التميز خلال 24 ساعة

 العضو الأكثر نشاطاً هذا اليوم   الموضوع النشط هذا اليوم   المشرف المميز لهذا اليوم 
قريبا وجبة خفيفة صحية وشهية تمنحك الطاقة والتغذية التي تحتاجها لمواصلة يومك.
بقلم : غير مسجل
قريبا


النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: الرسم العثماني

  1. #1
    الصورة الرمزية عـــــــادلــــ
    تاريخ التسجيل
    Dec 2002
    الدولة
    السعودية -جدة
    المشاركات
    12,714
    معدل تقييم المستوى
    696

    الرسم العثماني

    الرسم العثماني
    الرسم في اللغة والاصطلاح

    الرسم في اللغة
    الرسم في اللغة: هو الأَثَرُ، وقيل: بقيَّةُ الأَثَرِ، وقيل: ما ليس له شخصٌ من الآثار. [لسان العرب (رسم) 3/1646].

    والرسم في الاصطلاح:
    قسمان: قياسي وتوقيفيّ.
    فالرسم القياسيُّ: هو تصوير الكلمة بِحروف هجائها، على تقدير الابتداء بِها، والوقف عليها.
    ولِهذا أثبتوا صورة همزة الوصل؛ لأنَّها ملفوظةٌ عند الابتداء، وحذفوا صورة التنوين؛ لأنه غير ملفوظٍ عند الوقف على أواخر الكلم.

    والرسم التوقيفيُّ:
    هو علمٌ تُعْرَفُ به مخالفاتُ خطِّ المصاحفِ العثمانية لأصول الرسم القياسي. [انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 40].
    وهذا الرسم التوقيفي هو الذي يعرف بـ (الرسم العثماني)، نسبة إلى عثمان ابن عفان رضي الله تعالى عنه، إذ هو الرسم الْمُدَوَّنُ في المصاحف العثمانية التي سبق الكلام عليها في الْمبحث السابق.

    ويُسَمَّى توقيفيًّا على القول بأن خط المصاحف توقيف من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، ويُطلق عليه البعض الرسم الاصطلاحي، نسبة لاصطلاح الصحابة رضي الله تعالى عنهم.

    وقد صنَّف العلماء كُتُبًا في معرفة كيفية كتابة الْمصاحف العثمانية، نقلوا فيها صورةً دقيقة لهذه المصاحف، وكانوا ينقلون عن الْمصاحف العثمانية مباشرةً، أو عن الْمصاحف المنقولة عنها في الأمصار، إذ الْمظنون بِمصاحف الأمصار متابعةُ كلِّ واحدٍ منها مصحف مِصْرِهِ العثمانيَّ، وبيَّن هؤلاء الأئمة المرسوم في الْمصاحف العثمانية مِمَّا خالف قواعد الرسم القياسي.

    ومن أهم ما صُنِّف في الرسم العثماني:

    1ـ الْمقنع في معرفة رسم مصاحف الأمصار، للإمام أبي عمرو الداني، المتوفى سنة 444ﻫ.

    2ـ التنْزيل، للإمام أبي داود سليمان بن نجاح. المتوفى سنة 496ﻫ.

    3ـ عقيلة أتراب القصائد في أسنى الْمقاصد، للإمام أبي محمد القاسم بن فِيرّه الشاطبي، صاحب حرز الأماني، المتوفى سنة 590ﻫ. وهي نظم لكتاب الْمقنع الْمذكور، ولها شروح كثيرة.
    4ـ مورد الظمآن، للإمام محمد بن إبراهيم الأموي الشهير بالخراز، المتوفى في أوائل القرن الثامن الهجري، وهو نظم بديع مشتمل على جل المسائل المذكورة في الكتب السابقة، وله شروحٌ، منها:
    دليل الحيران، للشيخ إبراهيم بن أحمد الْمارغني التونسي، المتوفى سنة 1349 ﻫ.

    أوجه الاختلاف بين الرسم العثماني والرسم القياسي

    موضوع الرسم التوقيفي (العثماني) ـ كما يفهم مِمَّا سبق ـ حروفُ الْمصاحف العثمانية، وقد كان نَسْخ المصاحف في زمن عثمان عفان رضي الله تعالى عنه، بإشرافه، وبِمحضر من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وأكثر الرسم العثماني موافق لقواعد الرسم القياسي، وقد خرجت عنها أشياء، وقد دوَّنَها العلماء في الْمصنفات الخاصة بالرسم العثماني.

    وأذكر هنا أنواعَ مخالفةِ الرسم العثماني للرسم الإملائي الحديث بإيجازٍ، وهي منحصرة في خمسة أنواع:

    1 ـ الحذف: ويكون كثيرًا في الألفات والواوات والياءات.

    فمن أمثلة حذف الألفات: حذف الألف التي بعد العين في: قوله تعالى في سورة الفاتحة 2: [الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ] لتصبح هكذا [ الْعَـلَمِينَ].

    والتي بعد الميم من قوله عز وجل في سورة الفاتحة4:[ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ]. لتصبح.[ مَـلِكِ ].. انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 46 وما بعدها..

    ومن أمثلة حذف الواوات: حذف إحدى الواوين من قوله تعالى سورة الشعراء الآية 224:[ وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ]..لتصبح هكذا.. [ الْغَاوُنَ ].

    وقوله: [ يَسْتَوُنَ ]. من مواضع الآية 18 من سورة السجدة :
    [أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ ]. وانظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 202-203.


    ومن أمثلة حذف الياءات: حـذف إحدى الياءين من قوله تعالى الآية 61 من سورة البقرة:
    [ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّيـنَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ] وتكتب هكذا:[ النَّبِيِّـنَ ].
    وقوله تعالى في الآية 258 من سورة البقرة:[ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ] وتكتب هكذا: [ يُحْيِ ].
    انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 197-199.


