Results 1 to 5 of 5

Thread: رحمة للعالمين

  1. #1

    الطبيب العراقي's Avatar
    Join Date
    Apr 2008
    Posts
    208
    Rep Power
    201

    رحمة للعالمين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    تفكر ساعة……

    رحمة للعالمين

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على افضل المرسلين، وعلى آله وصحبهِ أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد…
    قال تعالى في كتابه الكريم في سورة الأنبياء، بسم الله الرحمن الرحيم: ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) (الأنبياء: 107)، أي وما أرسلناك يا محمد إلا رحمة للخلق أجمعين.
    وجاء في الحديث الشريف عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما أنا رحمة مهداة)) (أخرجه ابن عساكر).
    ومجمل المعنى أن ولادة سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم وبعثته هي رحمة بالخلائق أجمعين، وهذه الرحمة هي هدية من رب العالمين ومن أكرم الأكرمين إلى عباده.
    فالله سبحانه وتعالى رحمة بالعالمين وهدية أهداها لهم بأن أرسل لهم الرسل الكرام وعلى رأسهم سيد المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنه صلوات ربي عليه جاءهم بالسعادة الكبرى والنجاة من الشقاوة العظمى ونالوا على يديه الخيرات الكثيرة في الآخرة والأولى وعلمهم بعد الجهالة وهداهم بعد الضلالة فكان رحمة للعالمين.
    والملاحظ في هذه الآية الكريمة أن الله تعالى قال: (رحمة للعالمين) ولم يقل رحمة للمؤمنين، فالرحمة هنا عامة شاملة، فقال المفسرون: شملت الرحمة المؤمن والكافر، فالكفار رحموا به حيث أخر عقوبتهم ولم يستأصلهم بالعذاب كالمسخ والخسف والغرق كما حدث للمكذبين من الأمم السابقة.
    وقالوا: إن الرسالة المحمدية كانت رحمة للبشرية بأجمعها مؤمنها وكافرها، إذ إن البشرية كلها قد تأثرت بالمنهج الذي جاءت به طائعة أو كارهة، شاعرة بذلك أم لم تشعر.
    وتوسعوا فقالوا بأن الرحمة لجميع الكائنات، أي أن كل كائن حي قد رحم ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
    وقالوا آخرون بل إن الرحمة لجميع الموجودات، إذ أن كل الموجودات في هذا الكون طائعة لله مستسلمة لتقدير الله منقادة له وتسبح له بكل كيانها وبحركة ذراتها وبتأديتها لوظائفها التي هداها الله عز وجل إليها؛ الإنسان العاصي والإنسان الجاحد لنعم الله فقط نراه يسير بعكس هذا الاتجاه الكوني ويشذ عن هذه العبادة والصلاة الجماعية للموجودات، بل انه يشذ حتى عن تسبيح وتسليم وانقياد خلايا جسمه لله تعالى، فخلايا اليد مثلاً منقادة ومستسلمة لله تعالى وتؤدي وظيفتها على أتم وجه وهذا الإنسان المسكين يستعملها بالسرقة أو الضرب أو البطش الحرام، ولهذا فأنها تثأر منه يوم القيامة بأن تشهد عليه أمام رب العالمين، كما قال تعالى في سورة فصلت:
    بسم الله الرحمن الرحيم: ((ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون. حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون. وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي انطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة واليه ترجعون.)) (فصلت: 19-21).
    فإذاً ولادة وبعثة المصطفى صلى الله عليه وسلم هي رحمة بالموجودات كلها وذلك بهدايتها لهذا الإنسان وبضبط سيره على نفس الطريق الذي تسير عليه كل موجودات الكون، وبهذا تكون هذه الولادة وهذه البعثة رحمة بتلك الموجودات.
    ولهذا إخواني فإننا لا نعجب عندما نسمع في الأخبار الصحيحة المتواترة أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يمشي في صحراء مكة فإنه كان يسمع صوت سلام عليه، (السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته) فيلتفت الرسول صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي فلا يجد أحداً، وإنما هي الأحجار والأشجار تسلم عليه عندما يمر بقربها، مؤكداً وحقاً وصدقاً، وكيف لا والرسول محمد صلى الله عليه وسلم قد بعث رحمة بهم وهدية لهم من المولى عز وجل، فكم عانت هذه الأشجار والأحجار من معصية الكفار والملحدين بقربها ولم تستطع فعل شيء سوى الدعاء والتسبيح، وهاهو الرحمة المهداة جاء ليهدي ويرشد إلى طريق الهداية والاستسلام والانقياد والعبودية والتسبيح لله تعالى، هذا الطريق الذي تسير عليه جميع الأحجار والأشجار وجميع الموجودات في هذا الكون الفسيح.

