يروى عن ايام العثمانيين أن قائد حامية في أحد جبال اليمن - يقال انه مبين - طلب من قبيلة أن يزفوا له فتاة فما كان من أبناء القبيلة تلك أن تشاوروا في الامر، فاقاموا القرعة فيمن يزف ابنته فجاءت القرعة من نصيب شاب يدعى مِقبِل إذ كانت له أخت واحدة، فاخفى في نفسه امرا، فلما جاء الليل ضم اخته الى صدره ثم أرتدى ملابسها وزفته القبيلة الى القائد فلما دخل عليه أخرج مِقبِل خنجرا وأغمده في صدر القائد وخرج متنكرا وجه الفجر بزي الحريوة التي دخل بها، وجاء راجعا الى قبيلته على فرس القائد، وهو ينشد:
ياليمانيات غني لمِقبِل، ذي طرح راسه وضم الوداعة،، ذي حلف بأيمان ما يشرب الذل، الفضيحة طول والموت ساعة.
وهي تحاكي بنفس الكيفية قصة النعمان بن المنذر مع كسري ملك الفرس والتي تحكي انه كتب الامبراطور الفارسي رسالة إلى النعمان بن المنذر ـ ملك الحيرة ـ قال له فيها بلغني أن لديك ولدى إخوتك سبعاً من الفتيات الجميلات، لذلك آثرنا التعطف عليك لتبعث بهن إلينا لكي نهديهن إلى شباب أسرتنا!. كان الفرس في هذه الفترة يسيطرون على امبراطورية تحكم العشرات من شعوب العالم، وجرت العادة أن حُكام هذه الشعوب كانوا يهدون إليهم بناتهم دون أن يروا في ذلك غضاضة في حين أن النعمان بن المنذر أعدّ هذه الرسالة ـ بحكم التقاليد العربية ـ إهانة.
رفض النعمان الاستجابة فغضب الامبراطور وهدّده فلم يجد أمامه من سبيل إلا أن يحمّل بناته وبنات إخوته ويدور بهن على أحياء العرب طلباً لحمايتهن فلم يستجب له غير هانىء بن مسعود زعيم بني بكر. بعد أن اطمأن على بناته ركب جواده واتجه إلى العاصمة الفارسية وطلب مقابلة الامبراطور لكي يشرح له موقفه، لكن الحرّاس قبضوا عليه وألقوا به في غياهب السجن وهناك قتلوه خنقاً. بعث الامبراطور برسالة إلى هانىء بن مسعود يطلب منه بنات النعمان السبْع فأجابه بقوله لا يُسلِّم الحرُّ أمانة. فزحفت على بني بكر فرقتان فارسيتان فضلاً عن ثلاث قبائل عربية موالية للفرس وأقاموا معسكرهم بالقرب من ديارهم وبعثوا إلى هانىء بن مسعود برسالة جديدة هي بمثابة الإنذار الأخير وانتظروا ردّه. اجتمع هانىء بن مسعود بزعماء قومه واتفقوا على أنهم لو انتظروا الهجوم الفارسي لما استطاعوا صدّه، واتخذوا قرارهم بأن يبدأوا الهجوم. قسّموا أنفسهم إلى مجموعات صغيرة من الفرسان بحيث تتبادل الكرّ نظراً لكثافة الجيوش التي عليهم قتالها. في منتصف الليل تسلل إليهم رسول من القبائل العربية الثلاث ـ الموالية للفرس ـ يقول: نحن خرجنا لحربكم مرغمين فأشيروا علينا برأيكم.. فطلبوا منهم أن يهربوا أثناء احتدام القتال. في لحظات العتمة التي تسبق طلوع الفجر، اندفعت خيل بني بكر يتقدمها فرسان أهم بطونها بنو شيْبان، فاكتسحوا أمامهم المعسكرين الفارسييْن وهربت القبائل العربية الثلاث ـ حسب الاتفاق ـ وأثناء الفوضى التي دبّت في صفوف الفرس قتل قائدا الفرقتين ولاذت بقية الفلول بالفرار. هذه هي ـ باختصار شديد ـ قصة الموقعة التي نطلق عليها معركة ذي قار، والتي قيلت فيها عشرات القصائد ومن أشهرها قول الأعشى، فدىً لبني ذهْل بن شيْبان ناقتي، وراكبها يوم اللقاء وقلّتِ،،
وماقصة كليب مع التبع اليماني غريبة عن احد..
Bookmarks