في بيان سياسي لتيار المصالحة وإصلاح مسار الوحدة:3 حلول للقضية الجنوبية ولا حلول غيرها في إطار الوحدة

صنعاء «الأيام» خاص:
تدارس تيار المصالحة وإصلاح مسار الوحدة في الحزب الاشتراكي اليمني التطورات الجارية في الساحة اليمنية بما فيها مشروع التعديلات الدستورية، وحدد موقفه في بيان سياسي فيما يلي نصه:

«أولاً: أن مشروع التعديلات الدستورية الجديد يهدف إلى إجهاض حركة الاعتصامات في الجنوب، وهو محاولة جديدة لدفن القضية الجنوبية، لأن الحكم المحلي كقاعدة عامة لا يقوم على أساس محافظات، وإنما على أساس ولايات أو أقاليم فقط ولا غير وبالضرورة. ثم أنه لو كانت هناك جدية ومصداقية تجاه الحكم المحلي الذي جاء به المشرع لكان تم إطلاق سراح المعتقلين الذين طالبوا بحقوقهم وبحقوق محافظاتهم المقهورة، وفي مقدمتهم المناضل حسن أحمد باعوم رئيس تيار المصالحة وإصلاح مسار الوحدة الذي يعاني من مرض السكر والضغط وعملية القلب المفتوح، والعميد المناضل ناصر علي النوبة رئيس مجلس جمعيات المتقاعدين، والكاتب الجسور أحمد القمع وغيرهم من المعتقلين في سجون السلطة. أما النظام الرئاسي الذي جاء به مشروع التعديلات الدستورية، فرغم أنه هو الصالح لليمن ولكل الجمهوريات في العالم، إلا أنه لن يستقيم في اليمن إلا بحل القضية الجنوبية.

ثانياً: أن مصير هذه المحاولة الجديدة لدفن القضية الجنوبية هو الفشل، وهو مثل مصير سابقاتها من المحاولات الفاشلة لدفن هذه القضية، بدءاً بفرقعات الديمقراطية التي لم تفعل سوى ترحيل أزمة الوحدة وتعميقها أكثر مما كانت عليه بعد الحرب، ومروراً بمشروع اللقاء المشترك الذي جاء كبديل لوثائق الحزب الاشتراكي وللقضية الجنوبية وسقط أمامها مع أصحابه، ثم بمسرحية ترشيح بن شملان من قبل المعارضة الشمالية لدفن هذه القضية باعتراف بن شملان ذاته، وانتهاءً بلجنة الأخ سالم صالح محمد الأخيرة والتي يراد لها أن تؤدي وظيفة الطابور الخامس وتحول القضية الجنوبية من قضية سياسية تتعلق بالهوية والتاريخ السياسي للشعب في الجنوب إلى قضية حقوقية تتعلق بالأفراد.

