظات الخوف، وفي مقام يكون فيه أقرب إلى الاستئصال منه إلى البقاء يكون ذلك كله علامة على اقتراب النصر والتمكين. وهذه حقيقة أثبتها القرآن الكريم كما في قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} [(214) سورة البقرة]. {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ } [(110) سورة يوسف]. نعم: إن هذه الحقيقة كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يذكر بها في أوقات المحن والشدائد، ففي حال هجرته التي كان مطارداً فيها مطلوباً من رصد قريش يقول لسراقة: كيف بك وسواري كسرى؟ ويعده بسواري كسرى شاهٍ شاه الفرس. والله وحده يعلم ما هي الخواطر التي دارت في رأس سراقة حول هذا العرض العجيب من رجل في مثل هذه الحال. وفي موقف آخر يُذَكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذه الحقيقة في غزرة الخندق التي صورها القرآن بقوله: {إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا} [(10) سورة الأحزاب] في مثل هذا الموقف العصيب يبشر النبي - صلى الله عليه وسلم - بفتح فارس والروم. وفي عهد الصديق لما ارتد العرب قاطبة إلا مواطن من جزيرة العرب، كان الظاهر للعيان أن الإسلام لن تقوم له قائمة بعد ذلك الحين ثم جاء نصر الله على يد أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -. وفي وقت الهجمة الشرسة من التتار على بلاد الإسلام قيض الله تعالى من أمراء الإسلام وعلمائه من يحمي العرين ويعيد الأمور إلى نصابها. وهؤلاء الصليبون الذين استمر احتلالهم لبيت المقدس نحو قرن من الزمان، طهره الله تعالى منهم على يد البطل صلاح الدين الأيوبي ومن معه من الفئة المؤمنة. كل هذه الدلائل وغيرها من المبشرات في زمن الاستضعاف وزمن الهوان لكن لن ينال نصر الله إلا من أدى ثمنه وحمل أعباءه لن تنال النصر حتى نرتفع إلى مستوى هذا الدين في حقيقة إيماننا بالله. وحتى نرتفع إلى مستو عال في عبادتنا له تعالى حتى نرتفع إلى مستو عال في الولاء لأوليائه والعداء لأعدائه. {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ} [(11) سورة الرعد] وحين يريد ربنا أمراً فإنه يأتي إليه كما يشاء فهو تعالى العليم القدير، لا يمتنع عليه سبب، ولن تعجزه غاية، وقديماً أخرج الله تعالى اليهود من حصونهم بعد أن ركنوا إليها وظنوا أنها مانعتهم، بل قد ظن المؤمنون أنفسهم بذلك {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [(2) سورة الحشر] . نسوا قوة الله التي لا تردها حصون {فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا}. أتاهم من داخل نفوسهم لا من داخل حصونهم وقذف في قلوبهم الرعب. تلك سنة الله تعالى في الدنيا وأهلها، في أهل الكفر والإيمان في الدعوات وأصحابها. شدائد وكروب، ومضايق وخطوب ثم يجيء النصر والفرج، كل ذلك حتى لا يكون النصر رخيصاً، وحتى لا تصبح دعوة الحق هزلاً ولقباً، لكنها تسير على قواعد ومناهج وسنن يتخذ فيها الشهداء ويمحص فيها المخلصون من الأدعياء. {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [(3) سورة المائدة]. اللهم اكتب لأهل هذا الدين عزاً ونصراً، وعلى من مكر بهم ذلاً وقهراً. اللهم عليك بأعداء الدين من الصليبين الحاقدين، واليهود الغاصبين اللهم فل جيوشهم ودك عروشهم وزلزل الأرض من تحت أقدامهم. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،


    د . انور ابو زيد وفقه الله
    قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس". وقال بعضهم نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ذنوب الخلوات تؤدي الى الانتكاسات ، وطاعة الخلوات طريق للثبات حتى الممات ). " الصـــدق مع الله عــزيز "

    http://www.cyemen.com/vb/showthread....08#post1397008


  2. #2

    فتى الإسلام's Avatar
    Join Date
    Nov 2008
    Location
    الرياض
    العمر
    43
    Posts
    522
    Rep Power
    207

    Lightbulb رد: مبشرات في زمن الاستضعاف



    النصر مع الصبر والفرج مع الشدة



    في ظل الواقع العربي والإسلامي الرسمي والشعبي تأتي هذه الخطبة للتأكيد على أن الفرج قريب وإن بدا لبعض الساسة العرب غير ذلك.

