الأطفال من أعظم النعم التي أمتن الله بها علي عبادة، وهم بحق زينة الحياة الدنيا.. نفرح بضحكاتهم الناعمة ونسعد بأحضانهم الدافئة..
وعادات الأطفال في سنوات عمرهم الأولي غالباً ما تكون مكتسبه من الأم أو الأب أو من يكبرهم سناً.. فتجد الطفل يتباهى ويتفاخر بتقليد أبيه.. والطفلة تسعد بتقليد أمها.. ومع أن هذا التقليد في كثير من الأحيان يكون مصدراً لسعادة الأب أو الأم إلا أنه قد يكون في أحيان أخري مصدراً لضيق الأهل وسبباً في إحداث قدر من الحرج لديهم.
والمشكلة التي تواجه بعض الأهالي والتي هي موضوع حديثنا هي مشكلة نقل أخبار المنزل أو نقل الكلام الذي يقال في المنزل من قبل الأطفال.
أولئك الصغار الذين لا نشعر بوجودهم ومراقبتهم لنا حال حدوت أي شيء أو حال الحديث عن أي شيء.
ولا ندرك أن عيونهم وآذانهم وعقولهم هي بمثابة كاميرات للتسجيل والنقل.
فللأطفال في مرحلة معينة من العمر عادات لا يعرف مصدرها أحد.. كأن يكون الطفل كالمذياع ينقل كل ما يراه أو يسمعه في منزله إلي الأصدقاء والجيران والأقارب.. وبالطبع فإنهم لا يدركون وهم في مثل هذه السن ما يتكلمون عنه.. وإنما يتكلمون لمجرد رغبتهم في الكلام بل ويتحدثون عن أي شيء وفي أي توقيت غير منشغلين ولا مبالين ولا مدركين لعواقب مثل هذه الأحاديث ومقدار ما تسببه من حرج بالغ لآبائهم وأمهاتهم.
وهذه المشكلة موجودة في معظم البيوت ويعاني منها معظم الآباء والأمهات..
فكيف يمكن التخلص من هذه المشكلة ؟؟
ولا سيما أنها مشكلة تطرحها معظم الأمهات اللواتي يعانين من وجود مشاكل من هذا النوع.
والسبب في مثل هذه الحالات قد يكون الأهل أنفسهم وليس غيرهم.. فالأم التي تتحدث عن مشكلاتها وأخبار بيتها أمام الجميع وفي وجود الأطفال فإنها بذلك تكون قد زرعت في نفوس أبنائها تلك العادة وهي لا تدري.
فإن الطفل عندما يلاحظ أن أبيه أو أمه ليس لديهم غضاضة في الحديث أمام الأصدقاء والأقارب عن أخبار المنزل أو عما يجري بينهم فسوف يستقر في نفسه أن هذا الأمر طبيعي ولا حرج ولا غضاضة فيه.
بل ربما تري مثل هذا الطفل يغتنم الفرصة لكي يبوح بما رآه أو سمعه داخل جدران بيته.
والأطفال في مثل هذه المرحلة السيئة إنما يقومون بمثل هذه الأفعال رغبة منهم في لفت الانتباه إليهم وزيادة الاهتمام بهم.
ولأنهم بالقطع يرون تشجيعاً من مستمعيهم وخاصة لو كان المستمع هو الأب أو الأم وتلك أفه أخري وسبب أخر في تفاقم تلك المشكلة وازديادها.
ولذا فالحل في المقام الأول وبالدرجة الأولي يكمن في يد الأم أو الأب !!
وقد تحدثنا مع بعض الأمهات والآباء الذين اعترفوا بوجود تلك المشكلة.
الأم (م) متزوجة وأم لولد يبلغ من العمر 6 سنوات وبنت عمرها 4 سنوات..
تقول ابني حباه الله بموهبة خاصة فهو يحفظ كل ما يقال أمامه بدقة بالغة ولكنه للأسف كثيراً ما يحرجني فإذا تحدثت عن شيء ما حصل معي فإنه يقوم بتصحيح كلامي وكأنه يحفظ ما يحصل معي عن ظهر قلب وفي احدي المرات خرج زوجي إلي العمل وأحسست بالفراغ فذهبت إلي صديقتي لزيارتها.. وعند عوده زوجي تشاجر معي بسبب زيارتي لصديقتي تلك بدون علمه وقال إنه لن يسمح لي بزيارة تلك المرآة مرة أخري ومع أننا في نفس اليوم تصالحنا وقال أنه لا يمنعني عن زيارة صديقاتي ولكن لابد أن يكون بعلمه إلا أن ابني قد اختزن تلك الواقعة في ذهنه.
وبعد فترة ذهبت لزيارة صديقتي تلك فعاتبتني علي أنى لم أزرها منذ فترة فقلت لها اعذريني فقد كنت مريضة.. فقال ابني صارخاً لا يا أمي لا تكذبي فإنك لم تكوني مريضة بل أن أبي هو الذي منعك من زيارتها.. وقد تسبب ذلك في إحداث حرج وضيق لي حتى قررت ألا أخذه معي مره أخري !!
وتقول السيدة (ل) وهي أم لولدين وبنت وتعاني من نفس المشكلة وتقول..
أولادي لا يملون أبداً من نقل كل كبيرة وصغيرة تحدث أمامهم إلي والدهم وللأسف الشديد فهو يشجعهم علي ذلك فإذا قمت بعمل أي شيء أو حدث معي أي موقف أو حتى أجريت مكالمة تليفونيه فإنهم ينقلونه إلي والدهم خلال ثوان معدودة.
وقد حدث خلاف بين زوجي وزوج أختي فأمرني ألا أزورهم ولا أتحدث معهم وذات مره اتصلت بي أختي علي التليفون.. وما أن علم أولادي حتى كادوا يخطفون السماعة من علي أذني وهم يقولون سنبلغ أبي بذلك وبالفعل عند عودته ابلغوه وحدثت بيننا مشاجرة كبيرة وليت الأمر أقتصر علي زوجي فقط وإنما إذا سأل أحد الأصدقاء أو الزوار عن أحوالنا تسابق الأطفال في الرد بسرعة ورواية تفاصيل المنزل.
لقد جربت معهم الضرب والعقاب ولكنهم لا يتركون هذه العادة أبداً حتى أصبحت أتحاشي القيام بأي عمل أمامهم.
بقلم عصمت الصاوي
احببت الموضوع فأحببت مشاركتكم فيه عسى الله ينفعنا وياكم به
Bookmarks