ثالثاً: أننا نطلب من أخينا سالم صالح بأن يفكر قليلاً ويتأمل لماذا القرار الرئاسي الذي عُين بموجبه يسمي الوحدة اليمنية بالوحدة الوطنية؟؟ ولماذا مشروع القانون الجديد الخاص بالثواب الوطنية يسمي الوحدة اليمنية بالوحدة الوطنية؟؟ ألم يكن ذلك تنكراً للوحدة السياسية بين اليمن الجنوبية واليمن الشمالية وتحويلها إلى ضم وإلحاق؟؟ وألم يكن ذلك دليلاً على نوايا طمس الهوية والتاريخ السياسي للشعب في الجنوب؟؟ وبالتالي فإن قبول مثل ذلك هو خيانة الشعب في الجنوب. فنحن يا أخانا سالم متأكدون مثلما نحن متأكدون من أخوّتك لنا بأن التاريخ سيعاقب قيادات الحزب الاشتراكي ونحن وأنت منهم وكل من كانوا حكاماً في دولة الجنوب بالخيانة الوطنية العظمى للشعب في الجنوب على الموقف السلبي والمتخلي عن قضيته بعد حرب 1994م. ونرجو أن تحفظ هذا النص للتاريخ وتعاقبونا به إذا لم تؤكده الحياة. حيث إن الحل الوحيد هو في اعتراف صنعاء بالوحدة السياسية بين اليمن الجنوبية واليمن الشمالية والتخلي عن تسميتها بالوحدة الوطنية، والتسليم بالمفهوم الجغرافي لها كما اتفقنا يوم إعلانها، لأنه بدون ذلك تصبح الوحدة بالضرورة احتلالاً. وهذا ما لا يمكن قبوله من قبل الشعب في الجنوب. وخير دليل على ذلك هو ما يجري حالياً في الجنوب حيث التف الشعب بكامل فئاته الاجتماعية من حول حركة (تاج) وحركة الشحتور وحركة المسرحين العسكريين بشكل لم يسبق له مثيل حتى في عهد الاحتلال البريطاني. وهذا ما سبق أن تنبأنا بحتمية حدوثه قبل أكثر من عشر سنوات. ولكن غرور الشماليين وسذاجة الجنوبيين لم يدركاه إلا بعد حدوثه. فهناك حرب قد حصلت وأسقطت دولة الوحدة وأعادت إنتاج دولة الشمال السابقة وأدت إلى إبعاد الشراكة الجنوبية من القرار السياسي لسلطة الدولة، وإلى إبعاد شراكته في الثروة التي هي أصلاً ثروته، وهناك اختلاف في كافة جوانب الحياة بين اليمن الجنوبية واليمن الشمالية. فعلى سبيل المثال لو أخذنا نظام شروط الخدمة المدنية والعسكرية سنجد أن نظام الخدمة في اليمن الجنوبية هو منذ عهد الاستعمار البريطاني، بينما نظام الخدمة في اليمن الشمالية هو فقط منذ عام 1985م. وهذا الاختلاف قد أدى إلى تصفية الجنوبيين من جهاز الدولة لصالح بقاء الشماليين فيه، ناهيك عن التصفيات السياسية التي عمت الجنوبيين بعد حرب 1994م. وهكذا يمكن القول بأن الناس يقعون في الخطأ ليس لأنهم يريدون أن يكونوا خاطئين، ولكنهم يقعون في الخطأ لأنهم لم يدركوا مسبقاً نتائج أفعالهم. وهذا هو ما وقع فيه أصحاب حرب 1994م. وحالياً هل تدرك المعارضة الشمالية التي تجاول أن تلعب دور الطابور الخامس في أحداث الجنوب، أن الناس في الجنوب يدركون أن تمثلها لهذه الأحداث في الشمال هو لدفن قضيتهم؟؟ وهل يفهمون أن ذلك يخلق الكراهية ضدهم؟؟ ولماذا لم تظهر حاجتهم لأية فعالية إلا بعد أن تظهر في الجنوب وتغيب معها؟؟ ولماذا أيضاً ظهرت التكتلات القبلية الجديدة مع بروز القضية الجنوبية؟؟ ألم يكن كل ذلك هو توزيع ءدوار شمالية لدفن القضية الجنوبية وطمسها؟؟ وإذا تريد يا أخانا سالم أن تختبر جدية صنعاء في حل القضية فقدم لها الحلول الثلاثة الواردة في آخر هذا البيان وسوف تدخل التاريخ من أوسع أبوابه.

رابعاً: أن القضية الجنوبية هي قضية سياسية تتعلق بالهوية والتاريخ السياسي للشعب في الجنوب، وهذه القضية قد ظلت ومازالت محنة قيادات الحزب الاشتراكي المتعاقبة التي فشلت في أن تقود الحزب خارجها حتى الآن. فعلى سبيل المثال كان عليها بعد الدورة الأخيرة للجنة المركزية وعلى ضوء بيانها الختامي، أن تضع شعار المؤتمر العام الخامس للحزب على غلاف صحيفة الثوري، وأن تنشر برنامج الحزب فيها، وأن تسخر الخطاب السياسي والإعلامي للحزب لصالح قضية إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة، وأن تضع خطة عمل لمنظمات الحزب في المحافظات تترجم ما جاء في البيان الختامي على أرض الواقع، ولكنها لم تفعل ذلك، وهذا هو الاجتثاث العملي للحزب من الجنوب.