    فإلى كل من كل له قلب وبصيرة نهدي هذه الكلمات المستمدة من عقيدتنا وإيماننا بحتمية النصر وقرب الفرج.

    قال الله تعالى: (أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد . ومن يهد الله فما له من مضل أليس الله بعزيز ذي انتقام . ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون) [سورة الزمر: 36-38] .

    وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي: " يا غلام أو يابني ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن؟ فقلت: بلى. قال:

    احفظ الله يحفظك،

    احفظ الله تجده أمامك،

    تعرّف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة،

    إذا سألت فاسأل الله،

    وإذا استعنت فاستعن بالله،

    فقد جف القلم بما هو كائن،

    فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن يضروك بشيء لم يقضه الله لك لم يقدروا عليه،


    واعمل لله بالشكر واليقين،

    واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا،

    وأن النصر مع الصبر،


    وأن الفرج مع الكرب،

    وأن مع العسر يسرا " .

    وزاد ابن أبي حاتم في روايته: " قل حسبي الله عليه توكلت وعليه فليتوكل المتوكلون، كما قال هود عليه الصلاة والسلام حين قال قومه إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء، قال: إني أشهد الله وأشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم" .

    فتأمل في الآية والحديث تجد المفاهيم التالية :


    حفظ الله للمسلمين مرهون بحفظ المسلمين لله (أي بتطبيق منهج الله تعالى في جميع أمورهم).

    إذا أراد المسلمون معونة الله تعالى في الشدائد فلابد من التزامهم بمنهج الإسلام وأحكامه في أوقات الرخاء.

    الاستعانة الحقيقية المؤثرة هي ما كانت بالله تعالى والاتكال لا يكون إلا على الله القوي العزيز.

    لن تغير هذه القاعدة الربانية أي قوة في الدنيا مهما عظمت، فلا يملك كل الطغاة والمستكبرين مجتمعين إيذاء شخص إلا وفق قدر الله تعالى وقضائه.

    العمل المتواصل الدؤوب بما يرضي الله تعالى (من رص الصفوف وإعداد العدة والجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى …الخ) هو صمام الأمان للعالم الإسلامي لضمان التأييد الرباني.

    لابد من الصبر لمواجهة الشدائد، فلا يجوز الارتماء في أحضان العدو بحجة رفع الشدائد.

    تلازم النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، واليسر مع العسر، ومن أقوال المصطفى صلى الله عليه وسلم: اشتدي أزمة تنفرجي، يعني: يا أزمة ابلغي النهاية في الشدة حتى تنفرج، فإن الشدة إذا تناهت انفرجت بشهادة الاستقراء، فليس المراد حقيقة أمر الشدة بالاشتدا بل طلب الفرج، إن مع العسر يسرا .. وفيه نوع تسلية وتأنيس بأن الشدة المتناهية نوع من النعمة لما يترتب عليها، ومن كلام العلام: الشدة إذا تناهت انفرجت. وأنشد بعضهم :

    إذا الحادثات بلغن النهى وكادت تذوب لهن المهج

    وحل البلاء وقل العزاء فعند التناهي يكون الفرج

    يا معشر اليائسين المحبطين احذروا :


    قال الله تعالى : (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) قال الإمام الطبري: " يعتي القوم الذين يجحدون قدرته على ما شاء تكوينه " .

    وقال تعالى: (وإذآ أنعمنا على الإنسان أعرض ونأى بجانبه وإذا مسه الشر كان يئوسا) .

    في الأنبياء أسوة حسنة :

    قال الله تعالى: (حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا فنُجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين . لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) .

