ليمن 000ومجلس التعاون

عبدالله الباكري

فاقد الشيء لا يعطيه ودول الخليج تمتلك ثروة نفطية هائلة ولكنها لم تمكنها من الإقلاع من بيئة التخلف العربية أو تؤهلها لتجاوز حاجز العالم الثالث والغريب أن حلم اليمن واليمنيين الإنضمام إلى حلقة دول أعضاء المجلس الخليجي والذي أثبت فشله جملة وتفصيلا وشأنه في ذلك شأن جميع المنظمات العربية والإسلامية ، وإصرار اليمن على هذا الإنضمام كارثة عظمى ومثله في ذلك مثل المستجير من الرمضاء بالنار 0

حتى يتمكن اليمن من نهضة تنموية حقيقية شاملة تمكنه من اللحاق بالركب الحضاري العالمي وتؤهله وشعبه للدخول الفعلي إلى عالم الحياة الذي تعيشه بقية شعوب العالم المتحضرة فإنه يلزمه في المقام الأول تأهيل شعبه وسكانه إلى الإنضمام إلى مرحلة ( الإنسان المتحضر ) والإستثمار في إمكانيات هذا الإنسان وتطوير إبداعاته وخلق بيئات حكومية تسمح بانطلاقات الشباب الحرة وتحركاتهم الإيجابية تجاه فرص العلوم والتقنية الحديثة والتجارة والإقتصاد وحتى علوم الفضاء والعلميات الدقيقة تماماً كما شقت ماليزيا وشقيقاتها الآسيويات طرقهن نحو النمو والإزدهار الفعلي 0

من أهم واجبات الدولة والمتمثلة في التعليم والإعلام والجيش ورجال الحل والربط تغيير مفاهيم الناس تجاه بعض الأمور الخطيرة على مستقبل البلد ولعل أعظمها فداحةً ( ثقافة الإغتراب ) إذ أن الفكر المهيمن في عقول وشباب اليمن هو الهجرة إلى بلدان الخليج وأوروبا وأمريكا بل إن الأكثر شناعةً أن الكثير من أطفال وشباب اليمن المولودين في المهجر عموماً متعلقون بتلك البلاد ويحرصون أشد الحرص على منحهم الجنسية والتخلي عن الوطن الأم وبالتالي نلمح إضمحلال نسبة الولاء للوطن وتندر المواطنة ونشاهدعمليات الكبح القصوى للدعم الوطني (المادي والمعنوي )

إن استمرار عملية التدفق الشبابي إلى خارج الوطن وهجرة الكفاءات المتميزة ( علمياً ومهنياً ) يسلب الوطن حقه من الإستفادة منها ويعمم على الأجيال القادمة ولع الهجرة إلى الخارج ويرسخ في أذهانهم اليأس والإحباط من مستقبل البلد بل ويحول هذه القدرات البشرية والتي أثبتت نجاحاتها

وتميزها إلى أموال ضخمة تدار في بنوك ومؤسسات المهجر وتجلب المصلحة والإيجابية الإقتصادية لنماء هذه الدول ، والشيء المؤسف في الأمر أن استيطان التجار وعوائلهم في المهجر لسنين بل وعقود طويلة لم يمكن الوطن الأم من نعمة الإستفادة من أية عوائد مالية سوى الحوالات البنكية لأقاربهم داخل الوطن 0

أما بالنسبة للحوالات البنكية وهي أرقاماً هائلةً ربما تتجاوز الميزانية العامة للدولة برمتها لا يستفاد منها تلك الإستفادة الإيجابية ولو كان لها من الأمر شيء لتضح منذ زمن بعيد ، بل إنها تذهب - ويا لأسفنا – في غير وجهتها الصائبة وذلك وفق العقلية اليمنية المعروفة بجهلها لثقافة التوفير وفنون الصرف وجهلها لطرق الإدخار وأنظمة الإستثمار ولعل الأموال التي لم يتعب صاحبها فيها أقرب إلى هذا التصرف الغريب بل إن العشوائية هي الديدن المعروف عنا سواءً على مستوى الفرد أو العائلة إن لم تكن على مستوى الدولة نفسها ولا غرو فمن يعيش في داخل الوطن هو عالة على من في خارجه والدولة ذاتها تعيش عالة على المنح والدعم الخارجي ،،، إن ما يزعج النفس الأبية ويجرح الكرامة عندما ترى فتوة الشباب تتبجح بسيولة المال بين يديها وهي لم تكد فيه أدنى جهد أو عناء !!!

إذن الأمر في غاية الأهمية ويحتاج إلى إعادة تأسيس في طرق تفكير الناس سواءً على مستوى الفرد أو الجماعة في داخل الوطن أم في خارجه ولعل الإرشاد والإيضاح هو أحد هذه السبل التي من الواجب أن تتظافر الجهود وعلى كافة المستويات في النقاش حوله وإعادة هيكلة النظم العقلية والانماط الفكرية الخاطئة والمهيمنة على عقول اليمنيين وألبابهم دون أي شعور أو إحساس منهم تجاهها 0