والازدواجية في الاعلام السعودي
08/09/2007
لندن ـ القدس العربي ـ من سمير ناصيف:قدمت طروحات مثيرة في اليوم الاول من مؤتمر انعقد في كلية كينغز (جامعة لندن) وعنوانه: مملكة من دون حدود، الامتداد السعودي في العالم الذي اشرفت علي تنظيمه الدكتورة مضاوي الرشيد، الاستاذة في الكلية، وشارك فيه خبراء من بريطانيا وسائر انحاء العالم.
وافتتحت الدكتورة الرشيد المؤتمر باشارتها الي وجود نظريات مختلفة حول الامتداد والتوسع السعودي في منطقة الخليج والشرق الاوسط والعالم، ولكن الامر الذي ادي الي التركيز الاكبر علي هذا الموضوع، برأيها عاد الي اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2001 علي نيويورك وواشنطن التي قامت بها مجموعة اكثريتها من السعوديين. واكدت بان المؤتمر يسعي الي معالجة الدور السعودي في العالم بموضوعية وانه سيتطرق الي الامتداد السعودي السياسي والاعلامي والديني في العالم، وسيطرح اسئلة حول دور النفط السعودي في تعزيز علاقة المملكة بدول المنطقة ودول العالم الاخري، وهل يشكل النفط سلاحا للمزيد من النفوذ؟ وكيف يتم استقطاب العلاقات الجيدة عبره؟ بالاضافة الي اسئلة عديدة اخري بينها كيف يمارس النفوذ السعودي علي دول المنطقة ونوعية الاشخاص والمؤسسات والوسائل التي تستخدم لتنفيذ هذا الهدف؟ وخصوصا عبر الاشخاص النافذين سياسيا وماليا عبر علاقاتهم بالسعودية او عن طريق المؤسسات الاعلامية الممولة سعوديا والمهيمنة علي الاعلام العربي، مانعة التعددية، وعن طريق محاولات استقطاب الاعلاميين ومؤسسات الاعلام الاجنبية لدعم المواقف السعودية. كما طرحت الدكتورة الرشيد قضية الازدواجية في الاعلام السعودي. فمن جهة يدعو هذا الاعلام الي التشدد الديني ومن جهة اخري، تبث المحطات العربية الممولة سعوديا برامج ترفيهية ذات طابع سوقي يصل في بعض الاحيان الي مستوي كبير من السطحية والفظاظة والسماجة، مما قد يؤدي الي الانفصام في شخصية الجيل الجديد من المشاهدين الذين يتأثرون بهذه البرامج في تكوين هوياتهم الاجتماعية.
واكدت الرشيد ان ورقات البحث والتقارير التي ستقدم في المؤتمر ستستند الي الدراسات العلمية والتاريخية والميدانية.
وكان من ابرز المتحدثين في جلسة اليوم الاول الدكتور فواز طرابلسي، استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الامريكية، والقائد السابق في الحركة الوطنية اللبنانية في السبعينات، الذي تطرق الي الامتداد السعودي في لبنان ما بين عامي 1920 و1952 وقارنه بالنفوذ السعودي الحالي في لبنان منذ تسلم الرئيس الراحل رفيق الحريري السلطة الحكومية في البلد في مطلع التسعينات.
واكد طرابلسي ان السعودية تتعاطي في الشؤون اللبنانية منذ عشرينات القرن الماضي عندما ساهمت في احباط خطة الامراء الهاشميين في انشاء دولة اردنية ـ عراقية ـ سورية ـ لبنانية موحدة، وان الرئيس الراحل رفيق الحريري لم يكن اول رئيس حكومة لبنانية يحمل الجنسية اللبنانية ـ السعودية المزدوجة ويساهم في تغلغل النفوذ السعودي في لبنان، فقد سبقه في هذا الدور الحاج حسين العويني في عام 1951، علما ان العويني كان مقربا جدا من القيادة السعودية بشخص الملك عبد العزيز، وحاول التوسط بينه وبين الشريف علي حول المشاكل العالقة بينهما في منتصف العشرينات. وكان العويني قد عمل في السعودية منذ عام 1921، علما انه كان ايضا من المعارضين للانتداب الفرنسي علي لبنان. وعدد طرابلسي اسماء شخصيات لبنانية اخري شكلت جسرا في العلاقة السعوية ـ اللبنانية، في تلك الفترة، بينها نجيب صالحة وفؤاد حمزة وغيرهما. وفي الثلاثينات والاربعينات، اصبح حسين العويني اهم شخصية لبنانية تجارية ذات نفوذ سياسي في السعودية وصار يمثل عددا من الشركات الدولية. وبعد ظهور البترول، لعب العويني دورا في نقل جزء من عائدات البترول السعودي المخصصة للامراء السعوديين، حسب قول طرابلسي، كان يحول الي سبائك ذهبية وينقل الي المصارف اللبنانية. وكانت تحيط بالعويني، شلة من رجال الاعمال والسياسيين اللبنانيين الذين استفادوا ماديا وسياسيا من عملياته مع السعودية وصداقاته مع الامراء السعوديين.
وقد ساهم العويني، حسب قول المحاضر، في تشجيع عمل اللبنانيين في السعودية وانتقال الرساميل السعودية الي لبنان، ومنذ عام 1939 استقر العويني في لبنان واسس شركات في معظم القطاعات اهمها شركة تسهل النقل ما بين لبنان و السعودية ولبنان والكويت.
كما اسس شركتي طيران لهذا الهدف، وكل ذلك بدعم مادي سعودي، واصبح العويني اول سياسي غير مسيحي يخترق الهيمنة المسيحية علي السلطة في لبنان، خلال وما بعد فترة الانتداب. وكان مقربا جدا من اول رئيس جمهورية لبناني بعد الاستقلال بشارة الخوري والطغمة المحيطة به. وساهم في تشجيع المشاريع النفطية الامريكية ـ السعودية في لبنان وسورية كدعم مد انابيب النفط لشركة تابلاين عن طريق لبنان وسورية، ومواجهة السياسيين الذين يعارضون هذه المشاريع. واشار طرابلسي الي ان عشرين في المئة من عوائد البترول السعودي في تلك الفترة كانت توضع في المصارف اللبنانية بفضل العويني والمجموعة المحيطة به التي كانت مداخيلها تفوق مداخيل الخزينة اللبنانية.
واوضح ان انتقال العويني الي مجلس النواب في لبنان بدأ عبر انتخابات ايار الاسود التي جرت في عام 1949 وزورت نتائجها، وبعد ذلك عين رئيسا للوزراء للمرة الاولي عام 1951. وفي تلك الفترة يؤكد طرابلسي، جري اول انقلاب عسكري في سورية بقيادة حسني الزعيم عام 1949 الذي بدل توجهه (بعد حصوله علي دعم مادي سعودي) بالنسبة الي مرور انابيب شركة تابلاين عبر الاراضي السورية، وساهم في تسليم زعيم الحرب القومي السوري انطوان سعادة الي السلطات اللبنانية، التي اعدمته. ولكن حسني الزعيم بدوره سقط بانقلاب اخر، وبدأت فترة الانقلابات في سورية بعد ذلك.
ولدي سؤاله عما اذا كان الامير السعودي الوليد بن طلال مرشحا لمنصب رئاسة الوزراء في لبنان ليصبح ثالث شخص سعودي ـ لبناني يحتل هذا المنصب قال: ان الوليد بن طلال مرشح جدي لهذا المنصب. ولديه مؤسسات تديرها خالته ابنة الرئيس رياض الصلح، تنفق الاموال الكثيرة لمساعدة لبنان واللبنانيين، وكل الامور ممكنة