رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي
أحبتي أخوتي وأخواتي الأساتذة الفضلاء أحب أن أفتح معكم موضوع مهم وجد خطير وجدير بأن نعطيه اهتمام كبير ووقت كافي
جميعنا يعلم كيف هو حال الأمة السيء المتمثل في شتات وفرقة فكرياً ومنهجياً ولا يختلف في ذلك عاقلان وهذه الفرقة قد سببت الكثير من الفتن من سفك دماء وقتال ونزاع ليس لهما نهاية.
والمسلم الصادق لا يعجبه هذا الوضع ولا يرضاه لامته ونحن جميعا كذلك إن شاء الله. أما المنافقين وأعداء الدين فهم بلا شك هذا هو مطلبهم وهم يعملون ليل نهار لإشعال الفتن وإيقاف حلول الوحدة بين المسلمين.
فما هو الموقف السليم تجاه هذا الشتات والفرقة ؟
هنالك عدة أطروحات مطروحة في الواقع كإجابات على هذا السؤال سأناقشها معكم.
الأطروحة الأولى:- هو التعامل مع جميع المسلمين (كل من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله) بمعيار واحد أخوي بعيد عن الاختلاف والنزاع.
وأصاحب هذا الطرح هم في الأغلب ممن يحبون الأمة الإسلامية والدين ويريدون الخير لهذه الأمة ويعتقدون أن طرحهم هذا يحل الإشكال.
فتجدهم يرفضون الحديث عن الخلافات والفروق الحاصلة ولا يعترفون بأسماء الفرق بل يسمون الكل مسلمين .
وبعض أصحاب هذا الطرح ممن عايش الكفار في الغرب قد يوسع دائرة الأخوة والتفاهم والتعايش السلمي لتشمل جميع فرق المسلمين وكذلك جميع طوائف الكفار من نصارى ويهود وغيرهم. والبعض يرفض توسيع الدائرة ويحصرها فقط في من يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله.
ومع جمال هذا الطرح لكنه طرح نظري غير واقعي والسبب أن الفرق تتناقض فيما بينها وفيها من يكفر الآخر وهي تتقاتل وتستبيح دماء من يخالفها فمن غير المنطقي أن يقال لهؤلاء تعاملوا مع بعضكم البعض كأنكم أتباع فكر ومنهج واحد.
لكن أصحاب هذا الطرح حاولوا إيجاد حلول نظرية يمكن تطبيقها واقعياً
ولعل من أبرز رافعي شعار هذا الطرح هو الإمام الفاضل الداعية الشهير مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البناء رحمه الله وفق قاعدته التي أطلقها
نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.
وفيما بعد سأتطرق إلى مناقشة صحة هذا الطرح ومدى فعاليته.
الأطروحة الثانية:- التمييز بين فرق المسلمين وعدم معاملتهم جميعاً سواء بسواء بل يتعامل مع كل فرقة بحسب مقدار موافقتها للحق ومخالفتها له.
فهنالك فرق وافقت الحق في كثير من الجوانب وأخطأت في مسائل بسيطة وهذه تستحق الموالاة والمناصرة والنصح في الجانب الذي أخطأت فيه.
وهنالك فرق انحرفت عن الحق كثيراً بعضها إلى حد الكفر الصريح (كغلاة الإسماعيلية مثلاُ والنصيرية والدروز) فهذه تستحق الدعوة والمناصحة فإن لم تستجب وتذعن للحق بعد بيانه لها وجب منابذتها وعدائها ومقاتلتها إن لزم الأمر.
وهنالك فرق ما بين وبين. فكل يعامل بحسب موافقته ومخالفته للحق.
ويبقى السؤال ما هو المعيار الذي من خلاله نعرف الحق ثم على أساسه نتعامل مع الفرق.؟
وهنا وقع الخلاف فكل فرقة من الفرق تريد أن تجعل من فكرها ومنهجها معياراً للحق تلزم به الجميع.
والمعايير المطروحة السائدة تتمثل في
1- كتاب الله (فقط لا غير ولا عبرة بالسنة) وهذا معيار ما يسمى بفرقة القرآنيين. وبعض العامة وبعض الشباب المثقف الغير متخصص في العلوم الشرعية.