     والآن إخواني فلنذهب سوية في رحلة تفكرية قصيرة جداً ثم نعود بعدها للحديث عن مفهوم هذه الآية:
    خلق الله الإنسان على هذه الأرض وكرمه وفضله على كثير من مخلوقاته، وهذه حقيقة واضحة ومعروفة لدى جميع الناس ولا مراء فيها، ولكنها برزت بصورة اكبر في عصرنا هذا، عصر العلوم المختلفة وعصر التخصصات الدقيقة حيث جاب الإنسان متسلحاً بتلك العلوم والاختصاصات أعماق الأرض والبحار والفضاء والمخلوقات فلم ير مخلوقاً مكرماً مثله.
    والله سبحانه وتعالى يذكر لنا هذه الحقيقة بهذا التعبير المعجز، وهذه التفاصيل العلمية الدقيقة التي لا يمكن أن يقولها إلا من خلق هذا الكون الفسيح وما فيه من مخلوقات.
    قال تعالى في سورة الإسراء:
    بسم الله الرحمن الرحيم ((ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير من خلقنا تفضيلاً)) (الإسراء: 70).

    وعند دراسة هذا الإنسان نجده مفتقراً لاحتياجات كثيرة ومهمة لوجوده ولحياته على هذه الأرض، فإذا فقدت هذه الاحتياجات انتهى وجوده واستحالت حياته. ونجد انه بسبب رحمة الله تعالى بهذا المخلوق وبسبب تكريمه له فانه سبحانه وتعالى قد لبى جميع تلك الاحتياجات على اكمل وجه وأتمه وذلك بتسخيره ما في السموات وما في الأرض لخدمة هذا الإنسان وللعناية به.
    قال تعالى في سورة لقمان:
    بسم الله الرحمن الرحيم ((ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض واسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير.)) (لقمان: 20).