    فالله عز وجل يسوق لنا قصص الأنبياء وصبرهم على الأذى والباساء والضراء، وحتمية تنزل النصر عليهم وعلى أتباعهم، وأن النصر يتنزل مع شدة الكرب.

    وأنشد أحدهم :


    أما في رسول الله يوسف أسوة لمثلك محبوسا على الظلم والإفك

    أقام جميل الصبر في الحبس برهة فآل به الصبر الجميل إلى الملك

    وكتب بعضهم إلى صديق له:

    وراء مضيق الخوف متسع الأمن وأول مفروح به آخر الحزن

    فلا تيئسن فالله ملك يوسفا خزائنه بعد الخلاص من السجن

    حتمية البلاء والامتحان قبل تنزل النصر والتمكين :

    قال تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) [سورة البقرة: 214].

    فتأمل ماذا يدخل في البأساء والضراء والخوف الشديد المزلزل. و كما جاء في الحديث الصحيح عن خباب بن الأرت قال: قلنا: يا رسول الله ألا تستنصر لنا الا تدعو الله لنا؟ فقال: " إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد مابين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه ثم قال والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم قوم تستعجلون " .

    وقال الله تعالى: (الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين) وقد حصل من هذا جانب عظيم للصحابة رضي الله عنهم في يوم الأحزاب كما قال الله تعالى: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنوناهنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا) .

    ثم حذرنا الحق تبارك وتعالى من التشبه بالمنافقين الذين قالوا (وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا) .


    ولما سأل هرقل أبا سفيان هل قاتلتموه؟ قال: نعم. قال: فكيف كانت الحرب بينكم؟ قال سجالا يدال عينا وندال عليه. قال: كذلك الرسل تبتلى ثم تكون لها العاقبة. رواه الشيخان .

    وقوله تعالى: (مثل الذين خلوا من قبلكم) أي سنتهم كما قال تعالى: (فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الأولين) وقوله: (وزلزلوا حتى يقول الرسل والذين آمنوا معه متى نصر الله) أي يستفتحون على أعدائهم ويدعون بقرب الفرج والمخرج ثم ضيق الحال والشدة، قال الله تعالى: (ألا إن نصر الله قريب) كما قال: (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) وكما تكون الشدة ينزل من النصر مثلها ولهذا قال: (ألا إن نصر الله قريب).

    وفي حديث أبي رزين: "عجب ربك من قنوط عباده وقرب غيثه فينظر إليهم قنطين فيظل يضحك يعلم أن فرجهم قريب".

    انتظار الفرج عبادة :


    عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل، وأفضل العبادة انتظار الفرج " . التدوين في أخبار قزوين ج: 2 ص: 117.


    التذكير بحديث الغار المشهور، وبيان أن الأعمال الصالحة سبب في تفريج الهموم والكروب:

    عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خرج ثلاثة يمشون فأصابهم المطر فدخلوا في غار في جبل فانحطت عليهم صخرة قال فقال بعضهم لبعض ادعوا الله بأفضل عمل عملتموه فقال أحدهم اللهم إني كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت أخرج فأرعى ثم أجيء فأحلب فأجيء بالحلاب فآتي به أبوي فيشربان ثم أسقي الصبية وأهلي وامرأتي فاحتبست ليلة فجئت فإذا هما نائمان قال فكرهت أن أوقظهما والصبية يتضاغون ثم رجلي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما حتى طلع الفجر اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فرجة نرى منها السماء قال ففرج عنهم وقال الآخر اللهم إن كنت تعلم أني كنت أحب امرأة من بنات عمي كأشد ما يحب الرجل النساء فقالت لا تنال ذلك منها حتى تعطيها مائة دينار فسعيت فيها حتى جمعتها فلما قعدت بين رجليها قالت اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه فقمت وتركتها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فرجة قال ففرج عنهم الثلثين وقال الآخر اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرا بفرق من ذرة فأعطيته وأبى ذاك أن يأخذ فعمدت إلى ذلك الفرق فزرعته حتى اشتريت منه بقرا وراعيها ثم جاء فقال يا عبد الله أعطني حقي فقلت انطلق إلى تلك البقر وراعيها فإنها لك فقال أتستهزئ بي قال فقلت ما أستهزئ بك ولكنها لك اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فكشف عنهم" . متفق عليه

