رئيس المحكمة العليا والنائب العام يعلمان جيداً القرار الصادربالإفراج عن جميع المساجين خارج القانون الذي اتخذ عقب الاجتماع مع محامين من هيئةالدفاع عن المعسرين (نبيل المحمدي، هائل سلام، محمد المداني) الموكلين عن المعسرين،هذا القرار فعلاً بدأ ينفذ ولكن بالقطارة وفي سجون ومحافظات دون غيرها، ووصل العددالكلي الى حوالي 70 بعد مراجعة ومتابعة، بينما المفروض أن النيابة العامة، قامتتلقائياً بوضع آلية لتنفيذ القرار مباشرة دون الحاجة لمراجعة ومتابعة وضمانة، خاصةوأن وجود أحكام بالاعسار اختصر الطريق أمام قاضي التنفيذ.
انما ذلك لم يحدث حتىالآن، رغم استمرار اهتمام هيئة الدفاع والجهد الرائع والمتميز لصحيفة «النداء» والزميل علي الضبيبي في متابعة قضية المعسرين، حد أن كل سجين معسر صار يشعر أنهمدين بحريته لهم جميع، ما يمنع النيابة؟ لماذ لا يتابع القاضي عصام السماويالقرار؟.. الله يعلم.. غياب تأثير الآلية أضعف قيمة هذا الانجاز وما زال سبباً فيمأسٍ منها وعلى سبيل المثال، والعلم.

عميد المعسرين.. شبام الرجل الذي يشكو الىالجدر
علي حسن شبام كان صرافاً خسر ماله بسبب ارتفاع سعر الدولاروانخفاض الريال وضمن خسارته خسر مبلغاً أستدانه من (تاجر).. حكم عليه بالسجن ثلاثةأشهر، وإعادة المبلغ بالدولار، وليس بالريال كما استدانه. لم يستطع الصراف الوفاءبالمبلغ الذي تضاعف أكثر من خمس مرات فقد شبام عقله في السجن خلال 15 عاماً،وحالياً لا يهتم بشيء يتحدث مع جدار (العنبر) محاولاً اقناعه بمظلمته، بعد شوعييعتبر شبام عميد المعسرين، الدائن توفى وأبناؤه لا يعلمون شيئاً ولا يتابعون، بلإنهم تعاطفوا مع شبام عندما سئلوا، بينما النيابة محتفظة بالضحية حتى آخر رمق،وتطلب ضمانة.. هو سجين خارج القانون وهم يريدون ضمانة.

أشهر المعسرين.. الحميضة
علي الحميضة صارمثلاً لتغير الأحوال ولعله أشهر المعسرين شهرة معرض «قادسية السيارات» وهو معروفلدى أصحاب القرار والمسؤولين وبالرغم من ذلك فما زال في السجن رغم حكم الاعساريتحدث عن الفرج القريب باعتداد «عزيز قوم» لا يريد أن يصدق فجيعته، أو يبثمأساته.

الأديمي
عبدالباسط الأديمي مقاول معروف،أنجز حديقة تعز، أفلس وهو معسر لكن لم يجد سبيلاً للأفراج عنه، ولا يعرف لماذاينتطر بعد سنوات سجنه المضاعفة.

الشرفي والدنانير غير ذات القيمة
عبداللهالشرفي سجين منذ حوالي 12 عاماً على ذمة دنانير كويتية غير ذات قيمة ومع أن وضعهوحالته المعسرة تكتشف بالنظر، ولديه حكم اعسار إلا أنه ما يزال باقياً يترقب الفرجللحاق بأسرته المشتتة وزوجته المريضة بالكبد.
وهناك الكثير، والكثير من المعسرينالتي انتهت مدتهم وصار بقاؤهم خارج القانون وينطبق عليهم القرار لكن غياب الآليةوعدم تنفيذ القرار الصادر من العليا، أبقاهم حتى الآن، ويعتقد البعض أنهم سيكونونضمن مكرمة رمضان الرئاسية وأن هذا سر الاحتفاظ بهم!.