2- كتاب الله وسنة رسوله وكلام المعصومين وهذا معيار فرق الشيعة جميعا مع اختلاف بينهم في فهم كتاب الله وتحديد السنة وتحديد المعصومين
فالشيعة الإثنى عشرية لهم فهمهم الخاص لكتاب الله ولهم كتب سنة خاصة بهم ككتاب الكافي مثلاً والمعصومين عندهم 12 رجل معلومون بأسمائهم وأعيانهم.
والشيعة الزيدية لا يوافقون الشيعة الإثنى عشرية بل لهم فهم مخالف للإثنى عشرية لكتاب الله ولهم كتب سنة غير كتب الإثنى عشرية وتناقض كتب الإثنى عشرية ولهم أئمة غير الإثنى عشرية ولا يرون العصمة بعد الأنبياء إلا في (علي وفاطمة والحسن والحسين) رضوان الله عليهم أجمعين.
وكذلك الشيعة الإسماعيلية تخالف الزيدية والإثنى عشرية.
3- كتاب الله وسنة رسوله ويمثل هذا المعيار جميع المحسوبين على فرق أهل السنة لكنهم اختلفوا كذلك في تحديد هذا المعيار إلى
1- جعل فهم السلف (الثلاثة العصور الأولى) هو المعيار الأول في فهم كتاب الله وسنة رسوله ويجب على الجميع إتباع ما اجمعوا عليه.
2- احترام فهم السلف لكن مع عدم اعتبارهم معياراً للفهم وجواز مخالفتهم في فهمهم استناداً مستجدات الواقع.
3- اعتبار فهم السلف تخلف ورجعية ووجوب تجديد فهم الكتاب والسنة بما يتوافق مع مستجدات الواقع.
ويغلب على أصحاب هذا الطرح ميزة التفقه في الدين فمعظم أهل العلم باختلاف فرقهم ومناهجهم هم على هذا الطرح وفق معيارهم الذي حددوه وكلك الكثير من المفكرين الإسلاميين.
الأطروحة الثالثة:- الهروب من الدين كونه سبب الفرقة والاقتتال واستبداله بالمنهج العلماني الذي يحصر الدين في الشؤون الفردية الشخصية ويبعده عن أمور تخص الجماعات كأمور السياسة والاقتصاد.
وأصحاب هذا الطرح جعلوا الدين السياسي أو الدين الحاكم هو العدو الأول الذي يجب القضاء عليه لكي نتخلص من الفرقة والشتات والحروب
وهم من المتأثرين بالحضارة والثقافة الغربية وأخذوا منها كل شيء.
لكنهم كذلك ليسوا متفقين في تحديد ما هو البديل للدين الحاكم فقد تنوعت مناهجهم العلمانية ومن أبروز أطروحاتهم
1- الإشتراكية :- وكان لها شأن كبير سابقاً أيام الإتحاد السوفيتي لكن شعبيتها تراجعت كثيراً بعد فشلها أمام خصمها المنهج العلماني الآخر (الرأسمالية) وهي فكر أحدثه بعض مفكري الغرب لكنه وجد له أنصاراً بين العرب والمسلمين وتكونت أحزاب عربية تنهج هذا النهج.
2- الرأسمالية :- وهو المنهج العلماني الأمريكي والأوربي وهو حالياً المسيطر على العالم بغطرسة أمريكا وله كذلك أنصاره من العرب المنبهرين بحضارة الغرب.
فهذه ثلاث أطروحات رئيسية تعتبر كإجابات على السؤال المطروح لم أتطرق إلى بيان رأي الشخصي فيها لكني وضعتها أمامكم لمناقشتكم فيها والصادقين من أصحاب هذه الأطروحات يريدون الخير للأمة من خلال أطروحاتهم هذه أقول هذا تأكيداً أن الجميع لديه نية حسنة وصادقة في إصلاح وضع الأمة.
مع العلم أجزم أن في منتدانا من يمثل كل أطروحة من الأطروحات الثلاث ولا أريد ذكر أسماء
وعندي مجموعة أسئلة أضعها على اساتذتي الذين سيشاركونني موضوعي البسيط وهي
1- هل أنت مقتنع بأي من الأطروحات السابقة؟ إن كان الجواب لا فما هي الأطروحة التي ترونها؟
2- لماذا ترى أن الأطروحة التي اخترتها فيها الحل السليم لمشكلتنا ولماذا ترى أن غيرها ليس بنافع؟
3- هل ترى إمكانية عمل أكثر من أطروحة مع بعضها البعض أم أن هذه الأطروحات لا يمكن الجمع بينها؟
Bookmarks