اصبح من الواضح ان بعض المزايدين بالقضية الجنوبية وبحقوق ومعاناة المواطنين بالمحافظات التي جرت فيها حرب صيف 1994م الاجرامية، لم يعد لهم هذه الايام من هدف سوى تغييب أو نفي دور الحزب الاشتراكي الرائد في حركة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في الجنوب ، والتي ما كان لها ان تكون بهذ الزخم وأن تحقق هذا النجاح والتاثير في حركة الاحداث وتطور الوعي الشعبي داخل الجنوب وعلى مستوى الوطن كله لولا مشاركة الحزب واحزاب اللقاء المشترك الفاعلة فيها ،ولولا الدعم والمساندة السياسية والاعلامية والقانونية التي قدمها ويقدمها الحزب واحزاب المشترك لهذه الحركة المباركة .
في كل من مهرجان احياء (ثورة الاستقلال الوطني) الذي اقيم في ردفان الثورة صباح 14اكتوبر2007م، ومهرجان تابين شهداء الضالع والجنوب(شهداء 10سبتمبر) الأعزاء،والذي اقيم بساحة الصمود ومدينة الصمود الضالع، في الفاتح من نوفمبر2007م ،فوجىء الاشتراكيون بوجود من يطالب بانزال وطي اعلام الحزب التي حملها اعضائه وانصاره في هذين المهرجانيين الكبيرين والذين مثلا – حسب كثير من المراقبين – ذروة نجاح الحركة الاحتجاجية الجنوبية، ومع ان هذا الطلب الاستفزازي وغير المبرر قد قوبل بالرفض القاطع من قبل قيادات واعضاء الحزب وغالبية المشاركين في المهرجانيين وظلت اعلام الحزب عالبة وخفاقة حتى نهايتهما ، الا ان ذلك الطلب الغريب والاصرار عليه في كل فعالية شعبية يشارك فيها الحزب واحزاب اللقاء المشترك ،ثم تنقل البعض من مكان الى مكان لشرح اهمية وضرورة عدم ذكر الاشتراكي واحزاب المشترك في الفعاليات الاحتجاجية الجنوبية كل هذا وغيره، يكشف ويؤكد ما سبق وان نبهت اليه وحذرت منه قيادة الحزب ، من أن هناك من يريد ان (يناضل ) بالحزب الاشتراكي اليمني وباعضائه وكوادره، ويستثمر كل انشطته وجهود وتضحيات اعضائه وجماهيرة، ولكن ضد الحزب الاشتراكي وضد برنامجه السياسي ومشروعه الوطني وضد كل ما يذكر الناس به وبتاريخه وانجازاته في الجنوب وعلى مستوى الوطن كله ،وعند هذا المقطع المفصلي بالذات يلتقي هولاء – وكما حصل سابقا وفي محطات تاريخية عديدة- مع السلطة وقوى الاستبداد التي ما برحت تعمل ومنذ حرب صيف 1994م على تدمير والغاء تاريخ الحزب و الحركة الوطنية في الجنوب عموما ،وكل ما حققته دولة الاستقلال الوطني منذ قيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في 30نوفبر1967م وحتى قيام دولة الوحدة في 22مايو1990م ، والفرق بين الطرفين هو في الدرجة وفي اختلاف اللافتات المتخذة لدى كل منهما لمهاجمة الحزب وفي تغييب دوره المحوري في حركة الاحداث طوال تاريخ اليمن المعاصر قبل وبعد الوحدة اليمنية.
وبصراحة شديدة نحن لا نفهم كيف يمكن ان ينسجم هولاء مع انفسهم وعقولهم حين يطالبون بضرورة رد الاعتبار لتاريخ وانجازات ابناء المحافظات الجنوبية في الوقت الذي يمارسون ليل نهار سياسة ردح الحزب الاشتراكي ولعن تاريخة ولانتقاص من رموزه ومحاولة اشعار انصاره بالخجل – وكيف لهم ذلك- من رفع اعلامه أوالهتاف بشعاراته ، وقبل ذلك وبعده نفي اي دور ايجابي للحزب، وتجاهل أي انجاز كبير او صغير لقادة الحزب والثورة والدولة التي يتحدثون عنها او بالاصح يتاجرون بها وبتاريخها وانجازاتها اليوم.