خارج القانون
يوجد مساجين حكموا بالبراءةولكنهم داخل السجن بناءً على الاستئناف، وهناك احكام استئناف بالبراءة لسجناءينتظرون تأييد العليا.. وبين الدرجة والدرجة القضائية الأعلى سنوات لوتعلمون.
كنموذج.. احسن المالكي.. حدث حكم بثلاث سنوات في الأبتدائية، استأنفوحكم له بالبراءة ولكن لم يغادر السجن الا قبل شهرين بعد 6 سنوات، حتى نزل الحكم منالعليا، عادل التام.. حكم عادل التام بالبراءة في الأبتدائية ولكنه بانتظارالاستئنافية، والعليا لا يعلم كم سيقضي من السنين.. بانتظار الفرج يسأل ما قيمةالبراءة طالما هو مسجون أو ليس بالضمانة، حل لذلك.. أذاً؟.

أيدت الحكم بـــ5 وقضى 11..
عيالالنجاشي..
محمد النجاشي، وفؤاد النجاشي يقضيان العام الـــ11 بناء علىحكم ابتدائي قضى بخمس للأول، و10 للثاني، وأيد الاستئناف وينتظران عودته من العليا،وقد طالت غيبته، محمد أضاف 6 سنوات على الحكم وفؤاد سنة، والحكم في العليا منذ اكثرمن عامين.. «متى با يعود» سؤال يجيب عنه الروتين القضائي وهناك الكثير، والكثير.. لعل الذكرى تنفع عند القاضي عصام أملاً أن لا ينسى ايضاً علي موسى أقدم سجين يمنيالذي حكم عليه القاضي حمود الهتار بالإعدام بعد 40 عاماً.

بدون محاكمة.. قاضي ينتظرالإعدام
واتساءل: هل يستطيع أن ينصف قاضياً حرم من محاكمة عادلة،وسلبت أوراق قضيته من ملفه، إنه القاضي العزي عمر الذي تكالبت عليه غطرسة وجاهة،وصلف مسؤولية، وعصبية قبلية. القضية لديه في العليا لو أراد التأكد.. هذا القاضيينتظر الإعدام بعد أن خذله القضاء، والقضاة، لم تجد توجيهات الرئيس لمراجعة القضيةأو إحضار الغرماء، هل يكون القانون والعدل قبيلته؟.

مستثمرون في السجن
نعم.. في السجن كل شيء.. حتى المستثمرون.. لعل البعض يسمع عن عبيد باقيس مالك شركات الصيد والسفن.. أنه فيالسجن مؤخراً أمتلك مطعماً لتوفير قوته.. و يخشى حتى أن يذيع قضيته.
غيرالأثيوبي الذي لبى دعوات الرئيس والحكومة للاستثمار، ووجد نفسه في السجن، هناكالمصري محمد عبدالمنعم الذي توفي بسكتة قلبية في السجن حيث كان مريضاً بالقلب ولميحصل على أبسط عناية ولم تجد محاولاته لتقديم الضمان حيث يملك ثلاث سفن شحن أحداهاراسية في عدن،.. سفارته عربية كالعادة لا تهتم بمواطنيها، لم يستطع حتى تدبير محاموتعرض للنصب، ولم يشفع له مرضه، ومات قهراً على حاله، خصمه كان المؤسسة الاقتصاديةالتي أتهمته بأتلاف شحنة غذائية كان يقلها من عدن الى سقطرى. ودفع حياته ثمناًللخطأ.

البنك الوطني.. التصفية.. والهمداني
يتذكرالكثير قضية البنك الوطني، ما تزال لجنة التصفية تمارس مهامها وتصرف يومياً مبلغثلاثمائة الف ريال على حساب الدكتور أحمد الهمداني، كما أشارت أسبوعية الشارع،الهمداني لم يعد باقياً سواه على ذمة القضية أما أعضاء مجلس الإدارة المحتجزينفأفرج عنهم، أما الهمداني فلم تقبل النيابة الجزائية بقرارات المحكمة الافراجبالضمانة، ولم يشفع له كبر سنه 73 الرجل، متحفظ، ويتعامل بلغة دبلوماسية لا يقبلالبوح، ولا يميل للشكوى لكنه يؤكد أنه شخص ناجح، وأن الاجراءات المتخذة خاطئة بحقهوالبنك، بقاء الهمداني وحده سجيناً، لا يوحي بالإدانة قدر ما يوحي بالعقاب، ويبقىالسؤال: لماذا يرفض الافراج عنه بالظمانة كأمثاله؟ ويحاكم حضورياً؟.. قضية البنكالوطني ومن خلال اجراءات التصفية التي وصفها تقرير برلماني مؤخراً بالخاطئة فيالمعالجة، غامضة، واستمرار سجن الهمداني وحده لا يكشف الغموض بقدر ما يضاعفه حتىوإن كان العقاب لا يخفي نفسه كهدف في الموضوع، لو عرفنا أنه الوحيد الذي يحظى بلقبوزير سابق في السجن؟

