"واصل تدخينك يغريني ....رجل في لحظة تدخين...
لا يوجد أجمل من رجل... يفني في الركن و يفنيني...
أشعل واحدة من أخرى ... أشعلها من جمر عيوني ...
و رمادك ضعه على كفي... نيرانك ليست تؤذيني...."
لا أعلم الحقيقة إن كان التدخين سيجارة تشكل عمل جذب للمرأة كما تقول الكلمات السابقة لنزار قباني ، لكني أعلم تماما أن السيجارة هي حلم الأطفال ، و تحدي المراهقين و أنيسة المسطولين...
أيام الثانوية كنا نحط للسيجارة أسم سري " رشدي" تيمنا برشدي اباظة ، و كان يكفي أن تقول مثلا " يا أياد سلم لي على رشدي" ليعرف أياد أن عليه أن يأتي بالسيجارة معه، بالطبع كانت هذه من حيل المراهقة تماما كإلصاق تهمة التدخين بأحد من أصدقائي كلما تصاعدت رائحة الدخان من غرفتي ، على الرغم أنه بعضهم لم يدخن إطلاقا في عمره.
قد يأتي الكثيرون ليؤكدوا أن التدخين ضار و ممرض وقاتل ، لكني أشك الحقيقة في مقدرة هذا الكلام على ثني مدخن واحد عن عادة التدخين، فمنذ بدأ كهنة الأزتيك و المايا في الأمريكتين أول طقوس السطلة عن طريق الدخان منذ 4000 عام في مختلف طقوسهم الدينية و اعيادهم الرسمية، وكل نصائح الضرر كانت تبدو غير ذات فائدة للمدخنين.
ولأن العرب بطبيعتهم موالعة أيضا من يوم أن فضل أمروء القيس أتمام السطلة قبل البحث عن الثأر ، كان من غير المستغرب أن يكون اليهودي العربي يوسف بن ليفي هو أول مدخن من العالم القديم ، فقد نزل هذا البحار من سفن كرستوفر كولمبوس ليبحث عن الأمبراطور الصيني ، ليرجع بعد 4 أيام و هو مسطول يدخن التبغ و يخبر الكابتن كولمبوس أنه محصلش حد صيني في المنطقة كامل، و يسجل التاريخ أسم يوسف هذا كأول مولعي من العالم القديم.
حتى القرن الثامن عشر ، كان الموالعة في أوروبا يدخنون التبغ بواسطة الغليون، و لكن الجنود الأنجليز تفاجئوا حين رأوا الجنود العثمانيين الموالعة يلفون التبغ بواسطة ورق الجرائد، و سرعان ما عادوا ليخبروا أوروبا أن أهل الشرق كان لهم أثر جديد على تطور المزاج العالمي ، لتشكل طريقة الأتراك أختراع جديد في مسيرة التدخين يدعى السجائر.
لكن هذا لم يكن الدلع الوحيد للمزاج في الشرق، فقد نقل العثمانيون أيضا تكنلوجيا المداعة من الهند لكل الدول التي حكموها كاليمن و الشام و مصر وأيران ، كانت المداعة تسمى "شيشة" و التي تعني زجاج في الفارسية أو "أرجيلة" والتي تعني نارجيل ، وذلك لأن المداعة كانت تصنع أصلا من قارورة زجاجية عليها أنبوبة من ورق النارجيل، ولم يتخلى اليمنيت (( يهود اليمن)) عن مولعتهم العربية الأصيلة فلا زلت ترى اليوم نساء حيفا أو عجايز تل أبيب يمدعوا تماما كما تفعل نساء صنعاء أو عجايز عدن.
ولم يكتفي اهل الشرق بكل ما وصلوا اليه ، فقاموا أيضا بتدليع التبغ بالعسل و الفراولة و التفاح و البرتقال فبات المعسل أختيار الشباب المولعي كوول من خيم السهرات في بيروت حتى كورنيشات البحر في جدة.
ألم أقل لكم أننا بطبيعتنا موالعة ...
Bookmarks