    وهذه أمثلة لمخلوقات مسخرة لتلبية احتياجات الإنسان الأساسية:
     الأرض
    بتربتها الصالحة للزراعة، وباستوائها الذي يمكن من العيش والسعي عليها، بسم الله الرحمن الرحيم: ((ألم نجعل الأرض مهادا.ً)) (النبأ: 6)، ومن يريد أن يحس بقيمة هذه النعمة العظيمة فلينظر إلى صورة لسطح القمر!
     البحار
    ولولا الماء لما وجدت الحياة، بسم الله الرحمن الرحيم: ((وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون.)) (الأنبياء: 30).
     النباتات
    المصنع الوحيد للمواد الغذائية باستخدام الطاقة الشمسية، وكذلك وظيفتها المهمة بتعديل نسبة الأوكسجين في الجو، بسم الله الرحمن الرحيم: ((وهو الذي أنزل من السماء ماءً فأخرجنا به نبات كل شيء.)) (الأنعام: 99).
     الأنعام
    بسم الله الرحمن الرحيم: ((والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون. ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون. وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرؤوف رحيم.)) (النحل: 5-7)، سبحان الله حتى الحاجة إلى رؤية الجمال، وهي حاجة وظيفية مهمة لصحة الإنسان واستقراره النفسي، نجد أن الله سبحانه وتعالى قد لباها لنا!!
     الجبال
    بأن تمسك وتثبت الأرض كما يثبت الوتد البناء حتى لا تميد بالناس بسبب القوة الطاردة الناتجة عن دوران الأرض، بسم الله الرحمن الرحيم: ((والجبال أوتادا.ً)) (النبأ: 7)، بسم الله الرحمن الرحيم: ((وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون.)) (النحل: 15).
     الشمس
    مصدر الطاقة وسبب الحياة على الأرض منذ ملايين السنين، ومازالت تحترق وتحدث فيها انفجارات عظيمة وهائلة جداً تصل في بعض الأحيان إلى قوة انفجار بحجم اكبر بعشرين مرة من حجم الأرض!! ولم تنفذ طاقتها إلى الآن وما زالت تجود علينا بالطاقة.
     القمر
    الذي يحقق التوازن في مستوى مياه البحار وفي الجاذبية، بسم الله الرحمن الرحيم: ((والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم. والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم. لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون)) (يس: 38-40).
     النجوم
    بسم الله الرحمن الرحيم: ((وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون.)) (الأنعام: 97)، يقول علماء الفلك: إن هذا الكون هو في حالة توازن عجيبة ودقيقة جداً وان أي خلل في أي جزء منه وفي أي نجم فيه يؤدي إلى اختلال التوازن وفناء هذا الكون،!! أي إن الإنسان وهو يحيى على أرضه وفي مجموعته الشمسية وفي مجرته مفتقر ومحتاج إلى جميع أجزاء وجميع نجوم هذا الكون الواسع الفسيح والتي بمجموعها وبتوازنها تؤمن استقرار وتوازن هذا الكون.
    فالإنسان إذاً مفتقر ومحتاج إلى كل موجودات هذا الكون الواسع لحياته على هذه الأرض، ولولاها لما استطاع أن يحيى ولو لثانية واحدة، أي أن الإنسان يدعو بلسان حاله وبلسان عقله في كل ثانية، يا رب ارزقنا نجوماً وكوناً متوازناً مستقراً، يا رب ارزقنا شمساً وقمراً وأرضاً ونباتاً وأنعاما وهواءً وماءً… وهكذا كل خلية من خلاياه تدعوا بهذا الدعاء المعنوي الفطري، دعاء الذليل المفتقر المحتاج!!!
    ونجد في مقابل ذلك أن الله سبحانه وتعالى بكرمه ومنه وفضله ورحمته قد استجاب لتلك الأدعية ولبى هذه الاحتياجات الملحة.
    ولكن لنسأل سؤالاً بسيطاً؟
    هل هذه هي كل احتياجات الإنسان، الطعام والشراب والهواء والنوم والملبس والأرض المستوية… إلى آخره، إنها احتياجات أساسية نعم، ولكن تشترك فيها كل المخلوقات الباقية من حيوان ونبات، وللإنسان احتياجات مهمة أخرى أعلى وأسمى تميزه عن باقي المخلوقات وهي احتياجات الروح، هذه الاحتياجات هي الإجابة على الأسئلة الثلاثة المهمة التي هي مدار أفكار واهتمامات وحضارات الإنسان منذ بدء الخليقة، من أنا؟ من أين؟ والى أين؟، أي حاجة التعرف على الخالق والتعرف على أسمائه وصفاته وعلاقتنا به وكيف نعبده وماذا يحب وماذا يكره وكيف بدأنا والى أين مصيرنا وما هي علاقتنا بباقي الموجودات وما هو المنهج الذي نسير فيه على ظهر هذه الأرض؟
    فإذا كان الإنسان يدعو الله ويسأله أن يرزقه الماء والهواء والنبات والأنعام والأرض والجبال ويسأله كل ما هو ضروري لحياته ولجسده فإنه يدعو بإلحاح اكثر وبتضرع اكبر ويسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقه ولادة وبعثة محمد صلى الله عليه وسلم، لأن الحاجة إليها اكبر واهم من احتياجاته الأخرى، لأنه لولا محمد صلى الله عليه وسلم لفقدت الحياة معناها ومغزاها ولفقد الانتفاع بهذه المسخرات معناه ومغزاه.