أحداث ومغتربون
وتصادف صبيان في السجنأعمارهم 14 عاماً وتسألهم: ما القضية فيقال: مطلوبون للشهادة، أرسلوا من البحث بعدثلاثة أشهر سجن.
وتشاهد مغترباً يصيح: ما قضيتي؟ أجلدوني؟ وتسأله ما حكايتهفيقول: قبض عليّ في حالة سكر.. أخذت الى البحث، و معي سيارة جديدة، ولدي 19 الفسعودي.. بقيت في البحث 43 يوم، طالبت خلالها بالجلد والأفراج عني، وتسليم ممتلكاتي،فأرسلت إلى السجن المركزي. ويضيف: لن أتنازل عن السيارة ومالي.. لمن أشتكي؟ منينصفني؟

مستوصف الحبة الحمراء والبيضاء
المجانينموجودون مؤقتاً في المستوصف الذي يسخر من خدماته السجناء بتسميته مستوصف الحبةالحمراء والبيضاء والتي يصرفها للجميع ولكل الأمراض، ولا يبخل بالزنتاك للمعدة أنلزم الأمر.
يقال أن المجانين حوالي 70، ولا تعلم من اين أرسلوا، خاصة عندما تعلمأن سجناء يرسلون الى المصحة كنوع من العقاب، وتستغرب اكثر عندما تسمع عن مجانينشنقوا أنفسهم؟.لا يوجد عزل في سجن الرجال إلاَّ للإيدز.. أما بقية الأمراض (كبد،سل،... إلخ) فلا عزل.

سجن النساء
سجن النساء نظيف، ويلقى عنايةودعم منظمات حقوقية ودولية في توفير متطلبات فقط، لم يعد للشرطة النسائية وجود فيه،ورجل كبير في السن يقوم بحراسته والسجينات يعانين من الإختلالات القضائية، مثلالسجناء حتى في الأفراج بالضمانة المقررة من القاضي.

الرئيس.. إستثناء أم انتقائية؟ بجاش.. أبوهريرة
بالرغم من صدور عفو رئاسي في قضايا سياسية إلا ان محكومين مايزالون موجودين ولا تعلم سبب الاستثناء مثلاً.. بجاش الأغبري ما يزال في السجن رغمخروج باقي المحكومين عليهم في نفس القضية بعفو رئاسي، ورغم أن شعر رأسه أبيض وفقدبعض أسنانه في السجن منذ 12 عاماً.. فثمة إصرار على بقائه سجيناً.. التونسي هوالآخر الوحيد الباقي من جيش عدن أبين، يؤكد أنه لم يكن مع الاختطاف، وكان مختلفاًفي السجن مع رفاقه حول ذلك، أعمق فكراً وأوسع أفقاً، يعلن ان لديه أسراراً عن 11سبتمبر في نيويورك بالرغم أنها حدثت وهو في السجن.. بعد خروج كل من كان معه بقي هوفي أزمة نفسية أكبر، أحيل الى المصحة، ويزداد وضعه تدهوراً.. وتحتار ما الجواب.. عندما يسأل: هل العفو خاص باليمنيين؟ هكذا يسأل مضيفاً: أين الهتار والحوار؟! فيالمحاكمة لم يكن محل رضى كثيرين، كان جريئاً وواضحاً.. من أستثنى «أبوهريرة» من عفوالرئيس؟ من يملك جواباً؟.. ليرتاح ابو هريرة.

أخيراً.. أسئلة برسم الرئيس
لدينا، شرع،ودستور لدينا قضاء، وقضاه، ونيابة وقوانين، وانظمة، لدينا شعارات عن الحقوقوالحريات لدينا نظرياً أشياء ومسميات كثيرة لكن أين هي في الواقع؟ لماذا تحضر عندما تكون ضد المواطن وتغيب عندما يريدها؟ ما قيمة وجود قانون نظرياً؟ ما قيمة وجودقضاء ضعيف مسيَّر لا يثق به المواطن؟ ما قيمة الدولة في غياب العدل والإنصاف، وعدماحترام القانون والحقوق؟ أليست هذه أوضاع ما قبل الدولة.. أسئلة برسم رئيسالجمهورية.. باعتبار أن العدل أساس الحكم.