    الأمر بالتهليل والتسبيح لله جل وعلا مع التحميد لمن أصابته شدة أو كرب :

    عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه قال: لقنني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات وأمرني إن أصابني كرب أو شدة أقولهن: لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحانه وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين . صحيح ابن حبان

    توصيات :

    - الدعاء بهذه الكلمات (لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحانه وتبارك الله رب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين) بعد صلوات الجمع حتى يحفظها الناس (فكل المؤمنين اليوم في شدة وكرب).

    - دعوة المسلمين الذين يريدون أداء الحج للمرة الثانية بالتبرع بتكاليف الحج لدعم صمود المجاهدين في فلسطين المحتلة، فهذا أولى بكثير وأفضل عند الله تعالى من التنفل بعبادة الحج العظيمة.

    وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

    والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    د. إبراهيم أحمد مهنا
    قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس". وقال بعضهم نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ذنوب الخلوات تؤدي الى الانتكاسات ، وطاعة الخلوات طريق للثبات حتى الممات ). " الصـــدق مع الله عــزيز "

    http://www.cyemen.com/vb/showthread....08#post1397008


  3. #3

    فتى الإسلام's Avatar
    Join Date
    Nov 2008
    Location
    الرياض
    العمر
    43
    Posts
    522
    Rep Power
    207

    Lightbulb عزة المسلم في زمن الإنكسار



    عزة المسلم في زمن الإنكسار

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والتسليم، وبعد:

    لا شك أن العزة معنى ينشده كل سوي من بني البشر، وقد تمدح الناس بها وبالسعي لتحصيلها منذ القدم، وكثير منا يحفظ قول المتنبي:

    عِشْ عَزِيزاً أَوْ متْ وَأَنْتَ كَرِيمٌ بَيْنَ طَعْنِ القَنَا وَخَفْقِ البُنُـودِ

    وقوله:

    مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيْـهِ مَا لِجُرْحٍ بِمَيِّـتٍ إِيْـلاَمُ

    ومن منا لم يسمع أبيات أبي فراس:

    ونحـن أناس لا توسط بيننا لنا الصـدر دون العالمين أو القبرُ



    تَهُونُ عَلَيْنَا فِي المَعالِي نُفُوسنَا وَمَنْ خَطَبَ الحَسْناء لَمْ يُغْلِهَا المَهْرُ

    أعزُّ بني الدنيا وأعلى ذوي العُلا وأكرم من فوق التراب ولا فخر

    فما هي هذه العزة، وبماذا تكون؟ وهل لأهل الباطل عزة؟ وهل ثمة عزة غير شرعية؟ ولماذا ينسى بعض أهل الحق عزتهم فيخنس أمام بعض أهل الباطل؟

    لعلي في هذه الكلمات أسلط بعض الأضواء على هذه المعاني، ولعل بسطها يتهيأ له موطن آخر _ بإذن الله_.

    أما العزة في اللغة فمأخوذة من العز،وهو: ضد الذل، تقول منه عز يعز عزاً فهو عزيز، أي: قوي، والعزيز من صفات الله _عز وجل_، قال الزجاج: الممتنع فلا يغلبه شيء، وقال غيره: هو القوي الغالب على كل شيء.



    ومن أسمائه: العزيز، وهو الذي يهب العز لمن يشاء من عباده "تُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" (آل عمران: من الآية26).

    والعزة التي نتحدث عنها: هي حالة نفسية تصاحبها قوة معنوية، وتنبثق منهما أقوال وأفعال تدل على الشعور بالفخر والاستعلاء والاستقلال عن الكافرين وصدق الانتماء لهذا الدين مع تواضع ورحمة بالمؤمنين.