    ويوجد الحذف أيضًا في اللام والنون:

    فمن أمثلةحذف اللام: حذف إحدى اللامينمن ألفاظ مخصوصة، منها:[ اللَّيْلِ]،كما هو وارد من موضع الآية 164 من سورة البقرة:[إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ].حيث تكتب هكذا [الّـيْل].
    انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 205-207..

    وحذفت النونالثانية من لفظ (ننجي) فيقوله تعالى في سورة الأنبياء، من الآية 88:
    [ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ] حيث تكتب هكذا:
    [وَكَذَلِكَنُـْجِي الْمُؤْمِنِينَ].
    انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 150-151، وانظر البرهان في علوم القرآن (1/388-408)، والإتقان في علوم القرآن (4/147-150).

    2 ـ الزيادة:

    وقد وردت زيادة الألف والواو والياء في الرسم العثماني:
    فمن أمثلة زيادة الألف: زيادة الألف التي بعد الشين في قوله عز وجل في سورة الكهف، آية 23: [وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا] حيث تكتب هكذا: [ لشَايْءٍ ]...

    والتي بعد الجيم من قوله عز وجل في سورة الزمر، من الآية 69:[ وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ].

    وفي سورة الفجر، آية 23[وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى]. حيث تكتب هكذا: [ وَجِايءَ ]. انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 242، 245.

    ومن أمثلة زيادة الواو: زيادة الواو في قوله عز وجل في سورة الأعراف، آية 145:
    [ وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ].

    وسورة الأنبياء، آية 37.[ خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آَيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ] حيث تكتب هكذا: [ سَأُورِيكُمْ ].
    وفي رسمها خلاف، والعمل على زيادة الواو في الموضعين. انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 259.

    ومن أمثلة زيادة الياء: زيادة الياء في قوله تعالى في سورة الذاريات، آية 47:
    [وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ]. حيث تكتب هكذا: [ بِأَييْدٍ ]. انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 256. وانظر البرهان في علوم القرآن (1/381-388)، والإتقان في علوم القرآن (4/151-152).

    3 ـ الهمز:

    وقد ورد رسم الهمزات في مواضع من الْمصاحف العثمانية على غير الصورة القياسية، فمن ذلك: تصوير الْهمزة ألفًا كقوله تعالى الآية 76 من سورة القصص:[وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ] [ لَتَنُوأُ ]. والقياس تصويرها واوًا،( لَتَنُووءُ) ثم حذف الواو الثانية لتكررها، فتترك الهمزة بلا صورة، فتوضع رأس العين على السطر هكذا (لتنوء).
    انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 215.

    وتصويرهاواوًا كقوله عز وجل في الآية 64 من سورة النمل:[ أَمَّنْ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ]. حيث تكتب هكذا: [ يَبْدَؤُا ]، والقياس فيها أن تكون على ألف هكذا (يبدأ)، ومن مواضع هذا اللفظ، حيث وقع من القرآن الكريم. انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 222-223.

    وتصويرها ياءً كقوله تعالى في النحل:[ِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ].
    وقوله تعالى في الأنبياء 73: [وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ ].
    وقوله تعالى في النور 37: [ رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ].حيث تكتب هكذا: [ وَإِيتَائ ].

    وعدم تصويرها في نحو قوله تعالى في الآية 60 من سورة الإسراء:[وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآَنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْيَانًا كَبِيرًا].حيث تكتب هذا [ الرُّءْ يا ]. وهو متعدد، والقياس تصوير الهمزة فيه واوًا هكذا (الرؤيا).
    انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 221، والإتقان في علوم القرآن (4/152-153).

    4 ـ البــدل:
    ويكون في الألف بتصويرها واوًا أو ياءً:
    فتصوَّر واوًا في ألفاظ، منها من موضع الآية 3 من سورة البقرة:[الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ]..حيث تكتب هكذا: [ الصَّلـَوةَ ].

    وفي الزَّكَاةَ في الآية 43 من سورة البقرة :[ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ]..حيث تكتب هكذا:[ الزَّكـَوةَ ].
    ومِشْكَاةٍ من الآية 35 من سورة النور:[اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ]..حيث تكتب هكذا:[ كَمِشْكَوةٍ ].
    انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 282-283.

    وتُصوَّر ياءً في الألف الْمنقلبة عن ياء، مثـل قوله تعالى من الآية 84 من سورة يوسف عليه السلام : [وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ].
    حيث تكتب هكذا:[ يَـأَسَفَى ].
    وقوله تعالى في الآية 11 من سورة السجدة:[قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ]..حيث تكتب هكذا: [ يَتَوَفَّـكُمْ ].
    انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 261.

    وتُصوَّر الألف ياءً في بعض ألفات الثلاثيِّ المنقلبة عن واو، مثـل قوله تعالى الآية 1 من سورة الضحى:.[ وَالضُّحَا ] حيث تكتب هكذا: [وَالضُّحَى].
    وقوله تعالى من الآية 21 في سورة النور: [وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ] حيث تكتب هكذا:[ مَا زَكَى ].
    انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 279-281.
    وَإِيتَايء من الآية 90 من سورة النحل: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ]. والقياس ترك الهمزة بلا صورة، فتوضع رأس العين على السطر هكذا (وإيتاء).
    انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 253.

    وتُصوَّر الألف ياءً في كلماتٍ جُهِل أصلها، وهي: (إلى) و(على) و(أنَّى)، و(متى)، و(بلى)، و(حتَّى)، واختُلف في (لدى) فرسمت في غافر بالياء ترجيحًا، ورسمت في سورة غافر، الآية 18، وفي سورة يوسف عليه السلام، الآية 25. بالألف اتفاقًا.
    انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 276-278، وانظر البرهان في علوم القرآن (1/409-410)، والإتقان في علوم القرآن (4/154).

