باب الأذان
........
فصل
ولا يصح الأذان إلا من مسلم عاقل ذكر فأما الكافر والمجنون فلا يصح منهما لأنهما ليسا من أهل العبادات ولا يعتد بأذان المرأة لأنها ليست ممن يشرع له الأذان* فأشبهت المجنون ولا الخنثى لأنه لا يعلم كونه رجلا وهذا كله مذهب الشافعي ولا نعلم فيه خلافا وهل يشترط العدالة والبلوغ للاعتداد به؟ على روايتين في الصبى ووجهين في الفاسق: إحداهما: يشترط ذلك* ولا يعتد بأذان صبي ولا فاسق لأنه مشروع للإعلام ولا يحصل الإعلام بقولهما لأنهما ممن لا يقبل خبره ولا روايته ولأنه قد روى: (ليؤذن لكم خياركم) والثانية: يعتد بأذانه وهو قول عطاء والشعبي* وابن أبي ليلى والشافعي وروى ابن المنذر بإسناده عن عبد الله بن أبي بكر بن أنس قال: كان عمومتى يأمروننى أن أؤذن لهم وأنا غلام* ولم أحتلم وأنس بن مالك شاهد لم ينكر ذلك وهذا مما يظهر ولا يخفى ولم ينكر فيكون إجماعا* ولأنه ذكر تصح صلاته فاعتد بأذانه كالعدل البالغ ولا خلاف في الاعتداد بأذان من هو مستور الحال* وإنما الخلاف فيمن هو ظاهر الفسق ويستحب أن يكون المؤذن عدلا أمينا بالغا لأنه مؤتمن يرجع إليه في الصلاة والصيام فلا يؤمن أن يغرهم بأذانه إذا لم يكن كذلك ولأنه يؤذن على موضع عال* فلا يؤمن منه النظر إلى العورات وفي الأذان الملحن وجهان: أحدهما: يصح لأن المقصود يحصل منه فهو كغير الملحن والآخر لا يصح لما روى الدارقطني* بإسناده عن ابن عباس قال (كان للنبى - صلى الله عليه وسلم- مؤذن يطرب فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: إن الأذان سهل سمح فإن كان أذانك سهلا سمحا* وإلا فلا تؤذن ).
فصل
ويستحب أن يكون المؤذن بصيرا لأن الأعمى لا يعرف الوقت فربما غلط فإن أذن الأعمى صح أذانه فإن ابن أم مكتوم كان يؤذن للنبى - صلى الله عليه وسلم- قال ابن عمرو: كان رجلا أعمى لا ينادى حتى يقال له " أصبحت أصبحت " رواه البخاري ويستحب أن يكون معه بصير يعرفه الوقت* أو يؤذن بعد مؤذن بصير كما كان ابن أم مكتوم يؤذن بعد أذان بلال ويستحب أن يكون عالما بالأوقات ليتحراها فيؤذن في أولها* وإذا لم يكن عالما فربما غلط وأخطأ فإن أذن الجاهل صح أذانه فإنه إذا صح أذان الأعمى فالجاهل أولى ويستحب أن يكون صيتا يسمع الناس (واختار النبي - صلى الله عليه وسلم- أبا محذورة للأذان) لكونه صيتا* وفي حديث عبد الله بن زيد (أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال له: ألقه على بلال فإنه أندى صوتا منك) ويستحب أن يكون حسن الصوت لأنه أرق لسامعه.
فصل
ولا يجوز أخذ الأجرة على الأذان في ظاهر المذهب وكرهه القاسم بن عبد الرحمن والأوزاعي وأصحاب الرأي وابن المنذر لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- (قال لعثمان بن أبي العاص: واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا) رواه أبو داود* وابن ماجه والترمذي وقال: حديث حسن ولأنه قربة لفاعله* لا يصح إلا من مسلم فلم يستأجره عليه كالإمامة وحكي عن أحمد رواية أخرى: أنه يجوز أخذ الأجرة عليه ورخص فيه مالك وبعض الشافعية لأنه عمل معلوم* يجوز أخذ الرزق عليه فجاز أخذ الأجرة عليه كسائر الأعمال* ولا نعلم خلافا في جواز أخذ الرزق عليه وهذا قول الأوزاعي والشافعي لأن بالمسلمين حاجة إليه وقد لا يوجد متطوع به وإذا لم يدفع الرزق فيه يعطل* ويرزقه الإمام من الفيء لأنه المعد للمصالح فهو كأرزاق القضاة والغزاة وإن وجد متطوع به لم يرزق غيره لعدم الحاجة إليه.
فصل
وينبغى أن يتولى الإقامة من تولى الأذان* وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك: لا فرق بينه وبين غيره لما روى أبو داود في حديث عبد الله بن زيد (أنه رأى الأذان في المنام* فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال: ألقه على بلال فألقاه عليه فأذن بلال* فقال عبد الله: أنا رأيته وأنا كنت أريده قال: أقم أنت) ولأنه يحصل المقصود منه فأشبه ما لو تولاهما معا ولنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم- في حديث زياد بن الحارث الصدائى (إن أخا صداء أذن ومن أذن فهو يقيم) ولأنهما فعلان من الذكر* يتقدمان الصلاة فيسن أن يتولاهما واحد كالخطبتين* وما ذكروه يدل على الجواز وهذا على الاستحباب فإن سبق المؤذن بالأذان* فأراد المؤذن أن يقيم فقال أحمد: لو أعاد الأذان كما صنع أبو محذورة كما روى عبد العزيز بن رفيع* قال: رأيت رجلا أذن قبل أبي محذورة قال: فجاء أبو محذورة فأذن ثم أقام أخرجه الأثرم فإن أقام من غير إعادة فلا بأس وبذلك قال مالك* والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي لما ذكروه من حديث عبد الله بن زيد.
فصل
ويستحب أن يقيم في موضع أذانه قال أحمد: أحب إلى أن يقيم في مكانه ولم يبلغنى فيه شيء إلا حديث بلال: " لا تسبقنى بآمين " يعنى لو كان يقيم في موضع صلاته لما خاف أن يسبقه بالتأمين لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- إنما كان يكبر بعد فراغه من الإقامة* ولأن الإقامة شرعت للإعلام فشرعت في موضعه ليكون أبلغ في الإعلام* وقد دل على هذا حديث عبد الله بن عمر قال: كنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة إلا أن يؤذن في المنارة أو مكان بعيد من المسجد فيقيم في غير موضعه* لئلا يفوته بعض الصلاة.
فصل
ولا يقيم حتى يأذن له الإمام فإن بلالا كان يستأذن النبي - صلى الله عليه وسلم- وفي حديث زياد بن الحارث الصدائى أنه قال: فجعلت أقول للنبى - صلى الله عليه وسلم- أقيم أقيم؟ وروى أبو حفص* بإسناده عن على قال: المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة.
وفي هذا الرابط
ملفات صوتية لشرح شروط المؤذن وإدابه من كتاب المغني
للشيخ أحمد حطيبة
http://www.islamway.com/?iw_s=Lesson...168&series_id=
.
.
Bookmarks