    والأمة اليوم أحوج ما تكون إلى الالتزام بالعزة والأخذ بمقوماتها على مستوى الحكومات والشعوب والأفراد، والاعتزاز بالدين من أقوى ما نواجه به أعداءنا في زمن تداعت فيه الأمم علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، فهلم إلى طريق العزة والمجد والخلود.



    مقومات العزة:




    1- الإيمان المطلق بأن الله هو العزيز، وأنه هو وحده مصدر العزة وواهبها، وأنه لا أحد يملك العزة أو يهبها سواه "مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً" [فاطر: من الآية10]، "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ" [المنافقون: من الآية8]، "قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [آل عمران: من الآية26].



    2- اليقين بأن عزة الظالمين إلى زوال، وأنهم لا يملكون دوامها فضلاً عن أن يهبوها غيرهم: "وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً * كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً" [مريم:81، 82]،" الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعًا" [النساء: من الآية139]، وعندما أثبت بعض الضالين لنفسه عزة زائفة "يقولون لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ" قال الله: "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ولكن المنافقين لا يعلمون" [المنافقون: من الآية8]، ولما اختل مفهوم العزة الحقيقية عند قوم شعيب، فقالوا: "قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلاَ رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ"، "قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ" [هود:92].



    3- صدق الانتماء لهذا الدين، وإن صاحبه هو العزيز، وغيره هو الذليل، كما قال الله: "وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ" (المنافقون: من الآية8)، "وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (آل عمران:139)، أما الكافر وإن كان عزيزاً في الدنيا فمآله:"ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ" (الدخان:49)، "أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُونَ" (السجدة:18).

    4- عدم الانخداع بما عليه الكفار من قوة مادية أو عسكرية، فإنها لا تعني في موازين العزة الحقيقية شيئاً، "لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ" (آل عمران:196، 197)، وعز الآخرة وبؤسها لا يقارن بما يكون في الدنيا، لا في حجمه أو نوعه أو مدته، ولا مرحباً بعز محدود يعقبه ذل ممدود، ومع هذا فإن الدنيا دار مدافعة يرفع الله فيها أقوماً ويخفض آخرين، ومن سنته أن جعل أيامها دولاً، ثم إن العاقبة للتقوى.



    5- الاستقلال عن الأعداء، والاستغناء عنهم، وعدم الاعتماد عليهم في شتى شؤون الحياة، وهذا لا يتعارض مع الإفادة مما عندهم من تقدم مادي من أجل تسخيره لخدمة هذا الدين، وتقوية المؤمنين، دون ذل أو خضوع أو تنازل.

    لا تسقني ماء الحياة بـذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل

    "وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً" (النساء: من الآية141).



    كيف نحقق العزة في المجتمع المسلم؟:



    1. الأخذ بمقومات العزة، والالتزام بها.

    2. تربية أبناء المسلمين على العزة وصدق الانتماء، وتجريد الولاء لله ولرسوله، والبراءة من المشركين، وعدم الاعتماد على ثقافة الغرب أو التأثر بها.

    3. استقلال وسائل الإعلام عن الاعتماد على الغرب والخروج من عبودية الغرب إلى حرية الإسلام.

    4. الاستقلال السياسي، وهذا لا يتعارض مع إقامة العلاقات الدولية على أسس العدل والتعاون ورفع الظلم.

    5. الاستقلال الاقتصادي، في شتى شؤونه وفروعه، وبناء الاقتصاد الإسلامي على أسس شرعية بعيدة عن مقومات الاقتصاد الغربي ودعائمه، وأن يكون تبادل المنافع المادية والاقتصادية مبنياً على الندية وحرية القرار.



    6. إيجاد مراكز الدراسات الاستراتيجية التي يتحقق من خلالها رسم السياسات بعيدة المدى في شتى شؤون الحياة الشرعية والثقافية والسياسية والإعلامية والاقتصادية، وعدم الاعتماد على مراكز الدراسات الغربية وتحليلاتها.

    7. إقامة المنابر التي تبث في الأمة روح العزة والكرامة والاستعلاء، والاستغناء عن الآخرين، وتحميها من المؤثرات الوافدة بشتى صنوفها وأشكالها وأخص الإعلامية منها.