على أن ما هو اقبح من الذنب هو تبرير الذنب نفسه ،أو محاولة التقليل من شانه كما حاول احدهم وهو يقلل من شأن فعلته بعد ان لاحظ استنكارا واسعا على طلبه الاستفزازي في طي أعلام الحزب واخفائها عن جماهير الحزب والمشترك ،عندما قال " لسنا ضد الحزب ولا ضد النجمة الحمراء فهي نجمتنا وتاريخها في الجنوب هو تاريخنا ولكن اردنا ان لا تشوش هذه الاعلام الحزبية على القضية الجنوبية التي هي فوق الاحزاب والجماعات والقبائل والمحافظات الخ " !!! ... ترى هل كان هذا( الطيب) يعي بالفعل ما يقوله حول امكانية فصل القضية الجنوبية عن الحزب الاشتراكي اليمني !؟ وهل كان يمكن ان توجد "قضية جنوبية " اصلا، لولم تشن سلطة 7يولو الحرب على الحزب، ولولم تسقط بها وبقوة السلاح دولة الشراكة الوطنية، التي قامت على اساسها الوحدة المجيدة في 22مايو1990م ، ولولا قيام هذه السلطة باستغلال نتائج الحرب والتعامل معها على اساس( المنتصر والمهزوم )، ومن اجل الاستفراد بالسلطة والاستبداد بادواتها مارست سياسة الالعاء والتهميش والنفي لشركائها في الوحدة والوطن وقامت بتشريد قيادات الحزب والدولة وفصل أو مقاعدة عشرات الالاف من اعضاء وكوادر الحزب والذولة في السلكين العسكري والمدني... مرة اخرى هل كان يمكن ان توجد قضية جنوبية اصلا لولا كل هذا الدمار الذي لحق بالوحدة ودولتها وقياداتها يا هولاء !؟
علينا ان نذكر أيضا، والذكرى تنفع المؤمنين بالقضايا الكبرى والمصيرية ، بان الحزب الاشتراكي هو اول من طالب بمعالحة كل اثار الحرب المدمرة سياسيا وقانونيا وحقوقيا وهو الحزب الوحيد الذي جعل اصلاح مسار الوحدة والمصالحة الوطنية الشاملةواصلاح النظام السياسي واقامة الحكم المحلي ، واعادة جميع المبعدين بسبب الحرب الى اعمالهم ووظائفهم وغير ذلك من اثار ونتائج الحرب، جزء اصيل من برنامجه السياسي وقام بتثبتها في تقاريره السياسية وفي جميع وثائقه وادبياته، وكان اخرها وثائق الدورة الخامسة للجنة المركزية أغسطس2007م،وقد تلقى من اجل ذلك العنت والمشقة وقدم في سبيل هذا شهداء اعزاء وتضحيات جسيمة ، والغريب ان هذا كله قد حصل في وقت كان بعض من يستسهلون الحديث عن القضية اليوم وبعد 13عاما جزء من تلك الحرب المدمرة على الحزب والجنوب وبعض من ادوات القهر والفساد التي مورست على ابناء هذه الجزء الغالي من الوطن الحبيب ،ومع هذا لا باس ولسنا هنا لجرد قائمة الخسائر والارباح والمطلوب فقط هو أن يتواضعوا قليلا ويقبلوننا شركاء لهم ومع كل من يرغب اليوم بالانخراط بحركة النضال السلمي وعلى استعداد كامل لتحمل تبعاته ومسؤولياته الوطنية والتاريخية !؟

وفي ضوء ما سبق وبمناسبة الحديث عن استفزاز البعض لاعضاء وانصاروجماهير الحزب فيما يخص طلب تنكيس اعلامه واعلام احزاب اللقاء المشترك أو اخفائها في المهرجانات والفعاليات الاحتجاجية المختلفة،،فاننا لا نعتقد بان المسالة مجرد (رفع او خفض قطعة قماش ) في هذه الفعالية الاحتجاجية أو تلك كما قد يعتقد اصحاب النوايا الحسنة والذين نتفهم وجهة نظرهم ولا نوجه خطابنا اليهم ،ولكننا على يقين بان هدف من نقصدهم من تغييب اعلام الحزب ولافتات المشترك في المهرجانات الاحتجاجية ليست سوى محاولة بائسة لجعل الحركة الاحتجاجية الجنوبية بدون عنوان واضح وبرنامج واضح الاهداف والمعالم حتى يسهل من هذا (الغموض) المقصود، تمريرمشاريع "مشبوهة " لايجروء اصحابها ولا يمتلكون الشجاعة الكافية لاظهارها اليوم، وهم اقل من تحمل تبعاتها القانونية والسياسية اليوم او غدا ولكنهم على استعداد انتهازي كامل ليكسبوا في الوقت المناسب مغانمها بعد ان يحملون غيرهم كل مغارمها وتبعاتها الوطنية والتاريخية كما عمل اترابهم من قبل وتجاه الحزب الاشتراكي اليمني تحديدا .

إن تغييب الحزب الاشتراكي وبقة احزاب المشترك عن الحركة الاحتجاجية المتصاعدة في الجنوب لن يحقق سوى هدف واحد ،هو عزل هذه الحركة وكشف ظهرها والعمل على تحييد اكبرواكثر القوى الفاعلة عنها وعن مطالبها المشروعة وبالتالي تمكين السلطة منها والعمل على محاصرتها واجهاضها قبل ان تحقق اهدافها الوطنية المشروعة.وهو ما حذرنا ونحذر منه باستمرار .