    5 ـ الفصل والوصل: [انظر البرهان في علوم القرآن (1/417-429)، والإتقان في علوم القرآن (4/155-156).

    فرُسمت بعض الكلمات متصلة ببعضها، والقياس أن تكون منفصلة، لكونِها كلماتٍ مستقلة.
    ومن أمثلة ذلك:
    (عن) مع (ما)، فقد رسمتا متصلتين في مواضع، منها قول الله عز وجل: [ سُبْحـنَ اللهِ وَتَعَـلَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ].[ سورة القصص، آية 68]. انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 290.

    (بئس) مع (ما)، فقد رسمتا متصلتين في مواضع، منها: [ بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ].[ سورة البقرة، آية 90]. انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 300-301.

    (كي) مع (لا)، فقد رسمتا متصلتين في مواضع، منها: [ لِكَيْلاَ تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ ].[ سورة آل عمران، آية 153]. انظر دليل الحيران شرح مورد الظمآن ص 301.


    يتبع....................
    إذا فاتني عصــر السيف
    فــالقــلم هــــو سـلاحــي
    المحبرة هي جراب سهامي
    وعلى الورق سطرت مقتل أعدائي
    كلمة الحـــق هـي أحـد
    من السيف عــلى الأعــناقــي
    من كلمات عادل الكثيري

  2. #2
    الصورة الرمزية عـــــــادلــــ
    تاريخ التسجيل
    Dec 2002
    الدولة
    السعودية -جدة
    المشاركات
    12,714
    معدل تقييم المستوى
    696

    رد: الرسم العثماني

    الرسم العثماني
    أُصوله وخصائصه

    تعني كلمة ( الرسم العثماني ) طريقة كتابة كلمات القرآن في المصاحف التي كتبها الصحابة في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وأُرسلت إلى الأمصار الإسلامية واتخذها المسلمون أساساً لكتابة المصاحف وقراءة القرآن ، وجاءت تسميته بالرسم العثماني نسبة إلى سيدنا عثمان بن عفان الذي أمر بنسخ المصاحف في خلافته وقام بتوزيعها على الأمصار الإسلامية .

    وترجع أصول المصاحف العثمانية إلى الصحف التي جُمِعَ فيها القرآن في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه من الرقاع التي كُتِبَ فيها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فالمصاحف العثمانية هي عَيْنُ ما كُتِبَ في زمنه صلى الله عليه وسلم مُفرّقاً في الرقاع ، وجُمِعَ في الصحف في خلافة الصديق.

    وإنما نُسِبَتِ المصاحف إلى سيدنا عثمان بن عفان لأن ذلك تم في خلافته وبأمر منه، على نحو ما هو مشهور ومعروف من كتب الحديث والتاريخ.

    وقد حافظ المسلمون على رسم الكلمات في المصاحف على نحو ما رُسِمَت في المصاحف العثمانية ، وشَكّلَ ذلك الرسم ظاهرة اعتنى بها علماء القرآن ، وكُتّاب المصاحف ، وعلماء اللغة ، واختص بدراستها ( علم رسم المصحف ) الذي كُتِبَت فيه عشرات المؤلفات منذ بدء تدوين العلوم الإسلامية إلى عصرنا الحاضر وأخرها بفضل الله تعالى ـ على ما أعلم ـ دراستي المعنونة بـ ( فتح الرحمن في رسم القرآن) .

    ولم يحظ الرسم العثماني بتلك العناية والاهتمام لأنه أثر تاريخي يرجع إلى عصر النبوة والخلافة الراشدة فحسب ، ولكنْ لأنه صار أحد أركان القراءة الصحيحة ، بل " هو الركن الأعظم في إثبات القرآنية للقرآن " [أنظرالشوكاني ( محمد بن علي ) : إرشاد الفحول إلى تحقيق علم الأصول ، تحقيق محمد سعيد البدري ، دار الفكر ، بيروت 1412 ﻫ = 1992 م .ص 1/64].

    حتى قال الأصوليون في تعريف القرآن بأنه " كلام الله تعالى المُعْجِزُ، المُنَزَّلُ على النبي صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف، المنقول بالتواتر ، المتعبد بتلاوته".
    [أنظر :الزرقاني ( محمد عبد العظيم ) : مناهل العرفان في علوم القرآن ، ط3، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة 1943م. 1/64].
    وكان رسم المصحف موضع عناية العلماء منذ أن كُتِبَت المصاحف وأُرسلت إلى الأمصار ، وأخذت تلك العناية الشكل العلمي المنظم منذ بدء عصر تدوين العلوم الإسلامية ، فظهرت عشرات المؤلفات في وصف رسم المصاحف ، وبيان علله ، وأُلّفَت كُتُب أخُرى في موضوع النَّقْطِ والشَّكْلِ الذي استأثر باسم علم الضبط.
    وهناك موضوعات تتعلق برسم المصحف هي موضع عناية مستمرة ونظر دائم من الدارسين وموضوعات أُخرى تحتاج إلى توضيح وتبيين ، وسبق لي أن تتبعت المصادر ، ودرست الظواهر، في كتابي( فتح الرحمن في رسم القرآن ) ولا يتسع المقام لعرض ملخص لتلك المباحث.