    وقفات مهمة



    1- شعور المسلم بالعزة على الكافرين وتعامله بها يجعله يعيش حياة غير عادية فيها الانشراح والسعادة والغبطة.

    2- ليس من العزة التكبر على المؤمنين والاستعلاء عليهم، فهذه عزة مذمومة، قال _ صلى الله عليه وسلم _ فيما يرويه عن ربه: "العز إزاري، والكبر ردائي، فمن ينازعني فيهما عذبته"، و قال: (الكبر بطر الحق، وغمط الناس)، بل إن من كمال عزة المسلم تذلـله للمسلمين وتواضعه لهم، وهذا لاينقصه بل يزيده، فما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً، ومن تواضع لله رفعه، وقد أثنى الله على المؤمنين بأنهم أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين.



    3- ليس من عزة المسلم ظلم الآخرين والتعدي عليهم في مال أو عرض أو دماء ولو كانوا كفاراً إلا بحق، وهذا باب ضل فيه كثيرون "وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا" (المائدة: من الآية2).



    4- من تمام عزة المسلم: حسن الخلق حتى مع الكفار، وحسن الخلق لا يعني الضعف والذلة والمسكنة، وإنما العدل والإنصاف وتحري الحق "وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى" (المائدة: من الآية8)، "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" (الممتحنة:8).



    5- خطورة العصبية والحزبية لقبيلة أو بلد أو جماعة داخل الصف المسلم، فإن المؤمنين حزب واحد "وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ" (المائدة: من الآية56)، أما العصبيات والنعرات الجاهلية فهي من أخطر قوادح العزة التي نريد، وقد استغلها الأعداء مراراً لتفريق صف المسلمين، وتفريق كلمتهم، وقد ذم الله الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، فقال: "إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ".



    6- جماع الذل في قوله _ صلى الله عليه وسلم _: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أناب البقر، ورضيتم بالزرع، سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى تراجعوا دينكم" [رواه أبو داود وصححه الألباني].

    7- لا يلزم من عدم قدرة المسلمين على مواجهة أعدائهم عسكرياً أن يذلوا لهم ويتنازلوا عن دينهم، فقد تعذر في عدم قدرتك على إقامة الحق، ولكن لا عذر لك في قول الباطل.

    8- أي تنازل من المسلمين في شؤون دينهم وعقيدتهم وبلادهم سيغري عدوهم فيهم، فالثبات الثبات "فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى اللّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَى مَا أَسَرُّواْ فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ"، "ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض".



    9- لا ينافي العزة الشرعية تأليف الكفار عند دعوتهم بالكلام الطيب أو مجادلتهم بالتي هي أحسن، فقد قال الله: "وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (العنكبوت: من الآية46)، وعرض مجادلة عملية، فقال: "قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ".



    10- العزة الحقيقة تقتضي التقيد بضوابط الشرع في معاملتنا لبعضنا، وفي تعاملنا مع غيرنا، من أهل الملل الأخرى، فإذا نص الشرع على ألا يقال للكافر سيد، فلا يجوز أن نجامل ونقول له سيد، أو ما في معناها كـ( مستر)، وإذا نص شرعنا على عدم بدئهم بالسلام فلا نبدؤهم بذلك، وإذا سلموا رددنا عليهم السلام، وهكذا نتبع شرعنا في كل ما يحكم علاقة المسلم بغيره.



    11- من العزة بالدين إظهار شعائر الإسلام في أي مكان إلا إذا خاف المرء على نفسه لا ضعفاً أو هواناً.

    12- من أهم مقتضيات العزة عدم التحاكم إليهم، أو الاستنصار بهم "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً".

    ختاماً

    وختاماً، يعيش المسلمون ضعفاً في جوانب كثيرة، لكنهم مع ذلك يتفوقون في الدين والأخلاق والقيم، ومتى راجع المسلمون دينهم واستقاموا على سنة نبيهم – صلى الله عليه وسلم - واتقوا ربهم، فإن العز حليفهم، فوصيتي لنفسي وللمسلمين بالاستقامة على الدين، ولنتفاءل فالعاقبة للمتقين "وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ * إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ" [الأنبياء: 105-106].



