من قرأ منكم قصص ألف ليلة وليلة(!؟)
بالإضافة إلى المغامرات الجنسية لا تكاد قصة تخلو من فكرة الطيران والسباحة في الهواء. وهي في الغالب تترافق مع أفعال الجن والسحرة وقدرة المشعوذين على الانتقال من مكان إلى آخر بزمن قياسي.. وبالطبع يصعب تصديق أفعال كهذه؛ ولكن مجرد الحديث عنها بكثرة - وأقحامها في كل قصة - دليل على قدم هذا الحلم وسيطرته القوية على العقل البشري..
والفكرة - على أي حال - موجودة لدى كل الأمم.. ففي الصحراء الكبرى يوجد كهف يعود لعصور ما قبل التاريخ مليء برسومات لأشخاص يسبحون في الهواء (يدعى كهف السباحين). وفي القرون الوسطى كان الباب يخلع صفة القداسة على كل من يمتلك هذه القدرة. ويتحدث المؤرخون عن توفر هذه الموهبة لدى رهبان التيبت ومشعوذي الهند وممارسي اليوغا والتأمل. وهناك أربع صور التقطها ضابط بريطاني تعود إلى عام 1936تظهر مشعوذاً هندياً نائماً في الهواء على ارتفاع مترين (موجودة في كتاب أطلس الظواهر الغامضة لفرانسيس هتشنج)!
.. وفي انجلترا انتشرت جلسات تحضير الأرواح في القرن التاسع عشر وكانت عنصراً مهماً في معظم المناسبات. وكان الأثرياء وحدهم يستطيعون دفع تكاليف (وسيط) محترف تتحدث الأرواح على لسانه. وفي ذلك الوقت اشتهر بين الطبقة الارستقراطية وسيط روحي يدعى دانيال دونجلاس. وكان دانيال - مقابل المال - يلبي طلبات الجمهور ويحضر أرواح العظماء والمشهورين. وفي عام 1852م تم افتتاح معرض صناعات الحرير في تشسني وكان دانيال ضيف الشرف فيه. وبعد أن حقق رغبات الجمهور عرض عليهم القيام بشيء غريب لم يروه من قبل.. وبالطبع وافق الجميع فطلب منهم الصمت وتركيز أنظارهم عليه. وما هي إلا لحظات حتى دخل في غيبوبة وبدأ بالارتفاع عن الأرض والسباحة في الهواء وظل معلقاً على ارتفاع تسع أقدام.. لم يصدق الناس أعينهم وتعالت صيحات الذهول وعمد بعض الرجال إلى الوقوف تحته للتأكد من عدم وجود خدعة ما. وكان ضمن الجمهور صحفي من جريدة هارتفورد تايم صور الحادثة وكتب عنها!!
... وقبل ذلك تحدث ابن بطوطة عن قصة مشابهة أثناء زيارته للهند.. فحين كان في حضرة أحد أمراء الهند حضر أحد المشعوذين ومعه صبي صغير فقال له الأمير ارنا شيئاً من عجائبك، فرمى المشعوذ حبلاً في الهواء فاستقام حتى السحاب ثم أمر الصبي بتسلقه.. وبدون تردد نفذ الصبي أوامر المشعوذ وتسلق الحبل حتى غاب عن الأبصار. وحين تأخر في النزول دعاه المشعوذ ثلاث مرات فلم يجبه فأخذ سكيناً ضخمة وصعد خلفه حتى غاب هو أيضاً. وبينما الناس ينتظرون سقطت بينهم يد الصبي ثم قدمه ثم رأسه ثم قدمه الأخرى حتى إذا اكتملت بقية الأعضاء نزل المشعوذ وسكينه تقطر دماً..
يقول ابن بطوطة: "فأصابني خفقان شديد مثل ما أصابني عند ملك الهند حين رأيت مثل ذلك، فسقوني دواء اذهب عني ما رأيت وكان بجانبي القاضي فخر الدين فقال لي: والله ما كان من صعود ولا نزول ولا قطع يد أو رجل إنما كل ذلك شعوذة!!
إذا؛ الخداع وارد والسحر محتمل.. ولكن المؤكد ان اختراعنا للبوينج والكونكورد لم يلغ الفكرة رغم قدمها.. فمن سوبرمان إلى هاري بوتر - ومن أحلام اليقظة إلى أحلام المنام - مازلنا نحلم بتحدي الجاذبية والسباحة في الفضاء بلا قيود!!
منقول
Bookmarks