الفقر عالمي والفساد عالمي والغلاء عالمي والكذب عالمي أيضاً وعليكم تصديق الرئيس كما صدقتموه من قبل.
المشكلة أنكم تستعجلون وأن صبركم مش عالمي، أنتم أكثر هلعاً وجزعاً وأقل صبراً على البلاء.
كل الشعوب تعاني وتقاسي، الدول الكبرى والصغرى تعيش الفاقة والندرة وتكابد الشظف وارتفاع التسعيرة لكن لا أحد خرج إلى الشارع، لا مظاهرات في الخليج، لا اعتصامات في القرن الأفريقي، لا احتجاجات في أوروبا ودول الكاريبي والأمريكتين، لا تذمر في الصين، لا خطابات مؤجّجَة في شرق آسيا.
كل الأمم رغم بؤس الحال التزمت الصمت، آثرت السغب على إثارة الشغب "حماية للجبهة الداخلية".
نيويورك تجلب الماء بالوايتات وطوكيو تعاني انطفاء الكهرباء بالساعات وتوشك أن تستغيث باليمن لتزويدها بالشموع وبخبرات "بهران" النووية.
"الاعتراف بالذنب أيسر من التماس المعاذير" حكمة صالحة للرئيس كلما ارتفع صوت المسائلة واتسعت الهوة بين ما يقول ويفعل.
لسنا والشعوب سواء، نحن حالة نادرة عصية على المقايسة ويخطئ الرئيس حين يظن أنه يرفع عن نفسه الحرج برفعنا إلى مصاف الآخرين في العيش بحديثه عن الارتفاع العالمي للأسعار.
سأصدق الرئيس لكن مقابل أن أسأله: هل راتب الموظف في دولته يساوي راتب نظيره في جيزان أو صلالة لا في شيكاغو أو كوالا لمبور؟.
لسنا سواء فخامة الرئيس حتى نحن وأنت وأصحاب الحظوة من حولك.
الرئيس لا يتسلم ثلاثين ألف ريال كراتب.
الرئيس لا يدفع عشرين ألف إيجار ويعيش بالعشرة الباقية.
الرئيس لا تنقطع عنه الكهرباء والمياه، لا يعرف الوايتات والشموع، لا يرسل أطفاله ليل نهار بحثاً عن الماء بالدبة، لا يفرغ مطبخه من الدقيق والسكر والزيت، لا يشتري بالكيلو ولا بأرباعه، لا يشتري بـ20سليط في مشمع كما يفعل أهلونا في التهايم.
الرئيس لا يركب دباب ولا يقف في الجولات ليرى كيف تطارد الفتات أيدٍ مجهدة يحاول بعضها مسح ذل السؤال بباكت فاين أو قارورة ماء.
بعشرة ألف ريال - إن وجدت- عليك أن تأكل وتشرب وتربي العيال وتصرف على العلاج والفواتير حتى يصرفك الموت شريفاً بالسكتة القلبية.
كم نسبة أصحاب الدخل ممن لا دخل لهم؟ كم هم العاطلون من حملة الشهادات؟ كم هم المقذوفون خارج الحياة؟
الرئيس لا يعيش حياتنا، لا قواسم مشتركة بيننا وبينه، لا شيء يوحدنا وإياه في المعيشة.
نحن لا نسيء إليه، الفقر يسئ إلينا أكثر مما يسئ إليه ويسوءه.
الفساد يضر بنا أكثر مما يضر به، الجوع يفتك بالناس ينهشهم فينهشونه غضباً ونقمة.
أوقفوا الفساد، حاكموه، اسجنوه، ارفعوا عنه الحماية، حاربوا الفقر، جابهوا المجاعة، ارفعوا أيديكم عن قوت المواطن، أعيدوا إليه حقه.
الجبهة الداخلية لا يهددها الخارج ولا الخارجون إلى الشوارع بحثاً عن الحياة.
تنقصنا الحماية من فساد محمي بالقانون وبدونه، فساد يلتمس العصمة بينما يوغل في الانتهاك، يجرم الإساءة إليه في حين يرى إساءاته وسيئاته وسوءاته محض خير وإحسان يريد البقاء مصاناً وهو المنكر المستبيح.
لا تبدوا زهادة في السلطة، لستم ورعين حد التخلي، نحن زاهدون فيكم فقط يكفي تخليكم عن مواصلة الكذب لا تطلبوا حلولاً من أحد ما دمتم مشكلتنا الكبيرة.
صيفنا نضال
إلى "أبي أويس فهد القرني" ورفاقه "فرقة الجند المسرحية" وهم يقطعون الصيف نضالاً ملتحماً بالجماهير، إليهم رداً على رسالة حاشدة مشتعلة الحماس حررت الروح من أسار أسىً طارئ.

"أحبكم أيها الرائعون وأشتاق اليكم وأغبط كل درب تسلكونه وكل أفق تفجرون أحزانه صواعق ساخرة وقهقهات مشحونة بالشجن.
علمونا كيف نضحك؟ علمونا كيف نهزأ من الخوف والجبن المهين؟ كيف نسقط الزيف المفتول من وهم بضحكة قاضية؟ كيف نعري ونتعرى، نبكي ونضحك من أيامنا العارية؟ علمونا كيف نسخر من أوهامنا المؤلهة؟ كيف نسلخ بسكين ساخر حاد جلد الفساد ووجهه المطاطي الجهم.
لتكن الضحكة طلقت نضال في صدر الكآبة الحاكمة لتنتصر أرواحنا أولاً على الحزن المقيم، لتنطلق القلوب من أسار البكاء، لتتخلص من قبضة الأسى المقعِد؟
علمونا كيف نقذف الجمر بعيداً عن دواخلنا؟ كيف نقيم للأوضاع الهازلة محرقة من أغنيات شامتة؟
علمونا كيف نخز البالونات المنتفخة باسكتش حاد السخرية؟ أرونا أنفسنا كما هي؟ علمونا ألا نتفرج من بعيد على ملهاة ليس فيها ضحك محايد
علمونا كيف نجعل الفساد فضيحة سمجة تلوكها الشوارع والاسواق والمجالس والميادين العامة .
معكم روحي يا "فهد" تقاوم الحزن والإحباط، مسرحكم وطن يحن إلى الشمس الضحوك تشرق من خلف الستار الكبير".