وفي السياق السابق يكون من المهم ان نؤكد من جديد بان الحزب يرفض وبصورة قاطعة الدعوات المبطنة والمعلنة الى الانفصال كما يرفض وبنفس الدرجة الشعارات المثيرة للكراهية بين اليمنيين، ليس لان هذا الموقف هو ما ينسجم مع مشروع الحزب وطبيعة تكوينه وتاريخه النضالي الطويل وحسب بل ولانه يعي جيدا بان الدعوة الى الانفصال التشطيري لا افق لها ولا مصلحة لاحد فيها ولن يكون لهذه الدعوات الفارغة من نتيجة سوى استدعاء الحروب الداخلية والعودة الى ما قبل دولة الاستقلال الوطني في الجنوب واثارة الهويات المحلية الصراعية بين المناطق والقبائل التي تجاوزتهما وبحمد الله دولة الاستقلال الوطني قبل اكثر من عقدين من الزمن من تاريخ قيام وحدة 22مايو1990م السلمية، فضلا ان مثل هذه الدعوات التي لا افق لها هو ما تنتظره سلطة الحكم لتقديم نفسها لغالبية ابناء الشعب كمدافع وحيد عن الوطن ووحدته وسيادته واستقراره اي مدها باسباب وعوامل اضافة للبقاء والتسلط باسم عناوين وطنية كبيرة لا تستحقها وهي اول من تنكر لها وقام ولا يزال بضرب كل مضامينها العظيمة .
ومثل اي حزب سياسي اخر يتمسك الاشتراكي اليمني ببرنامجه السياسي الذي اقره مؤتمره العام الخامس ويؤكد بان القضية الجنوبية ليس لها معنى اخر سوى تصفية كل اثار ونتائج حرب صيف 1994م السياسية والاجتماعية والاقتصادية بداء من اصلاح مسار الوحدة وإقامة المصالحة الوطنية واصلاح النظام السياسي وتحقيق مبدأ الشراكة الوطنية واعادة المبعدين والمقاعدين العسكريين والمدنيين والامنيين واعادة الاعتبار لكل تاريخ ومنجزات دولة الاستقلال الوطني التي تحققت منذ قيام جمهورية اليمن الديمقراطي الشعبية وحتى قيام الوحدة ورفض كل سياسات التهميش والالعاء والهيمنة واي طرح للقضية الجنوبية خارج هذه القضايا وخارج بعدها الوطني أومخالف لبرنامج الحزب ومقررات دورات لجنته المركزية المختلفة لا يمثل الحزب ولا تعدو عن كونها اراء شخصية لا صلة لها ببرامج الحزب ووثائقة المعتمدة ،وهو ما يجب ان يتم توضيحه من قبل قيادات وكوادر الحزب في المحافظات والمديريات المختلفة.
لقد قد كان الحزب سباق الى الدعوة الى اوسع قاعدة من التحالفات السياسية والاجتماعية لانجاح حركة الاحتجاجات الجنوبية والعمل الدؤوب على ايصالها الى اهدافها الوطنية الواضحة والمحددة سلفا ولعل صيغة (الفعاليات الساسية والمدنية) التي ابتدعها الجنوبيون في المكلا، والضالع وردفان،ويافع وعدن وابين ، وغيرها من مناطق ومحافظات الجنوب والشرق هي الصيغة الانسب لضم هذا التحالف الوطني الواسع، لكن الحزب يرى بان هذا التحالف او اي تحالف سياسي شبيه يبنعي ان يقوم على قضايا (سياسية او حقوقية) واضحة ومتفق عليها ومعروفة عناوينها وقياداتها

ما من شك ان الحركة الاحتجاجية في الجنوب قد حققت حراكا شعبيا وسياسيا واسعا خصوصا حين وجه قادتها الميدانيون سهام مطالبهم المشروعة الى المكان الصحيح (السلطة وحلفاؤها) على خلاف ما كان يحصل من قبل البعض سابقا، وإذا ما استمر هذا الزخم متصاعدا كما هو ملحوظ ومطلوب وكما حصل في مهرجانات ردفان والضالع والمكلا ويافع وعشرات المهرجانات والاعتصامات الاخرى فسيكون لهذه الحركة المباركة شان كبير في حركة التغيير والاصلاح في الجنوب وعلى مستوى الوطن كله والمهم هو ان لا نمكن بعض المتطرفين أو بعض الانتهازيين من افسادها وتغيير مسارها أو عزلها وكشف ظهرها وتسليمها لقمة صائغ لقوى الاستبداد والتسلط لضربها او المساومة عليها مثلما حصل في مراحل ومنعطفات خطيرة مر بها اليمن طوال تاريخه المعاصر.
لقد اثبتت بعض وقائع تاريخ الحركة الوطنية اليمنية ، ان قلة من المتطرفين والانتهازيين كانت -بمغامراتها وبصمت او مجاملة العقلاء لخطا بها- قادرة على افساد فرص كبيرة للاصلاح والتغيير لا حت مرات عديدة في افق الحياة السياسية اليمنية ،وفي كل مرة كانت تضيق حلقات التغيير والاصلاح على رقاب قوى الاستبداد والفساد كان ذلك التحالف غير المكتوب يفتح لها ابوابا واسعة للخروج من مأزقها ويمدها باسباب وعوامل اضافية للبقاء والاستمرار، مرة باسم القيم الدينية ومرات اخرى باسم حماية الوطن والحفاظ على وحدته واستقراره. .
_______
نقلا عن صحيفة الثوري