حدثٌ في السويد ! من روائع القصص
نموذج الغيرة على الإسلام ، والأخلاق الإسلامية للطبيب المسلم
قال الدكتور الاخصائي المحترم احمد من السعودية : كنت أدرس جراحة المخ والأعصاب في السويد عام 1979م أي قبل ست وعشرين سنة ، وفي ذات يومٍ طلبني أحد كبار الأطباء هناك في المستشفى الذي أعمل فيه ؛ لنقوم بإجراء عملية جراحية لاستئصال ورم سرطاني في دماغ امرأة قد جاوزت الأربعين من عمرها ، فاستعنت الله تعالى وقمت بمساعدة هذا الطبيب في إجراء العملية ، وقد استغرقت منا وقتاً ليس بالقصير ؛ حتى تمكنّا ولله الحمد من إزالة الورم ، وشفيت المرأة بفضل الله ... ثم بعد عشرة أيام دخلت عليها في غرفتها ؛ لأقوم بنزع ( الغرز) من رأسها ، وبينما أنا أعمل على إزالتها حركتُ مرفقي بلا شعور مني فدفعتُ صورة كانت بجوارها فوقعتْ على الأرض ، فأهويت لكي أرفعها فإذا هي صورة كلب ! فرفعتها على كُرهٍ مني ! فرأيت الامتعاض في وجهها ، فقلت لها : إنه كلب! ، فقالت : نعم ؛ ولكنه الشخص الوحيد الذي ينتظر عودتي إلى البيت ! . فعلمت أنه ليس في حياتها من يفرح لفرحها أو يحزن لحزنها إلاّ هذا الكلب ! ، فسألتني : من أين أنت ؟! فقلت : من مصر ، عربيٌ مسلم ! ، فأخذت تسمعني الازدراء لوضع المرأة عندنا ، وكبت حريتها كما زعمت ... فقلت : إن المرأة عندنا مكرمة مصونة ، فهي كالجوهرة الغالية النفيسة ، كلٌ يخدمها ويحوطها ، زوجها يخدمها ، وأبوها ، وأخوها ، وابن أخيها ، وابن أختها ، ... كلهم في خدمتها ، ولا تخرج إلى سوق أو عمل إلا ومعها أحد هؤلاء ، حفاظاً عليها .. ليس شكاً فيها فحاشا وكلا *** غير أنّا نريدها في علاها نجمة لا تنالها أعيُنُ الناس *** تراها مصونة في سماها جعل لها الإسلام مكانة ليست لنساء الدنيا كلها ، وما حافظنا عليها إلا لعظيم قدرها في قلوبنا ، لا لشكٍ فيها ، فهي محل الثقة ، لكنها كالوردة الجميلة التي لا يجوز لكل الناس أن يشموها حتى لا تفسد ! وإذا مرضت ... فإنها تجد أهلها كلهم حولها ، يحفون بها ، ويخدمونها ، ويراقبون أنفاسها ، ويعتنون بها غاية العناية ، ولا تكادين تجدين موطأ قدم في غرفتها لكثرة من يقوم بخدمتها من أقربائها، وإذا خرجت من المستشفى فإن هناك جيشاً من أهلها في انتظارها ؛ فيفرحون لفرحها ، ويسعدون لسعادتها ؛ وليس كلباً في انتظارها كحالك ! . فغضبت .. واتهمتني بأنني متخلف وسطحي ، وليس لدي من مقومات الحضارة شيء .. فابتسمت وخرجتُ من غرفتها بعد أن أنهيت عملي ! . ثم فوجئتُ بأن تلك المرأة تشكوني إلى كبير الأطباء وتطلب منه عدم دخولي عليها مرة أخرى ! ، بل وترغب في الخروج من المستشفى . فقلت : لابد من بقائها يومين على الأقل حتى أتمكن من إنهاء علاجها وأعمل لها تحاليل طبية . فأصرت على الخروج وخرجتْ . نسيت أنا ذلك الموقف تماماً ، فليست أول غربيٍ أسمع منه هذا الكلام ، ولن تكون الأخيرة ! . وفي ليلةٍ ، فوجئت باتصال من الطبيب المناوب بقسم الطواريء يخبرني بوجود حالة غريبة لا يعرف كيف يتصرف معها ، فسألته : ماهي؟ ... فأخبرني أنها امرأة لديه حالة تشنج مستمر ، يأتيها بمعدل كل خمس دقائق .. فأسرعت إلى المستشفى في منتصف الليل ، ففوجئت بأن المريضة هي نفسها تلك المرأة ! وكنت قد نسيتُ موقفها معي تماماً ، فأدخلتها غرفة العمليات ، وقمت بإجراء عملية لها في الدماغ ، استغرقت وقتاً طويلاً ، وتمت بنجاح والحمد لله ، ثم .. دخلت عليها بعد إفاقتها ، فرفعت رأسها ونظرت إليّ ، وتكلمت بلسان ثقيل : - أنت الذي أجريت لي العملية ؟ - نعم . - وسهرت بجواري طوال الليل . - نعم ؛ لأن هذا واجبي . - يعني هذا أنك أنت الذي شفيتني ! - لا - من إذن ؟ هل كان معك أحد ؟ . - نعم ، إنه الله عز وجل ، هو الذي شفاك ، وإنما أنا سبب ، أنا الذي عالجتُ فقط . - أنت لا تزال رجعياً ، تؤمن بالخرافات ، وما وراء الطبيعة ، أعجب لك وأنت طبيب مثقف كيف تصدق مثل هذه الأمور ؟ - وأنا أعجب لك وأنت تدعين الثقافة ، كيف لا تقرئين عن الإسلام ، وتجوزين لنفسك إلقاء التهم جزافاً ..؟! ..وغضبت جداً من كلامها ولكن أملي كان يحدوني تجاه تحملها علها تهتدي، ثم ودعتها وانصرفت ، وبعد أيام خرجتْ – تلك المرأة - من المستشفى ، وبعد قرابة ستة أشهر ، أخبرني أحد العاملين معنا أن هناك امرأة تريدني على الهاتف ... رفعتُ السماعة .. - نعم ، من المتحدث ؟ فإذا بها تلك المرأة نفسها ، وقد تبدلت نبرة حديثها ، لكنها تطلب مني أمراً غريباً .. - أريد أن أراك .. هل تستطيع أن تطلب إجازة من عملك ، وتأتي إلينا في (لوند ) لمدة يومين ؟ - فاعتذرت ؛ لأن عملي متواصل دائماً بلا انقطاع . فألَحّت عليّ ، فامتنعتُ ، فطلبت مني طلباً غريباً : - ما اسم أمك ؟ (فقلت في نفسي : لعل هذا من آثار العمليات الجراحية التي أجريت لها ، هل سببت لها خللاً في التفكير ؟) - لماذا تريدين اسم أمي ؟ - قالت بصوت متهدج : لأني : أشهد ألا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله .. وأنا أسلمت ، وعرفت طريق الحق .. وأنت لك حقٌ عليّ ، وأريد أن أسمي نفسي باسم أمك .. أنت الذي دللتني على الطريق الحق ... ومن حقك أن أذكرك دائماً بخير .. (فضج مجلسنا بالتكبير والتهليل ).. قال الدكتور : فكادت سماعة الهاتف تسقط من يدي ، ثم سكت فجأة .. فالتفتُ إليه فإذا عيناه تفيضان بالدمع ! وأخذته بحةٌ في صوته ، فأكمل حديثه بصعوبة بالغة .. قال : فذهبت إلى رئيسي في المستشفى ؛ لأطلب منه إجازة يومين . فقال لي : أنت يا دكتور أحمد الطبيب الوحيد الذي لم يحصل على إجازة منذ سنتين ! خذ أكثر . قلت : لا .. يومان كفاية . فذهبت إليها ، فإذا هي امرأة غير تلك المرأة التي كانت تعظم صورة كلبٍ بجوار رأسها في المستشفى ، امرأة تبدلت وتبدل فيها كل شيء ، كلامها ، ولبسها ، نظرتها للحياة .. ذهبت معها إلى المحكمة ، برفقة زميلين لي ؛ لنشهد إشهار إسلامها ، وهناك وسط قاعة المحكمة صدحت بكلمة الإسلام : أشهد ألا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله .. وقرأت الفاتحة قراءة ملؤها البراءة والطهر .. فانفجرت بالدموع العيون ، وخشعت النفوس ، وبكينا بكاء الطفل ، من شدة الفرح ، وكيف لا نفرح وقد شهدنا ميلادها الحقيقي ، وخروجها من الظلمات إلى النور ، .. وكيف لا أبكي فرحاً وقد أراني الله تعالى من كنتُ سبباً في إسلامها ، وإنقاذها من النار .. قمت وزميليّ وصلينا ركعتين شكراً لله ، وصلت هي خلفنا بصلاتنا ! قالت لي : أتذكر يا دكتور أحمد تلك الصورة لذلك الكلب الذي كدتُ أكتب له كل ثروتي ؟| قلت : نعم قالت : فإني أتلفتها ، وأنفقت كل أموالي في سبيل الله .. وبنيت منها أكبر مركز إسلامي هناك ..