    وأول ما يلفت نظر الباحث في رسم المصاحف أن كثيراً من الخط المثبت فيها يخالف النطق ويخرج عن المعهود عند الناس في الكتابة. فمن الكلمات ما زيد في رسمه، ومنها ما نقص منه، ومنهـا ما جاء مرسوماً بغير رمز، وصار مدار مباحث الرسم على خمسة فصول :
    الأول: ما وقع فيه من الحذف.
    الثاني: ما وقع فيه من الزيادة.
    الثالث: ما وقع فيه من قلب حرف إلى حرف.
    الرابع : أحكام الهمزات .
    الخامس: ما وقع فيه من القطع والوصل.
    [المهدوي ( أحمد بن عمار ) : هجاء مصاحف الأمصار ، تحقيق محيي الدين عبد الرحمن رمضان ، مجلة معهد المخطوطات العربية ، مج 19 ج1 ، القاهرة 1973 م ، ص 75] ابن وثيق ( إبراهيم بن محمد ) : الجامع لما يحتاج إليه من رسم المصحف ، تحقيق غانم قدوري الحمد ، مطبعة العاني ، بغداد 1408 ﻫ = 1988م. ص 29]:


    ولقد تناولناه في الدرس السابق فليراجع هناك.
    وينبغي التنبيه على خطأ منهجي وقع فيه كثير من الدارسين للرسم المصحفي ، وهو النظر إلى ظواهره من خلال ما استقر من قواعد الإملاء العربي في عصور لاحقة لزمن كتابة المصاحف.
    ومن ثم جعلوا نُظُم الكتابة العربية ثلاثة هي:

    1ـ رسم المصحف الذي قالوا فيه: لا يُقاس هجاؤه ولا يخالف خطه.
    2ـ خط العروض الذي جرى على ما أثبته اللفظ، وإسقاط ما حذفه.
    3ـ وخطٌّ جرى على العادة المعروفة، وهو ما اصطلح عليه الكُتَّاب في غير رسم المصحف والعروض. [ينظر : ابن درستويه ( عبد الله بن جعفر ) : كتاب الكتَّاب ، تحقيق د. إبراهيم السامرائي ، ود. عبد الحسين الفتلي ، الكويت 1397 ﻫ = 1977م. ص 16 ، و الزركشي ( محمد بن عبد الله ) : البرهان في علوم القرآن ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة 1957 . 1/376 ، و السيوطي ( عبد الرحمن بن أبي بكر ) : همع الهوامع ، صححه محمد بدر الدين النعساني ، مكتبة الخانجي بمصر 1327 ﻫ . 2/243].

    إن دراسة تاريخ الكتابة العربية يُبَيِّنُ بوضوح أن الرسم العثماني يمثل مرحلة في تاريخ تلك الكتابة ، وأن الصحابة – رضوان الله تعالى عليهم – كانوا قد كتبوا المصاحف بالإملاء الذي كان مستخدماً في زمانهم ، ومع ذلك كان هناك فرق بين ما كتبوه في المصاحف ، وما كانوا يكتبونه في غيرها. [ينظر : رسم المصحف ص 734- 735 ، وموازنة بين رسم المصحف والنقوش العربية القديمة ( بحث) ص 42 ، وعلم الكتابة العربية ص 106- 107].

    وتثبيت هذه الحقيقة، يجعل من مناقشة موضوع كون الرسم توقيفياً أمراً حتمياً. [ينظر : الزرقاني ( محمد عبد العظيم ) : مناهل العرفان في علوم القرآن ، ط3، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة 1943م. 1/370].
    والرأي الذي تطمئن إليه النفس هو رأي الجمهور الذين ذهبوا إلى أن خط المصاحف توقيف، ولا تجوز مخالفته.
    ويترجح هذا الرأي بإجماع الصحابة ومن بعدهم على كتابة المصاحف على هذه الهيئة المعلومة، وعلى رفض ما سواها، فلا يُعتبَر بعد إجماع أهل القرون الأولى خلاف من خالف بعد ذلك، ولا يجوز خرق إجماعهم؛ لأن الإجماع لا يُنْسَخُ.
    ويؤيد ذلك أن الرسم الإملائي اصطلاح، والاصطلاح قد يتغير مع تغير الزمان، كما أن قواعد الإملاء تختلف فيها وجهات النظر، فيؤدي ذلك إلى التحريف والتبديل في كلام الله عز وجل.
    فلو أن أهل كل زمانٍ اصطلحوا في كتابة المصاحف على اصطلاح يناسب ما يألفونه من قواعد الإملاء، ثم أتى جيلٌ بعدهم فاصطلح على اصطلاح آخر يناسب ما استجدَّ من القواعد، وانقطعت صلة الأجيال المتتابعة بالمصاحف التي كتبها الصحابة، لو حدث ذلك لوصلنا خلال عقود قليلة إلى نصٍّ مشوَّهٍ من القرآن، وحينئذ لن يستطيع الناس تَمييز القراءة الصحيحة من غيرها، ويؤدي ذلك إلى تحريف كتاب الله، ويحصل الشكُّ في جميعه.
    فهذا الرسم العثماني هو أقوى ضمان لصيانة القرآن من التغيير والتبديل. ـ انظر مباحث في علوم القرآن لمناع القطان ص 149ـ.

