مديرية غالبية أهلها ينتمون الى المؤتمر الشعبي العام ومرشحها النيابي وأعضاء المجالس المحلية مؤتمر،وخلال زيارتنا لها رغم ما وجدنا في بلادنا من بؤس وشقاء وحرمان في بعض مناطق اليمن إلا أننا لم نجد معاناة وحرمان وبؤس ومشقة مثل ما وجدناه في مديرية "الطفة بمحافظة البيضاء ،حتى أن من زارها لأول مرة يشعر وكأنه انتقل بحياته60 سنة الى الماضي أي الى العهد الامامي،
وتزداد الحيرة والدهشة لمن يزور هذه المناطق حين يرى مدى إهمال الحكومة لها ووضعها خارج خريطة اليمن بل وخارج تغطية المشاريع،،ويجازى أبناؤها بالحرمان والمعاناة والشقاء رغم ما قدموه للوطن من دماء وشهداء في ثورة 26 سبتمبر وأثناء الصراعات الشطرية وحرب الانفصال 94م. ومن خلال زيارتنا التي قمنا بها السبت الماضي لعزلة " السعيدية" مديرية الطفة - البيضاء -ننقل معاناة أهلها وحرمانهم حسب ما رأيناه ولمسناه ورواه لنا المواطنون.
يقول الشيخ -عبدا لله احمد السعيدي شيخ المنطقة ان منطقته ضحت بخيرة أبنائها وقدمت العديد من الشهداء في ثورة 26 سبتمبر،ولأنها منطقة محادة مابين الشمال والجنوب فقد ساهمت في نضالها أثناء الصراعات السياسية الشطرية في السبعينات والثمانينات أيام التشطير ،وكان نصيبها من الصراعات ان قتل عدد من أهاليها وعلى رأسهم الشيخ صالح احمد جار الله والشيخ صالح عبد الله جار الله والشيخ موسى احمد جار الله ودمرت عدد من البيوت . ورغم ما قدمت من دماء للحفاظ على الوطن إلا أنها تجازى وتعاقب بالمعاناة الدائمة ولم يصلها خير الثورة والوحدة . كما لعبت مديرية الطفة دورا كبيرا في حرب الانفصال 94م حيث حارب مشائخها وأبناؤها ضد الانفصال وأصيب فيها الشيخ عبد الله احمد السعيدي وقدمت عدداً من الشهداء ودماء رسخت بها الوحدة اليمنية .
اطفال يجلبون المياه فوق والحمير ( تصوير : جبر صبر )
فانوس في زمن اليمن الجديد:
المنطقة تعاني من عدم وصول الكهرباء إليها رغم وصولها الى مركز المديرية وما إن ترى منازلها ليلاً إلا وتلاحظ أضواء خافتة هي تلك الأضواء القديمة التي كانت تستخدم في العهد الإمامي ،فلازال أهالي المنطقة يعيشون نفس العهد من خلال استخدامهم للإنارة بواسطة " الفانوس والقازة"،ولقد لاحظنا شقاء المنطقة ومعاناتها بعدم وجود الكهرباء عندما أردنا شحن بطاريات التلفونات إلا أننا لم نستطع شحنها ،وعدم وجود الكهرباء وما يعانونه من ذلك تكون معاناتهم بعدم وجود تغطية البث لشبكات الاتصال مما يجعلهم يعيشون في قطيعة مع الآخرين .
فهناك عدة مناطق في مديرية الطفة ومنها (السعيدية والحمرة والقويم ورجاش والشعبة) يبلغ سكانها اكثر من 10آلاف مواطن إلا أن خير الوحدة والثورة لم يصلها ولم يصلهم بصيص ضوء من الكهرباء . ويقول احمد موسى عضو المجلس المحلي -رئيس لجنة التخطيط والتنمية " لدينا توجيه من رئيس الوزراء وآخر من وزير الكهرباء من اجل ربط العزلة بالمديرية إلا أن ذلك مجرد وعود لم تتم حتى الآن.
طريق وعره
أحيانا قد لا توجد لمسافة تبلغ اكثر من 35 كم من الخط الرئيس البيضاء - ذمار ولمدة ساعتين ونصف قطعناها بالسيارة الى عزلة السعيدية وكانت معاناتنا شديدة بوعورة الطريق حتى وصل بنا الأمر إلى الاعتقاد انه من المستحيل ان يوجد سكان في تلك المناطق ،متسائلين في ذات الوقت " أتكون الحكومة على علم ودراية بتلك المناطق ؟ وهل هذه المناطق تدرج ضمن خطط مشاريع الحكومة ؟ وكانت الإجابة واقعاً شاهدناه وعايشناه .. ان ذلك لم يتم .. فطريق وعرة شديدة والسفر فيها شاق وفي موسم الأمطار تأتى عليها لتدمر ما تبقى مما يحول بين أهلها والوصول الى مركز المديرية أو السفر الى أي مكان آخر ودون وصولهم أيضا الى مناطقهم إلا بشق الأنفس، وان وجد هناك مريض لا يستطيعون إسعافه الى مركز المديرية بسبب خراب الطريق وقديموت قبل اجتيازها ،وفي الآونة الأخيرة وقبل شهرين فقط كما يقول احمد موسى " بدأ المجلس المحلي بالمديرية بإجراء عملية مسح وصيانة الطريق إلا أنها وإن كانت قد خففت نوعا ما من معاناتهم فإن التخوف لازال يراود أهالي المنطقة من أن تعود الى سابقتها عند موسم الأمطار .