    فمثلما يدعو لسان حال الإنسان ولسان حال كل خلية من خلاياه…
    يا رب ارزقنا نجوماً،
    يا رب ارزقنا شمساً،
    يا رب ارزقنا قمراً،
    يا رب ارزقنا أرضاً وجبالاً ونباتاً وأنعاماً وهواءً وماءً.
    فكذلك يدعو بإلحاح اكبر وبتضرع اعظم وتدعو كل خلية من خلاياه،
    يا رب ارزقنا محمداً صلى الله عليه وسلم.
    فاستجاب الله سبحانه وتعالى لهذا الدعاء الفطري الملح كما استجاب لكل أدعيته الأخرى، وقال عز من قائل:
    بسم الله الرحمن الرحيم: ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)) (الأنبياء: 107)
    والحمد لله رب العالمين


    منقول من مواضيع د.عماد البياتي
    العراق-بغداد


  2. #2

    المشتاقة لوطنها's Avatar
    Join Date
    Sep 2007
    Location
    USA
    Posts
    12,885
    Rep Power
    564

    رد: رحمة للعالمين

    رحمة العالمين
    يا لها من رحمة
    بوركت اخي الكريم ....


    وبارك نقلك الجميل

    .
    تلك الطيور التي غادرت
    ديار الاماني بهـذا الـوطـن
    تـعـودُ لـصـنعـــاء مشـتـاقــةً
    وتحضن قلب المنى في عدن

  3. #3

    حاجةغير's Avatar
    Join Date
    Jan 2008
    Posts
    1,053
    Rep Power
    226

    رد: رحمة للعالمين

    بارك الله فيك اخي الكريم
    بالفعل مهما قلنا ومهما سنقول
    فليس هناك ارحم من رب العالمين
    بارك الله فيك
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4

    الطبيب العراقي's Avatar
    Join Date
    Apr 2008
    Posts
    208
    Rep Power
    201

    رد: رحمة للعالمين

    Quote Originally Posted by المشتاقة لوطنها View Post
    رحمة العالمين
    يا لها من رحمة
    بوركت اخي الكريم ....


    وبارك نقلك الجميل

    اشكر مروركم الكريم
    شكرا على الرد الجميل
    وفقكم الله لكل خير

  5. #5

    الطبيب العراقي's Avatar
    Join Date
    Apr 2008
    Posts
    208
    Rep Power
    201

    رد: رحمة للعالمين

    Quote Originally Posted by تكفيني الذكرى View Post

    بالفعل مهما قلنا ومهما سنقول
    فليس هناك ارحم من رب العالمين
    شكرا على الرد الجميل
    شكرا على المرور
    وفقكم الله لكل خير

Thread Information

Users Browsing this Thread

There are currently 1 users browsing this thread. (0 members and 1 guests)

Similar Threads

  1. إضراب مفتوح للعاملين بأونروا الأردن
    By موقع قناة الجزيرة in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 06-05-2012, 04:50 PM
  2. ندوة للعاملين في الصناعات الحرفية بصنعاء
    By أخبار التغيير نت in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 31-01-2012, 03:00 AM
  3. Replies: 0
    Last Post: 11-03-2010, 05:00 AM
  4. تكريم الفائزين في مسابقة "الرسول محمد - رحمة للعالمين"
    By أخبار موقع روسيا اليوم in forum ملتقى الأخبار والمنقول
    Replies: 0
    Last Post: 10-03-2010, 04:50 PM
  5. (( رحــــــــمة للعالمين ))
    By عاشقة الإنشاد in forum ملتقى تلفزيون الشباب اليمني (تورنت)
    Replies: 8
    Last Post: 06-04-2009, 09:22 AM

Bookmarks

Posting Permissions

  • You may not post new threads
  • You may not post replies
  • You may not post attachments
  • You may not edit your posts
  •