    ومِمَّا يؤيد كون خط المصاحف توقيف:
    أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كتبوا الكلمة الواحدة في بعض المواضع بِهيئة، وفي مواضع أخرى بهيئة أخرى، ولا يظن بعاقلٍ -فضلاً عن الصحابة العلماء النبلاء- أن يسمع الكلمة الواحدة فيكتبها مرة بهيئة ومرة بأخرى إلا أن يكون لذلك علة، ولا علةَ هنا إلا التوقيف.
    فقد رسم الصحابة (سعوا) في سورة الحج بزيادة الألف، ولم يزيدوا الألف من نفس اللفظ في سورة سبأ، فرسموها هكذا: (سعو).
    وكذلك فعلوا في (عتَوْا) حيث كان فقد رسموه بزيادة الألف، ما عدا موضع الفرقان، فرسموه (عتو) هكذا دون ألف.
    وزادوا الألف بعد الواو في قوله عز وجل: (يعفوا الذي) في سورة البقرة، ولم يزيدوها في قوله تعالى: (يعفو عنهم) في سورة النساء.
    وكذلك حذفوا بعض أحرف من كلمات متشابِهة دون بعضٍ، كحذف الألف من (قرء نا) بيوسف والزخرف، وإثباتِها في سائر المواضع.
    وحذفوا الألف من (سموت) و(السموت) حيث وقع في القرآن، وأثبتوا الألف التي بعد واو (سموات) في فصلت فقط.
    وأثبتوا الألف من (الميعاد) مطلقًا، وحذفوها من الموضع الذي في الأنفال.
    وأثبتوا الألف في (سراجًا) حيثما وقع، وحذفوه من موضع الفرقان.
    وزادوا الألف بعد واو الجماعة في الأفعال حيث وقع في القرآن كقوله: (آمنوا)، واستثنوا من ذلك: (باءو)، (جاءو)، (تبوءو)، (فاءو).
    وزادوا الألف في (مائة) دون (فئة)، وزادوا الواو في (سأوريكم) في سورتي الأعراف والأنبياء، وزادوا الياء في (بأييدٍ)، و(بأييكم)، ولا فرق بين هذه الكلمات وغيرها مِمَّا لم يزيدوا فيه الألف أو الواو أو الياء.
    فادعاء أن الصحابة اصطلحوا على هذا الرسم اتِّهامٌ لَهم بِمخالفة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ، ووصمٌ بالجهل والتفريق بين المتماثلات، وهذا مِمَّا لا يظن بآحاد العقلاء تفضلاً عن صحابة خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.

    قال الدباغ:
    وأما قول من قال: إن الصحابة اصطلحوا على أمر الرسم المذكور، فلا يخفى ما فيه من البطلان؛ لأن القرآن كُتِب في زمان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وبين يديه، وحينئذ فلا يخلو ما اصطلح عليه الصحابة، إما أن يكون هو عين الهيئة التي كُتِبَت بين يدي النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، أو غيرها، فإن كانت عينها بطل الاصطلاح؛ لأن أسبقية النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،تنافي ذلك، وتوجب الإتباع.

    وإن كان غير ذلك، فكيف يكون النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،كتب على هيئة، كهيئة الرسم القياسي مثلاً، والصحابة خالفوا وكتبوا على هيئة أخرى؟..
    فلا يصحُّ ذلك لوجهين:

    أحدهما: نسبة الصحابة إلى المخالفة، وذلك مُحالٌ.

    ثانيهما: أن سائر الأمة من الصحابة وغيرهم أجمعوا على أنه لا يجوز زيادة حرف في القرآن، ولا نقصان حرفٍ منه، وما بين الدفتين كلام الله عز وجل ، فإذا كان النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم،أثبت ألف (الرحمن) و(العالمين) مثلاً، ولم يزد الألف في (مائة)، ولا في (لأاوضعوا)، ولا الياء في (بأييدٍ) ونحو ذلك، والصحابة عاكسوه في ذلك وخالفوه، لزم أنهم -وحاشاهم من ذلك- تصرفوا في القرآن بالزيادة والنقصان، ووقعوا فيما أجمعوا هم وغيرهم على ما لا يحلُّ لأحدٍ فعلهُ، ولزم تطرُّق الشكِّ إلى جميع ما بين الدفتين؛ لأنا مهما جوزنا أن تكون فيه حروف ناقصة أو زائدة على ما في علم النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وعلى ما عنده، وأنها ليست بوحيٍ، ولا من عند الله، ولا نعلمها بعينها -شككنا في الجميع.
    ولئن جوزنا لصحابيٍ أن يزيد في كتابته حرفًا ليس بوحيٍ، لزمنا أن نجوز لصحابي آخر نقصان حرف من الوحي؛ إذ لا فرق بينهما، وحينئذٍ تنحل عروة الإسلام بالكلية. الإبريز لأحمد بن المبارك السلجماسي ص 101-103.

    وعليه فالقول بوجوب الالتزام بالرسم العثماني في كتابة المصحف مما اجتمع عليه العلماء في القديم وفي الحديث. [ينظر : الداني ( أبو عمرو عثمان بن سعيد الأندلسي ) المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ، تحقيق محمد أحمد دهمان ، دمشق 1940 م . ص 9-10 ، و الزركشي ( محمد بن عبد الله ) : البرهان في علوم القرآن ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، دار إحياء الكتب العربية ، القاهرة 1957 . 1/379 ، و السيوطي ( عبد الرحمن بن أبي بكر ) : الإتقان في علوم القرآن 4/146 ، ورسم المصحف ص 199].

    وللعلماء مذاهب في تعليل اختلاف الرسوم.
    فبعض تلك المذاهب لا يستند إلى أسس متينة ، ويحسن بالدارس تجاوزه ، ومنها حمل الظواهر على خطأ الكاتب، أو تعليل اختلاف الرسوم بحسب اختلاف أحوال معاني كلماتها ، تلك النظرية التي اشتهر بوضعها أبو العباس أحمد بن محمد الشهير بابن البناء المراكشي ( ت 721ﻫ) وضمَّنها في كتابه ( عنوان الدليل من مرسوم خط التنزيل ) [صدرت طبعته الأولى سنة 1990 بتحقيق هند شلبي ، دار الغرب الإسلامي ، وكنت قد اعتمدت حين درست مذهبه في كتابي ( فتح الرحمن في رسم القرآن ) على ما نقله الزركشي منه في البرهان ( 1/380- 429)].

    2 ـ ومن تلك المذاهب القول بأن الرسم بُنَيَ على حكمة ذهبت بذهاب كتبته [ينظرغانم قدوري الحمد: رسم المصحف دراسة لغوية تاريخية، مؤسسة المطبوعات العربية، بيروت 1402 ﻫ = 1982م . ص 203- 233].

