يواجه الحزب الاشتراكي محنتي السلطة التي تواصل إقصاءه والجماعات التي تريد الانتقام من تاريخه، والثورة التي قادها ضد الاستعمار ومخلفاته، وتحت يافطات عديدة يجري الآن إنهاكه والاجهاز عليه.
منذ ما بعد حرب 1994 اللعينة أطلق الحزب دعوته لإزالة آثار تلك الحرب وإجراء مصالحة وطنية لترميم ما خلفته من أثر في النفوس وعلى الوحدة الوطنية، لكن لم يسمع له أحد، وحتى عندما تبنى أمينه العام د. ياسين سعيد نعمان هذه القضة و قضايا المبعدين من وظائفهم أو المحالين إلى التقاعد قسراً أدار النظام وجهه لتلك الدعوات والمطالب، ورفض حتى وضعها على جدول الحوار بين الأحزاب قبل أن يفيق على هتافات المتقاعدين العسكريين اليوم.
وهناك مؤشرات على أن النظام لم يستشعر بعد الحاجة إلى شراكة وطنية حقيقية ورد الاعتبار للحزب الاشتراكي وقيادته التي كان لها شرف التوقيع على قيام الجمهورية اليمنية، بعد أن تعرضوا للتخوين والطعن في وطنيتهم، فإنه وعلى الطرف الآخر ظهر التواقون لحقبة ما قبل الثورة والمتضررون من المشروع الوطني الديمقراطي الذي قاده الاشتراكي.
في خطايا وأخطاء هذا النظام فرصة مواتية للنيل من ذلك الحزب وتاريخه ومحاولة إدانته ومن داخل صفوفه.
الاشتراكي الذي أصَّل لقضية الوحدة الوطنية وشارك في تحقيقها، يتهم اليوم بالخيانة لأنه وقع على اتفاقية الوحدة، وتنزل أعلامه في الفعاليات الاحتجاجية وفي المناسبات وظهر في صفوفه من يميز بين أعضائه على أساس الأصل الجغرافي الذي كان لجده أو لمولده.
الحزب الذي كان شريكاً رئيساً في صناعة ثورة اكتوبر وتحقيق الاستقلال وإقامة دولة النظام والقانون يلاحق من السلطة وتصادر ممتلكاته ويضيق على قادته وأعضائه ومناصريه، ويُخترق ويدان من بين المحسوبين عليه أو ممن كانوا جزءاً منه ويصبح كل جرمه وطنيته ووحدويته الصادقة التي رفضت وترفض مبدأ الضم والإلحاق واستباحة الممتلكات.
لنكن أكثر جرأة ونسأل: ما علاقة الحقوق وحتى المطالب السياسية بالتحريض على كراهية أبناء المحافظات الشمالية!؟ ولماذا ينظر لكل موقف من مواقف السياسيين والصحفيين من أبناء هذه المحافظات بعين الريبة والشك، حتى عندما يظهرون موقفاً مؤيداً ومسانداً لمطالب المتقاعدين العسكريين وأصحاب الأراضي التي صودرت، فإنهم يوصمون بأنهم مدسوسون وعملاء للسلطة ومندسون؟ وأصبح هؤلاء بحاجة لشهادات في الوطنية حتى وإن لعنوا الحكم وانتقدوا إعلاء قيم القبيلة وغياب المساواة واحترام حقوق الانسان ومصادر الأراضي وإبعاد الناس من وظائفهم على أساس جغرافي.
ترى ماهو الانجاز الذي سيتحقق من وراء زرع الكراهية والحقد للمناطق الجغرافية؟! وأي قيم مدنية أو حضارية تدعى من قبل أطراف تتبنى الدعوة للتنقيب عن أصول الناس وأماكن ولاداتهم. وهل من المنطق ان يهدد أحدهم بتبني خطاب انفصالي إذا لم تتحرك المحافظات الشمالية.

(محمد الغباري)