لا أدري هل هو محكوم على الزيدية العيش تحت ظلم دائم وأن لا يتنشقوا ربيع العيش بحرية وكرامة أبدا...
أم أنه مصيرهم مقارعة الظلم بكافة أشكاله دون انتظار الجزاء والشكر من الغير
قد يكون هو كذلك .. فمنذ اختار امامهم زيد بن علي هذا الطريق من مقارعة الظلم والاعراض عن لوم اللائمين.. وهم واقعون تحت ظلمين
ظلم الحكام (الولاة) من قتل وتشريد وملاحقة بالسيف والكتاب والتشويه
وظلم الحكام (الطابور الخامس والمشاهدين) من ذم ولا مبالاة والصاق تهم
لن أتكلم عن تاريخهم النضالي والجهادي ضد الظلم في البلاد الاسلامية من العراق إلى مصر إلى المغرب إلى بلاد ما وراء النهرين وجرجستان وبلاد الجيل والديلم
سأتحدث عما حدث لهم في أحد أهم وجهاتهم اللتي توجهوا لها هربا من ملاحقات ملوك بني امية وبني العباس.. وهي اليمن
وسأخص ما حدث لهم في الفترة الأخير بالذات لانها هي مالها أكبر تأثير في حالتنا الحالية ... فليس مجالي هو مجال فتح التاريخ المندثر
في عصر ظلم الولاة العباسيون ومن بعدهم الفاطميون والمملوكيون حتى جاء اشدهم على اليمن العثمانيون .. كان قادة النضال اليمني ضد الظلم هم الأئمة الزيديين
وبقي الحال كذلك في مد وجزر على مدى قرون بين إمام يصعد وإمام يسقط
إمام يخاف الله وإمام يبيع الذمم
وهم في الجبال ملاحقين من سيوف العثمانيين واعوانهم
حتى وصل الحال أخيرا بأن خرج المستعمر العثماني من اليمن وتسلم السلطة امام زيدي
كان الأمل به كبير خاصة عند انصاره من أتباع المذهب الزيدي
ولكن سرعان ما خاب املهم وبدأت تظهر عليهم علامات النقمة على الظلم
نقمتهم هذه وانشغالهم بها .. حجبت عن أعينهم مظاهر ظلم جديد أشد بكثير مما هم ناقمون عليه . بدأ بالتولد بين الجبال
وعملهم على ازاحة الظلم الموجود رغم صغره مقارنة بالظلم المقبل من الجبال جعلهم غير متنبهين للغدر الآتي
كانوا في مقدمة من قاد الحركات التصحيحية في المناطق الشمالية بمساعدة اخوانهم في المناطق الجنوبية ..
وكان في مقدمتهم الزبيري والشامي والامام الوزير والجايفي والقاضي العمري والقاضي الارياني وبدر الاسلام محمد بن حوريه وبعض سيوف الاسلام مثل البدر الكبير وغيرهم من نخب الطبقة المثقفة وعلماء الزيدية
وكان يدور في الجبال ما يسمى بحلف حاشد وبكيل (وهم منه براء) بأن دم القبيلي على القبيلي حرام .. (هذا الحلف مذكور في مذكرات الشيخ الاحمر وسأفرد له موضوع خاص قريبا)
حلف يحرم دم القبيلي على القبيلي .. هدفه .. حل دماء غيرهم مثل الهاشميين والزيود
فما ان قامت الثورة .. حتى زج بالشرفاء منهم في السجون او ما كانت تسمى زنازين هادي عيسى .. وتفرغ البقية الباقية للقيام بتصفيات (اللقب والعمامة) على غرار تصفيات البطاقة الشخصية المتبجحين بها
لم يتكلم أحد عما حدث في تلك الفترة من مجازر ومن اعدامات على الشبهه تمت على ايدي يمنية وقبيلية نتيجه للحلف المذكور ..
ولم يتطرق أحد لما حدث من نهب وسلب وسحل في الشوارع بأسم الجمهورية لكل من حمل اسماً هاشميا أو عمامة ..
وآثر الزيود درءا للفتن وحقنا لما تبقى من الدماء إلى الخنوع ونسيان الماضي والسير مع مسيرة الوطن نحو الحرية والتقدم المنشود .. إتباعاً منهم لسيرة امامهم وجدهم الحسن بن علي حفيد رسول الله (ص)
ولم يفتح الملف من حينه وانخرط الجميع في الحياة الحديثة للجمهورية الناشئة ونسي الجميع ما كان ولم يبق حيا إلا في عقول المنتصرين .. وذلك للتذكير بها لكل من حمل لواء للاصلاح حتى أصبحت تهمة الامامة تلازم كل هاشمي زغم نسيان الهاشميون لتلك الحقبة .. كما هو الحال من تهمة الانفصال لكل من دعى لاسترداد حقه من ابناء الجنوب
ولكن رغم تغاضي الزيود والهاشميون لتلك الحقبة إلا أنهم على ما يبدوا لم ينسوا واجبهم في نبذ الظلم بكل الطرق السلمية من تنظيم الحركات والمسيرات إلى تأسيس الاحزاب وغيرها
فكانوا في مقدمة الداعين إلى الهدوء في كل مكان
كانوا في مقدمة الموقعين على الصلح بين الملكيين والجمهوريين
وكانوا في مقدمة الموقعين على وثيقة العهد والاتفاق وممثلين لكافة الاطراف
حتى متى تفجرت حرب 94 كان الصوت الشمالي الوحيد المناهض للنظام في ضرب المدنيين في جنوب الوطن .. هو الصوت الزيدي اللذي رفض الحرب الدينية الغاشمة اللتي حاول النظام اقامتها بمعاونة بعض التيارات السلفية والافعان العرب
كانوا ممثلي المناطق الزيدية في البرلمان هم الوحيدين المعارضين لجلسة استصدار قرار ببدء العمليات العسكرية على عدن والجنوب وعلى اخوانهم ابناء المناطق الجنوبية
وكان جزائهم .. أنهم لم يجدوا بعد ذلك من يقوم ويدعوا إلى رفع الظلم والمعاناة عنهم والحرب الطائفية عليهم .. حين توجهت المدافع إليهم .. في صعدة وضحيان ومران المنكوبة
وكان اشد ما حصل أنه حين خرجت مظاهرات الجنوب .. صاحت الجماهير "برع برع يا زيود" .. هذه الجماهير تناست أو نست ما تحمله هؤلاء من نقمة الشمال عليهم نتيجة موقفهم الموالي للجنوب كشعب
اتكلم هنا بهموم زيدي .. هل مصير الزيدية أن تبقى على مر العصور محل الصاق التهم؟؟
وهل ستبقى الزيدية محل المتهم إلى أن يقدموا صكوك الطاعة والولاء؟؟؟؟
وهل ستبقى دمائهم مهدرة .. حتى يعلموا أنهم الاسفلون .. وأن غيرهم هم الأعلون؟؟؟
مجرد هموم لمعرفة مكاننا في المستقبل ...
Bookmarks