    ويظل الاستناد إلى العلل اللغوية أكثر ملائمة لتعليل اختلاف الرسوم من المذاهب الأخرى ، وهو ما قامت عليه دراستي السابقة للرسم.

    وقد انعكس عدم الالتزام بقاعدة موحدة في هذه القضية على رسم الكلمات في المصاحف ، فتعددت صور رسم الكلمات بسبب ذلك ، وكان علماء الرسم قد أدركوا ذلك وعللوا به بعض الظواهر، فقال أبو عمرو الداني مُعَلِّلاً رسم قوله تعالىنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي فَلَمّا ترءَا الجمعان ) [الشعراء 61] بألف واحدة في كلمة (تراءى) بعدة وجوه.
    منها : سقوطها من اللفظ في حال الوصل لسكونها وسكون أول ما توصل به ، وهو اللام من ( الجمعان) ، فكما لزمها السقوط من اللفظ في حال الوصل ، كذلك أسقطت من الرسم ، وذلك من حيث عاملوا في كثير من الكتابة اللفظ والوصل دون الأصل والقطع ، ألا ترى أنهم حذفوا الألف والياء والواو في نحو قوله : ( أيُّهَ المؤمنون ) [النور 31 ] و ( سوف يُؤتِ الله ) [النساء 146] و ( يَدْعُ الإنسان ) [الإسراء 11] وشبهه ، لمّا سَقَطْنَ من اللفظ لسكونهن وسكون ما بعدهن، و بنوا الخط على ذلك فأسقطوهن ، فكما عُومِلَ اللفظ في هذه الحروف وبُنيَ الخط عليه فيهن ، كذلك عُومِلَ أيضاً فيما تقّدم وبُنِيَ عليه " [الداني ( أبو عمرو عثمان بن سعيد الأندلسي ) : المحكم في نقط المصاحف، تحقيق د. عزة حسن، دمشق 1960م.ص 158].
    وكذلك علّل الداني رسم النون الخفيفة ألفاً ورسم التنوين نوناً ، وذلك في قوله : " واجتمع أيضاً كُتّاب المصاحف على رسم النون الخفيفة ألفاً ، وجملة ذلك موضعان : في يوسف : ( وليَكوناً من الصاغرين ) [ 32 ] ، وفي العلق : ( لنسفعاً بالناصية ) [15] وذلك على مراد الوقف ... وكذلك رسموا التنوين نوناً في قوله : ( وكَأيّنْ) حيث وقع ، وذلك على مراد الوصل ، والمذهبان قد يستعملان في الرسم دلالة على جوازهما فيه" [الداني ( أبو عمرو عثمان بن سعيد الأندلسي ) المقنع في معرفة مرسوم مصاحف أهل الأمصار ، تحقيق محمد أحمد دهمان ، دمشق 1940 م . ص 43- 44 ].
    ويمكن من خلال هذا الأصل تفسير كثير من ظواهر الرسم ، خاصة باب رسم تاء التأنيث تاء حيناً ، وهاء حيناً آخر ، في مثل : " نعمت الله ، ورحمت الله ، وسُنّت الله " .
    وباب الهمز في مثل : " العلمؤا ، والبلؤا ، أو من وَرَائِ حجاب ، ونَبَؤُا الخصم ، ومِن نَبَأي المرسلين " .
    وباب الوصل والقطع في مثل : " أنْ لا و ألا " و " عن ما و عَمّا " و " فإن لم و فإلّم " ، ونحو ذلك .
    ومن الأمثلة الواضحة على ذلك رسم ( يا ابن أُمَّ ) في المصحف ، ففي سورة الأعراف جاءت مفصولة : ( قال ابنَ أُمَّ) [ 150] بناء على قاعدة رسم الكلمة مبدوءاً بها وموقوفاً عليها ، وفي سورة طه جاءت موصولة ( يَبْنَؤُمَّ) [ 94] بناء على اللفظ والوصل [المقنع ص 76]، فحُذِفَت ألف (يا) وهمزة الوصل ، ورسمت الهمزة واواً ، على اللفظ بها موصولة .

    إن تدوين علل رسم الكلمات في المصحف موضوع واسع وضارب في أعماق التاريخ، ولا يتأتى تدوينه كاملاً لشخص واحد، أو عصر واحد، فكل صورة كتابية متميزة لها قصة في التاريخ، وقد يتمكن الدارس من معرفة تلك القصة وقد لا يتمكن. ومن ثم فإن من الخطأ النظر إلى رسم المصحف نظرة مستعجلة تقيس الماضي على الحاضر أو من خلاله.
    إن رسم المصحف ظاهرة حضارية وثروة لغوية يجب التعامل معها بكثير من الجدية والصبر والأناة، فهي متحف لغوي رائع للغة العربية.

    (2) وجوه المخالفة الجائزة بين الرسم والقراءة :
    صارت موافقة القراءة لرسم المصحف أحد أركان القراءة الصحيحة، منذ نَسْخِ المصاحف في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وبناء على ذلك تُرِكت القراءة بالوجوه المخالفة للخط، وعُدّت شاذة.
    والمقصود برسم المصحف هو طريقة رسم الكلمات، والحروف التي رسمت بها كل كلمة، من حيث النوع لا من حيث الشكل، فإن رسم الحروف بخط الثلث أو النسخ أو الكوفي لا يغير من طبيعة العلاقة بين المرسوم والمنطوق.
    وقد أدرك علماء الرسم أن بعض الرسوم لا تمثل نطقاً أو وجهاً من وجوه القراءة ، من الصور الكتابية التي أشرت إليها ، مما كان يمثل نطقاً في عهود سابقة ، وتَغَيَّرَ ذلك النطق إلى صورة أخرى ، وبقي الرسم كما هو ، ويلخص ذلك قول ابن المنادي ( أحمد بن جعفر ت 336ﻫ):"إن من المكتوب ما لا تجوز به القراءة من وجه الإعراب،وإن حكمه أن يترك على ما خُطَّ،ويطلق للقارئين أن يقرؤوا بغير الذي يرونه مرسوماً [ نقلآً عن الداني : المحكم ص 185].