أما بالنسبة لعزلة ( حمرة والقويم ورقاش وغيرها ) فمعاناتهم اشد لوعورة الطريق التي يعانون فيها الأمرين وبالكاد تصل السيارة الى قراهم واحيانا قد لاتصل مما يضطرهم نقل ما يقومون بشرائه من السوق من مواد غذائية على "الحمير". ويستغرب أهالي المنطقة في الوقت ذاته بل ويدهشهم إهمال الحكومة ممثلة بوزارة السياحة من عدم الترويج والإعلام بحمام المياه الساخنة الطبيعية في "السعيدية" والذي يتوافد إليه الكثير من الناس من جميع المحافظات لما فيه من خدمات صحية يتعالجون بها من مختلف أمراضهم ،ولان مياه الحمامات الساخنة تنبع من ثنايا الصخور فإنهم يتوافدون إليها أيضا بغرض السياحة والترفيه على النفس لاسيما وان أهالي المنطقة يقومون باحتفالات سنوية حيث أن الحمام يجلب إليه مئات الأشخاص وخاصة في فصل الصيف حيث تقام هناك حفلات شعبية يشارك فيها الناس بالقصائد الشعرية والزوامل والرقصات الشعبية ،،متسائلين" أليس هذا كافياً لتلتفت وزارة السياحة الى هذا الحمام؟. ولانه يعتبر معلماً سياحياً وتراثيا منذ مئات السنين إلا انه معلماُ سياحيا مغمورا ولم تلتفت إليه الحكومة رغم ما يملكه المكان من إمكانات سياحية تجذب السياح ،ويعتبر أهالي المنطقة إهمال الحكومة ممثلة بوزارة السياحة لحمامات "السعيدية" الطبيعية وعدم شهرتها والتعريف بها لدى الناس كبقية الحمامات الى عدم الترويج لها من قبل وزارة السياحة وكذا لوعورة الطريق وصعوبة الوصول إليها حيث أن زيارة الحمامات تستغرق أكثر من 3 ساعات عبر السيارة وذلك في حالة ما تكون الطريق معبدة وقد لا يقطع جزء من الساعة في حالة انهيار الطريق في موسم الأمطار. وبهذا الجانب يعول أهالي المنطقة على وزارة الأشغال العامة والطرق العمل على سفلتتها من اجل تخفيف معاناتهم كما يعولون على وزارة السياحة أيضا الاهتمام بالمعلم السياحي الأثرى الحمام الطبيعي "سه" وإعطائه حقه من الاهتمام والترويج أسوة بحمام دمت وحمام علي وغيرها فهو لا يقل أهمية عنها بل أن تاريخه قد يكون أقدم منها.
الفانوس هو وسيلة الإضاءه الوحيدة في القرن 21
ويؤكد عضو المجلس المحلي أن الطريق قد سبق واعلن فيها التصاميم لكن فقط لـ 16 كم ،إلا أن ذلك لم يتم تنفيذه على ارض الواقع وان تم ذلك فلا زال اكثر من20 كم من الطريق هو الأشد وعورة ومشقة .
معاناة منطقة السعيدية وغيرها لم تكن هي وحدها فقد سبقها في المعاناة والإهمال مركز المديرية "الطفة" والذي ما أن يصل المسافر إليه حتى يجد نفسه محاصراً مخنوقاً في طريق ضيقبالكاد تستطيع السيارات المرور منه رغم انه يعتبر الطريق الرئيس مابين ذمار والبيضاء ،وكان الأجدر والأحرى بوزارة الأشغال التوسعة في ذلك حتى يصبح طريقا واسعاً للذهاب والعودة ،وإضافة الى ضيق الخط الذي قد يؤدي الى الحوادث ،،لا توجد في الشارع الرئيس للمديرية الإنارة الضوئية كون الشارع يمثل واجهة المديرية ومن خلاله يمر الطريق الرئيس . ويضيف احمد موسى أن المديرية بحجمها السكاني الكبير لا يوجد فيها مستشفى مجهز بإمكانات طبية لازمة ،وفقط يوجد هناك مستوصف صغير لا يفي بالغرض ولا تتوفر فيه الإمكانات الطبية اللازمة والكادر الطبي . ومديرية يعيش فيها اكثر من 25 ألف مواطن تحتاج الى مجمع طبي يستوعب كافة المرضى القادمين من قراها وعزلها الى المديرية للعلاج لعدم وجود مراكز او وحدات صحية فيها .
Bookmarks