خامساً: أن قضية الجنوب تتطلب حلاً سياسياً يعترف بالهوية والتاريخ السياسي للشعب في الجنوب على قدم المساواة مع أخيه الشعب في الشمال، وعبر حوار مع القادة السياسيين الجنوبيين، لأن المشكلة أمام صنعاء ليست فقط مشكلة غضب الشعب في الجنوب الناتج عن نهب أرضه وثروته وحرمان أهلها منها فحسب، وإنما المشكلة أمام صنعاء هي أيضاً مشكلة الشرعية للوضع القائم في الجنوب منذ الحرب. حيث إن الشرعية تتوقف على العودة إلى اتفاقيات الوحدة ودستورها، أو إلى استفتاء شعبي في الجنوب على هذا الوضع، أي العودة إلى شرعية 22 مايو 1990م من خلال إزالة آثار الحرب وإصلاح مسار الوحدة، أو القيام باستفتاء الشعب في الجنوب على شرعية 7 يوليو 1994م، لأنه بدون ذلك سيظل الوضع القائم في الجنوب فاقد الشرعية. ولو كان هناك قضاء مستقل وعادل لحوكم من قاموا بالقتل وقمعوا الاعتصامات في الجنوب باعتبار أن من قاموا بالقتل وقمع الاعتصامات لا يملكون شرعية وجودهم إلا من 7 يوليو 1994م غير الشرعي، ناهيك عن مخالفتهم للقوانين والمواثيق الدولية التي وقعت عليها صنعاء.

صحيح أن الوحدة الألمانية في عهد (بمسارك) والوحدة الإيطالية والوحدة الأمريكية في التاريخ القديم قد تمت عبر الحروب، ولكنها قامت على الفيدرالية وعلى اعتراف كل طرف بخصوصية وهوية وتاريخ الطرف الآخر واحترام أرضه وثروته، وهذا ما ظللنا نطالب به منذ الحرب. والأهم من ذلك أن هذه الحروب التوحيدية قد جاءت قبل الوحدة من أجل الوحدة، بينما عندنا في اليمن جاءت الحرب بعد إعلان الوحدة لإسقاط الوحدة وتحويلها إلى ضم وإلحاق وطمس الهوية والتاريخ السياسي للشعب في الجنوب، بدليل أن كل الشماليين بعد الحرب قد أصبحوا ينكرون المفهوم الجغرافي للوحدة ويقولون ليس هناك جنوب، ويقولون أيضاً بأن الوحدة هي وحدة وطنية، أي إعادة الفرع إلى الأصل وليست وحدة سياسية بين دولتين، وبدليل أيضاً استباحتهم للأرض والثروة في الجنوب وحرمان أهلها منها.

سادساً: أن الحلول المتاحة في إطار الوحدة والتي لا توجد أية حلول في إطار الوحدة غيرها إلا حق تقرير المصير للشعب في الجنوب، هي في الحلول الثلاثة التالية:

-1 الحل الأول هو العودة إلى اتفاقيات الوحدة التي أسقطتها الحرب قبل تنفيذها، وإلى دستور الوحدة الذي تم استبداله بعد الحرب.

-2 الحل الثاني هو تقاسم السلطة والثروة بين الشمال والجنوب على الطريقة السودانية.

-3 الحل الثالث هو الفيدرالية بين الشمال والجنوب مع صلاحيات واسعة للمحافظات. وفي أي من الحلول الثلاثة لابد من إزالة آثار الحرب التي هي:

أ- إلغاء الفتوى الدينية التي بررت الحرب باعتبارها فتوى سياسية باطلة وباعتبار أنه لا يجوز دينياً ولا قانونياً ولا وحدوياً أن تظل باقية.

ب- إعادة ما نهب تحت هذه الفتوى أو تحت غيرها من ممتلكات خاصة وعامة باعتبارها ثروة الشعب في الجنوب وباعتبار أنه لا يجوز دينياً ولا قانونياً ولا وحدوياً أن تذهب لغير أبناء الجنوب.

ج- إعادة المشردين في الداخل والخارج إلى أعمالهم وإعادة ممتلكاتهم باعتبار أن ذلك من الأشياء الحقوقية التي لا يجوز دينياً ولا قانونياً ولا وحدوياً أن يحرموا منها.

د- إلغاء الأحكام وليس العفو العام على قائمة الـ 16 باعتبارها أحكاماً سياسية باطلة وباعتبار أنه من يحاكم من في حرب 1994م؟؟ كما أن الوحدة لا يمكن أن تكون شرعية إلا بشرعية أصحابها.

صادر عن تيار المصالحة وإصلاح مسار الوحدة في الحزب الاشتراكي بتاريخ 2007/10/2م».