    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

    د. ناصر بن سليمان العمر ( حفظه الله وأطال عمره )
    قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس". وقال بعضهم نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ذنوب الخلوات تؤدي الى الانتكاسات ، وطاعة الخلوات طريق للثبات حتى الممات ). " الصـــدق مع الله عــزيز "

    http://www.cyemen.com/vb/showthread....08#post1397008


  4. #4

    فتى الإسلام's Avatar
    Join Date
    Nov 2008
    Location
    الرياض
    العمر
    43
    Posts
    522
    Rep Power
    207

    رد: مبشرات في زمن الاستضعاف

    الأخوة الأكارم :

    من يمل من القراءة

    فعليه أن يضطجع ويسمع مثل هذه المحاضرات


    http://www.cyemen.com/vb/showthread....ewpost&t=68624

    فنحن بأمس الحاجو إليها ونحن نعيش في هذه المرحلة
    قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس". وقال بعضهم نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ذنوب الخلوات تؤدي الى الانتكاسات ، وطاعة الخلوات طريق للثبات حتى الممات ). " الصـــدق مع الله عــزيز "

    http://www.cyemen.com/vb/showthread....08#post1397008


  5. #5

    فتى الإسلام's Avatar
    Join Date
    Nov 2008
    Location
    الرياض
    العمر
    43
    Posts
    522
    Rep Power
    207

    رد: مبشرات في زمن الاستضعاف

    يرفع للمناسبة وللإهمية
    قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس". وقال بعضهم نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ذنوب الخلوات تؤدي الى الانتكاسات ، وطاعة الخلوات طريق للثبات حتى الممات ). " الصـــدق مع الله عــزيز "

    http://www.cyemen.com/vb/showthread....08#post1397008


  6. #6

    عاشقة الإنشاد's Avatar
    Join Date
    Apr 2007
    Location
    بين أحبتي في الله
    Posts
    16,324
    Rep Power
    635

    رد: مبشرات في زمن الاستضعاف

    اخي فتي الاسلام جزيت خيراً على مووووووووضوعك الهادف والقيم

    صحيح هو طووووووويل ولكنه مفيد وقيم وعلينا الافاده منه

    بوركت وحفظك الله وجعله الله في ميزان حسناتك
    سأظل اتذكر بأن لدي اخوان واخوات في عائلتي شباب اليمن ووصآل دعآئي لكم لا ينقطع
    تذكروني بدعوة بظهر الغيب ولكم مثلها

    واستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي(( أحبكم في الله )) نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    **********************


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    عضو في الفريق الإسلامي
    سفير's Avatar
    Join Date
    Nov 2008
    Posts
    1,972
    Rep Power
    235

    رد: مبشرات في زمن الاستضعاف

    بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

  8. #8

    فتى الإسلام's Avatar
    Join Date
    Nov 2008
    Location
    الرياض
    العمر
    43
    Posts
    522
    Rep Power
    207

    رد: مبشرات في زمن الاستضعاف

    وفيكم بارك الله ونفع

    وفقنا الله وإياكم
    قال ابن رجب رحمه الله :"خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة للعبد لايطلع عليها الناس". وقال بعضهم نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ذنوب الخلوات تؤدي الى الانتكاسات ، وطاعة الخلوات طريق للثبات حتى الممات ). " الصـــدق مع الله عــزيز "

    http://www.cyemen.com/vb/showthread....08#post1397008


Thread Information

Users Browsing this Thread

There are currently 1 users browsing this thread. (0 members and 1 guests)

Similar Threads

  1. اقتصادات الدول الغنية والصاعدة تتقهقر ولا مبشرات بالأفق
    By موقع قناة الجزيرة in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 06-03-2009, 06:20 PM

Bookmarks

Posting Permissions

  • You may not post new threads
  • You may not post replies
  • You may not post attachments
  • You may not edit your posts
  •