    وقال أبو شامة المقدسي : " ولعل مرادهم بموافقة خط المصحف ما يرجع إلى زيادة الكلم ونقصانها ، فإن في ما يروى من ذلك عن أبِّي بن كعب وابن مسعود رضي الله عنهما من هذا النوع شيئاً كثيراً ، فكتبت المصاحف على اللفظ الذي استقر عليه في العرضة الأخيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما سبق تفسيره .
    وأما ما يرجع إلى الهجاء وتصوير الحروف فلا اعتبار بذلك في الرسم ، فإنه مظنة الاختلاف ، وأكثره اصطلاح ، وقد خولف الرسم بالإجماع في مواضع من ذلك ، كالصلوة والزكوة والحيوة ،فهي مرسومات بالواو ولم يقرأ أحد على لفظ الواو " [ المرشد الوجيز ص 172- 173].

    وقال الزركشي : " اتفقت في خط المصاحف أشياء خارجة عن القياسات التي يبنى عليها علم الخط والهجاء ، ثم ما عاد ذلك بنكير ولا نقصان ، لاستقامة اللفظ وبقاء الخط ، وكان إتباع المصحف سُنَّة لا تخالف" [ البرهان 1/172].
    وقد أتاحت طبيعة رسم المصحف موافقة أكثر من قراءة له ، فالمصحف مكتوب على قراءة واحدة ، لكن خطه يسمح بأكثر من قراءة ، وذلك بسبب :
    أ ـ تجرده من علامات الحركات ونقاط الإعجام .
    ب ـ عدم رسم بعض الحروف أحياناً ، مثل المشدد ، وحروف المد واللين .
    ج ـ رسم بعض الكلمات بأكثر من صورة .

    وقال الجعبري وهو يتحدث عن موافقة القراءة لخط المصحف : " وهذه الموافقة تكون تحقيقاً وتقديراً ، لأن الاختلاف يكون اختلاف تغاير ، وهو في حكم الموافق ... وتحقيقه أن الخط تارة يحصر جهة اللفظ ، فمخالفه مناقض ، وتارة لا يحصرها ، بل يُرْسَمُ على أحد التقادير ، فاللافظ به موافق تحقيقاً ، وبغيره تقديراً لتعدد الجهة ، إذ البدل في حكم المبدل ، وما زيد في حكم العدم ، وما حذف في حكم الثابت ، وما وُصِلَ في حكم الفصل ، وما فُصِلَ في حكم الوصل" [ جَميلة أرباب المراصد ص 83].

    ووضَّح ابن الجزري موافقة القراءة لرسم المصحف تحقيقاً وتقديراً ، فقال :
    " إذ موافقة الرسم قد تكون تحقيقاً ، وهو الموافقة الصريحة ، وقد تكون تقديراً ، وهو الموافقة احتمالاً ، فإنه قد خولف صريح الرسم في مواضع إجماعاً ، نحو ( السموات والص‍‍لحت واليل والصلوة والزكوة والربوا ، وقد توافق بعض القراءات الرسم تحقيقاً ، ويوافقه بعضها تقديراً ، نحو : ( ملك يوم الدين ) فإنه كتب بغير ألف في جميع المصاحف ، فقراءة الحذف تحتمله تحقيقاً ، كما كُتِبَ ( ملك الناس) وقراءة الألف محتملة تقديراً ، كما كُتِبَ ( مالك الملك) ... على أن مخالف صريح الرسم في حرف مدغم ، أو مبدل ، أو ثابت ، أو محذوف ، أو نحو ذلك لا يعدّ مخالفاً ، إذا ثبتت القراءة به ، ووردت مشهورة مستفاضة ، ألا ترى أنهم لم يعدوا إثبات ياءات الزوائد وحذف ياء ( تسئلني) في الكهف ، وقراءة ( وأكون من الصالحين ) ، والظاء من ( بضنين ) ونحو ذلك ، من مخالفة الرسم المردود ، فإن الخلاف في ذلك يغتفر ، إذ هو قريب يرجع إلى معنى واحد ، وتُمَشِّيهِ صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول ، وذلك بخلاف زيادة كلمة ونقصانها ، وتقديمها وتأخيرها ، حتى ولو كانت حرفاً واحداً من حروف المعاني ، فإن حكمه حكم الكلمة لا يسوغ مخالفة الرسم فيه . وهذا هو الحد الفاصل في حقيقة إتباع الرسم ومخالفته" [ النشر 1/11- 13].

    وإذا كان المصحف العثماني قد كُتِبَ على قراءة واحدة ، فإن خلو الرسم من الحركات ونقاط الإعجام ، قد أتاح قراءته على أكثر من وجه.

    لكن القراءة التي كُتِبَ عليها المصحف لم تعد متميزة عن غيرها بسبب ظاهرة الاختيار التي أشرت إليها من قبل ، فصارت كل قراءة يحتملها خط المصحف ، وثبتت في النقل ، مظنة لتلك القراءة ، قال مكي : " فالمصحف كُتِبَ على حرف واحد ، وخطه محتمل لأكثر من حرف إذ لم يكن منقوطاً ولا مضبوطاً ... إذ لا يخلو أن يكون ما أُخْتُلِفَ فيه من لفظ الحروف التي [ لا ] تخالف الخط : إما هي مما أراد عثمان ، أو مما لم يرده إذ كَتَبَ المصحف ، فلا بد أن يكون إنما أراد لفظاً واحداً أو حرفاً واحداً ، لكنا لا نعلم ذلك بعينه ، فجاز لنا أن نقرأ بما صحّت روايته مما يحتمله ذلك الخط * لنتحرى مراد عثمان رضي الله عنه ومن تبعه من الصحابة وغيرهم [الإبانة ص 4].

