هي خطوة.. ولكن

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
د. محمد عبد الملك المتوكل ( 27/04/2008 )


قرار الرئيس بانتخاب المحافظين قرار تأخر كثيرا رغم أنه جاء في برنامج المؤتمر اشعبي الانتخابي عام 1993، ومع ذلك أن يأتي القرار اليوم خير من ألا يأتي.

ولولا معارضة المؤتمر والاشتراكي والإصلاح لأن تسبق الانتخابات المحلية الانتخابات البرلمانية عام 1993، ما حدثت حرب عام 1994.

أهمية قرار الرئيس أنه يقر بمبدأ الانتخاب للمحافظين والذي سوف يتحول مع الزمن إلى قاعدة وحق للمواطنين يصعب التراجع عنه، ويرفض المواطنون التنازل عنه.

لكن ما يجعل الكثيرين غير متفائلين ولا متحمسين هو فقدانهم الثقة في مصداقية النظام الذي يعتمد في كل خطواته على الفهلوة. دخل الوحدة وهو ينوي الالتفاف على شركائه فيها، أقر بالمديمقراطية وهو مصر على الدكتاتورية والفردية، يجري الانتخابات وهو معد لتزييفها والتحكم في نتائجها، ينشئ هية للفساد ويخر من الأعضاء المصدقين فيها، يصدر قرار انتخاب المحافظين وهو يعد قائمة المحافظين الذين يقبل بانتخابهم ويضع المواصفات التي تنطبق عليهم، والإجراءات التي تضمن له انتخابهم، ويسبق كل ذلك باعتقال العشرات من القيادات السياسية في جنوب الوطن وشماله.

وإذا كان الهدف من قرار انتخاب المحافظين هو تنفيس الاحتقان الشعبي، فإن أي فهلوة في تنفيذ القرار سوف تضاعف من السخط وتزيد الناس قناعة بأن لا فائدة، فالجمعة الجمعة والطبع غلب التطبع، وجاء يكحلها أعماها.

مع كل ما سبق، رأيي أن يأخذ المواطنون في المحافظات الموضوع مأخذ الجد، وأن يمارس أعضاء المجالس المحلية حقهم في انتخاب المحافظ من منطلق مصلحة محافظتهم ومنطقتهم، وأن يختاروا من يرون أنه سوف يقوم بالواجب أحسن قيام، بصرف النظر عن انتمائه الحزبي، إذ الأولوية في هذا الموضوع للانتماء المحلي لأن القضية هنا قضية ذات طابع محلي يتم التعامل معها بالانتماء لمصلحة المنطقة، والتي قد يلتقي عندها المؤتمري والاشتراكي والإصلاحي وغيرهم.

وعلى أعضاء المجالس المحلية الناخبة أن يدركوا أنهم إذا خضعوا للضغوط وأساؤوا الاختيار بفعل انتمائهم الحزبي أو مصالحهم الشخصية، فإنهم يحرقون سمعتهم ويفقدون ثقة مواطنيهم الذين انتخبوهم، وسوف ينظر الناس إليهم باحتقار، وسوف يخجل منهم أولادهم وأحفادهم.

على الأخوة أعضاء المجالس المحلية الناخبة أن يتعرفوا على رأي المواطنين في مناطقهم في المرشحين لمنصب المحافظ عليهم أيضا أن يضمنوا سلامة الانتخابات ونزاهتها وحتى لا يأكل غيرهم الثوم بفمهم، فهم الذين سوف يتعرضون لسخط مواطنيهم وناخبيهم.

لو أحسن أعضاء المجالس المحلية التعامل مع موضوع انتخابهم للمحافظين لحولوا الموضوع من لعبة إلى جد، وليس هناك تناقض بين موقف الحزب السياسي من قرار انتخاب المحافظين وموقف العضو المحلي لأن لكل من الموقفين اعتبارات، للحزب اعتبارات سياسية عامة تتعلق بالأسس والمبادئ العامة للوطن كله، فهو رسميا قد يقاطع، وللقضايا المحلية اعتبارات تتعلق بقضايا محلية قد يساهم فيها عضو حزب بصفته الشخصية و بفعل انتمائه المحلي. وعلينا ألا نخلط بين الانتماء المحلي أو النقابي والمهني وبين الانتماء السياسي والحزبي.

علينا أن نتفاعل مع كل خطوة تقر بمبدأ حق للمواطن مهما كانت النوايا، فقد ينقلب السحر على الساحر، هذا لو افترضنا سوء النوايا بحكم التجارب المريرة، والمثل اليمني يقول: إلحق الكذاب إلى باب البيب.. "السبت يبين".

* عن صحيفة "الشارع" 26 أبريل 2008م.