    ومعلوم " أنّ مَن قرأ بوجهٍ من هذه الأوجه ، وقراءة من القراءات ، ورواية من الروايات أنه لا يمكنه أن يُحَرّك الحرف ويُسَكّنُهُ في حالة واحدة ، أو يقدّمه ويؤخره ، أو يظهره ويدغمه ، أو يمده ويقصره ، أو يفتحه ويميله ، إلى ما أشبه هذا من اختلاف تلك الأوجه والقراءات والروايات في حالة واحدة" [ الداني : الأحرف السبعة ص 52] ، ومن ثم فإن استيعاب وجوه القراءة الثابتة لا يتأتى إلا من خلال القراءات التي رواها أئمة القراءة ، ومقياس الصحة لها هو موافقتها لخط المصحف ، على نحو ما بينا .
    وهذا الترابط بين القراءة والرسم هو الذي جعل علماء السلف يوجبون المحافظة على رسم المصاحف بالرسوم الثابتة في المصاحف العثمانية.

    فهذه الرسوم تؤدي مهمتين :

    الأولى: حفظ نص القرآن الكريم على ما خَطّهُ الصحابة رضوان الله عليهم.

    الثانية: استيعاب القراءات الصحيحة الموافقة للخط.

    ولا شك في أن المهمة الأولى أعظم أهمية وأوسع مدى، على جلالة قدر المهمة الثانية وأهميتها.
    هذا والله تعالى أعلم بمراده وبكلامه سبحانه وتعالى.


    منقوووول للفائدة
    إذا فاتني عصــر السيف
    فــالقــلم هــــو سـلاحــي
    المحبرة هي جراب سهامي
    وعلى الورق سطرت مقتل أعدائي
    كلمة الحـــق هـي أحـد
    من السيف عــلى الأعــناقــي
    من كلمات عادل الكثيري

  3. #3
    شـــاعـــرة
    الصورة الرمزية بلقيس الجنابي
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    الدولة
    عرائش الكروم هناااكـ
    المشاركات
    1,733
    معدل تقييم المستوى
    669

    رد: الرسم العثماني

    شكرا لجهودك القيمة سيدي

    وأعتذر عن التأخير في المرور عليه أستاذنا الكريم
    لا تسترجع الكثير مِمْا يُقال لكْ كي لا تَكتَشف مساحة الخَيال بِأقوالِهم لك . ومساحة ُالغَباءْ بِتصْديقكَ لَهُم
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية عـــــــادلــــ
    تاريخ التسجيل
    Dec 2002
    الدولة
    السعودية -جدة
    المشاركات
    12,714
    معدل تقييم المستوى
    696

    رد: الرسم العثماني

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بلقيس الجنابي مشاهدة المشاركة
    شكرا لجهودك القيمة سيدي



    وأعتذر عن التأخير في المرور عليه أستاذنا الكريم

    أشكر أختنا الغالية بلقيس على التثبيت والجهد المبذول كان في البحث عن المادة أما الموضوع فهو منقول نسأل المولى ان يثيب كاتبه

    تحياتي لك
    إذا فاتني عصــر السيف
    فــالقــلم هــــو سـلاحــي
    المحبرة هي جراب سهامي
    وعلى الورق سطرت مقتل أعدائي
    كلمة الحـــق هـي أحـد
    من السيف عــلى الأعــناقــي
    من كلمات عادل الكثيري

  5. #5
    كاتب وأستاذ الشريعة

    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    154
    معدل تقييم المستوى
    313

    رد: الرسم العثماني

    أخي عادل

    جهودك قيمة مشكورة

    جزاك الله خيرا

  6. #6


    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    الامـــــUAEارات ..
    المشاركات
    20,095
    معدل تقييم المستوى
    635

    رد: الرسم العثماني

    مشكور اخي عادلــــ على هذا الموضوع الرائع لك مني خالص تحياتي سوبر مان
    ...............

  7. #7


    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    الامـــــUAEارات ..
    المشاركات
    20,095
    معدل تقييم المستوى
    635

    رد: الرسم العثماني

    مشكورررررررررررررررررر
    ...............

  8. #8


    تاريخ التسجيل
    Aug 2007
    الدولة
    الامـــــUAEارات ..
    المشاركات
    20,095
    معدل تقييم المستوى
    635

    رد: الرسم العثماني

    مشكورررررررررررررررررررر لمرة الثالثة
    ...............

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. خان سراي والنفوذ العثماني بالقرم
    بواسطة موقع قناة الجزيرة في المنتدى ملتقى الأخبار والمنقول
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 26-11-2009, 08:50 PM
  2. مثقفون تحت قبة الانفصال (بقلم ماجد العثماني)
    بواسطة ماجد العثماني في المنتدى ملتقى السيـاسـة
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 11-09-2007, 01:09 AM
  3. محطات*** من اليمن (أعداد ماجد العثماني)
    بواسطة ماجد العثماني في المنتدى ملتقى المواضيع العـامـة
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 08-09-2007, 01:37 AM
  4. العثماني يكتب (لله يا محسنيين)
    بواسطة ماجد العثماني في المنتدى ملتقى السيـاسـة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-09-2007, 01:18 AM
  5. هل نحتاج الى معارضون جدد؟؟ (بقلم ماجد العثماني)
    بواسطة ماجد العثماني في المنتدى ملتقى السيـاسـة
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 24-08-2007, 02:12 AM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •